مراهقات إيرانيات يتصدرن الاحتجاجات .. "بحاجة إلى السعادة"

مراهقات إيرانيات يتصدرن الاحتجاجات .. "بحاجة إلى السعادة"

نيكا شاكارامي، مراهقة إيرانية فقدت حياتها أثناء الاحتجاجات المناهضة للنظام، تحمل مكبر صوت وتغني أغنية بوب لتسلية أصدقائها الضاحكين. انتشرت مقاطع فيديو وصور لشاكارامي، 16 عاما، على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي منذ وفاتها في ظروف غامضة الشهر الماضي.
كانت شاكارامي واحدة من ست مراهقات وشابات لقين حتفهن مع اجتياح الاحتجاجات إيران منذ منتصف أيلول (سبتمبر) بعد وفاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاما أثناء احتجازها. تم اعتقال أميني لمخالفتها الالتزام بالزي الإسلامي في إيران.
سيطر الشباب، بمن فيهم كثير من المراهقين وطالبات المدارس، على الاحتجاجات الأكبر والأطول مدة في إيران منذ عدة أعوام. في حين أن عددا أكبر من الرجال قتلوا في الحملة القمعية، أصبحت الفتيات القتيلات شهيدات، ورموزا للنضال من أجل المساواة في الحقوق.
قالت متظاهرة انضم إليها ابنها البالغ من العمر 16 عاما، لم يرغبا في نشر أسمائهما، "قلبي يتمزق كلما رأيت مقاطع فيديو لفتيات بريئات مثل نيكا. هذا يمكن أن يحدث لأي منا، لابني، لأي مراهق في الاحتجاجات".
لقي ما لا يقل عن 41 شخصا حتفهم منذ بدء الاحتجاجات، وفقا للتلفزيون الرسمي. تقول السلطات ووسائل الإعلام المتشددة إن وفاة شاكارامي ونساء أخريات لا علاقة لها بالاحتجاجات. يزعمون أن موتهن استغله أعداء الحكم الديني "الثيوقراطية".
قال حسين أشتري، قائد الشرطة الإيرانية، هذا الشهر، إن قرار المحتجين بإعلان هذه الوفيات "استراتيجية للعدو"، في إشارة واضحة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل والمعارضة الخارجية. ذكر أن قواته لم تستخدم الرصاص لقمع الاحتجاجات، بل استخدمت طلقات صيد الطيور. أضاف أن بعض الضحايا لم يشاركوا حتى في الاحتجاجات.
في قضية شاكارامي، قال القاضي محمد شهرياري، رئيس مكتب المدعي العام الجنائي في طهران، إنهم تلقوا لأول مرة تقريرا عن جثة في 21 أيلول (سبتمبر).
نقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" ما ذكره شهرياري هذا الشهر، "تم إلقاء شاكارامي في ساحة هذا المبنى من فوق المبنى المجاور. أظهر تشريح الجثة كسورا (...)في رأسها والأجزاء العلوية والسفلية من جسمها ويديها وساقيها، الأمر الذي أثبت أنها سقطت من مرتفع. لم تظهر الفحوص الطبية أي آثار للرصاص وطلقات قنص الطيور في جسدها".
مع ذلك، قالت والدة الشابة إن ابنتها قتلت على أيدي قوات الأمن. في مقطع فيديو أرسلته إلى إذاعة "فاردا" التي تمولها الولايات المتحدة ومقرها براغ، قالت نسرين شاكارامي، إن نيكا غادرت منزلها في 19 أيلول (سبتمبر) للمشاركة في مظاهرات ضد ارتداء الحجاب الإلزامي.
تحدثت إلى ابنتها نحو منتصف الليل. انقطع خط هاتفها المحمول أثناء هربها من قوات الأمن. قالت لإذاعة فاردا "كانت ذراعاها وساقاها وجسدها سليمين تماما (...)أصيبت أسنانها والجزء الخلفي من رأسها بشدة لدرجة أن جمجمتها تهشمت. لقد قتلت بهذه الطريقة". قالت إنها لم ترد على مكالمات من مسؤولين أمنيين لأنها اشتبهت في أنهم "ربما يريدونني أن أقول إنها انتحرت".
كما خلفت وفاة سارينا إسماعيل زاده، طالبة في المدرسة الثانوية تبلغ من العمر 16 عاما، في مدينة كرج، غرب طهران، صدمة للإيرانيين.
تلقت الشرطة اتصالا بشأن جثة في منتصف ليل 24 أيلول (سبتمبر)، وفقا لحسين فاضلي هاريكاندي، رئيس السلطة القضائية في محافظة البرز. قال إن زاده صعدت إلى سطح منزل جدتها في الطابق الخامس ثم إلى سطح أحد الجيران. أضاف أن "التحقيقات الأولية تشير إلى أنها انتحرت"، مضيفا أنها حاولت الانتحار سابقا بتناولها حبوبا.
قال إن إصاباتها نجمت عن السقوط، مستشهدا بتقرير صادر عن منظمة الطب القانوني الإيرانية. رفض مزاعم وسائل الإعلام المعارضة بأن زاده قتلت على أيدي قوات الأمن ووصفها بأنها "كذبة محضة".
قالت والدة زاده، في مقطع فيديو سجله القضاء ونشرته وكالة "تسنيم للأنباء" التابعة للحرس الثوري، إن ابنتها لم تتعرض للضرب. "لم تكن ابنتي مهتمة بهذه الأمور -أي الاحتجاجات. كانت مجتهدة (...)وتهتم بشؤونها الخاصة".
على الرغم من تصريح والدتها، يرى المتظاهرون أن زاده شهيدة، وانتشرت مقاطع فيديو لها وهي تعبر عن آمالها ورغباتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
"ما هي احتياجات مراهق يبلغ من العمر 16 عاما؟ (...)أن يحب ويكون محبوبا (...)نحن بحاجة إلى السعادة والروح الطيبة والمشاعر الإيجابية، وكل هذه تحتاج إلى الحرية. هذا يجعل نقاشنا قاتما نوعا ما الآن بسبب بعض القيود التي نواجهها مثل الحجاب الإلزامي وعدم قدرتنا على دخول ملاعب كرة القدم".
على عكس عائلة زاده، لا تتفق عائلة أميني مع رواية الدولة للأحداث. نشرت السلطات الإيرانية الجمعة نتائج تحقيقها الذي استمر ثلاثة أسابيع في وفاة أميني، وبرأت الشرطة من اللوم. لم يذكر بيان منظمة الطب القانوني الإيرانية سبب الوفاة. قال والدها في تسجيل صوتي أرسل إلى وسائل إعلام أجنبية إنها تعرضت للضرب.
قال محمد جواد أخافان، مدير تحرير صحيفة "جاوان" اليومية، التابعة للحرس، إن رغبة المعارضة في التسبب بشهداء تهدف إلى "استفزاز العامة" وتأجيج الاحتجاجات بـ"وقود جديد".
"لكن الآن بعد أن أصبح من الواضح أن مقتل مهسا أميني "على يد الشرطة" كان كذبة وأن مقتل نيكا شاكارامي وسارينا إسماعيل زاده لا علاقة له بالاحتجاجات (...)أولئك الذين ينشرون الأكاذيب عن موتهن (...)يجب أن يحاسبوا قانونيا".
حتى أمام هذا التنديد، لا يزال الأقارب يشككون في الرواية الرسمية.
كانت هاديس نجفي، 22 عاما، واحدة من أوائل النساء اللواتي لقين حتفهن خلال احتجاجات 21 أيلول (سبتمبر). قالت شقيقتها لإذاعة فاردا إن السلطات أخبرتهم أنها شعرت بالخوف وتوفيت بنوبة قلبية. لم يتضح ما الذي أخافها. قال والدها إنه لا يعتقد أنها قتلت على يد الشرطة، مضيفا "ابنتي كانت مهتمة بالموسيقى، وليس أعمال الشغب، بأي حال من الأحوال".
في مقطع فيديو نشر على وسائل التواصل الاجتماعي، قالت والدتها، "ماتت ابنتي بسبب الاحتجاج ضد الحجاب، بسبب مهسا أميني (...)قتلت في الاحتجاجات بثلاث رصاصات، واحدة في القلب، وواحدة في بطنها، وواحدة في رقبتها. عندما أزحت الكفن جانبا لأنظر إلى وجهها، كان وجهها وجسدها مليئين بالكامل أيضا بطلقات قنص الطيور".
كما أن وفاة مهسا موجوي، فتاة تبلغ من العمر 18 عاما، في مدينة فولادشهر الصغيرة في 22 أيلول (سبتمبر) أثارت شكوكا. قال والدها، "أعلم أن الشرطة لم تقتل ابنتي"، مضيفا أنه لم تكن هناك احتجاجات تحدث في ذلك الوقت. قال أسد الله جعفري كبير رؤساء السلطة القضائية في أصفهان إن "شخصيات مجهولة" رمتها بطلقات قنص الطيور. أضاف أن "وسائل الإعلام المعادية ربطت وفاتها باحتجاجات لم تكن أكيدة حتى الآن". بثت وسائل الإعلام الحكومية مقابلات مع المارة الذين رأوا أو سمعوا إطلاق نار من سيارة.
في مثل هذه المواقف المشحونة، مع فشل السلطات والمتظاهرين في الاتفاق على سبب الوفاة، أصبحت حتى عمليات الدفن موضع نزاع.
قررت والدة نيكا شاكارامي دفن ابنتها في مسقط رأسهم في خرم آباد، غرب إيران.
لكن قوات الأمن، على حد قولها، "سرقت" جثة ابنتها ودفنتها في قرية نائية. قالت وسائل إعلام متشددة إن موقع الدفن هذا يقع بجوار قبر والدها الراحل.
الثالث من تشرين الأول (أكتوبر) كان سيوافق يوم ميلاد نيكا شاكارامي الـ17. قالت والدتها في مقطع فيديو نشر على تويتر، "أقول لك يا نيكا إن استشهادك يتم تكريمه".

الأكثر قراءة