السعودية تنفذ أول عملية إعادة شراء مبكرة لأدوات دين دولارية سبق إصدارها

السعودية تنفذ أول عملية إعادة شراء مبكرة لأدوات دين دولارية سبق إصدارها

أصدرت السعودية في الساعات الماضية أدوات دين دولارية بقيمة خمسة مليارات دولار. غير أن ما لفت أنظار المراقبين هو إطلاقها لأول عملية إعادة شراء مبكرة لأدوات دين دولارية سبق أن تم إصدارها في السابق ويحين أجل استحقاقها في 2023 و2025 و2026.
وتعرف تلك المنهجية عند المتخصصين في إدارة التزامات استحقاقات الديون liability management.
وعلمت "الاقتصادية" أن المهلة الممنوحة للمستثمرين لدراسة عرض شراء سنداتهم تنتهي في 24 أكتوبر الجاري. وتصل القيمة الاسمية لأدوات الدين الأربعة المزمع شراء بعضها إلى 15.5 مليار دولار.
وبحسب المعلومات، فمن المنتظر للسعودية أن تعلن للمستثمرين مبالغ الشراء لكل شريحة، من الإصدارات الأربعة القديمة، بعد إغلاق إصدار الخمسة مليارات دولار "الإصدار الجديد".
ونجحت أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم في بيع صكوك لأجل ستة أعوام، وسندات لأجل عشرة أعوام، وكلاهما نوعان مقوم بالدولار، في الوقت نفسه، طلبت السعودية إعادة شراء سنداتها المستحقة في 2023 و2025 و2026، وتهدف هذه الخطوة في إطالة آجال استحقاق الديون الخاصة بالسعودية.
وقدمت المملكة عرض شراء نقديا لسندات تحين مواعيد استحقاقها خلال الأعوام الأربعة المقبلة، بينها سندات بثلاثة مليارات دولار مستحقة في 2023، وسندات بقيمة 4.5 مليار دولار مستحقة في أبريل 2025، وسندات بقيمة 2.5 مليار دولار مستحقة في أكتوبر 2025، وسندات بقيمة 5.5 مليار دولار مستحقة في 2026.
وكانت "الاقتصادية" نشرت تحليلا في وقت سابق أوضحت فيه أن السعودية قد تمكنت خلال النصف الأول من هذا العام من إعادة تمويل 9.7 في المائة من ديونها "المقومة بالريال"، التي يحين موعد سدادها في ثلاثة أعوام وسط خطوة استباقية منها، وذلك قبل ارتفاع تكاليف التمويل عما هي عليه الآن خلال الأعوام القادمة.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" أن السعودية قد تمكنت من إعادة تمويل ما نسبته 12 في المائة من ديون 2023 و14.6 في المائة من ديون 2024 و5.49 في المائة من ديون 2026.
واعتمد الرصد على البيانات المتوافرة باكتمال عملية الشراء المبكرة الثالثة، تمت أوائل مارس 2022، ولم يتم الأخذ في الحسبان الإصدارات الشهرية، التي تلت عملية الشراء المبكرة أو عملية الشراء المبكرة لأدوات الدين الدولارية. وأثبتت تجربة عملية إعادة الشراء المبكرة التي تمت في الربع الأول من هذا العام أن السعودية نجحت في إدارة وتقييم مخاطر إعادة التمويل، وذلك بعد الارتفاع القياسي للفائدة خلال الربع الثاني.
ومن لم يشارك في عملية الشراء المبكر "من المستثمرين"، فضل الانتظار لحين أجل استحقاق السداد خلال الأعوام القليلة المقبلة. واستهدفت عملية الشراء المبكرة لهذا العام الديون المستحقة خلال الأربعو أعوام القادمة باستثناء 2025. وعن سبب عدم تنفيذ عملية شراء مبكر لجزء من سندات وصكوك المصدر القائمة المستحقة في 2025، علمت الصحيفة أن السعودية تقوم بدراسة الخيارات المتاحة كافة بشكل مستمر، وحسب أوضاع السوق.

الشراء المبكر الثالث
في أوائل مارس 2022، أعلن المركز الوطني لإدارة الدين، اكتمال عملية شراء مبكر لجزء من سندات وصكوك المصدر القائمة المستحقة في الأعوام 2023، 2024، 2026 بقيمة إجمالية تجاوزت 25 مليار ريال، إضافة إلى إصدار صكوك جديدة ضمن إطار برنامج صكوك الحكومة السعودية بالريال بلغت قيمتها الإجمالية نحو 26.2 مليار ريال.
وتعد هذه العملية إحدى مبادرات المركز الوطني لإدارة الدين، التي تهدف إلى توحيد الإصدارات المحلية للحكومة لتكون ضمن إطار برنامج إصدار الصكوك بالريال السعودي، وتعد هذه الخطوة هي المرحلة الثالثة من مراحل المبادرة التي بدأت في 2020، والتي ستتبعها مراحل أخرى وصولا إلى توحيد كامل الإصدارات المحلية.
وقد قام المركز بتقسيم إصدارات الصكوك الجديدة إلى أربع شرائح بلغت قيمتها الإجمالية نحو 26.2 مليار ريال. وجاءت الشريحة الأولى بقيمة نحو 2.6 مليار ريال وبأجل استحقاق يحل في 2027، والشريحة الثانية بقيمة نحو 1.9 مليار ريال وبأجل استحقاق يحل في 2029، فيما جاءت الشريحة الثالثة بقيمة 13.2 مليار ريال وأجل استحقاق يحل في 2032، والشريحة الرابعة بقيمة 8.5 مليار ريال وتستحق في 2037.

استحقاقات 2023
بحسب بيانات منصة "فاكتست" للخدمات المالية، لدى السعودية 11 إصدارا يحين أجل استحقاقها في 2023، من ضمنها إصدار دولاري بقيمة ثلاثة مليارات دولار يحين أجله في أوائل مارس.
والإصدارات المحلية تلك قد تم إصدارها بين 2016 إلى 2018، وهي تتنوع بين الفائدة المتغيرة إلى الثابتة، وجميع تلك الإصدارات هي إصدارات عامة وليست خاصة.
واستند رصد وحدة التقارير الاقتصادية، حول آجال الاستحقاق المُنتظر دنو أجل سدادها، إلى بيانات منصة "فاكتست" للخدمات المالية. يذكر أن لدى "فاكتست" واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري.

الشراء المبكر الثاني
أعلنت السعودية، ممثلة في وزارة المالية "المصدر" في أواخر أكتوبر 2021 اكتمال عملية شراء مبكر لجزء من سندات وصكوك المصدر القائمة المستحقة في أغسطس وسبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر من 2022 بقيمة إجمالية تجاوزت 33 مليار ريال، إضافة إلى إصدار صكوك جديدة ضمن إطار برنامج إصدار الصكوك بالريال السعودي.
وقد قام المركز بتقسيم إصدارات الصكوك الجديدة إلى أربع شرائح بلغت قيمتها الإجمالية 33.48 مليار ريال. وجاءت الشريحة الأولى بقيمة 11.11 مليار ريال وبأجل استحقاق يحل في 2029، والشريحة الثانية بقيمة 5.57 مليار ريال وبأجل استحقاق يحل في 2031، فيما جاءت الشريحة الثالثة بقيمة 11.36 مليار ريال وأجل استحقاق يحل في 2033، والشريحة الرابعة بقيمة 5.44 مليار ريال وتستحق في 2036.

أهداف التمويل
أظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" أن السعودية قد تمكنت بفضل عملية الشراء المبكر الثالثة من تحقيق عدة أهداف، من بينها أن عملية إعادة التمويل جاءت، وفق أسعار فائدة متدنية، مقارنة بأسعار الفائدة المتوقعة بالأعوام المقبلة، التي يرجح لها أن ترتفع.
ومن الأهداف، أن عملية الشراء المبكر الثانية تؤثر إيجابيا على عمليات تمويل الأعوام المقبلة والخاصة بخفض مخاطر إعادة التمويل، إضافة إلى ذلك تسهم هذه الخطوة في توحيد الإصدارات المحلية، ولا سيما من السندات ضمن برنامج الصكوك الذي تم إنشاؤه منتصف 2017.
وبخلاف أن الشرائح الأربع ستساعد على إطالة آجال الاستحقاقات للديون المحلية، فإنها تقود لتطوير أسواق الدخل الثابت المحلية عبر توسيع خيارات التسعير للشركات والجهات الحكومية التي تطرح إصداراتها الخاصة وتسترشد بالجانب التسعيري لإصدارات الحكومة القائمة.

الشراء المبكر الأول
كانت السعودية قد أعلنت في يوليو 2020 اكتمال عملية الشراء المبكر لجزء من السندات القائمة المستحقة في أغسطس وسبتمبر ونوفمبر وديسمبر للعام نفسه بقيمة إجمالية 34.26 مليار ريال "نحو 9.14 مليار دولار". وقالت وزارة المالية، حينها، في بيان إن المملكة أصدرت أيضا صكوكا جديدة في إطار برنامجها للصكوك المحلية. وجرى تقسيم إصدارات الصكوك الجديدة إلى أربع شرائح بقيمة إجمالية 34.645 مليار ريال.
وأظهرت وثيقة حصلت عليها الاقتصادية وقتها أن الحكومة السعودية أصدرت صكوكا "رباعية الشرائح" متوسطة وطويلة الأجل وتراوحت عوائدها بين 1.64 في المائة إلى 3.10 في المائة.
وجاءت الطروحات الأربعة الجديدة دفعة واحدة، وتضمنت آجال استحقاق تطرح للمرة الأولى في تاريخ المملكة، خلال تلك الفترة، كشريحة الأربع والثمانية أعوام. وجاءت عملية الإصدار الثانية خلال شهر يوليو كحدث استثنائي نظرا لكونه يأتي ضمن أول عملية شراء مبكر لسندات قائمة خمسية يحين أجل استحقاقها هذا العام.
وبحسب وحدة التقارير الاقتصادية، فإن إصدار الـ34.6 مليار ريال، التي تم إدراجها وتداولها في السوق المحلية أواخر يوليو 2020، يعد أضخم إصدار في تاريخ أسواق الدخل الثابت بالسعودية خلال ستة أعوام.
وعلمت "الاقتصادية" حينها أن ما نسبته 80.8 في المائة من حاملي السندات التنموية للحكومة السعودية قد حولوا ممتلكاتهم السابقة من السندات المقومة بالريال إلى صكوك ادخارية.
وفي الإطار ذاته، قال مصدر قريب من المستثمرين للصحيفة إن الاسترداد الزكوي المطبق على الصكوك الادخارية، منذ 2019، دفع بحاملي السندات التنموية للطلب من جهة الإصدار تحويل حيازتهم من السندات التي يحين أجل استحقاقها إلى صكوك جديدة، للاستفادة من هذه الميزة.

وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة