"رينو" و"نيسان" في مفاوضات أخيرة لإنقاذ التحالف القديم
تقترب شركتا "رينو" و"نيسان" من إبرام صفقة لإنقاذ تحالفهما المضطرب، الذي أنقذ شركة صناعة السيارات اليابانية من شبه الإفلاس قبل 20 عاما، وكان من المفترض أن يكون نموذجا لكيفية عمل المنافسين معا.
الاتفاق قيد المناقشة سيقلص حقوق التصويت الضخمة لشركة رينو على شريكتها اليابانية الأكبر الآن، وفقا لستة أشخاص على دراية بالتفاصيل.
وافقت "نيسان" أيضا على الاستثمار في أعمال السيارات الكهربائية والبرمجيات التابعة لشركة رينو، التي تعمل شركة صناعة السيارات الفرنسية على تطويرها كجزء من استراتيجية جديدة سيتم إعلانها الشهر المقبل. لكن هؤلاء الأشخاص قالوا إنها لا تخطط لاستثمار أموال في أعمال محركات الاحتراق التي هي ميراث "رينو".
من المتوقع الاتفاق على النقاط الرئيسة للصفقة في الأسابيع المقبلة، قبل اجتماع لمجلس الإدارة في طوكيو لأعضاء التحالف في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر).
قال شخص مقرب من شركة نيسان، "هذا لا يعني أنه سيتم الاتفاق على كل شيء، لكن هناك شيئا واحدا واضحا، كلا الجانبين يبذل قصارى جهده لإتمام ذلك".
المفاوضات التي تتضمن إعادة كتابة الاتفاقية الأصلية، هي محاولة أخيرة لاستعادة تحالف كان ينظر إليه في السابق على أنه مخطط للصناعة لتحقيق الحجم والكفاءة.
لكن الخلل المتزايد في توازن القوى على مر الأعوام، حيث تدخلت الدولة الفرنسية بصفتها مساهما في "رينو"، والاختلافات في ثقافتي الشركتين منذ البداية، تعني أن الشراكة تكافح للنجاح على المستوى العملي، كما قال المطلعون.
ثم جاء السقوط السريع والبشع لرئيس التحالف السابق كارلوس غصن في 2018 وبدا أن بقاء الشراكة طويلة الأمد بعيد الاحتمال.
مع ذلك، تأمل شركتا صناعة السيارات الآن أن تؤدي إعادة الهيكلة الكاملة للتحالف إلى إيجاد النيات الحسنة والحوافز لمتابعة المشاريع المشتركة.
قال شخص مقرب من "رينو"، "كان واضحا لبعض الوقت الآن أن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر".
قال أحد الأشخاص المطلعين على موقف الحكومة اليابانية، "من الواضح أن هذه المحادثات ليست من أجل الانفصال، لكن من أجل التطور إلى علاقة صحية".
الأهم من ذلك، في حين أن تسوية التفاصيل ستستغرق وقتا، فإن كلا الجانبين واثق من إمكانية التوصل إلى اتفاق.
قال أشخاص مطلعون على المحادثات إن "رينو" ستخفض حصتها البالغة 43 في المائة في "نيسان"، على الأرجح إلى 15 في المائة - ما يعادل حصة "نيسان" في "رينو".
أضاف الأشخاص أن هذا البيع ستكون قيمته نحو 3.6 مليار دولار على أساس القيمة السوقية الحالية لـ"نيسان"، لكنه سيحدث بوتيرة بطيئة بمرور الوقت، مع الاحتفاظ بالأسهم في شكل من أشكال الائتمان. سيسمح ذلك لشركة رينو بمواصلة الاستفادة من التدفقات النقدية من أرباح "نيسان" بينما تتحكم "نيسان" في الائتمان والحق الأول في شراء أسهمها.
مجرد حقيقة أن المحادثات تجري، وفقا لأشخاص مقربين من الشركتين، هي مؤشر على ثقة أكبر بين الجانبين وإدراك الحاجة الملحة لإعادة هيكلة التحالف لتحسين الأداء المالي.
تم تشكيل التحالف في 1999 خلال فترة اقتصادية كئيبة لليابان.
منذ ما يقرب من عقدين، انعقد تحالفهما معا من خلال الكاريزما والسحر اللذين يتمتع بها غصن، الذي كان يوفق بين أدوار الرئيس التنفيذي في كلا الشركتين وكان أيضا رئيس مجلس إدارة الشراكة.
اعتقال غصن، بسبب تهم سوء السلوك المالي التي ينكرها، كشف التوترات العميقة في الشراكة، وكافحت المجموعتان لإطلاق أي مشاريع مشتركة مهمة تتجاوز عمليات الشراء المدمجة في الأعوام التي تلت ذلك.
حتى قبل اعتقال غصن، كان للتحالف مشكلاته الخاصة. يتذكر موظف فرنسي عاما من الجدال مع زملائه اليابانيين بشأن مشاركة إمدادات القماش لمقاعد السيارات قبل التوصل إلى قرار.
قال الشخص، "سيستغرق بناء الثقة وقتا طويلا". قال آخر إن التحيز الإقليمي لـ"رينو" تجاه الأسواق في أوروبا وأمريكا اللاتينية و"نيسان" تجاه الصين والولايات المتحدة أوجد انعزالات غير مفيدة.
كما أن تدخل الحكومة الفرنسية على مر الأعوام أثار غضب "نيسان". على سبيل المثال، دفع الرئيس إيمانويل ماكرون، عندما كان وزيرا للمالية في 2015، الدولة لمضاعفة حقوقها في التصويت في "رينو" باستخدام قانون فرنسي جديد، بينما لم يكن لدى "نيسان" أي حقوق في "رينو".
كما أدى تغيير الرؤساء في كلتا الشركتين إلى ضخ زخم جديد لإصلاح التحالف.
طور لوكا دي ميو، الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي منذ صيف 2020 إلى جانب جان دومينيك سينارد، رئيس مجلس الإدارة، علاقة وثيقة مع ماكوتو أوشيدا، الرئيس التنفيذي لشركة نيسان، وأشواني جوبتا، كبير مسؤولي التشغيل الذي يرأس المفاوضات.
اتفق الجانبان على أن قيام دي ميو بإعادة هيكلة شركة رينو لتحسين كفاءتها قد أتاحت فرصة لإراحة التحالف.
قال شخص آخر في "رينو"، "نحن ننظر إلى شيء أكثر واقعية الآن". قال شخص مقرب من "نيسان" إن فريقي إدارة الشركتين "متوائمان تماما".
أحد العناصر الرئيسة للتحالف الذي من المرجح أن يتغير بشكل كبير هو اتفاق "راما" الوثيق في 2015، الذي تم التوصل إليه في عهد غصن. نظم الاتفاق بعض عناصر التحالف التي لا تحظى بشعبية، مثل من لديه صلاحيات تعيين المديرين.
يقول الأشخاص المقربون من المحادثات إن هناك استعدادا لإعلان الاتفاقية اللاحقة لتعزيز الثقة والشفافية.
ستعقد "رينو" يوما للأسواق المالية في الثامن من نوفمبر، وسيشمل تفاصيل عن الأعمال المتفرعة عن إنتاج السيارات الكهربائية ومحركات الاحتراق، وإعادة تشكيل الشركة إلى فرق تركز على تخصصات مثل البرمجيات.
قال الأشخاص إن "نيسان" قد تشتري ما يصل إلى 15 في المائة من شركة السيارات الكهربائية، التي تهدف "رينو" إلى إدراجها في السوق المالية العام المقبل. قال شخص مقرب من المفاوضات إنه من المرجح أن تكون لندن هي المقر الرئيس لشركة المحركات، وليس فرنسا.
استشهد كثير من الأشخاص باتفاق "نيسان" هذا العام على أن "رينو" ستبني الخليفة الكهربائية لسيارة ميكرا في مصنع فرنسي كنوع من الاتفاق الذي يمكن للطرفين البناء عليه.
قال جوبتا في قمة الفاينانشال تايمز هذا العام، "لدينا بعض المشاريع الملموسة التي نظهر أننا نمضي قدما لجعل التحالف أقوى كثيرا".
مع ذلك، لا تزال هناك بعض المصادر المحتملة للتوتر، كخطة "رينو" لبيع جزء من شركتها الخاصة بالمحركات إلى شركة جيلي لصناعة السيارات، التي ستشمل مشاركة بعض حقوق ملكية "نيسان" مع المجموعة الصينية.
بينما لم تعرب الحكومة اليابانية عن مخاوفها بشأن هذا الأمر، فقد تكون هناك مقاومة من مهندسي شركة نيسان، كما قال شخص مقرب من التحالف.
قال أشخاص مقربون من "نيسان"، إن الشركة كانت على استعداد للنظر في مشاركة الملكية الفكرية في تكنولوجيا محركات الاحتراق، لكنها كانت أكثر حذرا بشأن السيارة الكهربائية وحقوق الملكية للقيادة الذاتية.
السؤال الأهم هو ما إذا كانت المحادثات الأخيرة هي الفرصة الأخيرة للجانبين لإنقاذ شراكتهما.
قال كريستوفر ريختر، محلل السيارات في شركة سي إل إس إيه الاستثمارية، "منذ اختفاء كارلوس غصن، كان التحالف مجرد اسم وليس له مضمون حقيقي".
"ربما مع إعادة توازن الهيكل، يمكنهم جعله ينجح وإذا لم يكن كذلك يمكنهم الموافقة على المضي قدما".