أول مرشح لدرجة التريليونير يتعثر في بداية المشوار

أول مرشح لدرجة التريليونير يتعثر في بداية المشوار
سام باكمان فرايد

اعتاد الصحافيون المتعبون في فليت ستريت على القول "إن بعض القصص جيدة"، بحيث لا يمكن التحقق منها. وعلى ما يبدو أن أصحاب رؤوس الأموال المغامرة الموجودين في طريق ساند هيل أعادوا صياغة الشعور نفسه: بعض القصص جيدة، بحيث لا يمكن دعمها. هكذا كان الأمر مع سام بانكمان فرايد، وهو رجل على ما يبدو ذكي ومحب للغير، وباختصاصه في العملات المشفرة بدا كأنه يسحر المال كيفما شاء، وقد وعد أيضا بالتنازل عنه بالكامل لمن هم في أمس الحاجة إليه. غير أن المشكلة الآن هي أن إمبراطورية إف تي إكس لتداول العملات المشفرة التي يملكها بانكمان فرايد قد انهارت، وجرفت في سيول من الغضب والاتهامات والمزاعم بالاحتيال. وكما كتب في سلسلة من الرسائل لمراسل موقع "فوكس ميديا" الإخباري هذا الأسبوع "لقد ارتكبت خطأ فظيعا (...) كبيرا (...) وعدة مرات".
في البداية، عمل بانكمان فرايد على تثبيت خوارزمية التعرف على النماذج في وادي السيليكون التي تقرر إذا ما كانت الأفكار الكبيرة تحظى بالدعم وإذا ما كانت الشركات الناشئة ممولة. في كثير من النواحي، كان بانكمان فرايد يعتبر المؤسس الأول بسبب خطته الجريئة لتغيير صناعة التمويل المترهلة والكسولة. بانكمان فرايد، الابن لوالدين أكاديميين في جامعة ستانفورد، وخريج قسم الفيزياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والمتداول المجازف في شركة جاين ستريت، كانت لديه مؤهلات كافية كي تكسبه المصداقية. إلى ذلك أضافت شخصيته المهووسة إلى حد ما، إن لم تكن مجنونة "التي تعكس عقل سبوك والمظهر الأشعث لفوزي بير وفقا لأحد الكتاب"، سحرا وجاذبية.
تمت عنونة وصف من 13 ألف كلمة، أعدته ونشرته شركة سيكويا كابيتال لكتابة السير الذاتية، التي كانت داعمة لبورصة إف تي إكس "سام بانكمان فرايد لديه عقدة المخلص ـ وربما كان عليك أيضا أن تحذو حذوه". وقد تمت مقارنة براعته التجارية في المراجحة، بعيدا عن "علاوة الكيمتشي"، بين سعر البيتكوين في آسيا وبقية العالم ببراعة جورج سوروس. وتم تشبيه خطته لإنشاء تطبيق مالي شامل - وإنقاذه الشركات الأخرى المتعثرة في العملات المشفرة - بطموحات جون بيربونت مورجان، الذي أعاد هيكلة التمويل ليتناسب مع العصر الصناعي.
نقل عن أحد شركاء سيكويا المفتونين ببانكمان فرايد قوله "أنا أحب هذا المؤسس". وفقا لشركة بيتشبوك، قامت 86 شركة استثمارية، مثل بارادايم وسوفت بانك وتايجر جلوبال وبرنامج أونتاريو لمعاشات المعلمين، بدعم بورصة إف تي إكس بملياري دولار. خلص السرد في الملف الشخصي إلى أن بانكمان فرايد البالغ من العمر 30 عاما، مع ثروة شخصية صافية تبلغ نحو 24 مليار دولار، هو شخص "عبقري بكل وضوح" وفي طريقه ليصبح أول تريليونير في العالم. "ومنذ انهيار بورصة إف تي إكس، تمت إزالة هذا الملف الشخصي، ما يشير إلى أن إيمان سيكويا بالسجلات غير القابلة للتغيير قد يقتصر فقط على نظام بلوكتشين".
كان ستيف جوبز، الشريك المؤسس لشركة أبل، هو الذي ينسب إليه الفضل في إنشاء "مجال تشويه الواقع"، حيث أظهر قدرة مذهلة على إقناع أي شخص عمليا بأي شيء كان. كتب أحد موظفي شركة أبل عن جوبز "كانت خاصية مجال تشويه الواقع مزيجا عجيبا من الأسلوب البلاغي الفاتن، والإرادة التي لا تقهر، والحرص على تطويع كل الحقائق حتى تحقق الهدف المطروح".
كل هذا تسبب في إيجاد نمط لصنع الأساطير، حاول عديد من رواد الأعمال منذ ذلك الحين تقليده، بنجاح متفاوت فيما بينهم. لكن ربما كان إيلون ماسك هو الأكثر شبها بجوبز في ثني الواقع من أجل تحقيق إرادته في شركتي تسلا وسبيس إكس "على الرغم من أن الواقع في شركة تويتر يثبت أنه أكثر عنادا". لكن آدم نيومان من شركة وي ورك، وإليزابيث هولمز من ثيرانوس، والآن بانكمان فرايد من "إف تي إكس"، كلهم حاولوا وفشلوا بشكل مذهل في الاستمرار في استخدام هذه الخدعة من أجل تشويه الواقع.
أما في بورصة إف تي إكس، فقد أصبح من الواضح الآن أن على المستثمرين التخفيف من ضجة العملات المشفرة وأن يتعمقوا في الروابط الموجودة بين بورصة إف تي إكس للتداول وصندوق ألاميدا ريسيرتش للتداول ورموز التشفير التي أنشأتها. وربما يتساءلون أيضا عما إذا كان بانكمان فرايد، الذي تفاخر مرة بأنه لن يقرأ أي كتاب مطلقا، هو حقا صاحب البصيرة الذي سيحدث ثورة في عالم التمويل. فقد كان من المفترض أن تبدأ معاييرهم التي تكشف عن الغطرسة في الارتعاش بعد توافد المشاهير ونجوم السياسية الذين أفلت نجومهم، مثل بيل كلينتون وتوني بلير، إلى مؤتمراته الفخمة. وكان من المفترض أن يكون الإعلان التجاري لدوري كرة القدم الأمريكية "المعروف باسم سوبر بول" الذي قدمته "إف تي إكس" وقارنت فيه بشكل غير مباشر بين بانكمان فرايد وتوماس أديسون قد حركت مؤشر الخطر إلى المنطقة الحمراء.
بعد البحث عن العباقرة القلائل في العالم غير المتنازع عليهم، خلص المؤرخ كريج رايت، من جامعة ييل، إلى أننا بحاجة إلى مقاييس أفضل من أجل تحديد المواهب الفذة. درجات حاصل الذكاء والشهادات الجامعية المرموقة أثبتت على مدى التاريخ أنها مؤشرات ضعيفة: تولد كثيرا من الإيجابيات والسلبيات الخاطئة. كما قال ألبرت أينشتاين العبقري بلا منازع "إذا حكمت على سمكة من خلال قدرتها على تسلق شجرة، فستعيش طيلة حياتها معتقدة أنها غبية".
قد تعتبر القدرة على استخراج مبالغ طائلة من الأموال من المستثمرين الساذجين وخداع عملائك مهارة مميزة، وإن كانت منحرفة. لكنها لا تندرج تحت أي من أشكال العبقرية.

الأكثر قراءة