23.4 مليار دولار الإصدارات الخليجية من السندات والصكوك في 9 أشهر .. انخفضت 75 %
يترقب مستثمرو الدخل الثابت غدا مزاد الصكوك الادخارية للحكومة السعودية، فيما يقترب تداول عائد سندات الخزانة الأمريكية لمستويات "لأجل عشرة أعوام" من مستويات 4 في المائة، وذلك بعد أن كان العائد بين 2.60 في المائة إلى 2.87 في المائة خلال النصف الأول من آب (أغسطس). وتحتفظ جهة الإصدار السيادية السعودية بخيار الطرح من عدمه.
يأتي ذلك في وقت هبطت فيه الإصدارات الخليجية بمقدار 75 في المائة على أساس سنوي بنهاية التسعة الأشهر من 2022 وذلك ببلوغها 23.4 مليار دولار.
وقادت "البنوك الخليجية والمؤسسات المالية التنموية" العاملة في المنطقة إصدارات الصكوك والسندات للتسعة أشهر من العام، وذلك بعد استحواذها على 45 في المائة، من إجمالي الإصدارات "وصلت إصدارات تلك الفئة إلى 10.4 مليار دولار".
يذكر أن الإصدارات الخليجية والمصرية بنهاية التسعة أشهر من 2021 بلغت 93.8 مليار دولار بسبب جاذبية أسعار الفائدة في ذلك الوقت.
وبحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، ارتفعت وتيرة إجمالي ما استدانته "الشركات الحكومية" الخليجية بنهاية الربع الثالث لتفوق ما تم استدانته من قبل "الجهات السيادية"، حيث جمعت الشركات المرتبطة بالحكومات 5.9 مليار دولار بنهاية الربع الثالث مقابل 5.1 مليار للجهات السيادية عن الفترة ذاتها.
ومع ظاهرة عدم لجوء جهات الإصدار لأسواق الدين العالمية إلا في الحالات الطارئة، فإن أقل من ثلاثة إصدارات تمت في الثلاثة أشهر الماضية للجهات السيادية والشركات الخليجية.
البداية الفصلية البطيئة
وتعود البداية الفصلية البطيئة لمجموعة من العوامل مثل النظرة التشاؤمية لارتفاع تكلفة التمويل على الجهات الخليجية بسبب الصعود القياسي لعوائد سندات الخزانة الأمريكية والأزمة الأوكرانية التي أغلقت نوافذ الإصدار بشكل مؤقت وتحسن مالية الحكومات الخليجية بسبب ارتفاع أسعار النفط. وارتكزت تلك البيانات على الدراسة الإحصائية التي قامت بها إدارة أدوات الدخل الثابت لبنك أبو ظبي الأول. وارتكزت البيانات على ما تم إصداره من أدوات دين بالعملات الصعبة.
من ناحية أخرى، ارتفعت وتيرة إجمالي ما استدانته "الشركات الحكومية" الخليجية خلال 2022 لتفوق ما تم استدانته من قبل "الجهات السيادية" "التي تمتلك فيها" عن الفترة نفسها. وذلك وسط توسع ثقافة استخدام أدوات الدخل الثابت كأحد مصادر التمويل البديلة للقروض. وبذلك تسجل عمليات التمويل الخارجي عبر السندات والصكوك "شبه السيادية التابعة لشركات مملوكة جزئيا للحكومات" تقدما ملحوظا نحو التمويل الذاتي عبر الأسواق الخارجية.
وأسهم ارتفاع أسعار النفط واعتماد معظم الشركات الحكومية على تمويل أنشطتها من الأسواق الخارجية في جعل الجهات السيادية الخليجية تقلص من اعتمادها على أسواق الدين الدولية خلال العام الجاري، حيث جرت العادة في السابق أن تعتمد الشركات الحكومية على دولها وصناديق الثروة السيادية من أجل ضخ سيولة بها أو توسيع استثماراتها.
وتخصص الجهة السيادية بعد ذلك جزءا من ميزانيتها لدعم الشركة الحكومية، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت تشجعا لبعض الشركات الحكومية من أجل الحصول بنفسها على التمويل الخارجي اللازم، في ظل قيام بعض الحكومات بتقديم ضمانات أو لعلو درجة التصنيف الاستثماري الممنوح للشركات بسبب الملكية الحكومية، الأمر الذي يخفض من تكلفة التمويل، وذلك بحسب تحليل وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة.
وتصف وكالات التصنيف الائتماني توجه الكيانات المرتبطة بالحكومة نحو أسواق الدخل الثابت بمنزلة "إنفاق القطاع العام خارج الميزانية الحكومية" للجهات السيادية الخليجية، حيث يعد ذلك أمرا إيجابيا لأن الشركات الحكومية أصبحت قادرة على تمويل نفسها دون الحاجة لأي تدخل سيادي. وفي الوقت نفسه ستقود عمليات التمويل الخارجية، التي حصلت عليها لتحويلها إلى استثمارات منتجة في الاقتصاد المحلي.
وذكرت وكالة "فيتش" في تقرير لها نشرته في يوليو 2021 أن مستوى الدين المرتبط بالشركات الحكومية بالسعودية وصل إلى نحو 23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، باستثناء البنوك، ووصفت "فيتش" بأن هذا المستوى "أي 23 في المائة" بأنها "لا تزال معتدلة في ضوء دور القطاع العام الكبير في الاقتصاد".
وغالبا ما تجد السندات والصكوك شبه السيادية رواجا بين المستثمرين لكونها تحمل مخاطر ائتمانية متقاربة من نظيرتها السيادية التي تملك بتلك الشركات، فضلا عن وجود علاوة سعرية على أدوات الدين "شبه السيادية" تضاف على التسعير النهائي.
إصدارات أكتوبر
وفقا لمنصة "ريد" REDD، فإن ثلاثا من جهات الإصدار الخليجية قامت بإصدار سندات وصكوك خلال الأسبوع الأول من أكتوبر الجاري، في حين شرعت بعض جهات الإصدار بتعيين بنوك أجنبية وإقليمية لترتيب إصداراتها من أدوات الدين خلال الشهر الحالي، غير أنه من غير المعروف إذا ما كانت تلك الجهات ستمضي قدما بتلك الإصدارات في ظل معاودة عوائد الخزانة الأمريكية للارتفاع. معلوم أن منصة "ريد"، التي تتخذ من نيويورك وسنغافورة مقرا لها، متخصصة في متابعة أخبار جهات الإصدار المتعسرة والمثقلة بالديون مع إحاطة المستثمرين مسبقا بالمخاطر المحتملة قبل وقوعها.
عائد سندات الخزانة وارتباطه بالسعودية
بحسب التقويم الرسمي لإصدارات الصكوك المحلية للمملكة، تشرع السعودية غدا بعقد مزاد خاص بصكوك مقومة بالريال. مع العلم أن جهة الإصدار السيادية تملك خيار المضي قدما من عدمه مع الإصدارات الشهرية، وذلك بعد اكتمال سداد مستحقات أصل الدين حسب الاحتياجات التمويلية لـ 2022.
وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية إلى أعلى مستوياتها في عدة أسابيع خلال تعاملات الأسبوعين الأوليين من أكتوبر، وارتفع عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام إلى 3.93 في المائة، "أي أنها باتت قريبة من 4 في المائة"، ومن شأن استمرار قوة سوق العمل أن يزيد احتمالات رفع معدلات الفائدة بقوة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي، مع مساعي السيطرة على التضخم.
وخلال أواخر سبتمبر، ارتفع عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام إلى أعلى مستوياته في أكثر من عقد، وسط مخاوف من أن تراجع الين سيدفع اليابان لإجراء مزيد من التدخلات في سوق الصرف، وربما بيع الديون الحكومية للولايات المتحدة، حيث قفز عائد السندات الأمريكية لأجل عشرة أعوام إلى 4 في المائة، وهي المرة الأولى التي يصل فيها إلى ذلك المستوى منذ أبريل 2010.
ومن شأن ذلك الصعود في عوائد الخزانة أن يصعد بتكلفة التمويل لجهات الإصدار التي تعتمد على الدولار أو العملات المحلية المرتبطه به. وتأتي تلك التطورات وسط توقعات بشأن تشديد السياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي وتوقعات رفع الفائدة، بالتزامن مع ارتفاع عائد سندات الخزانة الأمريكية.
حيث يسترشد المتعاملون بأسواق الدين بالسعودية بحركة عوائد آجال الاستحقاق المتباينة لسندات الخزانة، وذلك خلال تقييمهم لأسعار شرائح الصكوك المطروحة خلال المزاد الشهري. وأظهر رصد الصحيفة أن العائد على سندات الخزانة الأمريكية يعيش حاليا فترات تشهد تقلبات يومية كبيرة وتأرجحا واضحا في العائد.
خيار المضي بالطرح المحلي
بخلاف خيار المضي بالطرح، فإن جهة الإصدار "الحكومة السعودية" قد تستخدم المزاد لتحديث أسعار بعض آجال الاستحقاق.
وبحسب رصد "الاقتصادية" فإن اكتمال عمليات سداد مستحقات أصل الدين مبكرا "في مايو"، وقبل نهاية العام، قد وضع المملكة في موقف أفضل للتعامل مع تحديات ارتفاع أسعار الفائدة المتوقعة، مع خيار انتهاز أي فرصة تمويلية تقدمها الأسواق "التي يقابلها احتياج تمويلي لمشاريع تنموية".
وبعد جمع ما يقارب من 43 مليار ريال، حسب الاحتياجات التمويلية لـ 2022، وذلك بغرض سداد مستحقات أصل الدين، فإن مستثمري الدخل الثابت بدأوا يتساءلون فيما إذا كان الباب لا يزال مفتوحا للسعودية من أجل طرح إصدار دولي، خصوصا في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، وتميز سوق الدين المحلية وازدياد عوائد النفط.
اكتمال عمليات التمويل
وفق بيان الميزانيـة الرسـمي لـ 2022، فمـن المتوقـع ثبات حجـم الديـن العـام عنـد 938 مليـار ريـال بنهايـة 2022، وعليـه، مـن المتوقـع أن تشـكل الاحتياجات التمويليــة لعــام 2022 مــا يقــارب 43 مليــار ريــال لســداد مســتحقات أصــل الديــن، إضافة إلى إمكانيـة النظـر فـي عمليـات تمويليـة اسـتباقية بحسـب أوضـاع السـوق. يذكر أن توقعات استقرار محفظة الدين هي بحسب نهاية العام، حيث تتم عمليات التمويل للعام بأشهر مختلفة عن سداد أصل الدين المستحق خلال العام.
وفي 26 مايو، أعلن المركز الوطني لإدارة الدين انتهاءه من ترتيب عدد من الإصدارات ضمن برنامج صكوك المملكة المحلية بالريال السعودي لسداد مستحقات أصل الدين، حسب الاحتياجات التمويلية لعام 2022، وبحجم تمويل يقارب 43 مليار ريال. وأوضح المركز أنه سيستمر- وفقا لخطة الاقتراض السنوية المعتمدة- بالنظر في إمكانيـة الدخـول في عمليـات تمويليــة إضافيــة بشــكل اســتباقي، وحسب أوضاع السوق عبــر القنــوات التمويليــة المتاحــة، ســواء محليــا أو دوليا من خلال أســواق الديــن والتمويــل الحكومــي البديــل، وذلك لتعزيز وجود المملكة في أسواق الدين وإدارة مستحقات أصل الدين للأعوام القادمة، إضافة إلى تمويـل المشـاريع الرأسـمالية والبنيـة التحتيــة والتي من شأنها الإسهام في تعزيـز النمـو الاقتصادي مــع الأخذ في الحسبان حركة الأسواق وإدارة المخاطر في محفظة الدين الحكومي. وقد شملت تلك الإصدارات عمليات تمويل استباقية كان منها الشراء المبكر لعدد من الإصدارات الحكومية المحلية وعمليات تمويل أخرى لاستحقاقات ستكون في الأعوام 2023، 2024، 2026.
وتستهدف السعودية استقرار الدين العام خلال الأعوام الثلاثة المقبلة بدءا من ميزانية العام الجاري 2022، وذلك استكمالا لجهود الحكومة في تعزيز كفاءة الإنفاق وتحقق مستهدفات الانضباط المالي.
وبحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، استند إلى بيان وزارة المالية، ارتفع الدين العام للسعودية بنهاية الربع الثاني من العام الجاري بنحو 0.8 في المائة إلى 966.5 مليار ريال، مقارنة بنحو 958.64 مليار ريال بنهاية الربع السابق "الربع الأول".
وبلغت نفقات التمويل في ميزانية الربع الثاني نحو 7.59 مليار ريال بارتفاع 2 في المائة على أساس سنوي.
وعرفت وزارة المالية "نفقات التمويل" بأنها المبالغ التي يتوجب على الحكومة دفعها للدائن مقابل أصل الدين القائم كسندات الخزانة، والصكوك الحكومية، والقروض، والحسابات المدينة.
ورجحت الوزارة استقرار حجم الدين العام لميزانية 2022 و2023 و2024 عند 938 مليار ريال، مقارنة بتقديرات سابقة عند 989 مليار ريال للأعوام الثلاثة. في حين سجل الدين نموا بنمو 9.8 في المائة لعام 2021 بحسب الأرقام الفعلية للميزانية، وهي أقل معدلات النمو في آخر سبعة أعوام. ويأتي استقرار الدين للأعوام الثلاثة المقبلة بعد نموه لسبعة أعوام متتالية، أي منذ 2015، حيث سجل حينها أول نمو بعد أعوام عدة عاشتها الميزانية في تقليص الدين العام. وبنهاية الربع الثاني، شكل الدين الداخلي نحو 63 في المائة من إجمالي الدين العام، وبقيمة تبلغ 604.8 مليار ريال، بينما بلغ نصيب الدين الخارجي نحو 37 في المائة عند مستوى 361.8 مليار ريال.
يذكر أن المركز مستمر في العمل على توسيع قاعدة المستثمرين، وتعزيز قنوات التواصل معهم، والوصول إلى مناطق جغرافية جديدة،، إضافة لاستقطاب مؤسسات مالية دولية إلى برنامج المتعاملين الأوليين وجذب رؤوس الأموال للاستفادة من الفرص المتاحة في أدوات الدين التي يرتب المركز إصدارها.
الطرح المحلي
تطرح حكومة السعودية غدا الإثنين مزادا شهريا من الصكوك الادخارية الخاص بشهر أكتوبر، الذي تبدأ فيه باستقبال طلبات المستثمرين "الذين يبحثون عن الاستثمار الآمن والتوزيعات الدورية المضمونة" بأدوات الدخل الثابت المتوافقة مع الشريعة، وسيتم تسوية الإصدار المحلي، في حال إتمام عملية الإصدار، الخميس من الأسبوع الحالي. يذكر أن هذا المزاد الشهري يعد التاسع لهذا العام.
وحول موعد الإصدارات الشهرية، فقد تقرر طرح الإصدار خلال الإثنين، في حين تتم التسوية الخميس من أسبوع الطرح، حيث يستطيع المستثمرون الاطلاع على مواعيد الطرح المحدثة عبر صفحة مخصصة بمنصة "بلومبيرج"، تعرف اختصارا بـDMSA. وتتناسب تلك التعديلات مع أيام عمل السوق الدولية، فيما يتعلق بإعلانات الإصدار ومواعيد التسوية.
ويحتاج العاملون بإدارات الخزانة للبنوك، وكذلك المؤسسات الاستثمارية من معرفة مبكرة لموعد الطرح من أجل تخصيص المبالغ المطلوبة في ظل تدني نسبة التخصيص واشتداد المنافسة بين المستثمرين على الإصدارات الحكومية.
وبخصوص الطرح المقوم بالريال السعودي، فإنه لا يعرف حتى الآن في إذا ما كانت جهة الإصدار السيادية تنوي إعادة فتح إصدار سابق أو طرح إصدار جديد بالكامل أو مزيج بين المنهجيتين. مع العلم أن جهة الإصدار تملك خيار عدم التخصيص للمستثمرين بعد تسلم طلباتهم، كما فعلت في ديسمبر 2020، حيث يعد خيار عدم التخصيص أمرا طبيعيا ومتعارفا عليه في السوق المالية.
ويأتي الطرح المحلي بعد موافقة المقام السامي في مارس 2020 على زيادة نسبة الاقتراض للناتج المحلي من 30 في المائة كسقف إلى 50 في المائة، حيث تتوقع وزارة المالية ألا يتم تجاوز تلك النسبة من الآن حتى نهاية 2022.
البنية التحتية للتداول
من ناحية أخرى، نجحت الجهات السعودية في تطوير البنية التحتية للتداول الإلكتروني "الخاصة بأسواق الدين"، الأمر الذي يتيح أتمتة الأسعار المدرجة على منصة "تداول" للمتعاملين الأوليين، وأبرزت وثيقة الملامح العامة لخطة الاقتراض السنوية الصادرة من المركز الوطني لإدارة الدين في 2020 تلك الخطوة كإحدى مبادرات تطوير أسواق الدين المحلية.
وتطرقت الوثيقة الرسمية كذلك لمبادرة تعزيز تسوية السوق الأولية المحلية من خلال السماح بتسويات التسليم مقابل الدفع للمتعاملين الأوليين، التي من شأنها أن تحد من مخاطر التسوية على المتعاملين الأوليين.
وبالعودة إلى المبادرة الأولى، فإن السعودية بذلك تنجح في تعميق السوق الثانوية لأدوات الدين بحيث تكون مماثلة لسوق الأسهم بسهولة التداول. وعن التفاصيل الفنية لهذه المبادرة، فإن نظام التداول يعمل على تمكين أتمتة تسعير صانع السوق لأدوات الدين المدرجة من خلال السماح بإرسال زوج من الأوامر "شراء وبيع" بشكل مستمر ومؤتمت، وذلك للحفاظ على التزامات الفارق السعري للورقة المالية.
وتم تطوير هذه الخدمة، والحديث لتلك المصادر، لحماية صناع السوق من الأخطاء البشرية ولتفعيل محركات التسعير المسؤولة عن مراقبة سعر الورقة المالية.
تسوية السندات الحكومية
منذ منتصف يونيو من 2021، شرعت "كلير ستريم"، مزود خدمات ما بعد التداول لمجموعة البورصة الألمانية، بربط سوق المالية السعودية بشبكتها من خلال الربط مع شركة مركز إيداع الأوراق المالية "إيداع" المملوكة بالكامل من قبل مجموعة تداول السعودية والمسؤولة عن تشغيل وصيانة نظام الإيداع والتسوية. وسيسهل هذا الربط دخول المستثمرين الدوليين للسوق المالية السعودية، من خلال توفير تسوية السندات الحكومية والخاصة غير القابلة للتحويل وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق السعودية والمقومة بالريال السعودي.
ويمكن لعملاء "كلير ستريم" المؤهلين الاستثمار في سوق الصكوك والسندات وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق المالية السعودية دون الحاجة لتقديم طلب التأهيل كمستثمر أجنبي مؤهل، إضافة إلى إمكانية استخدام حساباتهم الحالية المسجلة لدى "كلير ستريم". ولأول مرة، يمكن للمستثمرين الدوليين تملك الأوراق المالية السعودية ذات الدخل الثابت وصناديق المؤشرات المتداولة من خلال حساب المرشح الأجنبي المشترك، ويمكنهم أيضا الاستفادة من خدمات مراكز الإيداع الدولية المعروفة، وذلك يتضمن خدمة التسوية الداخلية. ونتيجة لذلك، من المتوقع زيادة الطلب على أدوات الدين الحكومية من المستثمرين الدوليين، وبالتالي تعزيز مستوى السيولة في السوق المحلية.
خطة الاقتراض السنوية
وصادق مجلس إدارة المركز الوطني لإدارة الدين في يناير على خطة الاقتراض السنوية لعام 2022، حيث اشتملت على توقعات ثبات حجم الدين بحسب بيان الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2022، إضافة إلى مواصلة المركز الوطني لإدارة الدين بمراقبة السوق واغتنام الفرص بشكل استباقي لتعزيز جودة محفظة الدين مع الأخذ في الحسبان التغير المتوقع في أسعار الفائدة.
وتضمنت الخطة توقعات بثبات حجم الدين العام عند مستوى 938 مليار ريال- وفق إعلان الميزانية العامة- مع التوجه نحو اقتراض ما يقارب 43 مليار ريال، لسداد مستحقات أصل الدين. إضافة إلى إمكانية النظر في عمليات تمويلية إضافية بشكل استباقي من خلال القنوات التمويلية المتاحة، سواء محليا أو دوليا بما في ذلك أسواق الدين والتمويل الحكومي البديل لتمويل الفرص التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي مثل تمويل المشاريع الرأسمالية والبنية التحتية، إضافة إلى بقاء استراتيجية الدين التي يعمل بها المركز على وضعها الحالي.
يشار إلى أن المركز أعلن في ديسمبر الماضي اكتمال خطة الاقتراض لعام 2021 بقيمة وصلت إلى 125 مليار ريال، كانت نسبة التمويل المحلي منها 60.5 في المائة، فيما بلغت نسبة التمويل الدولي 39.5 في المائة، من إجمالي الخطة، حيث تضمنت إصدار سندات سيادية بقيمة مليار ونصف يورو بأكبر شريحة عائد سلبي على الإطلاق خارج دول الاتحاد الأوروبي، حيث بلغ إجمالي الإصدار 1.5 مليار يورو، وبلغت نسبة تغطيتها 3.3 مرات "بما يقارب خمسة مليارات يورو"، وغيرها من المصادر التمويلية الأخرى.
استحقاقات 2022
بحسب بيانات منصة "فاكتست" FactSet للخدمات المالية، فالسعودية لديها 11 إصدارا يحين أجل استحقاقها في 2023 "من ضمنها إصدار دولاري بقيمة ثلاثة مليار دولار يحين أجله في أوائل مارس". والإصدارات المحلية تلك قد تم إصدارها بين 2016 إلى 2018 "وهي تتنوع بين الفائدة المتغيرة إلى الثابتة". وجميع تلك الإصدارات هي إصدارات عامة وليست خاصة.
وأعلنت السعودية، ممثلة في وزارة المالية في أواخر أكتوبر 2021 عن اكتمال عملية شراء مبكر لجزء من سندات وصكوك المصدر القائمة المستحقة في أغسطس وسبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر من 2022 بقيمة إجمالية وصلت إلى 32.9 مليار ريال. حيث تمكنت السعودية خلال تلك الفترة من إعادة تمويل 43.5 في المائة، من ديونها التي يحين موعد سدادها في 2022.
ويحل في 2022 أجل استحقاق لديون "محلية" تقدر بـ 57.4 مليار ريال، غير أن جهة الإصدار السيادية فضلت انتهاز ظروف السوق الموائمة في 2021 وقررت إعادة تمويل 32.9 مليار ريال من مبلغ الـ57.4 مليار ريال.
وأظهر رصد وحدة التقارير في "الاقتصادية" أن الديون المحلية، التي يحين أجل استحقاقها في 2022 قد انخفضت بعد عملية الشراء المبكر الثانية من 57.4 مليار ريال إلى 24.4 مليار ريال.
واستندت الصحيفة في تقريرها إلى مواعيد آجال الاستحقاق على البيانات، التي حصلت عليها من منصة "فاكتست" FactSet للخدمات المالية. يذكر أن لدى "فاكتست" واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية، التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري.
ويهدف المركز الوطني لإدارة الدين إلى الإسهام في وضع سياسة الدين العام للمملكة وتطويرها، وتأمين احتياجات المملكة من التمويل على المدى القصير والمتوسط والبعيد. وكذلك ضمان استدامة وصول المملكة إلى مختلف أسواق الدين لإصدار أدوات الدين السيادية بتسعيرة عادلة ضمن أطر وأسس مدروسة لإدارة المخاطر.
يأتي ذلك فضلا عن متابعة شؤون التصنيف الائتماني للمملكة بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وتقديم خدمات استشارية واقتراح خطط تنفيذية للأجهزة الحكومية والشركات التي تمتلك فيها الدولة ما يزيد على 50 في المائة من رأسمالها والمؤسسات العامة في مجال اختصاص المركز، بما في ذلك تجميع بيانات الدين العام المباشر وغير المباشر ومعالجتها ومتابعتها، والتفاوض حول إعادة هيكلة الديون أو إعادة تسعيرها أو إعادة التعاقد عليها، أو خدمات تتعلق بسياسات التحوط، أو إدارة علاقات المستثمرين في أدوات الدين العام، أو شؤون التصنيف الائتماني، أو غيرها من الخدمات ذات العلاقة.
عن المؤشرات
وأطلقت شركة السوق المالية السعودية (تداول) خلال النصف الأول من 2020 وبصفة رسمية ثمانية مؤشرات "فرعية" لقياس أداء أدوات الدين السيادية من السندات الإسلامية، ولتلحق تلك المؤشرات الفرعية بالمؤشر الرئيس المعروف باسم "مؤشر ايبوكس تداول صكوك حكومية بالريال السعودي".
وتبع ذلك إطلاق المؤشر العاشر، الذي يغطي السندات والمعروف باسم "مؤشر ايبوكس تداول للسندات والصكوك الحكومية". ومن أجل توفير خيارات متعددة للمستثمرين، تم إيجاد نسختين للمؤشرات العشرة تلك لتشمل الفئة الأولى "مؤشر السعر الخالي من العوائد المستحقة CPI" والفئة الثانية "مؤشر العائد الإجمالي، الذي يتضمن الأرباح المستحقة TRI"، أي أن الفئة الأولى من المؤشر تعني أن أداء المؤشر لن يأخذ في الحسبان التوزيعات الدورية التي سيتسلمها المستثمرون من توزيعات أدوات الدخل الثابت التي سيستخدمونها لأغراض أخرى. في حين تأخذ الفئة الثانية في الحسبان إعادة استثمار التوزيعات الدورية بسعر المؤشر.
وينتظر لمديري الصناديق الاستثمارية،الذين يستثمرون بين 25 في المائة، إلى 90 في المائة، من قيمة أصول تلك الصناديق بالصكوك المقومة بالريال، أن تستفيد من تلك المؤشرات العشرة من أجل قياس أداء تلك الصناديق، مقارنة بأحد تلك المؤشرات ذات الصلة. وتم تقسيم سلسلة مؤشرات "ايبوكس تداول للصكوك الحكومية بالريال السعودي" إلى عدة مؤشرات استحقاق فرعية، ما يساعد على تتبع أداء الصكوك الحكومية قصيرة وطويلة الأجل "من أقل من عام إلى أكثر من عشرة أعوام".
استراتيجية إدارة الصناديق الاستثمارية
وبعيدا عن عملها كمقياس لأداء وتقلبات السوق، تمثل سلسلة المؤشرات لــ "ايبوكس تداول للصكوك الحكومية" أيضا دورا مهما في كل من استراتيجيات إدارة الصناديق النشطة وغير النشطة. ويستخدم الصندوق المدار بنشاط "الصندوق الذي يهدف إلى التفوق على أداء السوق" المؤشر كمعيار لقياس الأداء، بينما الصناديق المدارة بشكل غير نشط، والمعروفة أيضا بصناديق "المؤشرات غير النشطة" أو "تتبع المؤشر"، فإنها تستخدم المؤشرات لتتبع سوق معينة "أو فئة الأصول" بأكبر قدر ممكن في الطلب لمحاولة تكرار أداء المؤشر. وتتم المراجعة الدورية للمؤشرات على أساس ربع سنوي "فبراير ومايو وأغسطس ونوفمبر وآخر يوم في التقويم الميلادي"، لأنها تساعد على تقليل تكلفة العمليات لمديري الصناديق الذين يتبعون هذا المؤشر.
أما عن مخاطر الإدارة غيــر النشــطة للصناديق فهي تكمن بمحاكاة ومطابقة أداء المؤشــر الاسترشادي المحــدد، مــا قــد يترتــب علــى ذلــك إمكانيــة احتفــاظ الصنــدوق بمكــون أو أكثــر مــن مكونــات المؤشــر بغــض النظــر عــن التغيــر فــي ظــروف الأســواق أو فــي جــدوى الاســتثمار فــي تلــك المكونــات مــا قــد ينعكــس ســلبا علــى أداء تلك الصناديق. وتكمن معظم استراتيجية الصناديق المتخصصة بالاستثمار بالصكوك الادخارية بالاستثمار بالصكوك التي تبقى على أجل اســتحقاقها من شهر إلى خمسة أعوام مــن تاريــخ إضافتهــا للمؤشــر والمدرجــة فــي الســوق الرئيس.
وتوفر سلسلة مؤشرات "ايبوكس تداول للصكوك الحكومية بالريال السعودي" الشفافية لأداء سوق الصكوك الحكومية السعودية للعملة المحلية السعودية، حيث تعد جزءا من الأدوات الرئيسة لمديري الاستثمار النشط وغير النشط، ويمكن استخدام هذه المؤشرات من قبل البنوك المتعاملة بالأوراق المالية، ومصدري صناديق المؤشرات المتداولة، وشركات الاستثمار في جانب الشراء، والجهات الخارجية لقياس أداء المحفظة والمخاطر.
كما يمكن لصناديق المؤشرات المتداولة المرتبطة بسلسلة مؤشرات "ايبوكس تداول للصكوك الحكومية بالريال السعودي" أن تقدم طريقة فعالة من حيث التكلفة والشفافية للتعرف على مختلف أسواق الصكوك الحكومية السعودية. وبدلا من شراء صكوك متعددة، يمكن للمستثمرين شراء وحدات صندوق مؤشر واحد متداول بنشاط في السوق المالية السعودية.
مشاركة الأفراد
ومن المنتظر أن يدعم إصدار الشهر الحالي مخزون الصكوك الادخارية المتوافرة لاستثمارات الأفراد بالسوق الثانوية. وجاء قرار تفعيل تخفيض القيمة الاسمية للصكوك الحكومية المدرجة، لتكون في متناول الأفراد، وذلك بدءا من يونيو 2019 ليعني أن السعودية قد فتحت المجال أمام مواطنيها للمشاركة بدعم المشاريع التنموية بالبلاد، في خطوة تقدمية تتماشى مع كثير من الدول حول العالم التي تتبع هذا النهج، حيث أسهمت الإصلاحات الاقتصادية التي عمت أسواق الدخل الثابت في المملكة في جعل مسألة استثمار الأفراد بالصكوك أمرا ممكنا بعد تخفيض القيمة الاسمية للصك إلى ألف ريال "مقارنة سابقا بمليون ريال".
ملكية الشركات
وسبق أن أشارت الاقتصادية في أحد تحليلاتها إلى ارتفاع وتيرة ملكية الشركات السعودية بأدوات الدين الحكومية المقومة بالريال. وبشكل عام، ارتفعت قيمة الصكوك والسندات المدرجة في السعودية إلى 461.37 مليار ريال، بنهاية 2021، لتسجل نموا 1.6 في المائة فصليا للربع الرابع على التوالي، في حين نمت على أساس سنوي 14.7 في المائة لتصل بذلك إلى مستوى قياسي.
ووفقا لرصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، استند إلى بيانات هيئة السوق المالية السعودية، رفعت الشركات السعودية ملكيتها في الصكوك والسندات المدرجة 25.8 في المائة، لتبلغ ملكيتها 362.76 مليار ريال، مقارنة بنحو 288.28 مليار ريال بنهاية 2020، حيث تعود ملكيتها لنحو 59 شركة.
ومقارنة بالربع الثالث من 2021، نمت ملكية الشركات في الصكوك والسندات المدرجة 1.9 في المائة، لتواصل نمو ملكيتها للربع الـ15 على التوالي، إلا أن معدل النمو هو الأدنى منذ الربع الرابع 2020.
وتسيطر الشركات على نحو 78.6 في المائة من قيمة الصكوك والسندات المدرجة في السعودية بنهاية العام الماضي، مقارنة بنحو 71.7 في المائة في 2020.
ومن حيث النسبة، تأتي الجهات الحكومية وشبه الحكومية ثانيا بعد الشركات من حيث الملكية، لتستحوذ على 18.6 في المائة بقيمة تبلغ 85.92 مليار ريال بنهاية العام الماضي، متراجعة بشكل طفيف 0.4 في المائة على أساس سنوي.
وتأتي الصناديق في المرتبة الثالثة بما فيها الصناديق الخليجية من حيث نسبة الملكية بقيمة 12.44 مليار ريال، تشكل 2.7 في المائة من قيمة الصكوك والسندات المدرجة. وتراجعت ملكية الصناديق بشكل واضح بنهاية العام الماضي بواقع 55.1 في المائة، بعدما كانت ملكيتهم عند 27.67 مليار ريال بنهاية 2020.
المرابحات
كانت شركة "مركز إيداع الأوراق المالية" قد أعلنت في 2017 الانتهاء من تسجيل إصدارات الدين العام الحكومية، وتضمن الإعلان الكشف عن أدوات مرابحة "وهي أدوات دين تم إصدارها من أجل التسهيل على البنوك الإسلامية شراء الدين السيادي" بين الفترة 2015 و2016. ووصل عدد أدوات المرابحات إلى عشر أدوات خلال تلك الفترة قبل أن يتناقص عددها لاحقا. والمرابحات الحكومية مسجلة، ولكنها غير متداولة بسبب أن الشريعة تمنع تداول ديون المرابحات. وإذا تم التداول، فلا بد أن يتم التداول بالقيمة الاسمية، ولكن في العادة عندما يكون هناك تداول، فإن ذلك يعني أنه سيكون هناك ارتفاع وانخفاض في قيمة هذه الأوراق المالية، ولو تحقق ذلك فهذا يعني تداول الديون، وهذا ما تحرمه الشريعة.
وحدة التقارير الاقتصادية