رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


تعليم العربية بأسلوب عصري

لم تكن اللغة العربية بحاجة إلى من يعلمها لأطفال العرب في الزمن القديم، فقد كان المولود يرضع اللغة مع حليب أمه ويعيش في بيئة كلها تتحدث بالعربية الفصحى نثرا وشعرا. ويكفي أن نستمع إلى تلك الفتاة الصغيرة التي أوكل لها والدها المحافظة على قربة ماء كي لا ينسكب على الأرض، فلما فشلت في ذلك وهي تمسك بفم تلك القربة نادت والدها قائلة "يا أبي أدرك فاها قد غلبني فوها لا طاقة لي بفيها". وفي ذلك العصر اشتهر شعراء العربية من أصحاب المعلقات وغيرهم حتى قيل إن الشعر ديوان العرب، وجاء الإسلام وأسهم نزول القرآن الكريم بهذه اللغة في تهذيب مفردات اللغة عامة والشعر خاصة. ثم بدأت جموع كثيرة في العالم مسلمين وغير مسلمين تسعى إلى تعلم اللغة العربية، وقامت معاهد ومراكز في عدد من البلدان لتعليم العربية، لكن معظمها لم يوفق، حيث يؤخذ عليها أنها تعلم العربية بلغة متكلفة لا تصلح للحديث في الحياة العامة، أو بلهجات محلية مفرطة في العامية.
وأمام ازدياد الرغبة في تعلم اللغة العربية الصحيحة والبسيطة بأسلوب عصري، أو ما يسمى "اللغة البيضاء" اتجهت الأنظار إلى بلد الإسلام والعروبة التي منها انطلقت هذه اللغة العظيمة. وضمن مبادرات بلادنا لخدمة البشرية، تم تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، بهدف خدمة اللغة العربية عالميا، وتعزيز إسهامها الحضاري والعلمي والثقافي بالوسائل المختلفة. ومن أهداف المجمع، المحافظة على سلامة اللغة العربية، والعمل على نشرها ونشر ثقافتها، وتيسير تعلمها وتعليمها، وإيجاد البيئة الملائمة لتطويرها، وإحياء تراث اللغة العربية دراسة وتحقيقا ونشرا. ومن المشاريع المهمة لمجمع الملك سلمان، إيجاد معمل لابتكار أدوات تعليم حديثة في مجال اللغة العربية، وتأسيس مراكز عالمية لتعليم العربية ونشر الثقافة السعودية، إضافة إلى تقديم دورات لمعلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها. ووضع معجم اللغة العربية المعاصرة.
وأخيرا، في حديث مع الدكتور عبدالله الوشمي، أمين عام مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، عند زيارتي له في جناح المجمع بمعرض الرياض الدولي للكتاب، قال: لدينا برنامج لتعليم الدبلوماسيين الأجانب العاملين في السعودية اللغة العربية، وتم اعتماد هذا البرنامج، وسيتم إطلاقه كانون الأول (ديسمبر)، (جمادى الأولى) المقبل، والمتوقع أن يجد هذا البرنامج إقبالا مميزا جدا، وذلك لأن نوعية التعليم التي ستقدم رفيعة، والشريحة المستهدفة موجودة في بلادنا والمنطقة القريبة منها.
والخلاصة، أن هذا المجمع الحديث، الذي كما أشير في أهدافه يعلم اللغة العربية بأسلوب عصري لن يكون مفيدا فقط للأجانب غير الناطقين بالعربية، وإنما لأجيالنا القادمة التي بدأ تركيزها في تعلم اللغة العربية يقل، في ظل منافسة اللغات الأخرى عبر وسائل التقنية الحديثة التي لم تضع اللغة العربية ضمن برامجها، وساعدت المدارس العالمية على ترسيخ أن تكون العربية لغة ثانوية، والمؤكد أننا نرحب بتعلم اللغات الأخرى، لكن ليس على حساب لغتنا الجميلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي