الشركات العائلية .. الانتقال إلى الجيل التالي يجب أن يبدأ مبكرا
تعاني كثير من الأعمال التجارية العائلية لضمان انتقال قيم العائلة إلى الجيل التالي.
"نحن نعيش في المنزل نفسه، لكننا بالكاد نتحدث مع بعضنا". "كيف نعلم أطفالنا الصواب من الخطأ؟". "إنني أحتاج إلى المساعدة للتحدث مع ابني الآن". نسمع مثل هذه الشكاوى من عديد من العائلات التجارية خلال عملنا الأكاديمي في أرجاء الهند.
مع التنوع في محتوى الإنترنت، والهواتف الذكية، ونتفليكس، إضافة إلى ضغط العمل، الوقت الذي تقضيه الأجيال المختلفة مع بعضها يتناقص سريعا. أظهر "تقرير استطلاع الأسرة الهندية 2018"، برعاية شركة بريتانيا جود فود للأطعمة، أن واحدا من كل اثنين من جيل الألفية قضى أقل من عشرة أيام في العام مع أجداده، وقضى ما يقارب ثلث الشباب من جيل زد الذين يعيشون في المدن الكبيرة، عشرة أيام أو أقل في العام مع إخوتهم. كما تنقسم العائلات الحديثة بسبب الانفصال أو الطلاق.
لا يمكن أن يكون انتقال القيم الذي يحدث بلا وعي من خلال المحادثات بين أشخاص يجلسون مع بعضهم بدهيا بعد الآن. الذكريات الجميلة لأولئك الذين ترعرعوا في عائلات مترابطة بشكل وثيق، وتناولوا الوجبات مع بعضهم، وشاهدوا التلفاز معا، تعد بعيدة كل البعد عن حياة الجيلين زد وألفا.
يكافح الأهالي حول العالم لإيجاد وقت للتواصل مع أطفالهم، لكن غالبا ما يشعر أصحاب الشركات بضغط أكبر على وجه الخصوص بسبب الساعات الطويلة التي يقضونها في إعطاء الأولوية للعمل.
يواجه رواد الأعمال في عديد من البلدان التحدي نفسه، لكن هذه المشكلات مهمة أكثر في الهند، حيث تكثر الأعمال التجارية العائلية.
لا يمكن لعمل تجاري عائلي أن يبني إرثا بلا قيم عائلية مشتركة. الأمر ليس متعلقا بالشعور بالراحة فقط – توجد الثقافة المشتركة الأساس الذي تستطيع الشركة النمو عليه عندما ينتقل السيطرة من جيل إلى الذي يليه.
عندما ينضم الأبناء إلى العمل، تصبح هناك توترات. هم أفراد من العائلة، لكنهم لا يعرفون إلا القليل عن تاريخ العائلة عادة. مثلا، أقرت فتاة متخرجة حديثا وابنة مؤسس شركة تعمل في مجال البنية التحتية في حيدر أباد، قائلة: "أعلم أن أبي واجه عديدا من التحديات أثناء بنائه لهذه الشركة، لكن لم يخبرني قط كيف تغلب عليها. أعلم بشكل عام ماذا حدث، لكن لا أعلم لماذا حدثت بعض الأمور والأسباب وراء اتخاذ بعض القرارات".
يخشى كبار العائلة من ألا تنتقل قيم العائلة إلى الجيل التالي، لكنهم يقضون وقتا قليلا مع الجيل التالي ليحدث الانتقال بشكل طبيعي. يشتكي والد تلك الفتاة الشابة من حيدر أباد قائلا: "اعتقدت أن ابنتي ستعلم. وهي مشغولة بحياتها أيضا، ولطالما كنت مشغولا بالعمل".
إذن، ما الجواب؟ أولا، الوقاية خير من العلاج. يجب على أصحاب الأعمال التجارية العائلية البدء في تمرير القيم العائلية مبكرا – عندما يكون الورثة لا يزالون صغارا.
وفي حال لم يحدث ذلك، يمكن لأصحاب الأعمال التعويض لاحقا. عليهم إيجاد الفرص لمشاركة القيم، والتاريخ، والتجارب. تقيم بعض العائلات وجبة إفطار أسبوعية إلزامية، وتقوم عائلات أخرى بترتيب معتكفات عائلية، وتصر بعض العائلات الأخرى على حضور جميع أفراد العائلة إلى المناسبات مثل المهرجانات، وأعياد الميلاد، والزواجات.
وقد تكون بعض العائلات حكيمة فتنشئ آلية رسمية كمجلس للعائلة لتسهيل الحوار. عندما يصل الأطفال إلى سن المراهقة، يجب تعريفهم بالمجلس. قد تعقد اجتماعات مجلس الأسرة مرة كل ربع عام في العوائل الكبيرة، أو مرتان في العام. ويجب أن يكون الاجتماع في مكان محايد ليشعر الجميع بالراحة.
يقضي فرد من الجيل الثالث لشركة تصنيع فولاذ في إندور، الهند، وقتا كبيرا مع جده مؤسس العمل التجاري العائلي. كان متشككا في البداية، لكن مدربا عينته العائلة أصر على هذا التواصل، وخطط للقاءات وأشرف عليها. مع الوقت، بدأ الشاب بتقدير حكمة جده، وكثيرا ما أصبحا يلتقيان.
على العائلات أحيانا التصرف بسرعة لكنها لا تعلم كيف يمكنها فعل ذلك. الخوف من مضايقة أحبائها يخيم عليها، لذا يمكن لشخص من خارج العائلة المساعدة.
عند تعيين مستشار، ابحث عن شخص خبير، وغير متحيز، ومستمع جيد. مستشار يسمح للحلول بالظهور لا يفرضها، وباستطاعته تخفيف الأجواء المتوترة.
يستطيع المستشار إيجاد فرص للكبار لمشاركة حكمتهم، وللجيل القادم مشاركة تطلعاتهم. يمكنه الإشراف والتنقل بين أفراد الأسرة.
في إحدى الحالات التي نعرفها، اقترح مستشار العائلة أن يكون حديث الأب عن الأعوام الأولى للعمل التجاري على شكل قصة بأسلوب الضمير الغائب، مصحوبة بصور وبعض التمثيل لجعلها مثيرة لاهتمام الجيل القادم. نجحت تلك الفكرة لدرجة أن الجيل القادم طلب أن يعقد اجتماع مجلس الأسرة التالي في أقرب وقت.
في القرن الـ21 كثير من العائلات لا تأكل ولا تصلي ولا تجلس مع بعضها، رغم ذلك لا يزال باستطاعتها الانتماء إلى بعضها بعضا من خلال القيم المشتركة والتجارب والرؤية، لتخليد عمل العائلة التجاري وإرثها.
*نوبور بافان بانج، مديرة مساعدة في مركز توماس شميدهاني للمؤسسات العائلية، الكلية الهندية للأعمال. وسيمران سيناني، كبيرة مستشارين في بي إيه إف، الهند.