بعد القيود الأمريكية .. صناعة الرقائق الصينية تواجه هجرة المواهب

بعد القيود الأمريكية .. صناعة الرقائق الصينية تواجه هجرة المواهب

مع تشديد ضوابط التصدير الأمريكية، من المتوقع أن تستفيد الشركات الصينية لتصنيع المعدات اللازمة لصنع أشباه الموصلات من ارتفاع الطلب المحلي، لكن مسؤولين تنفيذيين ومحللين يحذرون من أن الارتفاع قد يكون قصير الأجل.
منذ أن فرضت واشنطن قيودا شاملة في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) للحد من قدرة الشركات الصينية على الحصول على رقائق الكمبيوتر المتقدمة أو تصنيعها، طرحت شركة يانجتسي ميموري تكنولوجي "واي إم تي سي"، أكبر شركة مصنعة لرقائق الذاكرة في الصين، ما لا يقل عن 20 مناقصة لمجموعة واسعة من معدات صناعة الرقائق.
وفقا لأحد كبار مهندسي "واي إم تي سي": "تتمثل الاستراتيجية الحالية في أنه إذا توافرت معدات مجدية لإنتاج أشباه موصلات محلية الصنع، على الرغم من أن الموردين بحاجة إلى مساعدة، فسنشتري من الشركات الصينية. إذا لم تتوافر، سنشتري من موردين غير أمريكيين، في الأغلب من اليابانيين".
قال: "أتوقع أن معظم الطلبات ستصبح في أيدي الموردين المحليين الذين سيعطون الأولوية لعملاء أمثالنا، لكن لا تزال هناك قطع ليست بالقليلة تفوق قدراتهم".
بدلا من ذلك، ستستبدل الشركة بشركات صناعة الأدوات الأمريكية، مثل "كيه إل إيه" و"أبلايد ماتيلريالز"، شركات أخرى يابانية، منها "هيتاشي" و"طوكيو إلكترون"، في إشارة إلى أن الموردين المحليين ما زالوا متخلفين تكنولوجيا عن منافسيهم الأجانب.
ما زاد الأمر سوءا، أن عدم تمكن شركات صناعة الرقائق الصينية من الحصول على بعض الأدوات الأمريكية الصنع التي لا يمكن الاستغناء عنها أوقف أغلبية مشاريع بناء مرافق الإنتاج التي تحرك أعمال صانعي المعدات المحليين.
بين عامي 2018 و2021 زادت إيرادات معدات أشباه الموصلات الصينية ثلاثة أضعاف، مدفوعة بتوسع هائل لشركات صناعة الرقائق المحلية، وفقا لبحث أجرته مجموعة سانفورد سي بيرنشتاين. لكن المجموعة الاستثمارية تقدر أن الموردين المحليين غطوا 15 في المائة فقط من طلب شركات صناعة الرقائق الصينية على المعدات هذا العام، أقل كثيرا من هدف حكومي طموح يسعى إلى تغطية 30 في المائة.
ذكر محللون أن ضوابط التصدير ستعيق شركات هذا القطاع الحيوي أكثر. قال مارك لي، محلل أشباه الموصلات في " سانفورد سي بيرنشتاين" في هونج كونج: "ربما ترغب في زيادة الاكتفاء الذاتي فيما يتعلق بمعدات تصنيع الرقائق ردا على ضوابط التصدير، لكن في الواقع سيصبح توطين الإنتاج أبطأ بسبب الضوابط". أضاف: "تتمثل العقبة الأكبر في أن عملاءها، نظرا إلى عدم تمكنها من الحصول على المعدات الأجنبية، لن يصبحوا قادرين على التوسع أكثر."
استنادا إلى ثلاثة أشخاص على دراية تامة بالوضع، لم تلغ "واي إم تي سي" أو تؤجل طلبات المعدات المقدمة بالفعل، إلا أن خطط الشركة للتوسع معلقة. شركة تشانجشين ميموري تكنولوجي، المنافس الأصغر لشركة "واي إم تي سي"، أوقفت هي الأخرى بعض خطط التوسع.
يتوقع محللون في مجموعة جيفريز الاستثمارية أن هذا الاضطراب في خطط الإنفاق الرأسمالي لشركات صناعة الرقائق الصينية، ولا سيما في قطاع رقائق الذاكرة، سيؤدي إلى انخفاض كبير في الطلب على معدات إنتاج أشباه الموصلات خلال الأعوام القليلة المقبلة.
يجب أن تملك "واي إم تي سي" و"سي إكس إم تي" ما يكفي من المعدات لتحقيق خططهما التوسعية للعام القادم، لكن "إذا لم تتمكنا من الحصول على المعدات المتقدمة من الولايات المتحدة ولم تستطيعا إيجاد بدائل جيدة بما فيه الكفاية من الموردين اليابانيين أو الأوروبيين، ربما يتعين عليهما التوقف عن التوسع تماما"، كما كتب تشنج، المحلل في "جيفريز"، في ورقة بحثية. نتيجة لذلك، إجمالي استثمارات الصين في أدوات صناعة الرقائق سيكون أقل من توقعات المحلل السابقة، التي أشارت إلى أنه سينخفض من 26 مليار دولار إلى 18 مليار دولار في 2024، ومن 24 مليار دولار إلى 16 مليار دولار في عام 2025.
سيكلف ذلك شركة أدفانسد مايكرو فابريكيشن إكويبمنت "أيه إم إي سي"، إحدى أكبر شركات صناعة معدات الرقائق في الصين، خسارة ربع الإيرادات التي توقعتها "جيفريز" لعام 2025. كذلك توقعت الورقة أن تخسر "إيه سي إم ريسيرش"، شركة منافسة لـ"أيه إم إي سي"، ما يقارب 20 في المائة من الإيرادات المتوقعة لذلك العام.
لم ترد شركات الرقائق على طلب للإدلاء بتعليق رسمي.
يمكن أن تتأثر شركات معدات عديدة أيضا بعجزها عن شراء مكونات أجنبية لمنتجاتها، رغم جهودها المبذولة في مجال التخزين.
قال مهندس كبير في "أيه إم إي سي": "فقط مرحلة تركيب منتجاتنا تنفذ بالكامل في الصين، في حين تتطلب المراحل الباقية تكنولوجيا ومكونات أجنبية (...)مجرد فرض قيود على المكونات يمكن أن يضيق الخناق علينا بسهولة".
علاوة على ذلك، تواجه شركات تصنيع المعدات هجرة المواهب، إذ يبحث المهندسون عن وظائف ذات أجور أعلى في شركات تصميم الرقائق ومصنعي أشباه الموصلات.
قال مسؤول في شركة توظيف في شنغهاي: "على شركات المعدات الصينية أيضا القلق بشأن استقرار فرقها الحالية المعنية بالبحث والتطوير، فقد تلقينا استفسارات كثيرة من مهندسي المعدات بخصوص انتقالهم إلى قطاعات أخرى لم تتأثر كثيرا بالعقوبات الجديدة".
في مواجهة التحديات المتزايدة، كانت استجابة بعض شركات المعدات تتمثل في البحث عن فرص تعاون أكثر مع منافسيها.
قال مدير "أيه إم إي سي": "العقوبات الجديدة تجبر شركات مثلنا على السعي إلى توطيد مزيد من التعاون مع بعضنا بعضا. المسؤولون التنفيذيون من عدة شركات، من ضمنها ’إيه سي إم ريسيرتش‘ و’أيه إم إي سي‘ وغيرها، كسروا الحواجز وعقدوا اجتماعات حول هذا الموضوع".

الأكثر قراءة