صناعة الطيران تخوض رحلة في حافلة الكفاح

صناعة الطيران تخوض رحلة في حافلة الكفاح

في مركز تجاري بالقرب من كلاكاماس في ولاية أوريغون، يحاول مركز توظيف جديد توظيف العمال في شركة مملوكة لوارن بافيت تصنع قطع محركات الطائرات.
بعد عامين من قيام شركة بريسيجن كاستبارتس بتسريح 40 في المائة من عمالها استجابة لانهيار الطلب على الطائرات الناجم عن جائحة فيروس كورونا، عادت الشركة إلى وضع التوظيف. فهي تصنع عددا قليلا جدا من المصبوبات والمعادن المطروقة لشركات صنع المحركات، التي بدورها تكافح لتلبية متطلبات أكبر مصنعي الطائرات في العالم، "إيرباص" و"بوينج".
إن نقص العمال في الشركة التابعة لبيركشاير هاثواي ليس سوى أحد العوامل التي تغذي النقص العالمي في المحركات والأجزاء عالية الدقة اللازمة لتصنيعها، ما يعيق تعافي صناعة الطيران العالمية في وقت يتوافد فيه الركاب مرة أخرى إلى السفر الجوي.
قال ديف كوتس، مدير الموارد البشرية السابق في شركة بريسيجن كاستبارتس الذي تقاعد العام الماضي، "عندما يتراجع النشاط التجاري، فإن أسهل طريقة يمكن إجراؤها هي خفض عدد الموظفين دون أي تفكير على الإطلاق فيما سأخسره".
أضاف كوتس أن محاولة جذب الموظفين لن تؤدي إلى تحسين الإنتاج في أي وقت قريب، نظرا إلى أن الأمر يستغرق ما يصل إلى ثلاثة أعوام حتى يتمكن عمال خطوط الإنتاج من صقل مهاراتهم.
ظهرت الاضطرابات المستمرة في سلاسل التوريد خلال تحديثات أرباح الربع الثالث الأخيرة من شركات الطيران والدفاع، التي وصفها روب سبينجارن، محلل في شركة ميليوس ريسيرتش، بأنها "رحلة في حافلة الكفاح".
على الرغم من أن النقص في قطع الغيار والعاملين "تحسن بشكل متواضع" كتب سبينجارن في مذكرة للعملاء، "يبدو أن معظم الشركات لاتزال تكافح المشكلة ذاتها"، الأمر الذي يؤدي إلى تأخير المبيعات وارتفاع التكاليف.
أخبر كبار المسؤولين التنفيذيين في "بوينج" المستثمرين الأسبوع الماضي أن ندرة المحركات هي العامل الرئيس الذي منعها من تسليم أكثر من 20 طائرة من طائرات 737 ماكس كل شهر - على الرغم من أن شركات الطيران تطلبها بإلحاح.
في مؤتمر للمستثمرين الأربعاء، توقعت الشركة أن تسلم ما بين 400 و450 طائرة من طراز ماكس العام المقبل، وما بين 70 و80 طائرة من طراز دريملاينر 787 ذات الهيكل الواسع.
قال المدير المالي بريان ويست إن الشركة تهدف إلى رفع شحنات ماكس الشهرية من "أوائل الثلاثينيات" في النصف الأول من 2023 إلى "أوائل الأربعينيات" بحلول النصف الثاني.
قالت شركة بوينج إن عمليات تسليم الطائرات التجارية ستساعد على توليد تدفق نقدي حر - وهو مقياس حاسم للمستثمرين - في حدود ثلاثة مليارات دولار إلى خمسة مليارات دولار لـ2023.
قال ستان ديل، رئيس قسم الطائرات التجارية في "بوينج"، إن الشركة بحاجة إلى "إعادة الاستثمار" في سلاسل التوريد، وفي بعض الأحيان كانت توزع موظفيها على الموردين المتعثرين.
قال الرئيس التنفيذي ديفيد كالهون، "إن الطريق إلى التطبيع مبني إلى حد كبير على الأشياء التي نسيطر عليها. وأنا أقترح أن نتحكم في سلسلة التوريد".
تحسن الوضع في شركة إيرباص منذ الصيف، عندما قال الرئيس التنفيذي جيولوم فوري إن الشركة لا تزال تمتلك 26 طائرة شراعية، تم بناؤها حديثا دون محركات. أما الآن، فالعدد أقل من عشرة.
لكن فوري قال إنه يتوقع استمرار اختناقات سلسلة التوريد، ما أجبر شركة إيرباص على تقليص خططها لزيادة إنتاج سلسلة A320، لتستمر حتى العام المقبل.
قال مسؤولون تنفيذيون الشهر الماضي إن عمليات تسليم محركات طراز ليب التي قامت بها شركة سي إف إم إنترناشونال، وهو مشروع مشترك بين شركة سافران الفرنسية وجي أي الأمريكية، لا تزال متأخرة عن مواعيدها المحددة. إذ يعمل محرك ليب على تشغيل طائرة بوينج 737 ماكس، وهو أيضا خيار لطائرات إيرباص A320neo النفاثة. زادت الشحنات إلى 347 طائرة في الربع الثالث، زيادة قدرها 54 في المائة عن فترة الثلاثة أشهر السابقة لكنها لا تزال أقل مما كان مخططا له في الأصل.
قال أوليفييه أندريس، الرئيس التنفيذي لشركة سافران، إن سي إف إم لم تعوض بعد عن التأخيرات وما زالت "تكافح بشأن تصنيع الهياكل، خاصة في الولايات المتحدة".
يتم تصنيع المصبوبات عن طريق صب المعدن المنصهر في قوالب لتشكيل أجزاء كشفرات المحركات والعناصر "الهيكلية" التي تربط أجزاء المحرك معا. إن إتقان العملية صعب. فحتى العمال المتمرسون يمكن أن يضطروا إلى التخلص من 5 في المائة من دورة الإنتاج، وبالنسبة إلى المنتجات الأحدث، يمكن أن تصل النسبة إلى النصف.
قال إندي راتو، نائب رئيس العمليات الأوروبية في دونكاسترز في المملكة المتحدة، إن المستويات العالية من المؤهلات والشهادات المطلوبة في الصناعة تمثل تحديا.
تقوم الشركة المصنعة عالية الدقة، التي تعود جذورها إلى مدينة شيفيلد منذ 1778، بصنع الشفرات والمصبوبات الهيكلية لصانعي المحركات. لكنها وجدت أن بعض مورديها إما لم ينجوا من الجائحة وإما أنهم يكافحون من أجل الحصول على المواد والأجزاء.
على الرغم من أن عدد الموردين الذين لم ينجوا كان صغيرا نسبيا، قال راتو، "إن كثيرين مؤهلون لمنتجات محددة جدا، لذلك عندما يختفون (...) تصبح مهمة العثور على بديل صعبة للغاية".
في مكالمة تقارير للأرباح الأسبوع الماضي، قال جريج هيز، الرئيس التنفيذي لشركة ريثيون التي تمتلك شركة برات أند ويتني لصناعة المحركات، إن الافتقار إلى المصبوبات ناتج عن نقص العمالة.
قال رون إيبستين، محلل في بنك أوف أمريكا، "إن صناعة الطيران تمتلك في المتوسط، قوة عاملة أكبر سنا. إذا كنت تسرع تقاعدك بسبب كوفيد، فقد رحل كثير من هؤلاء الأشخاص. وهم عمالة عالية المهارة. لا يمكنك فقط أخذ أحدهم من الشارع وجعله يفعل ذلك".
أضاف إبستين أن الشركات مترددة أيضا في البدء في صنع المصبوبات والمعادن المطروقة لأن قائمة العملاء المحتملين محدودة، على عكس صناعة السيارات مثلا.
ستكون الأشهر الستة المقبلة حاسمة حيث تتجه الصناعة نحو الانتعاش في وقت يشهد تضخما مرتفعا باستمرار.
إن الدفع من جانب "بوينج" و"إيرباص" لتعزيز الإنتاج سيستمر في الضغط على العلاقة الصعبة بطبيعتها مع مورديهما. كما قال نيك كننغهام، محلل في وكالة بارتنرز في لندن، إن هناك دائما "توترا" بين الطرفين.
أضاف، "من المحتمل أن تضيف شركة صنع هياكل الطائرات في كثير من الأحيان مزيدا من الطاقة عبر توظيف مزيد من عمالة التجميع والعمل في نوبات أكثر، لكن قد يحتاج الموردون إلى إضافة أدوات صلبة وأشخاص ماهرين ولا يرغبون في استثمار كثير من الأموال لتلبية ذروة قصيرة في الطلب".
قال فرانك بيريمان، الرئيس التنفيذي لمصنع تيتانيوم مملوك للقطاع الخاص في بيتسبرغ يبيع المنتجات المعدنية لصانعي قطع الغيار، إن موردي قطع الطائرات قد خفضوا عدد الموظفين ويحتاجون إلى رؤية مزيد من الطلبيات قبل تصعيد التوظيف. "لا يمكنك إبطاء العالم وتتوقع أن يعود بسرعة بين عشية وضحاها".

الأكثر قراءة