جامعات النخبة الأمريكية متهمة بتغذية الانقسام المجتمعي
لطالما كانت جامعات النخبة الأمريكية موضع حسد العالم. تمتلك المؤسسات الأمريكية أكبر خمسة أوقاف، وتدخل ثمانية منها ضمن قائمة أفضل عشرة مراكز في تصنيف صحيفة "التايمز" للتعليم العالي للجامعات في العالم، وتهيمن على كثير من قوائم الموضوعات التي وضعها تصنيف شنغهاي الأكاديمي.
لكن في داخل البلاد، يتعرض نظام التعليم العالي في الولايات المتحدة للهجوم من عدة جهات. يتهم المحافظون الجامعات بأنها أصبحت بؤرا لأيديولوجية "اليقظة". يشكو الليبراليون من أن الطلاب ذوي الدخل المنخفض والأقليات لا يزالون يتلقون خدمات سيئة ويتم إبعادهم عن الجامعات الجيدة والدرجات العليا التي تؤهلهم للحصول على وظائف مربحة. يترك كثير من الطلاب الجامعة مثقلين بالديون المعوقة لدرجة أن الرئيس جو بايدن أعلن أخيرا برنامج إعفاء من القرض بقيمة 20 ألف دولار، الذي أصبح قضية أساسية في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الشهر المقبل.
في دولة في حالة حرب مع نفسها، تعد الجامعات نقطة الصفر. شكل تأثيرها البحثي والثقافي لبنات بناء النجاح في الغرب، لكن النقاد الآن يجادلون بأن هذا القطاع يفسد المجتمع الأمريكي من الداخل.
يوم الإثنين، ستكون جامعة هارفارد، أقدم مؤسسة في البلاد وربما أشهرها، في قفص الاتهام في المحكمة العليا، حيث تواجه تحديا قانونيا للطريقة التي تختار بها طلاب المرحلة الجامعية الأولى فيها. يزعم المدعون أن الجامعة تفضل بشكل غير قانوني الطلاب ذوي البشرة السوداء واللاتينيين على حساب المتقدمين من أصول آسيوية في محاولة مضللة لتعزيز التنوع. يريدون من القضاة أن يحظروا على جامعة هارفارد والتعليم العالي على نطاق أوسع النظر في مسألة العرق على الإطلاق.
من ناحية أخرى، استقطب برنامج العمل الإيجابي في الجامعة عشرات من المذكرات الداعمة من الشركات الكبرى، والمؤسسات التعليمية الأخرى وإدارة بايدن. يؤكدون أن المجتمع يستفيد عندما يتعرض الطلاب لأشخاص من خلفيات مختلفة وعندما يمكن للشركات الاستفادة من مجموعة متنوعة عرقيا من خريجي الجامعات.
ما يشترك فيه الطرفان هو الاعتقاد بأن الوصول إلى تعليم في إحدى جامعات النخبة أمر بالغ الأهمية لأي شخص يرغب في تسلق السلم نحو النجاح الاجتماعي والشركات. ينعكس هذا الافتراض في جميع أنحاء العالم. اقتنع والداي بذلك، لقد أخروا الادخار من أجل تقاعدهم لإرسالي إلى رابطة جامعات أيفي ليج بدون ديون. هذا ما يجعل الآباء البريطانيين من الطبقة الوسطى مهووسين بحصول أولادهم على قبول في جامعة أوكسبريدج، ولماذا ينتقد الشعبويون الفرنسيون قوة الجامعات الكبرى.
الآن يتساءل كثير من الكتب الجديدة والمتعمقة عما إذا كان من الإنصاف أن المجتمعات الجديرة ظاهريا قد سلمت هذه القوة الواسعة إلى مجموعة صغيرة من المؤسسات الأكاديمية. على الرغم من أن كلا منها يأتي إلى السؤال بشكل مختلف، إلا أنها استنتجت جميعا أن نهج الفائز يأخذ كل شيء في التعليم العالي يجب أن يتغير.
يركز إيفان مانديري، مؤلف كتاب رابطة أيفي السامة، في المقام الأول على الطبقة الاجتماعية. كان معاصرا لي في جامعة هارفارد، وهو يدرس الآن في كلية جون جاي في جامعة مدينة نيويورك الممولة من القطاع العام، ما يمنحه نظرة ثاقبة لكل من النخبة الأمريكية والطبقات الدنيا والمتوسطة المناضلة. يحاول كتابه هدم ادعاءات أعرق الجامعات الأمريكية بأنها تكرس إعفاءاتها الضريبية وأوقافها الضخمة والقبولات الانتقائية من أجل المصلحة العامة.
جمع الإحصائيات والقصص الشخصية لإظهار أن أفضل الجامعات تقوم في الغالب بتعليم الأثرياء وتوجيههم إلى وظائف مربحة تؤهلهم لإرسال أطفالهم وتبرعاتهم إلى الجامعات التي تخرجوا فيها. اتجه 36 في المائة من خريجي جامعة هارفارد في 2020 إلى العمل في التمويل أو الاستشارات أو التكنولوجيا، حسبما أفاد. على النقيض من ذلك، يعمل نحو 60 في المائة من طلاب جامعة جون جاي في القطاع الحكومي أو منظمات غير ربحية. كتب مانديري "تتمتع جامعات النخبة ببراعة استثنائية في الحفاظ على ثراء الأطفال الأغنياء".
في حين إن قلة من الطلاب الفقراء الذين يدرسون في الكليات الغنية يشهدون ارتفاعا في الحراك الاجتماعي، فإن التأثير ضئيل. هناك ثلاث كليات في جامعة مدينة نيويورك تقود الأمة في مجال الحراك الاقتصادي: ينتقل ما لا يقل عن 10 في المائة من الخريجين من الخمس الأدنى في الدخل إلى الخمس الأعلى، وفشلت جامعتا هارفارد وبرينستون في تجاوز نسبة 2 في المائة.
كما يبحث مانديري في كفاح الطلاب ذوي الدخل المنخفض الذين يفوزون بالفعل في قبول في جامعات النخبة. من بين هؤلاء، بريانا سوسلوفيتش، التي تقضي معظم العام الأول "قلقة بشأن كيفية الحصول على المال" ومن ثم تتعرض للسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب "الاستهزاء بالأثرياء"، بعد أن أشارت في محادثة مع زميلة في الفصل عن "جليسة الأطفال البريطانية" الخاصة بها على أنها "راقية وثرية".
يجادل بأن الآباء في الولايات المتحدة يختارون كل شيء، من المكان الذي يعيشون فيه إلى الرياضات التي يلعبها أطفالهم، وعين من أعينهم على احتمالات القبول في كلية ما. بحلول الوقت الذي يصل فيه الأمريكيون إلى سن 18 عاما، يكون كثير منهم قد سقطوا بالفعل مما يسميه مانديري "المصعد" للتقدم الاقتصادي.
يؤكد مانديري أن معالجة أوجه عدم المساواة الناجمة عن ذلك تتطلب أمورا تتجاوز الاعتبارات العرقية المعروضة الآن أمام المحكمة العليا. يقع الضرر الحقيقي بسبب التفضيلات التي تمنحها معظم الجامعات لأبناء المتبرعين والخريجين وللطلاب الذين يمارسون رياضات النخبة. يجادل مانديري بأن التخلي عن هذه التفضيلات من شأنه أن يجرد البيض الأثرياء من مزاياهم العائلية ويجبرهم على مواجهة الظلم الذي يرسخونه عبر التبرعات الهائلة للمؤسسات الغنية أصلا.
يكتب "التبرع بمبلغ 1.8 مليار دولار لجامعة جونز هوبكنز يعد سخيا لكنه ليس عادلا. مساعدة الطفل الذكي من ندوة الطلاب الجدد في جامعة ييل على الحصول على فترة تدريب صيفية يعتبر سخيا لكن ليس عادلا. من المستحيل أن تدعو إلى العمل الخيري بينما تقوم بالادخار".
كما يشعر آدم هاريس، أحد الكتاب في صحيفة "ذا أتلانتيك"، بالقلق بشأن عدم المساواة في التعليم العالي، لكن تركيزه ينصب على العرق بدلا من الاقتصاد في كتاب "الحالة التي ينبغي توفيرها"، الذي صدر حديثا في غلاف ورقي. يتضمن هذا التاريخ المكتوب بالتفصيل للتمييز العنصري في التعليم العالي في الولايات المتحدة قصة لويد جاينز، ابن المزارع الذي اختفى دون أن يترك أثرا بعد قتاله أمام المحكمة العليا من أجل الحق في الالتحاق بكلية الحقوق في ميزوري. كما أنه يتعمق في تأسيس الكليات الموحدة في القرن الـ19 مثل كليات أوبرلين وبيريا، والجهود التي بذلتها الولايات الجنوبية ومؤسساتها الرئيسة لتجنب إتاحة فرص متساوية للطلاب ذوي البشرة السوداء.
يوثق هاريس الطرق التي لا تعد ولا تحصى التي تستمر العنصرية في استخدامها للحد من الفرص التعليمية لمعظم الأمريكيين ذوي البشرة السوداء، الذين لا يمكنهم الالتحاق عبر الفرص الضئيلة برابطة أيفي ليج. أصبح التأثير الدائم لصيغ التمويل المنحرفة والخداع الأخرى مرئيا عبر تجارب هاريس كطالب في العقد الأول من القرن الـ21. في حين إن حرم جامعته المليء بذوي البشرة السوداء تاريخيا، جامعة ألاباما إيه آند إم، كان يفتقر إلى الأموال لدرجة أنه لم يتم ردم الحفر ولا إصلاح المصاعد المعطلة، في حين كان الحرم الجامعي لذوي البشرة البيضاء في جميع أنحاء المدينة، جامعة ألاباما في هانتسفيل، فيه سكن طلاب حديث، ومكتبات تبقى مفتوحة لمدة أطول ثلاث ساعات ومجلات دورية لم يسمع بها هاريس، علاوة على قراءتها.
على غرار المؤلفين الآخرين، فإن ويل بنش ليس أقل ضغطا تجاه الروابط المزعجة بين التعليم العالي وعدم المساواة. في كتابه "بعد هبوط البرج العاجي"، وصف الهيكل الحالي بأنه "نظام زائف لجدارة مزيفة لجعل نصف أمريكا يكرهه". بالنظر إلى أنه كاتب عمود في صحيفة "فيلادلفيا إنكويرر" يميل إلى حزب اليسار، فإنه يركز على الكيفية التي حدث بها التوسع الهائل في الفرص التعليمية بعد الحرب العالمية الثانية بشكل خاطئ للغاية، ما ترك الأمريكيين مثقلين بالقروض الطلابية. يلقي بعض الاقتصاديين باللوم على حجم الديون البالغة 1.7 تريليون دولار في تباطؤ النمو، وتأخير تكوين الأسرة إضافة إلى الغضب الشعبوي.
يجادل كتابه اللاذع بأن الحصة المتزايدة من الأمريكيين التي التحقت بالكلية وفشلها في سداد تكاليف كثير منها هو السبب الجذري لكثير من التطورات الأمريكية المهمة على مدار 75 عاما الماضية. يذكر بنش أحداثا من مختلف الأطياف السياسية، بدءا من حركة الحقوق المدنية في الستينيات وصعود الإذاعة اليمينية في الثمانينيات إلى مظاهرات "احتلوا وول ستريت" في العقد الأول من القرن الـ21 والشكوك الأخيرة في اللقاحات.
يبدو بعضها مبالغا فيه إلى حد ما، لكن بنش يتعمق بشكل مقنع في الخيانة التي يشعر بها الأشخاص الذين اقترضوا ديونا لدفع ثمن "المشروبات والألعاب" في الجامعات الحكومية لكنهم فشلوا في الحصول على وظائف جيدة من الطبقة الوسطى. غضبهم الناجم عن التحدث إليهم من قبل "خبراء" من ذوي الدرجات الأعلى هو أمر واضح وخطير. قال بنش بحزن "لقد أضعنا اللحظة لجعل التعليم العالي صندوقا عاما من شأنه أن يعود بالنفع على المجتمع الأمريكي عبر الابتكارات الاقتصادية، والمشاركة المدنية والتنوير العام. بدلا من ذلك، خصخصنا الكليات وجعلناها مستوى للجدارة، بحيث يمكن تزويرها للفائزين، بينما تتم السخرية من الخاسرين المحتملين والاستهزاء بهم".
يجادل المؤلفون الثلاثة بأن الحل العادل الوحيد يكمن في عملية إعادة توزيع لثروة التعليم العالي، إما عبر تدخل حكومي واسع النطاق أو قرار من قبل المانحين بإعادة توجيه هباتهم. أسهم المتبرعون مثل ماكنزي سكوت في تقديم منح كبيرة للجامعات المعروفة تاريخيا بطلابها من ذوي البشرة السوداء، وألغت كلية أمهيرست أخيرا تفضيلات القبول الخاصة بأطفال الخريجين السابقين.
لكنني لست متأكدا من أن هذا سينتشر على نطاق واسع أو سريعا بما يكفي لإحداث فرق. الحصرية جذابة، كما يعلم أي شخص تجول في حرم جامعات رابطة أيفي ليج وشاهد الأسماء الشهيرة الموجودة على كل مبنى. سيفعل كثير من الناس أي شيء تقريبا للحصول على ميزة لأطفالهم. من يمكنه نسيان العشرات من الآباء الأثرياء الذين اعترفوا بالذنب في فضيحة فارسيتي بلوز لمحاولة استخدام الرشوة لجعل أطفالهم يلتحقون بجامعات ستانفورد، وجورج تاون والجامعات العليا الأخرى؟