«داون تاون»
تتوالى الإعلانات عن المشاريع الرامية لضمان تكوين ودعم البنية التحتية الكفؤة في مختلف مناطق المملكة. لعل شركة داون تاون واحدة من أهم نماذج هذا التوجه المهم. هناك كثير مما يمكن أن تحققه شركة بهذا الحجم والاسم. كثير من مدن المملكة تواجه تحديات تتعلق بالفروق الواضحة بين مفاهيم البناء والتوسع والخدمات خلال العقود الماضية. مدن عديدة كانت تحاول اللحاق بالركب دون أن يكون هناك مخطط رئيس يوفر مجموعة العناصر المهمة في شخصية المدينة.
إن وجود روح المدينة وتاريخها وما عاشته من مواقف ما هي إلا شواهد تحتاج إلى التأصيل والتوثيق في دولة ورثت أعظم تاريخ، ومرت بعصور من الحركة والحياة في أغلب مدنها وقراها. المملكة ـ وهي تتوسط دول العالم ـ نشأت وازدهرت فيها حضارات كانت لها السطوة والصولة في ماضي الأيام، تحتاج إلى تركيبة سحرية تربط بين الماضي والحاضر والمستقبل بما يعطي كل موقع حقه من الأهمية والبروز، وهذا -فيما أرى- واحد من أهم أهداف الشركة الجديدة.
صحيح أن توفير الخدمات وتيسير وصولها واستفادة المواطن منها، أساس لا يفوت أي منشئ مشروع حضري متكامل، وهذا متوقع دون شك من قبل شركة داون تاون التي ستضطلع بالمهمة، مستفيدة من خبراتها وخبرات من سبقوها في تصميم وتنفيذ المراكز الحضرية لمدن المملكة، وإن كان المستهدف اليوم هو عشر حواضر، فهذا ـ لا شك ـ سيؤثر في البقية بحيث يوجد قاعدة إنسانية ومعمارية ومدنية تسير عليها بقية المدن والمحافظات والمراكز.
يتطلب هذا علاقة متميزة بين شركة داون تاون والبلديات التي تخدمها الشركة وتلك التي تقع خارج نطاق عمل الشركة. هذا التواصل المهم بين جهات تخطيط وتنفيذ مكونات المناطق الحضرية والريفية، سيوفر منظومة متكاملة من المفاهيم والإنجازات على الأرض، وهنا يستدعي أن نحث الجميع للتعاون مع الشركة الوليدة بتوفير كل ما يمكن أن يحقق متطلبات إنشاء المراكز الحضرية في المدن العشر، والاستفادة مما ينتج عن بحوثها وعملياتها في المناطق التي تقع ضمن مخططاتها.
هذا يعني كثيرا من المؤتمرات واللقاءات والندوات التي يشارك فيها المختصون في النواحي المعمارية والمدنية والتاريخية والجغرافية، لتكوين شخصية حقيقية لكل المدن السعودية، ولعلنا نأمل أن يكون هذا المشروع فاتحة لتميز جديد لمدن المملكة والمحافظات والمراكز التابعة لها.