المصارف الأوروبية تشعر أخيرا بمزايا ارتفاع الفائدة

المصارف الأوروبية تشعر أخيرا بمزايا ارتفاع الفائدة

لأول مرة منذ الأزمة المالية، بدأ رؤساء المصارف الأوروبية يتمتعون بفوائد ارتفاع أسعار الفائدة على هوامش أرباحهم.
سجل كل من "إتش إس بي سي" و"يو بي إس" و"باركليز" و"دويتشه بانك" و"سانتاندر" و"يونيكريديت" و"ستاندرد تشارترد" نتائج أفضل من المتوقع للربع الثالث هذا الأسبوع، مدعومة برفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية - مع مزيد من الزيادات القادمة.
بعد أكثر من عقد من تخلفها عن المنافسين الأمريكيين فيما يتعلق بالربحية وأداء أسعار الأسهم، تجني المصارف الأوروبية أخيرا مكاسب ارتفاع أسعار الفائدة.
قال جيمس فون مولتك، المدير المالي لـ"دويتشه بانك"، الأربعاء "الصناعة المصرفية في أوروبا تعود من فترة انخفاض الربحية، ما يعكس بيئة أسعار الفائدة التي نعيش فيها منذ 2014 وما قبله".
لكن على الرغم من اندفاع أسعار الفائدة المتزايدة، تواجه المصارف الأوروبية أيضا أوضاعا اقتصادية قاتمة - مع ارتفاع تكاليف الطاقة بسرعة أكبر من الولايات المتحدة - واحتمال ارتفاع حالات التخلف عن السداد.
في الوقت نفسه، احتمال ارتفاع أرباح المصارف أيضا وضع الحكومات التي تعاني ضوائق مالية في حالة تأهب، وبات كثير منها يفكر في فرض ضرائب غير متوقعة على المقرضين الأوروبيين، ما أثار شعورا محبطا في القطاع.
قال فون مولتك "الفكرة القائلة إن هناك نوعا من الأرباح الزائدة يتم تحقيقها في صناعة تحاول العودة إلى تكلفة رأس المال هي فكرة سأعارضها بالتأكيد، بغض النظر عن الزخم السياسي الموجود هناك".
"دويتشه بانك" في طريقه لتحقيق أكبر أرباح سنوية له منذ ما قبل الأزمة المالية وكان أحد أكبر المستفيدين من ارتفاع أسعار الفائدة - الذي يزيد صافي إيرادات الفوائد، وهو الفرق بين ما تحصل عليه المصارف من المقترضين وما تدفعه للمودعين.
يشعر المقرضون بأقوى قدر من الفوائد من خلال العمليات المصرفية الكبيرة للأفراد والشركات.
أفاد ستاندرد تشارترد الذي يركز على آسيا ـ مقره الرئيس في لندن ومدرج في بورصتها ـ بأن أرباحه قبل احتساب الضرائب بلغت 1.4 مليار دولار للربع الثالث، بزيادة 40 في المائة عن العام السابق على أساس ثابت للعملة، متجاوزا بذلك تقديرات المحللين البالغة 1.1 مليار دولار.
ارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق الرئيسة لـ"ستاندرد تشارترد" أدى إلى دفع صافي دخل الفائدة إلى أكثر من ملياري دولار، مع أعلان المصرف أعلى دخل تشغيلي ربع سنوي منذ عدة أعوام.
قال بيل وينترز، الرئيس التنفيذي "ما يقارب نصف النمو الذي حققناه حتى الآن يأتي من زيادات أسعار الفائدة".
كذلك تجاوز "إتش إس بي سي" تقديرات المحللين بشكل كبير على خلفية ارتفاع أسعار الفائدة ورفع مستوى توجيهاته لصافي دخل الفائدة إلى 32 مليار دولار هذا العام و36 مليار دولار على الأقل في العام المقبل.
بعد أكثر من عقد من أسعار الفائدة المنخفضة وحتى السلبية، بدأت البنوك المركزية في رفعها لمواجهة ارتفاع التضخم الذي تجاوز 10 في المائة في المملكة المتحدة هذا الشهر.
ارتفعت أسعار الفائدة في بنك إنجلترا إلى 2.25 في المائة، صعودا من 0.1 في المائة العام الماضي، بينما يتوقع محللو المصارف أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة من 0.75 في المائة إلى 2.5 في المائة العام المقبل.
أعلن "يونيكريديت"، ثاني أكبر مصرف في إيطاليا، أرباحا قياسية بلغت 1.7 مليار يورو للأشهر الثلاثة المنتهية في أيلول (سبتمبر)، متجاوزة توقعات المحللين البالغة مليار يورو. أندريا أورسيل، الرئيس التنفيذي للمصرف، قال "إن ذلك يرجع جزئيا إلى زيادات البنك المركزي لأسعار الفائدة".
بالنسبة إلى المقرضين الأوروبيين الذين لديهم أذرع مصرفية استثمارية كبيرة، كانت النقطة المضيئة الأخرى هي الدخل الثابت والعملات والسلع، التي شهدت ربعا قويا، في أعقاب اتجاه حددته المصارف الأمريكية التي أعلنت أرباحها في وقت سابق من الشهر.
بالنسبة إلى المصارف الأمريكية، بلغ إجمالي الإيرادات المصرفية الاستثمارية للربع الثالث 32 مليار دولار، أي أقل 16 في المائة مقارنة بالعام السابق. ارتفعت عائدات الدخل الثابت والعملات والسلع 23 في المائة خلال الفترة نفسها، في حين تراجعت عائدات الأسهم 13 في المائة، وانخفضت إيرادات الاستشارات 54 في المائة.
أعلن "دويتشه بانك" أقوى ربع ثالث له منذ ما قبل الأزمة المالية، مدعوما بمصرفه الاستثماري الذي يركز على الدخل الثابت.
بلغت الإيرادات من أعمال الدخل الثابت للمقرض الألماني 2.2 مليار يورو، بزيادة 38 في المائة عن العام السابق وهي أعلى كثيرا من تقديرات المحللين.
كذلك حقق "باركليز" نتائج جيدة في أعماله في الدخل الثابت والعملات والسلع، مع زيادة 63 في المائة في الإيرادات الدولارية على مدار العام لتصل إلى 4.7 مليار جنيه استرليني.
قال أندرو كومبس، محلل في "سيتي جروب"، "تجاوز باركليز بشكل ملحوظ توقعات عائدات الدخل الثابت والعملات والسلع للربع الثالث على التوالي. مرة أخرى تفوق ماديا على نظرائه في الولايات المتحدة من حيث النمو على أساس سنوي".
تفوقت المصارف الأمريكية تقليديا على منافسيها الأوروبيين في الدخل الثابت بسبب فرقها الأكبر وأسواق رأس المال الأعمق في أمريكا الشمالية.
قال سي إس فينكاتاكريشنان، الرئيس التنفيذي لمصرف باركليز، "إن الدخل الثابت والعملات والسلع كانت الأسواق "المتميزة بالنسبة إلى المصرف"، وأضاف "من الواضح أن التقلبات في الأسواق العالمية توفر رياحا داعمة لهذا العمل التجاري، حيث نساعد العملاء على إدارة مخاطرهم".
لكن في الربع الثالث، كان أكبر عائق أمام المصارف الاستثمارية الأوروبية هو أذرعها الاستشارية، التي كافحت لتوليد الإيرادات إلى جانب منافسيها الأمريكيين في سوق صفقات فاترة هذا العام.
عانى مصرف يو بي إس، وهو مدير للثروات في الأساس، انخفاضا 19 في المائة في عائدات الخدمات المصرفية الاستثمارية، لتهبط إلى ملياري دولار، مع انخفاض الإيرادات في القسم المصرفي العالمي للمجموعة 58 في المائة ـ يشمل هذا الأخير أعمال الاستشارات وأسواق رأس المال.
من المتوقع أن يؤدي الركود في إبرام الصفقات إلى عمليات تقليص كبيرة للوظائف في مصارف وول ستريت، على الرغم من أن المصارف الأوروبية لا تخطط لمثل هذه التخفيضات الشديدة، وفقا لمسؤولين تنفيذيين.

الأكثر قراءة