خفايا المرايا

لا يخلو منها منزل، حتى إنك قد تجدها في جميع غرفه بما في ذلك دورات المياه، ولا تستطيع أن تخرج من المنزل دون أن تلقي على نفسك نظرة عليها وتخبرك عن مدى جمالك وأناقتك!
لكن العلماء وجدوا وظائف أخرى تقوم بها المرايا أهم وأخطر من تلك الوظيفة التقليدية، ومن أشهر أدوارها استخدام العلماء لها لفهم كيفية عمل الدماغ، خصوصا في حالات فقد الأطراف باستخدام الوهم البصري. وضع الباحثون المرايا عموديا على طاولة، واستخدموها لعكس طرف المريض السليم ـ على سبيل المثال اليد. أدى هذا بشكل فاعل إلى تراكب انعكاس اليد السليمة على جانب الطرف الوهمي، بحيث يبدو بالنسبة إلى المريض وكأنه يمتلك كلتا يديه. وبشكل غريب عندما تم تحريك اليد السليمة شعر المريض بالحركة نفسها في اليد الوهمية "المفقودة"، والشيء نفسه حدث عند لمس اليد. ومن خلال تكرار الإجراء عدة مرات، شعر بعض المرضى أن أطرافهم الوهمية تختفي. يعتقد العلماء أن هذا التأثير يرجع إلى اللدونة في الدماغ، والطريقة التي يوجد بها مسارات عصبية جديدة بعد فقدان أحد الأطراف. يعتقدون أيضا أن هناك علاقة قوية بين الرؤية واللمس في الدماغ!
وكما تعكس المرايا التقليدية الضوء، فقد وجدوا أن بإمكان المرايا عكس المادة التي تعرف في الفيزياء بـ"المرايا الذرية"، باستخدام المجال الكهرومغناطيسي، حيث يتم عكس وطرد ذرات المادة المحايدة التي تتحرك ببطء وتستخدم هذه الطريقة لاحتجاز الذرات أو تركيز شعاع ذري!
كما يمكن للمرايا أن تعكس الصوت ويسمى هذا النوع "المرايا الصوتية". استخدمتها بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية قبل تطوير الرادارات، لتحديد الأصوات المقبلة من طائرات العدو، حيث وضعت بريطانيا عدة مرايا على سواحلها موجودة حتى الآن!
ولا تعكس المرايا الضوء والصوت والمادة فحسب، بل يمكنها أيضا تقسيم أشعة الضوء. ويشيع استخدام هذا النوع من المرايا في عديد من الأدوات العلمية مثل التلسكوبات وأجهزة التحليل الطيفي.
ويعود الفضل لمعرفة كم يبعد القمر عن الأرض بدقة إلى المرايا، فقد ترك رواد فضاء أبولو عاكس الليزر على القمر، الذي هو عبارة عن سلسلة من عاكسات مكعب الزاوية التي تستقبل شعاع الليزر المقبل من تلسكوبات كبيرة على الأرض، وتعكسه في الاتجاه الذي جاء منه، ويسمح ضوؤها المنعكس للعلماء بحساب المسافة إلى القمر بدقة تصل إلى ثلاثة سنتيمترات فقط.