رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


المنتجات الحلال سوق واعدة

مبادرات صندوق الاستثمارات العامة وتميزه في اقتناص الفرص والبحث عن أداء دور استراتيجي تنموي، كثيرة ومتنوعة ولعل من أبرز هذه المبادرات الشركة التي تم إعلانها، حيث جاء الإعلان في مجموعة من وسائل الإعلام، ومنها صحيفة "الاقتصادية"، "أعلن صندوق الاستثمارات العامة، إطلاق شركة تطوير منتجات الحلال، التي تهدف إلى الاستثمار في تطوير وتوطين قطاع صناعة المنتجات الحلال في السعودية، حيث ستعمل الشركة على رفع كفاءة منظومة القطاع محليا والتصدير مستقبلا للأسواق المختلفة حول العالم، ودعم تنمية المعرفة والابتكار في هذا القطاع الحيوي المهم. واستنادا إلى مكانة السعودية في العالم الإسلامي، تهدف الشركة إلى توحيد الجهود العالمية وجعل المملكة مركزا عالميا لمنظومة قطاع صناعة منتجات الحلال العالمية".
وسوق المنتجات الحلال لا تتضمن فقط الأكل الحلال أو المذبوح على الطريقة الإسلامية، وإن كانت هذه سوقا ضخمة وكبيرة عالميا باعتبار أن عدد المسلمين يتزايد حول العالم، ووجودهم ليس فقط في الدول الإسلامية بل فاعل حتى في الدول الغربية ومعظم دول العالم حتى في آسيا وشرق أوروبا، وانتشار المسلمين هناك يكون لأسباب متعددة مثل السياحة والتعليم والإقامة أو التجارة والاستثمار، ولذلك فإن هذه الشريحة الكبيرة حول العالم تحتاج إلى وجود منتجات تلبي احتياجاتها المختلفة، خصوصا في ظل عدم فهم دول كثيرة حول العالم معايير المنتجات الحلال.
وتختلف دول العالم في مستوى المرونة في إنتاج المنتجات الحلال، حيث إن بعضها قد يكون لها شروط في عملية إعداد الأطعمة لا تتناسب مع شريحة كبيرة من الأقلية الموجودة لديها من المسلمين، وقد يكون لبعض هذه الدول تقليد معين في الإنتاج لا يحقق المعايير المطلوبة للمنتجات الحلال، وبالتالي فإن وجود معايير وعلامات تجارية تحقق هذه الاحتياج مطلب لفئة كبيرة حول العالم، ولذلك فإن هذه المبادرة تحقق منافع كبيرة للمجتمعات المسلمة، ومنافع اقتصادية للدول الإسلامية، والشركات التي تعتني بهذه المنتجات، وتعزز من فرص وجودها في الأسواق العالمية، كما أن المنتجات يمكن أن تشمل الأغذية بما في ذلك النكهات والمحسنات التي يصعب التأكد من سلامتها من إضافات قد لا تتوافق مع المعايير المطلوبة في المنتجات الحلال، فالمكونات التي تحتوي على أجزاء من لحم الخنزير أو الكحول أو اللحوم التي لا يلتزم فيها بالمعايير الحلال في الذبح أو المنتجات التي تحتوي على أي عنصر، لا يجوز أن تدخل في أطعمة المسلمين، ويصعب التأكد من سلامة عامة المنتجات منها في ظل أن معايير المنتجات الحلال غير لازمة على المنتجات في كثير من دول العالم، فوجود مبادرات في هذا الاتجاه سيحقق منافع متعددة ويعزز من الارتقاء بالمعايير المطلوبة، ليطمئن المسلمون المقيمون في دول لا تلتزم بمعايير الأطعمة الحلال أن يحصلوا على المنتجات التي تناسبهم ويطمئنون إليها، وهنا تأتي أهمية أن تعمل هذه المبادرات على مسارات متعددة منها، بناء معايير جيدة وتفصيلية ومنظومة عمل قادرة على المبادرة إلى تحديد السلع التي تحتاج إلى وجود معايير خاصة بالمنتجات الحلال سواء في الأطعمة أو الملابس أو المنتجات الخاصة بالتجميل أو العطور وغيرها، ومن ثم العمل على نشر هذه المعايير بما يساعد المنتجين على الالتزام بها في حال رغبتهم في وضع خطوط إنتاج خاصة بالمنتجات الحلال.
ومن المبادرات الممكنة هو العمل مع المنتجين من خلال شراكات تهدف إلى بناء خطوط إنتاج تراعي المعايير الخاصة بالمنتجات الحلال ووضع علامات تجارية متخصصة في ذلك، ومن المبادرات الممكنة التواصل مع بعض المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتقديم معايير المنتجات الحلال والتأكد من التزامها بها وشراء جزء من منتجاتها، وتسويقها من خلال علامة تجارية يتم العمل عليها وتعزيز انتشارها في دول العالم. ومن المبادرات الممكنة شراء بعض المشاريع والشركات وتحويل منتجاتها إلى منتجات حلال وتسويقها من خلال العلامة التجارية نفسها أو علامة تجارية جديدة، كما أن وجود برامج رقابية معيارية وشفافة قد يعزز من موثوقية واستدامة هذه البرامج، فهي مسار يمكن أن يحقق نتائج لا تقل عن النتائج التي تحققت للمصرفية والتمويل الإسلامي.
الخلاصة، إن سوق المنتجات الحلال سوق واعدة والفرص فيها كبيرة جدا، والنقص والفجوة ظاهران فيها، ووجود مبادرات نوعية لدى صندوق الاستثمارات العامة سيعزز من فرص النجاح والانتشار، ويلبي احتياج شريحة كبيرة من المسلمين في مختلف دول العالم، ويعزز من كفاءة الاستثمار في هذه السوق. بلا شك أن إسهام المملكة في ذلك بما لها من أهمية ومكانتها كمرجعية في العالم الإسلامي، يسهم في كفاءة البرنامج ويزيد من موثوقيته واستدامته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي