العلاقة الفرنسية - الألمانية وقوة أوروبا «2 من 2»

لقد تحركت البلاد بالفعل في هذا الاتجاه. في خطابه بعنوان "لحظة فاصلة" الذي ألقاه في أواخر شباط (فبراير)، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز، تمويلا جديدا بقيمة 100 مليار يورو "99 مليار دولار" للجيش الألماني، ثم أعقب ذلك حزمة بقيمة 200 مليار يورو لتخفيف الضربة الناجمة عن ارتفاع أسعار الطاقة. ستكون ألمانيا الجديدة بلا شك موضع اهتمام جيرانها، خاصة فرنسا.
باعتبارها القوة النووية الوحيدة في الاتحاد الأوروبي والدولة العضو الوحيدة فيه التي تشغل مقعدا دائما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، "وهما أمران لا تريدهما ألمانيا ولن تحققهما أبدا"، من الواضح أن فرنسا حذرة من الدور الجديد الناشئ الذي تلعبه ألمانيا. لا يزال من غير الواضح أي نوع من أوروبا تريده ألمانيا الجديدة، وقد أدى عدم اليقين هذا، إلى إيجاد حالة من انعدام الأمن غير الضرورية. كما أن عدم كفاءة الحكومة الألمانية وغياب التنسيق في أعقاب خطاب شولتز لم يساعدا على حل المشكلة.
قد يؤدي تزايد الشكوك بين فرنسا وألمانيا إلى سوء فهم وأخطاء غير مبررة من كلا الجانبين، ما قد يؤدي إلى نشوب صراعات حقيقية من شأنها أن تعرض الأمن الأوروبي لخطر أكبر. ومع اندلاع حرب برية واسعة النطاق على حدودها، فإن الأمر يتطلب عكس ذلك تماما، تعاون وتضافر أوثق بين أكبر اللاعبين في الاتحاد الأوروبي، خاصة في مجال مشاريع الأسلحة المشتركة.
لقد أصبح الوضع أكثر تعقيدا بسبب التحول نحو الشرق في مركز ثقل الاتحاد الأوروبي، ووعد الاتحاد الأوروبي الجديد بتوسيع العضوية لتشمل أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا. ستعمل عمليات الانضمام الجديدة هذه على تسريع تحول الاتحاد الأوروبي من سوق مشتركة ومشروع تحديث إلى لاعب جيوسياسي. علاوة على ذلك، هناك وعود طويلة الأمد لم تتحقق بعد في عضوية دول غرب البلقان ـ فضلا عن المسألة التركية المعقدة للغاية. من الواضح الآن أن تقريب هذه الدول من التوافق يصب في المصلحة الاستراتيجية لأوروبا.
ستصبح هذه المناطق، إلى جانب شرق البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا وغربها، من الاهتمامات الأساسية للأمن الأوروبي في العقود المقبلة. سيتعين على أوروبا التعامل معها، بينما تعمل أيضا من كثب مع شركائها عبر المحيط الأطلسي من خلال حلف شمال الأطلسي القوي. ما إذا كان بإمكان الاتحاد الأوروبي القيام بذلك سيعتمد أولا على فرنسا وألمانيا، اللتين يتعين عليهما العمل معا في إطار من الصداقة وحسن النيات، على الرغم من الخلافات والتعقيدات الجديدة، والتعاون مع جميع الأوروبيين لدعم مشروعهما المشترك.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي