رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


مستقبل البشرية

هل سيصبح الرجال أقل خصوبة في المستقبل؟ وما تبعات ذلك على معدلات الإنجاب، ومن ثم النمو السكاني في العالم عموما، والدول الغربية خصوصا؟ وهل هذا يهدد الجنس البشري؟ في الحقيقة، كان ولا يزال موضوع الانخفاض التدريجي لخصوبة الرجال يثير جدلا من وقت لآخر. ولعل ما جدد هذا الجدل استعراض صحيفة "الجارديان" البريطانية، بعض نتائج دراسة ومراجعة منهجية وتحليل انحدار في الخصوبة التي نشرت قبل بضعة أعوام. وهدفت الدراسة إلى إجراء مراجعة منهجية وتحليل الانحدار بالاعتماد على نتائج وبيانات الدراسات السابقة المختلفة المنشورة خلال الفترة 1981 - 2013، والاستفادة مما ورد فيها من قياسات.
وبناء على فحص الدراسات المنشورة تم استخراج 244 تقديرا لكثافة أو تركيز وعدد الحيوانات المنوية من 185 دراسة شملت 42935 رجلا قدّموا عينات خلال الفترة 1974 - 2011.
ويحظى الموضوع بأهمية كبيرة لارتباطه بالصحة العامة لعدد من الأسباب، منها: 1- ارتباط العدد ارتباطا وثيقا بخصوبة الذكور، ومن ثم العقم، وما يترتب على ذلك من عبء اقتصادي مجتمعي. 2- يؤثر انخفاض العدد في معدل الوفيات والأمراض، مثل سرطان الخصية وغيرها. 3- يرتبط عدد الحيوانات المنوية وخصائص السائل الأخرى ببعض العوامل البيئية، مثل انتشار المواد الكيميائية والمبيدات المسببة لاضطرابات الغدد الصماء، والمبيدات الحشرية. 4- يرتبط العدد بنمط الحياة ويشمل: النظام الغذائي، والإجهاد، والتدخين، ومؤشر كتلة الجسم.
وتوصلت الدراسة إلى وجود انخفاض كبير في التركيز أو الكثافة بنسب ملحوظة ومثيرة للاهتمام تصل إلى 1.6 في المائة سنويا، أي: بنسبة 52 في المائة في المتوسط خلال الفترة 1973 - 2011، وكذلك انخفاض ملحوظ في عددها بنسبة 1.4 في المائة سنويا، بما يعادل 59 في المائة خلال الفترة نفسها، وتزداد حدة الانخفاض ودلالته الإحصائية في المجتمعات الغربية.
وأثارت نتائج هذه الدراسة قلقا بأن البشر قد يواجهون أزمة إنجابية، إذا لم تتخذ إجراءات لمعالجة المشكلة، خاصة أن معدل الانخفاض يتسارع مع الزمن، أي: إن الانخفاض بأكثر من النصف خلال الـ40 عاما الماضية، لكن تنبغي الإشارة إلى أن تركيز الدراسة كان على أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا، نظرا لوفرة البيانات في هذه المناطق.
ورغم صعوبة تحديد أسباب الانخفاض بدقة، فإن بعضهم يعزو ذلك إلى انتشار المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء أو العوامل البيئية التي تؤثر في الجنين داخل الرحم، ويعتقد آخرون أن هذا الانخفاض يتأثر بعدد من العوامل الأخرى، مثل التدخين والكحول والسمنة وسوء التغذية، ما يعني أن نمط الحياة الصحي قد يسهم في زيادة العدد.
أخيرا، ما أهمية نتائج الدراسة ودلالاتها؟ لا شك أن نتائج الدراسة تثير القلق لدى البعض، ما يعني أن الأزواج سيستغرقون وقتا أطول للحمل، وتزداد حدة المشكلة لأن كثيرين يؤجلون الزواج ثم يؤخرون الحمل إلى أن تبلغ المرأة سنا تقل فيها خصوبتها، علاوة على ذلك، زيادة العزوف عن الزواج أو تأجيله، ما سيعمق تأثير انخفاض خصوبة الرجال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي