"إيباي" تعلق آمالها على السلع الفاخرة المستعملة
"إنها فريدة من نوعها!". هكذا علق جيمي أينوني، الرئيس التنفيذي لشركة إيباي، مشيرا إلى زوج من أحذية نايكي الرياضية الأصلية على قدميه التي صنعت حسب الطلب.
سواء كان ذلك شغفا حقيقيا بـ"الأحذية" الفاخرة أو رغبته في مواكبة موضة جيل ما بعد الألفية من مستخدمي تطبيق تيك توك التي ترغب شركة إيباي في جذبهم إليها، فإن أينوني واثق من أن ازدهار سوق المنتجات الفاخرة المستعملة، لأشياء مثل الأحذية الرياضية أو الساعات، سيساعد على قلب ثروات سوق الإنترنت.
قال، "نحن نميل حيثما يتجه جيل الألفية وجيل ما بعد الألفية. هناك تركيز متزايد على الاستدامة وإعادة البيع. شركة إيباي هي الرائدة حقا (...) وهذا يمنحنا فرصة".
يأمل رئيس شركة إيباي أن تساعد عودتها إلى جذورها باعتبارها مكانا لبيع البضائع والمقتنيات المستعملة، مع التركيز على إعادة بيع المقتنيات الراقية، ستساعد على تعويضها عن أكثر من عقد من فقدان ما فاتها في مجال التجارة الإلكترونية.
يأتي ذلك في وقت انخفضت فيه القيمة السوقية للشركة من 53 مليار دولار العام الماضي إلى 21 مليار دولار اليوم، في أعقاب طفرة التجارة الإلكترونية خلال الجائحة التي كانت قصيرة الأمد. في أحدث تقرير عن أرباحها في آب (أغسطس)، أعلنت الشركة انخفاض حجم المبيعات للربع الخامس على التوالي على أساس سنوي. في غضون ذلك، انخفضت حصتها من سوق التجارة الإلكترونية الأمريكية من 7.6 في المائة في 2016 إلى 3.5 في المائة هذا العام، وفقا لمجموعة إنسايدر إنتيليجانس للأبحاث.
اعترف أينوني بهزيمته في المعركة ضد "أمازون" منذ وقت طويل، لكنه أصر على أن للشركة "الحق في النصر" في المجالات المرتبطة تقليديا بالموقع عندما بدأ كمنصة للمزادات في 1995.
قال أينوني، الذي شغل سابقا منصب مسؤول تنفيذي لشركة وول مارت، "عندما تتحدث إلى البائعين من الشركات إلى المستهلكين الذين يبيعون بشكل أساس منتجات "جديدة وضمن الموسم"، فمن المرجح أن تباع على أمازون أو وول مارت".
أضاف، "كان موقع إيباي يحاول الانتقال إلى تلك المساحة. لكنني لا أعتقد أنه المكان الذي سيحقق لنا النصر على المدى البعيد".
كما قال أينوني، وهو مسؤول تنفيذي سابق في "إيباي" غادر الشركة في 2009 وعاد إلى قيادتها في نيسان (أبريل) من 2020، إن الموقع كان بدلا من ذلك يستثمر فيما أسماه فئات "التركيز"، حيث يعاد تصميم العناصر القديمة في واجهة المستخدم، لكي تتناسب بشكل أفضل مع الفئات الفردية مثل المجوهرات.
توقع أن تشكل فئات التركيز الجديدة هذه 50 في المائة من حجم مبيعات الشركة بحلول 2024، مقارنة بـ20 في المائة حققتها نهاية العام الماضي.
كما تعني استراتيجية "إيباي" أن تستفيد من مشهد إعادة بيع الألبسة الفاخرة التي تقدر أنها ستنمو إلى 37 مليار دولار بحلول 2025، ارتفاعا من 27 مليار دولار في 2020، وفقا لتوقعات مجموعة بيزنيس أوف فاشين للأبحاث. كما توقعت شركة كووين للأبحاث أن تصبح سوق الأحذية الرياضية المستعملة صناعة تصل قيمتها إلى 30 مليار دولار بحلول 2030، في حين أن الساعات الفاخرة المعاد بيعها ستشكل ثلث إجمالي مبيعات الساعات العالمية بحلول 2025، وفقا لتوقعات شركة ماكينزي.
لكن يجب على موقع إيباي الذي مضى عليه ثلاثة عقود تقريبا التغلب على المنافسة الكبيرة من الشركات الناشئة الأصغر عمرا والأكثر مسايرة للموضة التي بدأت بداية قوية.
اجتذبت أسواق الأحذية الرياضية، مثل "ستوك إكس" و"جوت"، تمويلا مشتركا بينهما بلغت قيمته 1.2 مليار دولار، وفقا لبيانات قدمتها شركة ألفاسينس. تم طرح موقع ريل ريل، وهو سوق للأزياء الفاخرة، للاكتتاب العام في 2019 وجمع 300 مليون دولار، لكنه لم يدر أرباحا بعد. في وقت سابق من هذا الشهر، تم بيع بوشمارك، وهو سوق للأغراض المستعملة، لمجموعة التكنولوجيا الكورية الجنوبية نايفر في صفقة قيمتها 1.2 مليار دولار.
إضافة إلى الأسواق الأخرى المتخصصة في إعادة البيع، ستواجه "إيباي" أيضا منافسة مباشرة من العلامات التجارية. على الرغم من المخاوف الأولية أن اتجاهات إعادة البيع يمكن أن تؤثر في طلب شراء السلع الجديدة، بدأت العلامات التجارية الراقية بما فيها "بالينسياجا" و"جوتشي" تخطو خطوات أولية نحو تقديم متاجرها المتخصصة في إعادة البيع.
وفقا لمنصة ثريد أب للأغراض المستعملة، التي تقدم خدماتها الخاصة بالقطع الأصيلة من العلامات التجارية بموجب برنامج الملصق الأبيض، فإن 107 علامات تجارية أمريكية كبرى تدير متاجرها الخاصة لإعادة البيع، وذلك ارتفاعا من تعدادها الذي بلغ 37 علامة نهاية العام الماضي.
من أجل مواكبة المنافسة في هذا الزحام، قال أينوني إن قوة "إيباي" تكمن في الترويج المتبادل، حيث إن اكتساب الثقة بإحدى الفئات سيكون عبر الترويج المتقاطع. قال إن بيانات الشركة تشير إلى أن المتسوقين الذين يشترون ساعة فاخرة تبلغ تكلفتها ألفي دولار أو أكثر سيستمرون في إنفاق نحو خمسة آلاف دولار إضافية على الساعات وخمسة آلاف ثانية في الفئات الأخرى على موقع إيباي.
كجزء من توجهها نحو إعادة بيع السلع الراقية، أبرمت "إيباي" عدة صفقات في مجال المقتنيات وتوثيق القطع الأصيلة. استحوذت أخيرا على "تي سي جي بلاير"، وهي منصة لبطاقات التداول، مقابل 295 مليون دولار. كما أقامت شراكات مع وكالات التحقق مثل معهد الأحجار الكريمة في أمريكا، المتخصص في تقييم أصالة مجوهرات دور التصميم الكبرى.
تستثمر الشركة سنويا نحو 100 مليون دولار في التأسيس لبنيتها التحتية في مجال التوثيق، حيث افتتحت خمسة "مراكز توثيق" حول العالم تقوم بفحص المنتجات المنشودة قبل شحنها إلى المشترين.
أما بالنسبة إلى الأحذية الرياضية، يتضمن ذلك عملية تقييم مكونة من 25 نقطة تختبر جودة المواد الداخلة في صناعتها والخياطة والتغليف - حتى رائحتها. بمجرد التحقق منها، يتم إرفاق شريحة قابلة للفحص بوساطة الهاتف الذكي حتى يتمكن العملاء من التحقق من التفاصيل.
قال أينوني، "السبب وراء قيامنا بذلك هو إيجاد مستوى ثقة لتغيير قواعد اللعبة على المنصة. كيف يمكننا أن نقول على نطاق واسع، تعالوا إلى إيباي، سيكون كل شيء على ما يرام، سنعمل على حمايتكم".
من المرافق الأخرى هو قبو لبطاقات التداول بمساحة 31 ألف قدم مربعة، يقع في ولاية ديلاوير، الذي يحتفظ فيه ببطاقات التداول في درجة حرارة مثالية للحفاظ على حالتها.
لكن على عكس الأغلبية العظمى من المبيعات على موقع إيباي، حيث يتم شحن العناصر، في الأغلب ما تباع بطاقات التداول من عميل إلى آخر دون إتمام المصادقة إطلاقا. قال أينوني، "لنفترض أن لاعبا مبتدئا في موسمه الأول قدم أداء رائعا في المباراة. حينها يمكن تداول هذه البطاقة مرتين أو ثلاث مرات في اليوم نفسه لأنها قابعة في القبو. التقاطع بين الأشياء المادية والرقمية أصبح ممتعا حقا مع ما نقوم به في كل ذلك".
لم تكشف الشركة عن أدائها المالي لعملية التوثيق وإعادة البيع، بخلاف القول إن فئة "المقتنيات" على وجه التحديد بلغت عشرة مليارات دولار سنويا من إجمالي حجم البضائع، والقيمة الإجمالية للسلع المبيعة – بلغت نحو 10 في المائة من كل ما يباع على موقع إيباي.
قال جراهام ويتزبارجر، مؤسس معهد المصادقة الأمريكي، والمسؤول السابق عن التوثيق في شركة ريل ريل، إن الاستثمارات في التحقق قطعت شوطا في مساعدة منصة إيباي على شق طريقها إلى مجال إعادة بيع القطع الراقية.
أضاف، "ساعدت على استعادتهم الحصة السوقية التي فقدوها خلال العقد الأول حين دخلت إعادة البيع في السوق الشاملة".
أمضت شركة إيباي الأعوام القليلة الماضية في بيع أقسام منها لا تتعلق بسوقها الأساسية بعد تعرضها للضغوط من المستثمرين النشطاء. وشمل ذلك بيع أعمالها في مجال الإعلانات المبوبة مقابل 9.2 مليار دولار وشركة ستب هب لإعادة بيع التذاكر مقابل 4.05 مليار دولار.
يبدو أن الانتقال إلى مجالات أضيق تركز عليها قد أثار إعجاب المحللين. فكما قالت مذكرة نشرت حديثا من "مورنينجستار"، "يبدو أن عمل إيباي يشبه ما نشأت عليه الشركة بشكل ملحوظ. أن تكون منصة حيوية للتجارة الإلكترونية تربط بين مئات الملايين من المشترين والبائعين في جميع أنحاء العالم، مع التركيز على السلع المستعملة، والتصفية والبضائع المجددة".
قال ويتزبارجر إنه في قطاع الأحذية الرياضية شديدة التنافسية، يجب أن تؤدي الرسوم المنخفضة لشركة إيباي مقارنة بمنافساتها "ستوك إكس" و"جوت" إلى معروض أفضل صحة من البضائع. أضاف أن المتسوقين عموما لا يظهرون كثيرا من الولاء لأي سوق محددة طالما أن العرض قوي فيها.
وقال ويتزبارجر، "عندما تضيف جميع الرسوم والعمولات وتكاليف الشحن، فإن موقع إيباي هو الذي يفرض أقل الرسوم على البائعين. بالنسبة إلى رائد الأعمال المنفرد، أو الهاوي فحسب، يأمل موقع إيباي أن ينتقلوا من منصات أخرى إلى موقع إيباي لبيع أغراضهم".