العجيبة الثامنة
رغم أن هذا الزمن يعج بالعجائب والغرائب إلا أن عجائب الدنيا السبع تظل هي أول ما حير العقول، وما زال سر إعجاز بعضها لم يكشف عنه بعد، وهذا ما جعلها باقية على مر العصور. لتظهر للوجود عجيبة أخرى من عجائب الزمان تحكي لنا عن رهبة الموت وإيمان البشر منذ البدء بالحياة بعده، وأشهرها قبور الفراعنة وما تحويه من كنوز وأطعمة وحلي ليتزود بها الميت في رحلته إلى الحياة الأخرى!
في عام 210 قبل الميلاد أمر كين شين هوانج أول إمبراطور للصين، وصاحب فكرة بناء سور الصين العظيم، بتجهيز جيش مؤلف من آلاف الجنود، ليس لغزو الدول المجاورة، بل ليدفنوا معه حماية له بعد موته، والمطمئن أن هؤلاء الجنود ليسوا بشرا وإنما تماثيل أمر ببنائها من الطين شرط ألا يكون هناك جنديان متشابهان في هذا الجيش بأكمله والمعروف باسم جيش التيراكوتا، وتعني الخيول والفرسان الجنائزية، وهذا ما تحقق له بالفعل ببراعة مثيرة للدهشة!
لقد سخر 700 ألف شخص لبناء آلاف التماثيل الطينية غير المتشابهة بملامح دقيقة تكاد تنطق وخيول وأسلحة وعربات، ووضعها في أفران تصل درجة حرارتها إلى ألف درجة مئوية، ثم تركها لتبرد وتم تلوينها وتزيينها بألوان مختلفة مثل الأحمر والأزرق والوردي والأسود وكل لون منها إضافة إلى الملابس وأغطية الرأس والدروع، تدل على رتبة الجندي ومكانته في الجيش!
وحرص الإمبراطور على أن يكون الضريح في مكان يصعب اكتشافه، وبالفعل لم يتم اكتشافه إلا مصادفة في 1974 حين كان مجموعة من المزارعين المحليين يقومون بحفر بئر، ليكتشفوا هذا الجيش الأسطوري الموجود في ثلاث حفر تحوي ثمانية آلاف جندي مع إداريين وموسيقيين، و130 عربة حربية و500 حصان مصفوفة بجانب بعضها بعضا، ومن المتوقع أن يسفر البحث عن مزيد من الحفر، ومن شدة حرص الباحثين على هذه الأعجوبة لم يغامروا في اكتشاف كنوز الهرم الترابي الذي يبلغ ارتفاعه نحو 80 مترا ومساحته 350 مترا مربعا، والموجود في مكان الضريح خوفا من تدميره!
وكل فترة يمنحنا الضريح مزيدا من المفاجآت فقد ذكر المؤرخ الصيني الكبير سيما كيان، أن كنوز الإمبراطور وجنوده والأواني الفخارية المميزة وغيرها من المقتنيات، وضعت داخل 100 نهر من الزئبق وبالفعل تم اكتشاف نسب كبيرة من الزئبق في التربة المجاورة للضريح، أما جيش التيراكوتا الأسطوري فما زال ينتظر إشارة الإمبراطور منذ 22 قرنا للهجوم على عدو غير معروف!