«الميتافيرس» .. أحاسيس عبر الإنترنت و«كاشير» افتراضي وعالم مواز

«الميتافيرس» .. أحاسيس عبر الإنترنت و«كاشير» افتراضي وعالم مواز
«الميتافيرس» .. أحاسيس عبر الإنترنت و«كاشير» افتراضي وعالم مواز

بات العالم متعطشا بشكل كبير إلى تبني التقنيات التي توصلهم إلى عالم "الميتافيرس"، لكن مع ذلك لا يزال العالم بعيدا عن الاعتماد الواسع لتقنيات "الميتافيرس"، حيث ستظهر هذه الاستخدامات بنسبة معقولة ما بين ثلاثة إلى خمسة أعوام، إلا أن بعض المؤسسات نجحت في تسخير هذه التقنيات في عدد من الاستخدامات العملية، منها تدريب وإعداد الموظفين، وتمكين المبيعات، والتعليم العالي، والتدريبات الطبية والعسكرية، وتجارب التسوق، وغيرها من التوجهات.
وفي المملكة أعرب 47 في المائة من المستخدمين - بحسب تقرير شركة ترندمايكرو - عن مدى اهتمامهم باستخدام هذه المنصات الغامرة الجديدة في المهام التي تركز على المستهلك، الذين قالوا إن "الميتافيرس" ملائمة أكثر للعمل والتسوق.
وفي حديث لـ"الاقتصادية" قال خالد الذوادي، مستشار تطوير الأعمال الرقمية ونائب رئيس لجنة الاتصالات وتقنية المعلومات، في غرفة الشرقية سابقا إن "الميتافيرس، تمثل عالما افتراضيا شبيها بفلسفة أينشتاين بالعالم الموازي، لكنه رقمي، ويمكن العيش فيه بطريقة مدهشة من خلال ارتداء النظارة أو عدسة تنقل المستخدم إلى عالم مواز ثلاثي البعاد، وفي المرحلتين الأولى والثانية سيتطور أبعد من ذلك باستخدام تقنية الهولجرام التي ستجعل هذا العالم أقرب إلى العالم الافتراضي، ولن تركز الميتافيرس على المحادثات فقط، بل نقل الأحاسيس وتفاعل أكثر من أي شيء آخر، فهي مبنية على طبقة الإنترنت السريعة وتحتاج إلى سرعات معالجة قوية وخوادم سيرفرات قوية، وسرعات نقل بينات أكبر حتى من الجيل الخامس لكي تصل إلى نتائج تشبه الواقع الافتراضي، ونحن ما زلنا في الجيل الأول فقط".
وتابع "تمثل الميتافيرس قطاعا واعدا للشركات والحكومات للاستثمار فيها، حيث تقدر شركة مكينزي للاستشارات حجم الاستثمارات المرتبطة بالميتافيرس خلال الأشهر الخمسة الأولى فقط من هذا العام بنحو 120 مليار دولار، كما تم إنشاء متاجر إلكترونية ديناميكية يمكن التجول وشراء البضائع منها، وسيساعد ما يعرف بالشات بوت، وهي عبارة عن كاشير افتراضي يأخذ المستخدمين ويجول بهم في أرجاء هذا المتجر، شارحا لهم جميع تفاصيل المتجر ويتمم لهم عملية الشراء إما على هيئة افتراضية أو تقنية، حيث يمكن شراء NFT افتراضيا أو بصورة حقيقية يتم إرسالها إلى المستخدم في العالم الواقعي، أما الحكومات فيمكن لها إنشاء اجتماعات افتراضية يمكن من خلالها الوصول من أي دولة أو مدينة والحضور لهذا الاجتماع في العالم الموازي، مع القدرة على إتمام جميع المراسم والبرتوكولات الخاصة في هذا العالم.
وتتنوع التوجهات المعتمدة للميتافيرس في مختلف المجالات، حيث ستتبنى عديد من القطاعات هذه التقنية مثل الألعاب والترفيه الرقمي والمحاكاة التفاعلية للإنسان الرقمي والفضاءات الافتراضية ومشاركة الخبرات والرموز غير القابلة للاستبدال إلى جانب الحوسبة المكانية.
وستستخدم الميتافيرس وبعض شركات تقنيات الألعاب سريعة التطور لغايات التدريب، ومحاكاة بعض المهام، التي ستحقق نموا يصل إلى نحو 25 في المائة بحلول 2025 بسبب تأثير تقنيات الميتافيرس، كما سيظهر مفهوم الإنسان الرقمي الذي يمثل محاكاة تفاعلية تمتلك بعض الخصائص والمعالم والمعرفة والعقلية البشرية، التي تخطط بعض الشركات بالفعل لاستخدام تطبيقات الإنسان الرقمي في مجال خدمة العملاء، التي من المتوقع ظهورها بشكل كبير في 2027.
وتمثل الفضاءات الافتراضية جانبا مهما من المستقبل وهي عبارة عن بيئة رقمية غير مادية تسمح لمجموعات من الأشخاص بالالتقاء فيها باستخدام شخصيات رمزية أو صور تجسيمية وتتيح التفاعل مع عدد من الحواس، التي سيعتمد عليها 10 في المائة من فرق العمل في 2025، إلى جانب تجميع الخبرات المشتركة في مساحة افتراضية واحدة لتزيد من فرص اللقاء، والمشاركة، والتعاون، وستقدم 10 في المائة من الفعاليات العامة مثل الرياضة وفنون الأداء خيارات الحضور في عالم الميتافيرس.
وستكون تقنيات الرموز غير القابلة للاستبدال NFTs جزءا رئيسا من الميتافيرس، وهي ستوفر فرصا أمام صناع المحتوى لكسب المال، حيث يمكنهم الاحتفاظ بمعظم الإيرادات التي تحققها مبيعات أعمالهم الفنية، إلى جانب الحوسبة المكانية التي تجمع بين العناصر المادية والرقمية لتعزيز الفضاء المادي رقميا، وهذا ما يتيح للمؤسسات تحقيق استفادة أكبر من الأصول المادية والرقمية من خلال إبراز المعلومات الرقمية.
وحول أمان عالم "الميتافيرس"، قال الذوادي "الميتافيرس عبارة عن تطبيقات مبنية من خلال برامج تحاكي الواقع، فمن البديهي ظهور استخدامات غير آمنة وممارسات غير آمنة، وهنا يأتي دور المشرعين في الوقوف بالمرصاد لهذه الممارسات، لكن في الوقت ذاته من الصعب التحكم في مستوى الأمان من البداية، فلا بد من ظهور بعض الثغرات، أعتقد المخاطر كثيرة مع وجود كمية بيانات كبيرة مرسلة للدماغ وقد يؤثر سلبا في طريقة التفكير، ما قد يعطي شعورا بأن المستخدم يعيش في عالمين مختلفين في الوقت نفسه، فالعقل لا يميز ما بين التقليدي والافتراضي وقد تظهر حالات نفسية، غير أنه مهلك للنظر بسبب استخدام نظارات متخصصة، ما يؤثر سلبا في قوة وضعف النظر، وهذا مجرد رأي".
وفي هذا السياق، كشفت تقارير حول تهديدات الأمن السيبراني وانعكاساتها على تجارب المستخدمين، محذرة من مساحات رقمية إجرامية، تعرف باسم "دارك فيرس"، باتت تتطور بسرعة، لتشكل تهديدات مرتبطة بعالم الميتافيرس، وتعرف الـ"دارك فيرس" بأنها عبارة عن مساحات رقمية تشبه شبكة الويب المظلم، لكن الفرق أنها تعمل داخل عالم الميتافيرس، ما يمكن الجهات التي تشكل التهديدات، حيث يمكن أن تكون ملاذا لتطور التهديدات السيبرانية المتعددة، مثل الاحتيال المالي، وعمليات النصب في التجارة الإلكترونية، وسرقة الرموز غير القابلة للاستبدال NFT، وفيروسات الفدية، وغيرها كثير.
وعلى الرغم من أن الميتافيرس ستكتمل ملامحها بعد بضعة أعوام، إلا أن المساحات الشبيهة بالميتافيرس ستكون شائعة قريبا، وستتمحور التهديدات على خمسة عناصر، هي: هجمات التصيد الاحتيالي وفيروسات الفدية، وعمليات احتيال، وغيرها من الهجمات التي تواجه الرموز غير القابلة للاستبدال NFT، وانتشار الأنشطة غير القانونية التي سيكون من الصعب مراقبتها، وعمليات غسل الأموال عبر عقارات الميتافيرس ذات الأسعار المرتفعة، وانتشار أكبر لعمليات الهندسة الاجتماعية والحملات الدعائية والأخبار المزيفة، التي سيكون لها تأثير بالغ في عالم الإنترنت المادي، إلى جانب إعادة صياغة مفهوم الخصوصية، حيث سيكون لمشغلي المساحات الرقمية التي تشبه الميتافريس، رؤية خاصة غير مسبوقة، فيما يتعلق بسلوك المستخدم.

الأكثر قراءة