جمود كبير يجتاح سوق الإسكان الأمريكية .. التوقعات قاتمة

جمود كبير يجتاح سوق الإسكان الأمريكية .. التوقعات قاتمة

أسعار المنازل في المدن الأمريكية، ولا سيما في الغرب، آخذة في الانخفاض بسبب ارتفاع معدلات فوائد الرهن العقاري الذي أدى إلى تقليص مجموعة المتسوقين العقاريين.
في نيسان (أبريل)، بلغ النمو السنوي للأسعار في الولايات المتحدة ذروته عند 21 في المائة، وفقا لمؤشر قيمة المساكن لشركة زيلو العقارية. بحلول الشهر الماضي، انخفض النمو إلى 14 في المائة. يقول جيف تاكر، كبير الاقتصاديين في شركة زيلو، إن الأسعار في سوق العقارات السكنية في الولايات المتحدة تتغير إلى مستويات مختلفة، "لكن من السابق لأوانه تحديد حجم عودة الأسعار إلى وضعها الطبيعي".
في تموز (يوليو)، سجل مؤشر ستاندرد آند بورز كيس شيلر، الذي يقيس أسعار المنازل في 20 مدينة أمريكية، أول انخفاض شهري له منذ عقد، حيث تراجع 0.44 في المائة. في آب (أغسطس)، كان متوسط سعر المنزل في الولايات المتحدة 356،054 دولارا وفقا لشركة زيلو، بانخفاض نحو 1،500 دولارا فقط عن أعلى مستوى له على الإطلاق في حزيران (يونيو).
يقول تاكر، "حقيقة أن الأسعار تنخفض بدلا من أن ترتفع هي لحظة مفصلية. لم نشهد حقا أي شيء من هذا القبيل منذ 2010 أو 2011. (...) كان هذا الصيف نهاية ذلك الاتجاه الصعودي الطويل لارتفاع قيمة المنازل في الولايات المتحدة".
أفاد فريدي ماك، الذي يقدم ضمانات للرهن العقاري، بأنه اعتبارا من السادس من تشرين الأول (أكتوبر)، انخفض متوسط سعر الفائدة على الرهن العقاري الثابت لأجل 30 عاما، إلى 6.66 في المائة، وذلك من 6.70 في المائة قبل ذلك بأسبوع. لكن في العام السابق، ثبت السعر عند 2.99 في المائة. هذا العام، ارتفعت أسعار الفائدة على الرهن العقاري بسرعة، حيث أوقف الاحتياطي الفيدرالي برنامجه الذي يعود إلى فترة الجائحة لشراء الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، إضافة إلى رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم.
أفادت جمعية مصرفيي الرهن العقاري في الخامس من تشرين الأول (أكتوبر) أن طلبات الرهن العقاري انخفضت أكثر من 14 في المائة عن الأسبوع السابق. انخفضت مبيعات المنازل القائمة في آب (أغسطس) 19 في المائة على أساس سنوي، وفقا للرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين.
يقول أندرو فاليجو، وكيل عقاري في أوستن، "ستواجه الصناعة (...) ربعين سنويين في غاية الصعوبة".
أسعار الفائدة المتزايدة تدفع ملكية المنازل أعلى من قدرة بعض المشترين المادية، ما أدى إلى انخفاض الطلب على المنازل. يقول تاكر إن المشترين بلغوا "سقف القدرة على تحمل التكاليف" في نيسان (أبريل) وأيار (مايو). دفعات الرهن العقاري الشهرية للمنزل العادي مع دفعة أولى بـ20 في المائة قفزت من 1،035 دولارا في آب (أغسطس) 2021 إلى 1،643 دولارا في الشهر الماضي، بزيادة قدرها 59 في المائة.
بدأ المشترون الانسحاب من سوق الإسكان. في الوقت نفسه، واصل البائعون عرض منازلهم في فصلي الربيع والصيف، متشجعين بالأسعار القياسية التي سادت خلال العامين الأولين من الجائحة. بدأت مبيعات المنازل التباطؤ، ومع عدم بيع العقارات في السوق لفترة طويلة، بدأ المخزون يتراكم - أي عدد المنازل المتاحة للشراء.
كلما طالت مدة عدم بيعها، زاد الضغط على أصحاب المنازل لخفض أسعارهم المعلنة. وفقا لمؤشر كيس شيلر، كان أكبر انخفاض للأسعار في تموز (يوليو) في سان فرانسيسكو، عند 3.5 في المائة؛ وفي سياتل كان عند 3.1 في المائة؛ وسان دييغو 2.5 في المائة.
تمثل أحدث بيانات المبيعات العروض التي تم تقديمها منذ أشهر، كما يقول تيلور مار، نائب كبير الاقتصاديين في شركة ريدفين للوكلاء العقاريين، والعقارات التي لم يتم بيعها لا تظهر فيها على الإطلاق. في النهاية، سيقبل هؤلاء الملاك سعرا أقل، ما يزيد من انخفاض متوسط سعر البيع في الولايات المتحدة.
الانخفاض الأكثر حدة في الولايات الغربية، على الرغم من أنه لا يقتصر على المنطقة. تقع 16 مدينة من أصل 100 مدينة أمريكية شهدت أكبر انخفاض لأسعار الطلب في الغرب. كان التأثير الأكبر ملموسا في الأسواق الباهظة الثمن مثل سياتل، أو ولاية واشنطن، أو سان خوسيه، كاليفورنيا، حيث تضيف أسعار الفائدة المرتفعة مبالغ أعلى لدفعات الرهن العقاري الشهرية، أو الأسواق التي احتدمت خلال الجائحة، وبالتالي يكون لديها المجال الأعلى للانخفاض - أوستن، تكساس، بويز، ايداهو، وفينيكس، ولاية أريزونا.
تعد سان خوسيه واحدة من أسرع الأسواق انخفاضا في الولايات المتحدة، وفقا لبيانات من شركة زيلو. على الرغم من أن متوسط سعر بيع المنازل كان 1.4 مليون دولار، إلا أن 25 في المائة من العقارات المعروضة في آب (أغسطس) انخفضت أسعارها، مقارنة بـ12 في المائة في آب (أغسطس) 2021. في غضون ذلك، بقيت المنازل دون بيع في السوق لفترة أطول، الأسعار المعروضة لمدة تقل عن أسبوعين انخفضت نحو 5 في المائة.
انسحب بعض المشترين الأثرياء العاملين في شركات التكنولوجيا من السوق هذا العام لأن تراجع سوق الأسهم أدى إلى خفض قيمة الأسهم التي كانوا يخططون لبيعها مقابل الدفعة الأولى، كما يقول تونج نجوين، وكيل العقارات في سان خوسيه.
تظهر بيانات شركة زيلو أن نمو الأسعار على أساس سنوي في سان خوسيه تقلص إلى 2 في المائة في آب (أغسطس)، انخفاضا من 26 في المائة في شباط (فبراير). يقول نجوين إن الأسعار انخفضت مع نمو "واقعية" البائعين بشكل أكبر. يشير إلى أن أحد بائعي الشقق الذي كان يمثله قد أبرم صفقة في آذار (مارس) مقابل السعر المطلوب البالغ 608 آلاف دولار، لكن الصفقة انهارت بعد شهرين عندما تهاوت محفظة أسهم المشتري. تم بيع الشقة بمبلغ يقل عن 41 ألف دولار من الثمن الذي بيعت به الشهر الماضي.
يقول جونيور توريس، وكيل عقارات في مركز تكنولوجي آخر يبعد 840 ميلا شمالا، سياتل، إنه هو الآخر شهد انهيار الصفقات للسبب نفسه. يستمر بيع المنازل التي تتمتع بحالة جيدة في غضون سبعة إلى عشرة أيام، لكن المنازل الأقل جاذبية المعروضة للبيع تتطلب "تعديلات كبيرة في الأسعار".
تقول مانو تشانجوترا، وكيلة عقارية، إن سوق منطقة خليج سان فرانسيسكو انتعشت إلى حد ما منذ منتصف آب (أغسطس). كثير من العروض بدأت تعود مرة أخرى، لكن "لم يعد أحد يدفع أكثر من 100 ألف دولار فوق السعر المطلوب".
تضيف، "السوق تتغير، لكن التصحيح كان ضروريا. لم تكن سوقا صحية للغاية، تلك التي كنا نشهدها في الجائحة".
يستيقظ البائعون، الذين قادوا السوق منذ بداية الجائحة في 2020، على الواقع الجديد. يتلقى عدد أقل من العقارات عروضا متعددة، يقوم مزيد من البائعين بتخفيض السعر التسجيل الأولي. كانت أوستن واحدة من أسواق البائعين تلك. تظهر بيانات شركة زيلو أن النمو السنوي في أسعار المنازل في أوستن بلغ ذروته في كانون الثاني (يناير) عند 47 في المائة، قبل أن ينخفض إلى 7 في المائة في آب (أغسطس).
كاتي دوشن، وكيلة العقارات في أوستن، تذكرت صعوبة إقناع المالك بخفض سعر المنزل الذي بقي في السوق لفترة أطول من المتوقع. "كان لبضعة أشهر هناك، كان تسعير المنزل أشبه بمحاولة إصابة هدف متحرك"، حسب قولها.
لكن التباطؤ سمح أيضا لأوستينيتيس ستيفن وآشلي آرونز اللذين انتظرا بفارغ الصبر بشراء منزلهما الأول. مع وجود ثلاثة أطفال ورابع في الطريق، أرادا مكانا أكبر، لكن جهودهما للادخار تعثرت بسبب ارتفاع أسعار السوق. أخيرا، قاما بتغيير الحي المستهدف، واشتريا هذا الشهر منزلا مكونا من خمس غرف نوم مع مسبح مقابل 1.5 مليون دولار - أقل من السعر المطلوب. تقول أشلي، "لقد كانت رحلة عاطفية متقلبة للغاية".
يقول الخبير الاقتصادي العقاري في شركة زيلو، إن كثيرا من المعارف سألوا بشغف عما إذا كانت سوق الإسكان "تنهار"، على أمل أن يؤدي انخفاض السعر إلى السماح لهم بشراء عقار للمرة الأولى.
يقول تاكر، "تغيرت الأحوال. بسرعة كبيرة، انقلبت من كونها أفضل سوق للبائعين في التاريخ (...) لتصبح الآن بالتأكيد أكثر توازنا وربما، كما يمكن القول، سوقا للمشترين في معظم أنحاء البلاد".
يقول مار إن متوسط الإقامة في منزل أمريكي هو 12 عاما. هذا يعني أنه في حين أن المستثمرين والباحثين عن المنازل قد يشعرون بأزمة الأسعار، فإن معظم مالكي المنازل لن يفعلوا ذلك. بدلا من ذلك، ببساطة لن يبيعوا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
يضيف أن مالكي المنازل "يتم تحفيزهم على الانتظار" في الوقت الحالي. إذا كانت سوق العقارات تشبه لعبة الكراسي الموسيقية، "فإن ارتفاع أسعار الفائدة يعادل خفض الموسيقى، وهذا يؤدي فقط إلى قول مزيد من الناس: لدي كرسي جيد. لماذا عساي أرحل؟" بالفعل، انخفضت عروض المنازل في آب (أغسطس) "بشكل كبير"، كما يقول تاكر. قد يؤدي ذلك إلى تراجع عدد المنازل المعروضة في السوق، ما يقلل من الضغط الهبوطي على الأسعار.
هذا التأرجح هو جوهر العرض والطلب "وينبغي أن يساعد للعثور على سعر عادل جديد".
في الوقت الحالي، في سكرامنتو والمقاطعات المحيطة بها، ليس هناك تعديل يذكر في الأسعار مقارنة بتعديل التوجه، كما يقول الوكيل العقاري بروس ريديك. تعد ساكرامنتو واحدة من أسرع الأسواق انخفاضا في الأسعار في البلاد، وفقا لبيانات شركة ريدفين، حيث قام أكثر من نصف البائعين بخفض سعر الطلب في تموز (يوليو)، مقارنة بنحو الثلث في تموز (يوليو) في 2021. في الوقت الحالي، يشعر ريديك بمزيد من التفاؤل، وقول هذا يعني أنه قد يبقى منزل في حي غير مرغوب فيه في السوق "لمدة عطلتي نهاية أسبوع بدلا من عطلة نهاية أسبوع واحدة" أو أن المشتري يرفض التنازل عن الشروط الوقائية في حالات الطوارئ.
كان الميل نحو سوق المشترين في مصلحة اثنين من عملائه. ابتعد برنت بيركي وكريستين بوركي ميلون عن اندفاع نحو الإسكان خلال الجائحة، خوفا من المنافسة وارتفاع الأسعار. لكنهما يشعران بالقلق من ارتفاع أسعار الفائدة ويتم دعمهما من أموال الأسرة، بدآ في البحث عن منزل هذا الصيف.
عثرا على منزل مكون من ثلاث غرف نوم تم بناؤه في 1950 وتفاوضا على تخفيض 20 ألف دولار من السعر المطلوب لإتمام الصفقة عند 720 ألف دولار.
على الرغم من سعادتهما بامتلاك فناء خلفي كبير بما يكفي ليكون حديقة، إلا أنهما يخفضان من النفقات تحسبا لتحمل دفعة رهن عقاري أكبر من المتوقع جراء أسعار الفائدة.
يقول برنت إنه حتى يتكيف الزوجان مع الدفعات الشهرية الجديدة، "سيخضع كل اشتراك للتدقيق في الوقت الحالي".

الأكثر قراءة