الإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي .. طفرة وانتهت
عصر النمو السريع للإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي الذي امتد إلى عقد من الزمان انتهى نهاية مفاجئة. من قضى على هذه الطفرة؟
حينما بدأت لعبة إلقاء اللوم في وادي السيليكون، استخدم مارك زوكربيرج، مؤسس "ميتا"، وسوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لمجموعة ألفابيت، إعلانات نتائج الأرباح هذا الأسبوع للإشارة إلى سحب العاصفة الواضحة التي تتجمع فوق الاقتصاد العالمي.
لكن معظم علامات الضعف البارزة ركزت على منصات التواصل الاجتماعي.
المعلنون الأمريكيون في طريقهم إلى إنفاق 65.3 مليار على شبكات مثل "فيسبوك"، و"سناب شات"، و"تويتر" هذا العام، بزيادة سنوية تبلغ 3.6 في المائة فقط. ذلك أبطأ عشر مرات مما كانت عليه الحال في 2021، وفقا لتقديرات من "إي ماركتر".
التباطؤ في التواصل الاجتماعي وصل لدرجة أن معدل نموه المتوقع في 2022 يعادل تقريبا معدل نمو وسائل الإعلام التقليدية مثل التلفاز والراديو، التي تقلص جمهورها لأعوام.
في غضون ذلك، تجنبت وكالات الإعلانات الكبرى الأزمة الرقمية. حيث رفعت "دبليو بي بي"، و"أومنيكوم"، و"ببليكس"، و"إنترببليك"، توقعاتها للعام. قال مارك ريد، الرئيس التنفيذي لشركة "دبليو بي بي"، "ادعت سناب شات ركود الإعلانات في الربع الأول. نحن لا نزال بانتظار حدوث ذلك". فمن هم المشتبه بهم في تضرر وسائل التواصل الاجتماعي؟
المعلنون الكبار
مع تحول الاقتصاد، وارتفاع معدل التضخم، وتعطل سلاسل الإمداد، يتخذ المعلنون منهجا أكثر حرصا. أخبر ديفد وينر، كبير المسؤولين الماليين في "ميتا"، المحللين أن النمو من المعلنين الكبار " لا يزال يواجه تحديات".
يحتاج المسوقون، بداية من الخدمات المالية إلى السلع الاستهلاكية، جميعهم إلى "إعادة التفكير"، حسبما قال فيل سميث، المدير العام في "آي إس بي إيه، وهي الجهة التي تمثل المعلنين البريطانيين. "يوجد كثير من الأشياء التي سيكون من غير السليم محاولة الخروج وبيعها الآن".
صرحت "كولجيت - بالموليف" الجمعة أنها ستقلص الإنفاق على التسويق. لكن "كوكاكولا" و"نستله" ستفعلان العكس. أشار مارتن سوريل، الرئيس التنفيذي في "إس4 كابيتال"، إلى أن سوق الإعلانات الرقمية عموما لا تزال من المتوقع أن تنمو بشكل كبير خلال العام المقبل. قال، "إشاعات انهيارها مبالغ بها بشدة".
قد تشعر منصات التواصل الاجتماعي بوطأة أي تراجع بسبب مزيج معلنيها. قال ريد من "دبليو بي بي" إن المنصات الرقمية كانت معتمدة أكثر على "الحملات المكثفة" من الشركات الممولة برأس المال المغامر، سعيا إلى الحصول على حصة في السوق. "جف جزء كبير من ذلك التمويل".
تيك توك
مقاطع الفيديو القصيرة قلبت منصات التواصل الاجتماعي رأسا على عقب. تجذب "تيك توك" مليارات الأعين بعيدا عن "إنستجرام" و"سناب شات". لكن مع تقلص مدى اهتمام المستهلكين، يتقلص الوقت اللازم لتقديم إعلانات لها.
حتى "تيك توك" لم تنجح في تحقيق أرباح من إعلاناتها، وفقا لموظفين من الشركة الخاسرة. يقدر محللون من "إي ماركتر" أن المنصة ستحقق نحو خمسة مليارات دولار من عوائد الإعلانات في الولايات المتحدة هذا العام - جزء بسيط من إيرادات "فيسبوك".
لكن الخطر الذي تشكله "تيك توك" أثار الخوف لدى "فيسبوك" و"يوتيوب" ما أدى إلى تعطيل أعمالهما الخاصة، وكان له تأثير في عوائد الإعلانات. "يوتيوب" تدفع "يوتيوب شورتس" لكنها لن تبدأ في تحقيق الأرباح منها حتى مطلع العام المقبل.
في غضون ذلك، راهنت "إنستجرام" بقوة على "ريلز"، وهو نموذجها الخاص من مقاطع الفيديو القصيرة، ما تسبب في إزعاج بعض المستخدمين البارزين. قال أحد المؤثرين البارزين، "توقفوا عن محاولة أن تصبحوا تيك توك أريد فقط رؤية صور لطيفة لأصدقائي".
قد يصبح تحدي "تيك توك" أكثر صعوبة. قالت سارة سايمون، محللة إعلامية في "بيرنبيرج"، "هناك فجوة بين الاستخدام وتحقيق الأرباح، لذا من الممكن أن يصبح الأمر أكثر خطورة العام المقبل وما بعده".
أبل
أصر تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل، هذا الأسبوع أن نشاطها التجاري الجديد في إعلانات متجر التطبيقات "ليس كبيرا بالنسبة إلى الآخرين". مع ذلك، فقد نما سريعا في الوقت نفسه الذي حصلت فيه قيود الخصوصية لنظام أي أو إس التي تم إدخالها العام الماضي على حصة عشرة مليارات دولار من عوائد "ميتا".
هذا الأسبوع، قامت "ميتا" باتهام "أبل" بأنها "تقوض الآخرين في الاقتصاد الرقمي (...) لتنمي عملها".
لكن في مكالمة الأربعاء مع محللين، أصر التنفيذيون في "ميتا" أن الخطر الذي تشكله تغييرات تتبع التطبيقات من "أبل" "تقلص" في الربع الثالث، بعد تطويرها أدوات جديدة لقياس أداء الإعلانات.
الألعاب
مع ازدهار الترفيه التفاعلي خلال العقد الماضي، أصبح ناشرو الألعاب معلنين كبارا لدى المنصات الرقمية. برع مطورو ألعاب الهاتف المحمول خصوصا في حساب العائد على كل دولار ينفق على "إنستجرام" أو "يوتيوب".
لكن تغييرات الخصوصية في "أبل" أربكت قدرة المعلنين على القيام بهذه الحسابات، عندما بدأ اللاعبون إبعاد نظرهم عن شاشاتهم بعد عامين من جائحة فيروس كورونا.
في آب (أغسطس)، أشار أندرو ويلسون، الرئيس التنفيذي لشركة إلكترونيك آرتس، إلى "بعض التباطؤ الكلي في مجال الهواتف المحمولة". على الرغم من أن الألعاب أثبتت قدرتها على الصمود في فترات الركود السابقة، إلا أن ذلك كان قبل ظهور ألعاب الجوال المجانية.
يظهر أثر هذا الاتجاه في عوائد متجر التطبيقات "أبل" و"جوجل"، معظم ذلك مدفوع بإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي.
وصف لوكا مايستري، المدير المالي في "أبل"، "بعض الليونة" في مجال الألعاب بسبب "الرياح المعاكسة للاقتصاد الكلي"، التي توقع أن تستمر. ألقى فيليب شيندلر، كبير مسؤولي الأعمال في "جوجل"، لوم "انخفاض انخراط المستخدم في الألعاب" على ضعف مبيعات "بلاي ستور"، ما ينشئ "ضغطا هبوطيا على عوائد الإعلانات".
التجارة الإلكترونية
كان تجار التجزئة بما فيهم "وول مارت" و"تارجت"، يبنون بهدوء شركات تسويق رقمية خاصة بهم، يتبعون خطا "أمازون". أنشأ ذلك بشكل فاعل تهديدا تنافسيا جديدا لمنصات التواصل الاجتماعي.
بشكل مفاجئ، أصبح للمعلنين خيارات أكثر فيما يتعلق بكيفية الوصول إلى المستهلكين. كما تستطيع إعلانات البحث والنشرات الوصول بالعملاء قريبا من نقطة الشراء، وهو عامل مهم لبعض الأسواق.
كان ما يسمى إعلام التجزئة أقل تأثرا أيضا بتغييرات الخصوصية الأخيرة مثل التي طبقتها "أبل"، حيث إنها لا تعتمد على بيانات من "أطراف ثالثة" تتبع المستخدمين عبر الإنترنت.
قالت سايمون من "بيرنبيرج"، "يذهب بعض دولارات إعلانات فيسبوك إلى وول مارت، وتارجت، وبالطبع، أمازون". هذا الأسبوع، صرحت "أمازون" أن عوائد إعلاناتها قفزت 25 في المائة في الربع الثالث إلى 9.5 مليار دولار.
زوكربيرج
يتزايد الاستياء في وول ستريت بسبب رفض "ميتا" خفض الاستثمار في الميتافيرس في مواجهة تباطؤ للإعلانات، يرى بعض المستثمرين والمحللين بأن مؤسس "فيسبوك" هو التهديد الأكبر لاستمرارية الشركة.
قام محللون في "موفيتناثانسون" بمقارنة "ميتا" بشركات الإعلام التقليدية التي عطلها عمالقة التكنولوجيا خلال العقد الماضي. كتبوا، "مجددا، مع مرور كل ربع عام، يبدو قرع طبول تراجع ميتا الأبدي من المنافسة قابلا للتصديق أكثر وأكثر".
في مكالمة الأربعاء، تحدى مارك ماهاني، محلل في "إيفركور"، تنفيذيي "ميتا" فيما يتعلق بتقدمها في إعادة بناء الأدوات التي تستهدف الإعلانات التي تعثرت بسبب تغييرات الخصوصية في أبل. "كان لها تأثير مالي مادي"، كما قال، "بالاستماع للمكالمة، إنني لا أراها كأولوية استثمار كبرى".
أصر التنفيذيون في "ميتا" أنهم قد حسنوا تكنولوجيا الإعلان فيها. لكن زوكربيرج نفسه - لكونه آخر مؤسس يقود عملاق تكنولوجيا في وادي السيليكون، الذي تحصنه أسهمه المتحكمة في النهاية أمام غضب أي مستثمر، لم يعترف بذلك.
قال، "أود أن أقول فقط إن هناك فرقا بين كون الشيء تجريبي وعدم معرفة مدى روعة الأمر في النهاية"، أضاف، "أعتقد أن الذين يصبرون ويستثمرون معنا سينتهي بهم الأمر بالحصول على مكافأة".