«ميتا» وواقع ما بعد الجائحة .. الفقاعة انفجرت

«ميتا» وواقع ما بعد الجائحة .. الفقاعة انفجرت

بعد 18 عاما من النمو الكبير، بزغ فجر واقع جديد على شركة ميتا الأسبوع الماضي عندما أعلن الرئيس التنفيذي، مارك زوكربيرج، تقليصا قاسيا للقوى العاملة.
تمثل التخفيضات الحادة في الوظائف – التي تعادل نحو 13 في المائة من القوى العاملة في الشركة، أو 11 ألف موظف – المخاطر التنافسية التي تواجهها "ميتا"، التي تمتلك فيسبوك وانستجرام وواتساب، من منافستها الصينية تيك توك ذات الموارد المالية الكبيرة.
كما أنها أول علامة على أن زوكربيرج قد أجبر على تخفيف رهانه المكلف على بناء ميتافيرس، جزئيا على الأقل، وسط تدقيق شديد من جانب المستثمرين على إنفاقه.
قال أحد موظفي ميتا السابقين: "لقد انفجرت الفقاعة".
إن تخفيضات الوظائف جزء من عملية تقليص أوسع في مجال التكنولوجيا، تعرضت الشركات التي تعتمد اعتمادا كبيرا على إيرادات الإعلانات لضربة قوية، حيث خفضت العلامات التجارية ميزانياتها على خلفية ارتفاع التضخم وارتفاع تكلفة رأس المال. وفقا لموقع Layoffs.fyi الذي يتتبع تخفيضات الوظائف في شركات التكنولوجيا، كان هناك مزيد من التخفيضات في الأيام التسعة الأولى من تشرين الثاني (نوفمبر)، مقارنة بأي شهر آخر في 2022.
لاحظ محللون أنه حتى مع تصحيح عدد الموظفين، لا يزال لدى "ميتا" عدد أكبر من الموظفين مما كان لديها العام الماضي، في إشارة إلى مدى سرعة تضخم الشركة خلال ازدهارها أثناء الجائحة. في نهاية ديسمبر 2021، كان لدى الشركة 72 ألف موظف تقريبا. تخفيض عدد القوى العاملة الأربعاء الماضي قلص موظفيها من أكثر من 85 ألفا إلى نحو 74 ألفا.
انتقد كثير من المستثمرين حتى بعض الموظفين ما يرون أنه إفراط في التوظيف من زوكربيرج في محاولة لاقتناص غنائم اتجاهات الجائحة، بما في ذلك مزيد من الاتصالات والتسوق عبر الإنترنت.
قال زافين نهابتيان، مدير هندسي سابق في فيسبوك، الذي غادر في 2021 لتأسيس منصة التواصل الاجتماعي اللامركزية نيش: "لقد نموا سريعا للغاية وكانوا مسرفين جدا من ناحية الامتيازات. هناك كثير من الفرق التي لم يكن هناك داع لوجودها وكثير من المنتجات التي لا يعرف أحد عنها".
لكن آخرين يعتقدون أن زوكربيرج تصرف بعقلانية في تعيين الموظفين بأسرع ما يمكن وأنه كان يدرك طوال الوقت أنه سيحتاج للتعامل مع الوضع في وقت لاحق.
قال كيفين لانديس، مستثمر تكنولوجي في شركة فيرست هاند فندز: "لقد كان استيلاء. الجميع كان يعلم أنه إسراف. كانوا يعلمون بالتأكيد أنهم مبذرون، وكانوا بالطبع يعلمون أن هذا هو الصواب الذي يتعين عليهم فعله".
بدا زوكربيرج متجهما أمام الذين بقوا في اجتماع شامل الأربعاء الماضي. قال، بحسب مقطع فيديو للاجتماع تمت مشاركته مع شبكة إن بي سي نيوز: "أعلم أنه لا بد من وجود مشاعر مختلفة. أريد أن أقول إنني أتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا القرار. وإنه كان واحدا من أصعب القرارات التي اضطررت لاتخاذها".
في كلتا الحالتين، ترك التعامل مع الأمر الكثير من موظفي "ميتا" الحاليين، والسابقون يترنحون.
وصف موظف سابق الحالة المزاجية داخليا بأنها "فوضى"، مضيفا: "إننا في فوضى عارمة". قال أحدهم إن المتدربين الذين حصلوا على عروض للعودة لشغل وظائف مستقبلية كانوا قلقين بشأن ما إذا كانت أماكنهم ستظل مضمونة.
في بعض الحالات، بدا أن التخفيضات بنيت بشكل أكبر على الاستغناء عن وظائف ومجموعات مختارة، وليس على الأداء السيئ، وفقا لاثنين آخرين من المطلعين على الأمر.
من المجالات المستهدفة، تضرر قسم التوظيف. وقع تركيز تخفيضات الشركات لأعداد الموظفين، ومن بينها سترايب وتويتر، على موظفي قسم التوظيف، لأن التوظيف مجمد، ما يعني أن مسؤولي التوظيف في "ميتا" كانوا أيضا مهيئين لخسارة وظائفهم.
كتب ريان أندرسون، مسؤول توظيف في بوسطن الذي تخلت عنه ميتا الأربعاء الماضي، على موقع لينكد إن: "أعتقد أن معظمنا في فرق التوظيف فكر في أنه سيتم التخلي عنه هذا الصباح".
أقر زوكربيرج بأن قسم التوظيف "تأثر بشكل مفرط"، وقال إن ميتا "تعيد هيكلة فرق العمل بشكل أكبر". حتى "ريالتي لابز"، قسم الواقع المعزز والافتراضي الذي يدعم رؤية ميتافيرس، عانى تخفيضات في أعداد الموظفين.
بالنسبة إلى الذين بقوا، مشاعر الارتباك تسود. قال أحد الموظفين الحاليين: "من غير الواضح تماما من الذي سيتولى المشاريع والعلاقات. إن الأمر مؤلم للغاية".
كانت هناك إشارات على أن التخفيضات قد استرضت المستثمرين، الذين محوا أكثر من 89 مليار دولار من القيمة السوقية للشركة في أواخر أكتوبر بعد أن أعلنت "ميتا" تراجع الإيرادات. هذا وقد أغلقت أسهم "ميتا" بارتفاع يزيد على 5 في المائة الأربعاء.
قال جيم تيرني، كبير مسؤولي الاستثمار للنمو في الولايات المتحدة في شركة أليانس بيرنشتاين، أحد المساهمين في "ميتا"، إنها "بالتأكيد خطوة في الاتجاه الصحيح". لكنه تساءل عن سبب استمرار الشركة في توقع نمو النفقات بنسبة تراوح بين 10 و15 في المائة في 2023 بغض النظر عن التخفيضات، مضيفا: "ما زلت أعتقد أنهم بحاجة لشد الحزام أكثر".
قال برنت تيل، المحلل في مصرف جيفريز، في مذكرة إنه لا يتوقع أن تؤدي تخفيضات الوظائف إلى الإضرار بمسار نمو إيرادات "ميتا" وإن "ما شجعه هو احتمالية المراجعات الإيجابية لربحية السهم لأول مرة منذ 15 شهرا".
حذر آخرون من أن التوقعات بشأن "ميتا" لا تزال قاتمة. قال دان آيفز، المحلل في شركة ويدبوش سكيورتيز، "أدرك زوكربيرج الوضع أخيرا واتخذ إجراء"، وكانت هذه "خطوة في الاتجاه الصحيح".
لكنه أضاف: "إن عمليات تسريح ميتا هي نذير بالأيام المظلمة التي تنتظر زوكربيرج وشركاءه. لا تزال استراتيجية ميتافيرس مصدر قلق والرياح المعاكسة لوسائل التواصل الاجتماعي تتشكل".

الأكثر قراءة