في سبيل كبح التضخم .. الجفاف يجتاح القطاع العقاري الأمريكي

في سبيل كبح التضخم .. الجفاف يجتاح القطاع العقاري الأمريكي

سماسرة العقارات ووسطاء الرهن العقاري والمثمنون في جميع أنحاء الولايات المتحدة يستعدون لخفض الوظائف على نطاق واسع مع انخفاض مبيعات المنازل وسط ارتفاع أسعار الفائدة.
بالنسبة للذين يعملون في سوق الإسكان والقطاعات المرتبطة بها، كان تأثير التحركات العدوانية من قبل الاحتياطي الفيدرالي لخفض التضخم سريعا وشديدا.
قالت ليندا ماكوي، رئيسة مجلس إدارة الجمعية الوطنية لسماسرة الرهن العقاري: "تحول الأمر من وليمة إلى مجاعة، من مرحلة الجميع يسارع للشراء إلى تباطؤ شديد".
يقول سماسرة العقارات، ووسطاء الرهن العقاري، والمثمنون، ومجموعات البناء إنهم فقدوا ما يصل إلى 80 في المائة من عائداتهم منذ أن بدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة في آذار (مارس). منذ ذلك الحين، تضاعفت أسعار الفائدة الثابتة على الرهن العقاري لمدة 30 عاما - عند 6.66 في المائة - وهي الآن في أعلى مستوى لها منذ 2008.
تراجعت مبيعات المنازل بسرعة، حيث أدى ارتفاع تكاليف الاقتراض ومخاوف الركود إلى تثبيط عزيمة المشترين. في آب (أغسطس)، تراجع عدد المنازل التي تم بيعها نحو 20 في المائة مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وفقا للجمعية الوطنية للوسطاء العقاريين. بالنسبة لأصحاب العقارات ووسطاء الرهن العقاري، الذين يعملون في الأغلب بالعمولة، فقد دمرت السوق المتغيرة سبل عيشهم ودفعت الآخرين إلى الخروج من الميدان تماما.
قال كين جونسون، خبير في الاقتصاد العقاري في جامعة فلوريدا أتلانتيك، الذي كان أيضا وسيطا عقاريا سابقا: "ستكون هناك هزة كبيرة. هناك نحو 1.5 مليون سمسار عقارات، لكن هذا الرقم سينخفض 20 في المائة خلال عامين. هؤلاء ليسوا الأعضاء الوحيدين في صناعة العقارات الذين يعتمدون بشكل كبير على حجم الصفقات. هناك وظائف أطراف ثالثة مثل المثمنين، ومقرضي الرهن العقاري، وصولا إلى مفتشي النمل الأبيض".
كان مقرضو الرهن العقاري من بين أول من قلص عدد موظفيهم. في نيسان (أبريل)، قام "ويلز فارجو"، الذي يقدم قروضا عقارية أكثر من أي مصرف أمريكي آخر، بتسريح نحو 200 من معالجي القروض ومديريهم، وألقى باللوم على "التغييرات الدورية في بيئة إقراض المنازل الأوسع". أعلنت "يو إس أيه أيه" و"سيتي جروب" و"جيه بي مورجان تشيس" لاحقا عن تخفيضات في قوتها العاملة في قطاع الإقراض العقاري.
خرج مقرضون مستقلون آخرون، بما في ذلك شركة سبروت للرهون العقارية وشركة فيرست جارنتي للرهون العقارية، من مجال العمل.
قام بعض وسطاء الرهن العقاري باستخدام نحو ثلث أعمالهم في إعادة تمويل الرهون العقارية الحالية، حيث كانت المعدلات تقترب من أدنى مستوياتها القياسية في الأعوام الأخيرة، لكن طلبات إعادة التمويل انخفضت 80 في المائة خلال العام الماضي، وفقا لجمعية المصرفيين للرهن العقاري. خلال الفترة نفسها، تراجعت طلبات الرهن العقاري الجديدة 29 في المائة.
قالت ماكوي: "الطريقة التي تفاقم بها تراجع هذه المعدلات بهذه السرعة تكاد تكون كارثية على الصناعة".
خلال ذروة السوق العام الماضي، عمل 1.5 مليون أمريكي، وهو رقم قياسي، بصفتهم وكلاء عقارات. يعد الحصول على ترخيص عقاري أسهل من الدخول في صناعات أخرى تحقق أرباحا مرتفعة، حيث لا يتطلب سوى شهادة الدراسة الثانوية وثلاثة إلى ستة أشهر من التدريب الذي ينتهي بتقديم الامتحان. اندفع الآلاف من العمال الجدد مع تصاعد أسعار المساكن خلال جائحة كوفيد، على أمل الاستفادة من ساعات العمل المرنة والأرباح العالية. في 2020 و2021 وحدهما، انضم نحو 156 ألف شخص إلى الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين. هذا الرقم أعلى 60 في المائة من العامين السابقين.
قال لورانس يون، كبير الخبراء الاقتصاديين في الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين: "كان ذلك النمو أقوى كثيرا من فرص بيع المنازل التي كانت متاحة. الحقيقة هي أنه لن ينجو الجميع".
في حزيران (يونيو)، قامت "ريدفين" و"كومباس" بتسريح مئات الموظفين. قال جلين كيلمان، الرئيس التنفيذي لشركة ريدفين، للموظفين إنه يخشى "انخفاض مبيعات المنازل لأعوام، وليس أشهرا". قالت "كومباس" إن تسريحها للموظفين جاء "بسبب المؤشرات الواضحة على تباطؤ النمو الاقتصادي"، قبل إلغاء مزيد من الوظائف الشهر الماضي.
على الرغم من أن معدلات تسريح الموظفين التي تتعقبها وزارة العمل أظهرت أن التغير الذي حدث في عدد العاملين في قطاع العقارات الذين ألغيت وظائفهم كان بسيطا، كان عددهم 16 ألف موظف في أغسطس، إلا أن جونسون قال إن معظم الوكلاء يعملون بصفتهم مقاولين مستقلين ولا يتم احتسابهم في بيانات الوظائف. توقع أن يقوم كثير منهم بتوجيه نماذج أعمالهم أو تولي وظائف ثانية لزيادة دخلهم.
في يونيو، قام شاين سكيلي، وكيل عقارات وتجديد منازل في سان دييجو، "بتجميد" أعمال ذراع تجديد المنازل التابعة لشركته بسبب اختفاء المشترين المحتملين. الآن، تركز شركته ليفت كوست العقارية على تسهيل أعمال التجديد للعملاء السابقين.
قال سكيلي: "لم يكن الوضع قاسيا في البداية، لكن على مدار الشهرين الماضيين، تسارعت الأمور بالفعل. إنه تصحيح أكثر أهمية قليلا مما كنت أعتقد أنه سيكون".
قال مايك باباس، الرئيس التنفيذي لشركة ذا كيز للوساطة العقارية ومقرها فلوريدا، إنه يفكر في تقليص التكاليف العامة على المكاتب والتسويق على أمل تجنب الاضطرار إلى تسريح أي من وكلاء شركته البالغ عددهم 3300 شخص. قال: "علينا أن نستجيب بشكل كبير للتكيف مع الوضع الطبيعي الجديد".
بالنسبة لكثير من الشركات، انخفاض مبيعات المنازل قد يدفعهم إلى الخروج من مجال العمل تماما، كما قال جونسون من جامعة فلوريدا أتلانتيك. "معظم الشركات في القطاع اليوم لم يسبق لها أن باعت منازل في بيئة سعر الفائدة على الرهن العقاري تبلغ 7 في المائة لمدة 30 عاما. ارتفع سعر الفائدة على الرهن العقاري بشكل كبير وأعتقد أن كثيرا من الناس ينظرون حولهم قائلين: ’أتعلم، ما الذي سيحدث بعد ذلك؟‘".

الأكثر قراءة