العلامات التجارية الفاخرة تسعى إلى التوسع في جميع أنحاء الولايات المتحدة
للاحتفال بافتتاح متجرها الرئيس الجديد في نيويورك أخيرا، استضافت "هيرميس" حفلة متقنة مع أداء مغنين لعرض موسيقي خاص. الضيوف الأثرياء، كثير منهم يحملون حقائب هيرمس بيركين، شربوا العصائر وأكلوا من عربات الطعام المطلية باللون البرتقالي الذي يميز "هيرميس".
على الرغم من أن الافتتاحات المكلفة هي أمر طبيعي بالنسبة إلى أكبر العلامات التجارية الفاخرة في العالم، إلا أن عرض "هيرميس" الجذاب الأخير في ماديسون أفينيو يسلط الضوء على مدى اهتمام الصناعة بأكبر سوق لها، حتى مع تصاعد المخاوف الاقتصادية وتزايد حدة التضخم.
في الولايات المتحدة، انتعش الطلب على حقائب اليد والملابس باهظة الثمن بسرعة كبيرة بعد الجائحة، وأثبت منذ ذلك الحين أنه مرن بصورة مدهشة. نمت مبيعات السلع الفاخرة في الولايات المتحدة أسرع مرتين تقريبا من المتوسط العالمي في 2021، وأسرع مرة ونصف في النصف الأول من 2022، وفقا لـ"سيتي ريسيرتش".
أعلنت شركة إل في إم إتش الرائدة في القطاع أخيرا نمو الإيرادات 19 في المائة على أساس سنوي في الولايات المتحدة، في حين نمت "هيرميس" 24 في المائة. حتى الطفرة الصيفية في مبيعات السلع الفاخرة في أوروبا كانت مدفوعة بإنفاق السياح الأمريكيين الباذخ.
لم يتضح ما إذا كانت هذه الديناميكية الإيجابية في الولايات المتحدة ستستمر بالنظر إلى الغيوم المتراكمة فوق الاقتصاد. بعد عدة أعوام من النمو المزدوج في الأرقام، يقول محللون إن تطبيع وتيرة توسع أبطأ أمر لا مفر منه.
لكن لا يزال اثنان من أكبر اللاعبين ينظران إلى الولايات المتحدة على أنها ذات أولوية للاستثمار. بعيدا عن تخفيض الإنفاق، قالت "إل في إم إتش" و"كارتييه" لصحيفة "فاينانشال تايمز"، إنهما تخططان لمواصلة التوسع في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
"من الصعب التنبؤ بالتوقعات الاقتصادية على المدى القصير لكننا نعلم أننا بحاجة إلى عرض مزيد من منتجاتنا في الولايات المتحدة"، كما قال سيريل فينيرون، الرئيس التنفيذي لـ"كارتييه" في مقابلة.
أضاف أن "كارتييه"، العلامة التجارية للساعات والمجوهرات المملوكة لمجموعة ريتشمونت السويسرية الفاخرة، ضاعفت حجم أعمالها في الولايات المتحدة خلال خمسة أعوام، وواثقة بقدرتها على جذب مزيد من العملاء الأمريكيين.
تحقيقا لهذه الغاية، تريد "كارتييه" زيادة عدد متاجرها من 30 إلى 40 متجرا.
قالت مرسيدس إبرامو، رئيسة علامة المجوهرات في أمريكا الشمالية، "في ولاية تكساس، لدينا متاجر في دالاس وهيوستن، فهل يمكننا افتتاح متاجر في فورت وورث أو أوستن أيضا؟. كما نبحث في الشمال الغربي لأننا لا نملك متاجر في سياتل الآن، ومواقع أكثر في فلوريدا أيضا".
مع مبيعات بقيمة 78 مليار يورو في 2021، تعد السوق الأمريكية للسلع الفاخرة الأكبر على مستوى العالم متقدمة على الصين التي بلغت مبيعاتها 60 مليار يورو، وفقا لشركة باين، وتتطور بسرعة إذ زاد عدد المشترين الأصغر سنا وأصبحوا أكثر تنوعا وانتشارا جغرافيا خارج المراكز التقليدية في نيويورك وكاليفورنيا.
إلى جانب المتجر الرئيس في نيويورك، ستفتتح "هيرميس" متجرين آخرين هذا العام يوضحان التغييرات. الأول في أوستن، لخدمة العدد المتزايد من الموظفين في قطاع التكنولوجيا الأثرياء الذين انتقلوا من وادي السيليكون في كاليفورنيا. سيفتتح الآخر قريبا في نيبلز في فلوريدا، منطقة منازل العطلات.
تهدف "كيرينج"، التي تمتلك "جوتشي" و"سان لوران"، إلى افتتاح أكثر من 30 متجرا في أمريكا الأعوام المقبلة، وافتتحت متاجر أخيرا في كولومبوس وأوهايو وأوستن.
هذا النوع من التوسع الجغرافي في الولايات المتحدة جديد نسبيا على العلامات التجارية الفاخرة، التي اعتادت الاعتماد على المتاجر الكبرى، مثل "ساكس" أو" نيمان ماركوس" الذي أعلن إفلاسه الآن، لخدمة معظم أنحاء البلاد. قبل الجائحة، نحو نصف مبيعات السلع الفاخرة في الولايات المتحدة كانت من نيويورك، وفقا لشركة باين.
الآن المبيعات أكثر انتشارا. انتقل الأثرياء مع ظهور العمل عن بعد، واكتسبت العلامات التجارية الفاخرة عملاء جدد بتسويق مفصل أكثر ومخصص للولايات المتحدة. عملت "تيفاني" من "إل في إم إتش" مع النجمين جاي زي و بيونسي في حملة إعلانية جذابة، ولدى علامتها التجارية "هينيس" شراكة مع الدوري الأمريكي لكرة السلة للمحترفين.
كما ساعد التوسع في التجارة الإلكترونية خلال الجائحة العلامات التجارية الفاخرة على التعرف على مجموعات جديدة من الطلب. قال توماس شوفيت من "سيتي"، "عبر الأمريكيون منذ فترة طويلة عن مكانتهم الاجتماعية بشراء منزل كبير أو عدة سيارات، وبدرجة أقل بالسلع الفاخرة، لكن العلامات التجارية فعلت كثيرا لتغيير ذلك".
تدفع "إل في إم إتش" بعلاماتها التجارية الصغيرة إلى مدن أصغر، كما قال أنيش ميلواني، رئيس الشركة في أمريكا الشمالية. تتمتع أكبر علاماتها التجارية، "لويس فيتون" و"تيفاني"، بالفعل بوجود متاجر كبيرة مع 110 و93 متجرا، على التوالي، لكن "ديور"لديها فقط 42 متجرا، و"فندي" 36 متجرا، و"جيفنشي" ثمانية متاجر. لدى سلسلة مستحضرات التجميل سيفورا، واحدة من علامات "إل في إم إتش" التجارية ذات السوق الأكثر شعبية، أكثر من 500 متجر في الولايات المتحدة.
قال ميلواني، "تعد الولايات المتحدة سوقا ذات أولوية للاستثمار لجميع علاماتنا التجارية، ولم تكن هذه هي الحال قبل بضعة أعوام. بعد خمسة أعوام من الآن سيصبح لدينا مئات المتاجر أكثر من اليوم".
حماس مجموعات السلع الفاخرة للولايات المتحدة ينطلق أيضا من حقيقة مفادها بأن توقعات الصين، التي قادت أغلب النمو في العقد الماضي، أصبحت أقل يقينا. تتمسك حكومة شي جين بينج بسياستها "صفر كوفيد"، والصينيون الذين اعتادوا التسوق لشراء السلع الفاخرة في أوروبا لا يسافرون إلى الخارج كثيرا.
على الرغم من أن مبيعات السلع الفاخرة أثبتت مرونتها في الصين، إلا أن بعض المسؤولين التنفيذيين يجادلون بأنه من المهم الاستثمار في كل من الولايات المتحدة والصين للتحوط من المخاطر غير المتوقعة. كانت الأزمة الروسية-الأوكرانية بمنزلة جرس إنذار تسبب في تساؤلات عن طريقة مواجهة سيناريو مماثل قد يحدث في صراع بين الصين وتايوان.
قال ميلواني، "كانت الصين الأولوية الكبرى الوحيدة لمعظم العلامات التجارية قبل الجائحة، والآن نريد أن نولي الأولوية لكل من الولايات المتحدة والصين".
في الوقت الحالي، قالت أكبر العلامات التجارية إنها لا تعاني أي تباطؤ في الولايات المتحدة، لكن المستثمرين يستعدون لواحد. انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز العالمي للسلع الفاخرة نحو 30 في المائة هذا العام.
في الولايات المتحدة، تظهر بيانات بطاقات الائتمان تراجعا طفيفا في الإنفاق على السلع الفاخرة - انخفاض يراوح بين 5 و6 في المائة في أيلول (سبتمبر) على أساس سنوي، بعد انخفاض يراوح بين 2 و4 في المائة في آب (أغسطس) - وفقا لـ"بنك أوف أمريكا" و"ماستركارد".
"لا يزال المستهلكون الأمريكيون للسلع الفاخرة يتمتعون بقوة شرائية قوية"، كما قالت كارولين رايل، مستثمرة في "بيكتيت أسيست مانجمنت"، التي تمتلك صناديقها أسهما في "إل في إم إتش" و"ريتشمونت" و"هيرميس". أضافت، "سأتفاجأ برؤية انخفاض كبير في استهلاك السلع الفاخرة في الولايات المتحدة، وأراه أقرب إلى عملية تطبيعية"، ما يعني العودة إلى نمو متوسط من خانة واحدة بدلا من الأرقام المزدوجة التي شوهدت أخيرا.
في رحلة تسوقه أخيرا إلى متجر كارتييه في فيفث أفينيو، كان كريستيان أتانجانا، الرئيس التنفيذي لشركة أعمال زراعية مقرها لندن، حريصا على مكافأة نفسه بعد أن ظل في منزله خلال الجائحة. قال "بلغت أخيرا 30 عاما ووضعت عيني على بعض الساعات". في قائمة تسوقه طرازان من "كارتييه"، ساعات "سانتوس" أو "بالون"، التي تبدأ أسعارها من نحو ستة آلاف دولار.
في "باي جوروج"، متجر فاخر في أوستن، كان يأتي العملاء لشراء فساتين ومجوهرات للمناسبات الخيرية التي عادت إلى أوجها لأول مرة في الآونة الأخيرة. قالت رئيسة المتجر مولي نوتر، "في نهاية كل أسبوع هناك حفلة أو حفلتان (...) يشتريالناس المنتجات حتى يذهبوا إليها ويراها الآخرون عليهم". كانت المبيعات في أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) أفضل من العام الماضي. "نرى أن الشهية لا تزال موجودة".