أصداء الأزمة البريطانية .. صناديق المعاشات تعاني ضائقة مالية

أصداء الأزمة البريطانية .. صناديق المعاشات تعاني ضائقة مالية

قد تواجه مئات من الشركات البريطانية مطالب بضخ أموال أكبر من برامجها التقاعدية، بعد حدوث تصدعات في استراتيجيات التحوط الخاصة بصناديق المعاشات التقاعدية خلال أزمة الشهر الماضي في أسواق الديون في المملكة المتحدة.
شهدت أسعار ديون الحكومة البريطانية انخفاضا سريعا عقب إعلان كواسي كوارتنج وزير المالية المقال، تخفيضات ضريبية غير ممولة، الأمر الذي هدد بخروج الأمور عن السيطرة، عندما قامت بعض خطط المعاشات التقاعدية ببيع السندات الحكومية للوفاء بمطالب ما يسمى استراتيجيات الاستثمار المدفوعة بالالتزامات.
على مدى عقدين، ساعدت هذه الاستراتيجيات أنظمة المعاشات التقاعدية على إدارة المخاطر التي يتعرض لها المتقاعدون، وهي مخاطر تنشأ عن التحولات في التضخم وأسعار الفائدة.
وعزز بنك إنجلترا دعمه لبرامج التقاعد الإثنين عبر توسيع نطاق الضمانات التي يمكن التعهد بها في تسهيلاته التمويلية الجديدة قصيرة الأجل. لكن المزودين يقولون إنهم سيظلون يواجهون مطالب بضمانات احتياطية أكبر كتأمين من برامج المعاشات التقاعدية، ما يعني أنه قد يتعين على البرامج الاعتماد بشكل أكبر على أرباب العمل.
قال ستيف هودر، شريك مع مستشاري مخاطر التأمين لين كلارك آند بيكوك، "تواجه بعض البرامج قرارات صعبة، حيث أصبحت استراتيجيات الاستثمارات المدفوعة بالالتزامات أقل فعالية. قد يؤدي تقليل أو إنهاء تحوطاتهم إلى مزيد من التقلبات (...) أو إلى خفض عوائد الاستثمارات المتوقعة. وعوضا عن ذلك، فإن تقليل أصول النمو لتمويل هوامش تحوط أعلى من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض عوائد الاستثمار المتوقعة. وهنا قد تطلب من أصحاب العمل مزيدا من المساهمات النقدية المستمرة".
كانت الاستثمارات المدفوعة بالالتزامات في قلب الأزمة المالية، قبل أسبوعين، عندما أدى الارتفاع الحاد وغير المسبوق في عائدات السندات الحكومية إلى طلبات نقدية طارئة من قبل آلاف من برامج المعاشات التقاعدية التي تحتفظ بالعقود.
وتدخل بنك إنجلترا لتحقيق الاستقرار في السوق ببرنامج لشراء السندات قيمته 65 مليار جنيه استرليني عندما كانت خطط صناديق التقاعد تكافح لتلبية طلبات الأموال في الوقت المناسب وعمقت الانخفاض في أسعار السندات.
وردا على ذلك، قام أكبر مديري برامج الاستثمارات المدفوعة بالالتزامات في السوق بالفعل بخفض مستويات المخاطر، خاصة في الصناديق المجمعة، وطلبوا من البرامج الاحتفاظ بضمانات تصل قيمتها إلى الضعفين للحفاظ على تحوطاتهم الأصلية، كما يقول مستشارو الاستثمار.
قال هودر، من شركة لين كلارك آند بيكوك "إننا نشهد ظهورا طبيعيا جديدا لمستويات منخفضة بشكل منهجي لمديونية الاستثمارات المدفوعة بالالتزامات. ساعدت الاستثمارات المدفوعة بالالتزامات على التخفيف من تكلفة برامج المعاشات التقاعدية لعديد من أرباب العمل، وحافظت على بقائهم خلال الفترة الصعبة التي انخفضت فيها عوائد السندات. ومن الناحية الفعلية، هذا خيار الآن لن تكون قادرة على استخدامه بالكفاءة نفسها".
في المدى الطويل، الانخفاض في أسعار السندات في المملكة المتحدة وغيرها يساعد برامج المعاشات التقاعدية، لأنه يوفر عوائد أعلى من الأصول ذات المخاطر الضئيلة، وغالبا مع مواعيد استحقاق طويلة الأجل بما يتماشى مع التزاماتها تجاه المتقاعدين.
لكن في المدى القصير، تواجه البرامج خيار بيع الأصول ذات العوائد الأعلى للحفاظ على تحوطاتها، أو تقليل حماية استراتيجيات التحوط، أو التخلي عنها. ومن شأن الأخير أن يترك المتقاعدين عرضة لتقلبات الأسعار والتضخم في المستقبل.
قال سايمون دانيال، وهو شريك في فريق المعاشات التقاعدية في شركة إيفرشيدز سذرلاند للمحاماة "دون أن تقوم برامج الاستثمارات المدفوعة بالالتزامات بعملها السابق، قد تكون هناك آثار في أصحاب العمل من منظور مالي ومحاسبي".
ويرى هودر أن تحسين وضع التمويل الإجمالي قد يمنع عديدا من أرباب العمل من تقليل الحماية التحوطية، لكن ربع البرامج التي كانت تنفذ الاستثمارات المدفوعة بالالتزامات قبل الاضطرابات قد يواجه تحديا نقديا أصعب الآن.
في الأسبوع الماضي، قدر نيكش باتيل، رئيس حلول العملاء في بنك فان لانشوت كمبن الهولندي الخاص، الذي يستثمر في الاستثمارات المدفوعة بالالتزامات، أن برامج المعاشات التقاعدية يجب أن تأتي بما يصل إلى 280 مليار جنيه على شكل مبيعات أصول لإعادة تمويل سعر الفائدة والتحوط ضد التضخم بالكامل، مع مستويات منخفضة جديدة من المديونية.
استنادا إلى محللين في وكالة "فيتش" للتصنيف، الشهية لحلول الاستثمارات المدفوعة بالالتزامات من خلال برامج المعاشات التقاعدية "ستتضاءل بشكل كبير" بسبب الأزمة، وأكدوا على مخاطر صناديق الاستثمار المدفوعة بالالتزامات التي استفادت بشكل كبير من المشتقات المالية. وقالوا "على وجه الخصوص، سيكون الطلب على هياكل الاستثمارات المدفوعة بالالتزامات ذات المديونية قد تلقى ضربة قاسية".
في غضون ذلك، وجد تحليل لشركة كلير جلاس لبرامج المعاشات التقاعدية التي تبلغ قيمة أصولها الخاضعة للإدارة 500 مليار جنيه، أن البرامج التي تبلغ قيمتها 400 مليون جنيه أو أكثر، التي تخصص نحو ثلث أصولها، لديها أكبر تعرض للاستثمارات المدفوعة بالالتزامات. تم إجراء التحليل في 2020 - 2021، قبل الأزمة.
رفض اتحاد الصناعة البريطاني الذي يمثل آلافا من أرباب العمل في المملكة المتحدة، التعليق.

الأكثر قراءة