البهتان .. آفة سلوكية

يتساهل كثيرون في رمي الآخرين بما لم يفعلوه بغرض كسب التعاطف أو المال أو الجاه أو الشهرة. الأسوأ من ذلك هو رمي الآخرين بما ليس فيهم كوسيلة للخروج من مأزق تسبب فيه الفرد نفسه. هذه الآفة السلوكية تتسبب في حالات كثيرة في وضع أشخاص لا ذنب لهم في قائمة المتهمين بأمر لا يد لهم فيه ولا رجل، ليصبحوا ضحايا ويأتي من بعدهم ضحايا آخرون بسبب القرابة أو صلات العمل.
نمو هذا الأمر وانتشاره في المجتمعات كافة هو بسبب عدم التحقق من قبل المتلقين، وقد يكون بسبب عدم الحرص أو لنقل براءة من يتعاملون في المجتمع مع مختلف نوعيات البشر. صحيح أن الحرص الزائد قد يؤدي إلى تعطيل الأعمال وهو أمر ضار في أغلب الأحوال، وفيه نظريات كثيرة.
المهم أن يكون الواحد منا مخلصا في علاقاته، ويحرص على إرضاء ربه وضميره في كل تعاملاته، ولن يخلو مجتمع بشري من التنافس والتنافر ومحاولات الإقصاء التي هي جزء من مكونات العلاقة البشرية على وجه هذه الأرض التي هي محل اختبار لعباد الله. التنافس الذي يبرز في النهاية حجم الأخلاق والنزاهة والمحافظة على القيم في المتنافسين، هو الدافع الأهم لمحاولات إقصاء المنافسين.
يأتي في المقابل الحسد أول الذنوب، وهو آفة من الخطر بمكان بل أخطر في الواقع على الحاسد من المحسود، فلا الحاسد نال مناه ولا هو ارتاح في نفسه وحالته المعنوية فهو أخسر الخاسرين.
قد يصيب البهتان أشخاصا أو كيانات بالخطر، وقد يضر بمصالحهم ونفسياتهم وأسرهم ومجتمعاتهم لكن خاتمته شر مستطير على من يبهت خلق الله ويسيء إليهم حتى إن حقق مكسبا ماديا دنيويا زائلا. لا بد أن يرسخ هذا المفهوم في عقول ومدارك الجميع، بل إنه لا بد أن يدرس في المدارس ويربى عليه الأبناء والبنات لنضمن مجتمعا نزيها حافظا للحقوق ومؤديا للواجبات ومحفزا للعمل المخلص والعلاقات الإنسانية الإيجابية.
خلاصة القول: إن كل واحد منا مسؤول عما يقول ومهما غفر الله من الذنوب، فلا يعفو عن حقوق الناس إلا هم تحديدا. ولكل منا أن يختار موقعه في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي