أخيرا .. إيلون ماسك ينهي دراما الاستحواذ على «تويتر»

أخيرا .. إيلون ماسك ينهي دراما الاستحواذ على «تويتر»

حتى مع وصول عملية استحواذه البالغة 44 مليار دولار إلى قرار في اللحظة الأخيرة، أبقى إيلون ماسك شركة تويتر تضرب أخماسا بأسداس.
عادة، يعمل المحامون والمستشارون في كل جانب من أي صفقة تتعلق بشركة ما معاملات الشركة بشكل وثيق معا لضمان إتمام الصفقة بشكل سلس. لكن مع اقتراب الموعد النهائي الذي فرضته المحكمة في 28 تشرين الأول (أكتوبر) لإتمام عملية الاستحواذ، عمل معسكر ماسك في الأغلب بمعزل عن الآخرين، تاركا شركة تويتر على الهامش في حالة ترقب وانتظار.
قال أحد مستشاري شركة تويتر: "لم نكن نعلم متى ستتم الصفقة ليلة الخميس حتى 15 دقيقة قبل حدوث ذلك".
بعد أن وردت أنباء عن إتمام الصفقة، تنفس المنخرطون في اللعبة الصعداء. قال أحد أكبر المساهمين في شركة تويتر: "أنا سعيد بانتهاء الأمر، ومن وجهة نظر المساهمين، فقد انتهى الأمر بشكل جيد".
كانت عملية شراء منصة التواصل الاجتماعي المؤثرة من قبل أغنى رجل في العالم من أكثر الصفقات الدرامية والمبهجة والفوضوية في تاريخ الشركات.
حيث جمعت بعضا من أقوى اللاعبين في وول ستريت مع تقديم مصرفي "جيه بي مورجان تشيس" و"جولدمان ساكس" المشورة لشركة تويتر تحت الاسم الرمزي "بروجكت توندرا"، ومصرف مورجان ستانلي ومصرف باركليز في ركن ماسك تحت اسم "بروجكت إكس"، إضافة إلى كبار الشخصيات من وادي السيليكون وجيش من المحامين.
حتى بالنسبة إلى صناع الصفقات المخضرمين، فإن استحواذ ماسك غير التقليدي على شركة تويتر فتح آفاقا جديدة، حيث انخرط الجانبان في معركة قانونية شرسة. في "ووشتيل ليبتون" للمحاماة التي تمثل شركة تويتر، أصبح المحامون المبتدئون بمنزلة "شارحي النكات" لزملائهم، حيث قاموا بفك رموز منشورات ماسك الغامضة على الإنترنت وإيجاد طرق لاستخدام بعضها ضده.
هذه الحادثة فتحت المجال لكيفية قيام ماسك بالعمل، حيث انتقل من أحد مستخدمي "تويتر" الأكثر متابعة إلى مالكه، مع مهمة تحويل الشركة المتعثرة ذات التأثير الهائل في السياسة والثقافة العالمية.
المضي قدما بالصفقة
بدأ باستحواذ ماسك على شركة تويتر كما انتهى: على عجل.
بدأ رئيس شركة تسلا في بناء حصة 9 في المائة في شركة تويتر أواخر مارس، ما دفع شركة التواصل الاجتماعي إلى منحه مقعدا في مجلس الإدارة. وقد وافق على ذلك. لكن بعد أن تم توبيخه من قبل باراج أجراوال، الرئيس التنفيذي، لإجراء استطلاع يطرح السؤال "هل موقع تويتر يحتضر؟"، قرر ماسك بدلا من ذلك شراء الشركة بأكملها، وعرض 54.20 دولار للسهم، يفسر رقم "420" على نطاق واسع على أنه إشارة إلى ثقافة الماريجوانا.
سرعان ما تم جمع حزمة التمويل البالغة قيمتها 13 مليار دولار، وهي واحدة من أكبر حزم التمويل التي تم تنظيمها في وول ستريت على الإطلاق، من قبل مجموعة من المصارف بقيادة مصرف مورجان ستانلي. وصف شخص مشارك في تمويل الدين عملية البحث والتقصي التي تمت حول الصفقة بأنها "سهلة"، لأنه "لم يكن هناك أي شيء".
رأى الآخرون المشاركون في التمويل مخاطر قليلة في دعم ماسك. لكن ذلك كان قبل أن تبدأ أسواق الديون في الانهيار في وقت لاحق من الصيف. سرعان ما ندمت المصارف وماسك على تسرعهم مع ارتفاع أسعار الفائدة وهبوط أسعار أسهم التكنولوجيا.
في غضون ذلك، تسابق مصرف مورجان ستانلي، بقيادة مايكل جرايمز، المصرفي الاستثماري الشهير، لتحديد مستثمري الأسهم للاستثمار في عملية الاستحواذ وتخفيف العبء المالي على ماسك. تم الكشف عن المستثمرين المحتملين للأسهم الخاصة في الولايات المتحدة، مثل شركة ثوما برافو، لكنها لم تقم بذلك في النهاية.
بدلا من ذلك، جمع ماسك أكثر من سبعة مليارات دولار على شكل التزامات أسهم من مزيج غير عادي من المستثمرين، من بينهم لاري إليسون، ملياردير وادي السيليكون، وبورصة باينانس للعملات المشفرة، وشركتي رأس المال الاستثماري "أندريسن هورويتز" و"سيكويا كابيتال".
أظهرت الرسائل النصية التي خرجت أثناء الصراع القانوني أن المستثمرين المشاركين قاموا بقليل من التحليل من جانبهم، واعتمدوا بدلا من ذلك على ماسك. كتب مارك أندريسن: "إذا كنت تفكر في الحصول على شركاء في الأسهم، فإن صندوق النمو الخاص بي سيشارك بمبلغ 250 مليون دولار دون الحاجة إلى عمل إضافي".
جاءت فرصة ماسك في لحظة ضعف بالنسبة لشركة تويتر التي كانت تكافح تباطؤ مبيعات الإعلانات وابتكار منتجات ضعيف في ظل قيادة رئيس تنفيذي جديد غير معروف. اعتقد البعض أن ماسك يمكنه أن يبث حياة جديدة في المنصة المتعثرة.
كما نال استحسان الشخصيات الليبرالية والمحافظة في وادي السيليكون في محيطه، بما فيهم ديفيد ساكس وجيسون كالاكانيس وجو لونسديل وبيتر ثيل، الذين انتقدوا الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي. حتى إن ماتياس دوبفنر الرئيس التنفيذي لمجموعة أكسل سبرينجر الإعلامية الألمانية، كتب اقتراحا تفصيليا لماسك "لمنصة حقيقية لحرية التعبير".
جاء الدعم من جاك دورسي، مؤسس شركة تويتر ورئيسها التنفيذي السابق أيضا، الذي حرض ماسك وانتقد مديري الشركة ووصفهم بأنهم "فظيعون" رغم عمله إلى جانبهم في مجلس الإدارة.
رغم هذا الحماس، توترت أسواق التكنولوجيا، وتراجعت كذلك شهية ماسك للصفقة.
انهيار الصفقة
في مايو جاءت أول إشارة إلى ندم المشتري لدى ماسك عندما أعلن فجأة أن الصفقة "معلقة مؤقتا" بانتظار نتائج التحقيق في عدد الحسابات المزيفة على المنصة، ما صدم شركة تويتر.
ثم في مساء يوم جمعة في يوليو أعلن ماسك أنه سيفسخ عملية الاستحواذ، واتهم شركة تويتر بارتكاب انتهاكات متعددة لاتفاقية الاندماج، بما في ذلك تحريف عدد الحسابات المزيفة في الإيداعات العامة. انخفض سهم شركة تويتر إلى ما يصل إلى 33 دولارا، 40 في المائة أقل من سعر الصفقة.
كانت شركة تويتر تستعد لتراجع ماسك عن الصفقة منذ أن بدأ بالتلميح إلى أنه كانت لديه أفكار أخرى وأنه يستعد بهدوء للتقاضي، حيث عين مكتب واشتيل ليبتون للمحاماة في يونيو. صاغت الشركة دعوى قضائية محتملة ضد ماسك.
بعد أربعة أيام من خطاب إنهاء الاستحواذ من جانب ماسك، رفعت شركة تويتر دعوى قضائية ضده في محكمة ديلاوير العليا، سعيا منها لإجباره على إبرام الصفقة بسعر 54.20 دولار للسهم.
احتوت الدعوى على صور عن الشاشة لتغريدات ماسك، بما في ذلك رمز تعبيري مسيء تم إرساله إلى أجراوال، واتهمته مرارا وتكرارا بانتهاك بند عدم الاستخفاف في عقد الاندماج. قالت شركة تويتر إن ماسك أراد ببساطة الانسحاب بسبب انهيار أسهم التكنولوجيا.
قالت شركة تويتر في ذلك الوقت: "يبدو أن ماسك يعتقد أنه، على عكس أي طرف آخر يخضع لقانون العقود في ولاية ديلاوير، له الحرية في تغيير رأيه، وإهانة الشركة، وتعطيل عملياتها، وتدمير قيمة المساهمين والانسحاب".
فوجئ مستشارو الشركة بأن ماسك لم يطلق الرصاصة الأولى في المحكمة سعيا منه لإعلان عدم صلاحية عقد الاندماج. استغرق الملياردير أسابيع لتقديم ادعاءاته المضادة.
في الأيام التي أعقبت الدعوى القضائية التي رفعتها شركة تويتر، دفعه صانعو الصفقات الذين نصحوا ماسك إلى استكشاف تسوية لتجنب معركة قانونية علنية مطولة، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر.
لكن ماسك لم يكن مهتما بالحصول على خصم. في تلك المرحلة، كان ماسك يستمع فقط إلى أليكس سبيرو، أحد الخصوم المتهورين من شركة كوين إيمانويل المعروف بقائمة زبائنه المشهورين أكثر من تجربته في معارك الاندماج والاستحواذ المعقدة. قال شخصان إن سبيرو أبعد مستشاري ماسك الآخرين عنه إلى درجة أنهم بالكاد يمكنهم التحدث معه.
على انفراد، تواصل مستشارو ماسك للصفقة مع فريق "تويتر" لاستكشاف ما إذا كان هناك حل وسط يتعين التوصل إليه، وفقا لعدة أطراف من كلا الجانبين. بدا أن هناك مجالا للمناورة بشأن السعر، كانت شركة تويتر على استعداد لتقديم تنازلات من أجل إتمام الصفقة بسرعة. لكن ماسك رفض الفكرة بناء على نصيحة سبيرو، على حد قول شخصين.
في العلن، اندلعت معركة قانونية مريرة، حيث اتهم كل من الجانبين الطرف الآخر بعدم التعاون وانتقدا بعضهما في جلسات المحكمة. تفاقمت حدة القتال بسبب الإطار الزمني المتعجل الذي طلبته شركة تويتر، ومنحته المستشارة كاثالين ماكورميك، قاضي ولاية ديلاوير، وقد منحتهم ثلاثة أشهر فقط للتحضير لمحاكمة في 17 أكتوبر.
يبدو أن أفضل ما توصل إليه ماسك للانسحاب من الصفقة هو المزاعم التي ظهرت في أغسطس من المدير التنفيذي السابق لأمن شركة تويتر، بيتر "مدج" زاتكو تحول إلى مبلغ عن المخالفات، وقال إن الشركة قد ضللت الجهات التنظيمية بشأن صحتها الإلكترونية، لكن هذه الأمور تلاشت أيضا في النهاية.
كان في كل جانب شركات عديدة تفحص آلاف الصفحات من الوثائق ورسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية. قدر شخص أنه في وقت ما، كان 100 من محامي شركة واشتيل البالغ عددهم 250 يعملون على هذه القضية.
قال أحد المستشارين الذين عملوا إلى جانب شركة تويتر: "كان بالتأكيد وضعا سخيفا إلى حد ما".
المضي قدما بالصفقة مرة أخرى
لم يشرح ماسك أسباب تراجعه المفاجئ، لكن فريقه القانوني لم يكتسب سوى قليل من الزخم في معارك ما قبل المحاكمة ولم تسمح محاكم ديلاوير تاريخيا للمشترين المترددين بالانسحاب.
مهما كانت طبيعة القشة التي قصمت ظهر البعير، أدرك ماسك أن هناك فرصة ضئيلة له في الانتصار في المحكمة. بحلول ذلك الوقت، قال ثلاثة أشخاص إن شركة تويتر لم تكن مهتمة بسعر مخفض.
في 4 أكتوبر، أخبر ماسك محكمة ديلاوير في رسالة أنه يعتزم إتمام الصفقة بالشروط الأصلية. ضغطت شركة تويتر من أجل حماية قانونية لضمان إتمام الصفقة. في غضون ذلك، أراد فريق ماسك الاحتفاظ بالحق في مقاضاة المديرين التنفيذيين في شركة تويتر.
في وقت لاحق من ذلك الأسبوع، سعى ماسك إلى وقف المحاكمة بينما تعهد بجمع مبلغ 13 مليار دولار لتمويل الدين لإنهاء الصفقة، متهما شركة تويتر "بعدم قبول نعم كإجابة". أعلنت شركة تويتر أن اقتراح ماسك "دعوة لمزيد من الضرر والتأخير". أمهل القاضي ماسك حتى 28 أكتوبر لإتمام الصفقة وإلا سيواجه محاكمة في نوفمبر.
في حين فوجئ بعض الخبراء القانونيين، ثبت أن قرار القاضي كان ذا أهمية. تمت الصفقة على الشروط الأصلية دون محاكمة. يجب دفع فواتير شركة تويتر القانونية الضخمة، التي يمكن أن تقترب من 100 مليون دولار، من التدفقات النقدية للشركة التي يسيطر عليها ماسك.
بكلماته المنمقة الشهيرة، زار ماسك مكتب "تويتر" في سان فرانسيسكو هذا الأسبوع الذي أصبح تحت إشرافه، غرد "دعونا نستوعب الأمر"، نكتة أكثر شيوعا في موقعي "ريديت" أو "تمبلر" منه في نهاية معركة استحواذ بمليارات الدولارات على المحك.
لكن مستشاري شركة تويتر والمستثمرين الذين حصلوا على أموال بسعر ممتاز، قد يعذرون لاعتقادهم أنهم حظوا بالضحكة الأخيرة.
قال أحد محامي تويتر: "نجح النظام. ثبتت صحة التكنولوجيا الحديثة لاتفاقيات الاندماج وقانون ولاية ديلاوير إلى حد كبير".

الأكثر قراءة