الهند الشيء الكبير التالي في رادار المستثمرين

الهند الشيء الكبير التالي في رادار المستثمرين

إذا كان هناك أمر ثابت في عالم الاستثمار المتغير باستمرار فسيكون بحث المستثمرين المستمر عن الشيء الكبير التالي. على مر الأعوام الـ20 الماضية، ومن وجهة نظر كلية، كانت تلك هي قصة الصين أيضا.
أدت طبيعة النجاح الاقتصادي غير المسبوق للهند إلى إعادة تقييم أساسية بشأن طريقة تفكيرنا في الاقتصاد العالمي. خلال العقد المقبل، بينما ستبقى الولايات المتحدة والصين بأهميتهما نفسها بالنسبة إلى المستثمرين، نعتقد أن صعود اقتصاد الهند يعني أنه سيظهر بوضوح أكثر على راداراتهم.
يكمن المفتاح في حجم ونطاق مجموعة الفرص التي تتمتع بها الهند. نتوقع أن تكون الهند ثالث أكبر اقتصاد بحلول 2027، وأن يزيد ناتجها المحلي الإجمالي أكثر من الضعف، من 3.4 تريليون دولار حاليا إلى 8.5 تريليون دولار على مدى الأعوام العشرة المقبلة. بشكل تدريجي، ستضيف الهند أكثر من 400 مليار دولار إلى ناتجها المحلي الإجمالي كل عام ـ نطاق لم يتجاوزه سوى الولايات المتحدة والصين. يتوقع زميلي، ريدهام ديساي، أن ترتفع رسملة سوق الأسهم الهندية من 3.4 تريليون دولار إلى 11 تريليون دولار بحلول 2032، ثالث أكبر قيمة سوقية عالميا.
تعتمد هذه التوقعات على تضافر القوى المحلية والعالمية الملائمة. أكثر التغيرات أهمية محليا تتمثل في تحول منهجية السياسة بعيدا عن إعادة التوزيع ونحو تعزيز الاستثمار واستحداث الوظائف.
كان هذا واضحا في تطبيق ضريبة السلع والخدمات التي تنشئ سوقا محلية موحدة، وخفض ضرائب الشركات، والمخططات المرتبطة بالإنتاج لتحفيز الاستثمار من داخل الهند وخارجها. يترافق هذا مع ظهور عالم متعدد الأقطاب تعمل فيه الشركات على تنويع سلاسل إمدادها، مع بروز الهند وجهة مختارة.
هذه العوامل ستؤدي إلى دمج القوى العاملة الهندية سريعة النمو في الاقتصاد العالمي. حاليا، الهند لديها بالفعل حصة سوق عالمية كبيرة في صادرات الخدمات، وازدادت حصتها منذ بداية الجائحة حين أصبحت الشركات أكثر اعتيادا على العمل عن بعد.
تبذل الهند الآن جهودا منسقة لجذب الاستثمار لتعزيز صادراتها من الصناعات التحويلية. ستجذب هذه المصانع والمكاتب الجديدة عمالة أكثر إلى القطاع الرسمي، والأهم من ذلك سترفع نمو الإنتاجية، ما يؤدي إلى دورة حميدة من النمو المستدام. في الواقع، التحول في منهجية السياسة يقرب الهند من النموذج الشرق آسيوي المتمثل في تعزيز الصادرات، وزيادة الادخار، وإعادة تدوير المدخرات في الاستثمار.
في ظل هذه الظروف، نعتقد أن الهند تدخل في مرحلة تتضاعف فيها المدخولات بمعدل سريع وعلى قاعدة عالية. للإيضاح، منذ 1991 استغرق الأمر 31 عاما لكي ترفع الهند ناتجها المحلي الإجمالي ثلاثة تريليونات دولار. وفقا لتوقعاتنا، سيستغرق الأمر سبعة أعوام أخرى لينمو الناتج المحلي الإجمالي بمقدر ثلاثة تريليونات دولار إضافية.
لوضع سياق لمدى أهمية هذا التطور للمستثمرين العالميين، تجربة الصين تقدم نموذجا مفيدا. الناتج المحلي الإجمالي للهند اليوم هو ما كانت عليه الصين في 2007 - الفجوة 15 عاما.
لكن من منظور التوقعات، عدد السكان الذين هم في سن العمل في الهند لا يزال ينمو، ما يشير إلى أنه سيكون أمامه طريق طويل للنمو. متوسط العمر في الهند اليوم أقل 11 عاما من الصين.
كما ينبغي أن تتأرجح فروق نمو الإنتاجية لمصلحة الهند. مع كل ذلك، نعتقد أن هذا يعني أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للهند سيكون بمتوسط 6.5 في المائة على مدى العقد المقبل، بينما سيكون متوسط الصين 3.6 في المائة.
بناء البنية التحتية الصلبة، مثل الطرق والسكك الحديدية، مكن توجه الصين نحو التصنيع الذي دفع معظم نموها خلال الـ30 عاما الماضية. من المؤكد أن الهند تحاول اللحاق بالركب وتبذل الآن جهودا منسقة لزيادة الإنفاق العام على البنية التحتية. لكن في عالمنا اليوم قد تكون البنية التحتية الرقمية بأهمية البنية التحتية المادية نفسها، وهو ما تتوجه إليه الهند وتتخذ بشأنه منهجية تطويرية فريدة.
على عكس الاقتصادات الأخرى حيث تجذرت الشبكات الخاصة، قادت الهند العالم ببناء بنية تحتية رقمية عامة. هذا مبني على نظام التعريف الرقمي الفريد، آدهار Aadhaar. يتم بناء طبقات إضافية لتعزيز هذه البنية التحتية الرقمية، بحيث تتلاءم أكثر مع المستهلكين والشركات، وتسهل المعاملات، وتقلل من تكلفة ممارسة الأعمال التجارية. مثلا، الشبكة المفتوحة للتجارة الرقمية التي أنشأتها الحكومة تسهل المعاملات التجارية بين شبكة من المشترين والبائعين.
خلاصة القول، نقدر أن الهند مستعدة لدفع خمس النمو العالمي في العقد المقبل. نعتقد أن ذلك يوفر فرصة مقنعة للشركات متعددة الجنسيات والمستثمرين العالميين في عالم ينقصه النمو.

*كبير اقتصادي آسيا في "مورجان ستانلي"

الأكثر قراءة