"سي زي" و"إس بي إف" متنافسان أطاح أحدهما بالآخر

"سي زي" و"إس بي إف" متنافسان أطاح أحدهما بالآخر
"سي زي" و"إس بي إف" متنافسان أطاح أحدهما بالآخر

بعد ظهر الثلاثاء من الأسبوع الماضي، أجرى تشانج بينج تشاو، الرئيس التنفيذي لأكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم، اتصالا مع شريكه السابق الذي انقلب إلى منافس لدود، سام بانكمان فرايد. كان على استعداد للتفاوض على هدنة بقيمة 600 مليون دولار في نزاع علني هز صناعة العملات المشفرة.
لكن تشاو قرر بسرعة مد يد العون لـ"إف تي إكس"، شركة بانكمان فرايد، المنافس الرئيس لشركته، "باينانس"، في السباق المحتدم للسيطرة على سوق تداول الأصول الرقمية المعقدة والمحفوفة بالمخاطر. كانت "إف تي إكس" غارقة في بحر من العملاء الذين يطالبون باستعادة أموالهم، وكانت في حاجة ماسة إلى مليارات الدولارات لتبقى صامدة. وافق تشاو على إنقاذ "إف تي إكس" والاستحواذ على منافسه.
لكن بعد يوم واحد فقط، تخلى عن الصفقة. تقدمت إمبراطورية بانكمان فرايد، المعروف اختصارا بـ"إس بي إف"، التي تبلغ قيمتها 32 مليار دولار يوم الجمعة بطلب للإفلاس في الولايات المتحدة.
أدى انهيار "إف تي إكس" فورا إلى قلب موازين القوى في سوق التشفير البالغة تريليون دولار. قال جون دي ويت، كبير مسؤولي الاستثمار في زيروكاب لإدارة الثروات الرقمية: "أرى أن مهاجمة تشاو الرمز المميز سيخلد بصفته أحد أعظم الهجمات على الشركات التي حدثت على الإطلاق". أضاف: "إنها أفعال دارس جيد للاستيلاء على شركات الأسهم الخاصة". لكن تشاو ينفي وجود "خطة رئيسة" للاستيلاء على "إف تي إكس".
في غضون خمسة أعوام فقط، ازدهرت "باينانس" لتصبح عملاق صناعة التشفير، مع كوكبة من الشركات التابعة العالمية، كثير منها باسم تشاو. في الشهر الماضي فقط، عالجت 2.8 تريليون دولار في معاملات العملات المشفرة والمشتقات المالية، وفقا لبيانات "كريبتو كومبير" للأبحاث.
استنادا إلى مجلة "فوربس"، أشارت تقديرات إلى أن الرجل البالغ من العمر 45 عاما، المعروف عالميا بـ"سي زي"، سيصبح أحد أغنى الأشخاص في العالم ـ قبل أن يتسبب انهيار أسعار العملات المشفرة في تقليص ثروته إلى 17 مليار دولار.
مقابلات مع موظفين سابقين وشركاء أعمال ونظراء في الصناعة ترسم صورة لرائد أعمال مثير للاختلاف في سعيه الدؤوب للنمو مهما كان الثمن. قال عديد من الذين عملوا معه إن الأمن والالتزام باللوائح التنظيمية تمت التضحية بهما من أجل سباق الهيمنة. من جانبها قالت "باينانس": "في هذه الصناعة سريعة النمو، نسعى جاهدين إلى التطور وضمان التزامنا باللوائح التنظيمية وحماية أصحاب الحسابات".
تشاو الذي رفض إجراء مقابلة، يحظى بتبجيل جيش من المستثمرين المستعدين للدفاع عنه، الذين يهرعون لالتقاط صور معه. لكن في حين أن حلفاءه المتطوعين في مجتمع "باينانس أنجلز" ينشرون الحقائق السارة عن الشركة، ينتقد المعارضون البارزون بالقدر نفسه تعويض المتضررين مقابل الأموال التي يقولون إنها فقدت خلال سلسلة من الانقطاعات التكنولوجية في ذروة فوضى سوق العملات المشفرة عام 2021.
وصف عديد من الموظفين السابقين قائدا مندفعا متحمسا دفعهم إلى أقصى قدراتهم. ظهرت شخصية تشاو الصارمة الأسبوع الماضي عندما قال إنه سيبيع نحو 600 مليون دولار من "إف تي تي" FTT، "رمز مميز" أصدرته "إف تي إكس"، حصلت عليه "باينانس" منذ خروجها من استثمار مبكر في الأسهم وأبقته في الشركة. أدت هذه الخطوة إلى انخفاض سعر الرمز المميز، وشهدت "إف تي إكس" الأحد عمليات سحب قياسية من طرف العملاء بلغت خمسة مليارات دولار.
ألمح بانكمان فرايد إلى الخلاف على تويتر. كتب: "في مرحلة ما، قد يكون لدي مزيد لأقوله عن شريك ملاكمة معين، إذا جاز التعبير. لكن كما تعلمون، البيوت من زجاج. لذا في الوقت الحالي، كل ما أقوله هو: لعبت جيدا. لقد فزت".
قال تشاو إن بيع "إف تي تي" كان خطوة حكيمة لتفادي الخسائر، والاستحواذ الفاشل جهد حسن النية لمنع الذعر في السوق. تساءل مسؤول تنفيذي كبير في شركة تجارية، قائلا: "هل انتهز سي زي الفرصة؟ نعم. هل حاك سي زي كل شيء؟ لا. ففي النهاية وضعت إف تي إكس نفسها في هذا الموقف".
ولد تشاو في الصين، وهو مواطن كندي أمضى مراهقته في فانكوفر، حيث كان يعمل في "ماكدونالدز". بعد دراسة علوم الحاسوب، عمل على برامج التداول، من ضمنها في بورصة طوكيو. في 2013 انتقل إلى التشفير وأطلق "باينانس" بعد أربعة أعوام. في بداياتها، أصر تشاو باستمرار على ألا تملك الشركة مقرا ثابتا، بما يتماشى مع روح التشفير اللامركزية. في الواقع، عمل الموظفون من شنغهاي وطوكيو، لكن تم تحذيرهم من ارتداء ملابس عليها علامة "باينانس" التجارية في المكتب، أو الكشف عن مكان عملهم على "لينكد إن".
بعد اختراق أمني عام 2019، اشتكى الموظفون في رسائل دردشة اطلعت عليها فاينانشيال تايمز، من أن المستخدمين كانوا "يشيرون إلى إهمالنا الواضح" و"تساهلنا الشديد في أمن بيانات اعرف عميلك وإجراءاتها". قال شريك تجاري سابق إن "باينانس" "تحدثت بثقة كبيرة" بشأن مكافحة غسل الأموال وضوابط "اعرف عميلك"، لكنها "ترفض تورط الموارد البشرية في قضايا الامتثال".
منذ ذلك الحين، انتقد المنظمون بصورة رسمية "باينانس" في سلسلة من العواصم المالية، بما فيها المملكة المتحدة، التي حذرت العام الماضي من أن "المنتجات المالية المعقدة وعالية المخاطر" لشركة العملات المشفرة العملاقة تشكل "خطرا كبيرا على المستهلكين".
يرى بعضهم في تشاو خليفة طموحا لرواد الأعمال في وادي السيليكون. قال موظف سابق: "كانت شركة أبل تبيع أجهزة الحاسب الآلي، وكنا نحاول إعادة ابتكار النظام المالي". لكن شريكا تجاريا سابقا قال إن التنافس الداخلي جعل "باينانس" لا يمكن التكهن بأفعالها، وأحيانا، فوضوية. أضاف: "كان هناك قرار مدروس للسماح بخوض الأشخاص صراعات من أجل الهيمنة. إنها رؤية مكيافيلية بحتة للقيادة، حيث الغاية تبرر الوسيلة، التي أرى أن سي زي تبناها".
في منشور على مدونة عن أسلوبه في القيادة، قال "سي زي": "الفوضى الخاضعة للرقابة نوع من التنظيم".
بعد اشتباكات مع المنظمين، تعهد تشاو بإلغاء التنظيم اللامركزي وإنشاء قاعدة رئيسة طبيعية. قال العام الماضي: "أنا رائد أعمال في مجال التكنولوجيا ونعمل على هذا التحول لتصبح أعمالنا المالية خاضعة للنظام بالكامل". لكن تحوله إلى إدارة الأموال بالشكل السليم المعروف لم يكتمل بعد. قالت "باينانس" إنها نفذت استثمارات هائلة وأضافت 500 موظف في قسم الامتثال وإنفاذ القانون، لكنها لم تكشف الستار عن هيكل مؤسسي منتظم أو مقر رئيس.
مع ذلك، أمنت الشركة وجودها في عديد من الولايات القضائية، بما في ذلك حصولها على سجل مزود خدمة الأصول الرقمية في فرنسا، وترخيص لتشغيل خدماتها في دبي، حيث يعيش تشاو.
قال تشاو الأسبوع الماضي إن زوال منافسه الرئيس لم يكن "فوزا" لشركة باينانس، لأنه سيزيد من الاهتمام التنظيمي بمشغلي العملات المشفرة. السؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت شركته قادرة على ترسيخ جذورها والهروب من الفخاخ التي أوقعت فيها منافسيها.

الأكثر قراءة