أزمة العقار المالية .. عدوى تجري في شرايين الاقتصاد الصيني

أزمة العقار المالية .. عدوى تجري في شرايين الاقتصاد الصيني
أزمة العقار المالية .. عدوى تجري في شرايين الاقتصاد الصيني

تجد لوسي وانج نفسها في النهاية الحادة من الأزمة التي تتسرب إلى سوق العقارات في الصين. كانت تحلم في وقت من الأوقات بأن شراء شقة قيد الإنشاء في مدينة تشنجتشو الشمالية سيكون بمنزلة تذكرتها لحياة جديدة.
بالنسبة إلى امرأة شابة أتت من قرية زراعية، كانت الدفعة الأولى البالغة 250 ألف رنمينبي "34،839 دولارا" التي استخدمتها لتأمين العقار بمنزلة نفقة كبيرة. جاء نصف المبلغ من والديها، اللذين وضعا جانبا أعواما من المدخرات الضئيلة من بيع البطاطس والقمح اللذين زرعاهما في قطعة أرض العائلة.
بدا كل شيء على ما يرام حتى تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، عندما توقف فجأة نشاط البناء في المجمع السكني الذي اشترت فيه. في البداية، قالت "كانت شركة التطوير ميلينج إنترناشيونال هاوس تراوغ بشأن موعد استئناف البناء، ثم بدأ ممثلوها يطلقون كما هائلا من الأعذار غير المحتملة".
في يوليو تلاشى أمل وانج، حيث أخبرها مكتب الإسكان المحلي ومشترون آخرون بأن أموالهم "استخدمت بطريقة خاطئة". قالت "لقد فقدت ثقتي بالمطور. لقد دمر هذا حياتي".
إن وانج ضحية الكآبة الاقتصادية المتفاقمة للصين. فقد أصبحت سوق العقارات التي أسهمت بنحو ربع الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد الماضي فاسدة، ما أدى إلى سلسلة من الآثار الثانوية التي تخنق النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. لوجان رايت، الشريك في شركة روديوم جروب الاستشارية، التي تتخذ من هونج كونج مقرا لها، يصف الوضع بأنه "أزمة مالية بطيئة الحركة".
تنتشر العدوى في الأنسجة العميقة للاقتصاد السياسي الصيني. ما بدأ كأزمة في قطاع العقارات - تميزت بهبوط مبيعات الشقق وطفرة من التخلف عن سداد الديون من قبل المطورين - يتحول الآن إلى أزمة مالية على مستوى الحكومات المحلية.
يلوح في الأفق عالم جديد من الخيارات الصعبة أمام صانعي السياسة الصينيين، حيث يبدو أن مؤتمرا حاسما للحزب الشيوعي الحاكم هذا الشهر على وشك منح فترة ولاية أخرى لحاكم الصين شي جين بينج.
مع تراجع السوق، فإن آلافا من وسائل تمويل الحكومات المحلية، التي قدمت منذ الأزمة المالية الدافع الرئيس وراء النمو المدفوع بالاستثمار في الصين، إما تنقصها الأموال أو تتأرجح على شفا حالات غير مسبوقة من التخلف عن السداد، كما يقول المحللون. لطالما اعتمدت الحكومات المحلية على بيع الأراضي لمطوري العقارات لموازنة دفاترها.
سوق العقارات الهابطة، ومحركات الاستثمار المتعثرة للحكومات المحلية والعبء الثقيل للديون الوطنية، تشير إلى نهاية أنموذج النمو الذي لم يغير الصين فحسب، بل كان أيضا أكبر مولد للتوسع الاقتصادي العالمي لأكثر من عقد من الزمان.
تقول دان وانج، كبيرة الاقتصاديين في بنك هانج سنج، بنك يقع مقره في هونج كونج ولديه عمليات مهمة في الصين القارية، "إن الاقتصاد وصل إلى نقطة تحول، وتضيف "لقد انتهى الأنموذج القديم الذي يعتمد على البنية التحتية والإسكان".
من المحتمل أن يكون أحد التحولات التالية، وفقا لرايت، حالات تخلف غير مسبوقة عن السداد من قبل وسائل تمويل الحكومات المحلية على السندات المحلية التي تصدرها. إذا تخلفت وسائل تمويل الحكومات المحلية عن السداد، فسيشير ذلك إلى عبور "نقطة اللا عودة"، على حد قوله.
يرجع ذلك جزئيا إلى أن هذه السندات - التي مولت إنشاء الطرق والسكك الحديدية ومحطات الطاقة والمطارات والمتنزهات ومئات من أجزاء البنية التحتية الأخرى - يفترض أنها تتمتع بضمان حكومي ضمني. والأهم من ذلك، أنه يمكن لحالات التخلف عن السداد هذه أن تزعزع جبلا من الديون البالغة 7.8 تريليون دولار التي تراكمت بواسطة وسائل تمويل الحكومات المحلية، ما يبعث بشعور من الخوف خلال اقتصاد متباطئ بالفعل.
لتوضيح ذلك، فإن هذا الرقم الخاص بديون وسائل تمويل الحكومات المحلية يعادل نحو نصف إجمالي الناتج المحلي للصين في 2021، أو مثلا ضعف حجم الاقتصاد الألماني.
في الأسواق الحرة في الغرب، يمكن أن تندلع الأزمات المالية بشكل مفاجئ، ما يأخذ الحكومات والمستثمرين على حين غرة. لكن في الاقتصاد الصيني الذي تقوده الدولة، تنتشر العيوب بشكل أبطأ مع نشر بكين لرأس المال السياسي والمالي لمحاربة هذا الاتجاه. يقول المحللون "إن هذا يعطي الإجراءات هالة مهيبة بشكل أكبر، لكن لا يعني أن المشكلات الأساسية أقل حدة".
إن التداعيات العالمية للتباطؤ الاقتصادي الصيني صارخة. مساهمة الدولة في الاقتصاد العالمي، التي تضررت سابقا من التباطؤ الحاد في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، ستتراجع بشكل أكبر. قد تضطر الشركات متعددة الجنسيات التي تجني كثيرا من نمو إيراداتها من الصين إلى خفض توقعات الأرباح.
يقول تشين زيوو، أستاذ التمويل في جامعة هونج كونج "وصل أنموذج النمو الصيني إلى نهاية مسيرته"، ويضيف "إنه في الأعوام القليلة الماضية، حاولت بكين توسيع نطاق الازدهار في العقارات والبنية التحتية من أجل إطالة أمد النمو الذي يقوده الاستثمار، لكن الآن، لم يتبق في جميع هذه المحركات سوى مساحة صغيرة، هذا إن وجدت على الإطلاق".

3 خطوط حمراء

تكشف متاعب وانج عن جانب مهم لما تعانيه سوق العقارات. كانت قد اشترت "عقارا قبل الاكتمال"، نوع من الاستثمار الذي عمل بشكل مرض عندما كانت مبيعات الشقق مزدهرة وكانت أسعار العقارات في ارتفاع مستمر تقريبا.
بموجب هذا النموذج، يقوم المشترون بتسليم دفعة أولى تبلغ عادة 30 في المائة من قيمة الشقة. ثم يبدأون في دفع أقساط الرهن العقاري الشهرية، حيث يبني المطور الشقق من الألف إلى الياء. إذا نجح كل شيء، فسيتسلم المشتري شقة جديدة في تاريخ معين، سعداء بتوقع أن تكون قيمة الشقة أكبر مما كانت عليه عندما بدأ البناء.
لكن عدة عوامل اتحدت لتقويض هذا الترتيب المريح.
في أغسطس 2020، فرضت الحكومة الصينية - التي خافت من شبح فقاعة عقارية تغذيها الديون - "ثلاثة خطوط حمراء" على المطورين لتقييد قدرتهم على إضافة مستويات ديون متهورة بالفعل. وهذا، بدوره، ترك بعض المطورين ذوي المديونية العالية دون وسائل لإنهاء المجمعات السكنية التي سبق لهم بيعها.
مع جفاف أموال المطورين، تلاشى نشاط البناء في بعض المباني السكنية. واحتجاجا على ذلك، قاطع مئات الآلاف من أصحاب الشقق المحتملين هذا العام الرهون العقارية التي تعهدوا بدفعها على أكثر من 300 مشروع تطوير في نحو مائة مدينة.
كانت وانج واحدة من هؤلاء المحتجين. تقول "إنها توقفت عن دفع قسط الرهن العقاري الشهري البالغ 3,800 رنمينبي في يونيو". على أي حال، كان من الصعب عليها تحمل الدفعات لأن وظيفتها كوكيلة مبيعات لمشروب "بايجيو"، مشروب كحولي، تضررت بسبب التباطؤ الاقتصادي الأوسع في الصين.
تقول وانغ "لست متفائلة بشأن المشروع. سمعت أنه تم اعتقال مسؤول تنفيذي في شركة التطوير أخيرا".

العدوى الاقتصادية

تكشف المصائب الشخصية المشابهة لحالة وانج عن التكلفة البشرية للعدوى التي بدأت تجري في الشرايين الرئيسة للاقتصاد الصيني.
"تتمثل المرحلة التالية من أزمة العقارات في انتقال الخسائر من مطوري العقارات إلى النظام المالي الصيني" كما قال رايت، متتبعا خطا واضحا للسبب والنتيجة من المشاريع العقارية المتوقفة الحالية إلى أزمة ديون الحكومات المحلية، وانخفاض مستويات الاستثمار وأخيرا إلى إمكانية عمليات الإنقاذ الطارئة.
آليات الانتقال هذه نشطة بالفعل.
أدت سياسة "الخطوط الحمراء الثلاثة" التي أوقفت مشروع شركة ميلينج إنترناشيونال هاوس إلى ضرب الموارد المالية لشركات التطوير العقاري، التي تخلفت مجتمعة عن سداد مدفوعات قياسية بلغت 31.4 مليار دولار من السندات الخارجية بالدولار بحلول أغسطس، كما تضررت شركات التطوير جراء انهيار إيرادات الشركات: تظهر الأرقام الرسمية أن مبيعات المنازل في الصين تراجعت 30 في المائة في النصف الأول من العام إلى نحو 6.6 تريليون رنمينبي.
نظرا لأن المطورين يعانون النقص في الدخل، اضطروا إلى خفض مشترياتهم من الأراضي للمشاريع الجديدة. لطالما كانت مبيعات الأراضي هذه شريان حياة للحكومات المحلية، حيث تمثل نحو 40 في المائة من إيراداتها السنوية الأخيرة، وفقا لوكالة موديز للتصنيف. وهذا بدوره جعل الحكومات المحلية أقل قدرة بكثير إما على دفع النمو عبر استثمارات البنية التحتية أو سداد ديونها الهائلة.
أصبح الحجم المحتمل لهذه المشكلة واضحا عبر الأرقام. حسب الأرقام الرسمية، فإن الانخفاض في إيرادات مبيعات الأراضي الحكومية المحلية في الأشهر الثمانية حتى أغسطس كان 28.5 في المائة على أساس سنوي أو، من الناحية النقدية، انخفاض 1.4 تريليون رنمينبي عن الفترة نفسها من العام الماضي. إذا تم حساب هذا الاتجاه سنويا، فسينتج عنه انخفاض عام كامل قدره 2.5 تريليون رينمينبي، كما يشير رايت.
يمثل هذا النقص أكثر من نصف 4.5 تريليون رنمينبي من ديون وسائل تمويل الحكومات المحلية التي من المقرر أن تستحق قبل نهاية يونيو 2023، وفقا لشركة ويند، شركة تزويد لقواعد البيانات. النتيجة هي أنه - في غياب خطة إنقاذ كبيرة من بكين - ستكافح الحكومات المحلية للوفاء بديون ما لا يقل عن بعض الآلاف من وسائل تمويل الحكومات المحلية التي تمتلكها.
يقول المحللون "إنه في حالة حدوث حالات تخلف عن السداد، فإنهم يخاطرون بزعزعة استقرار المجموعة الكاملة من ديون وسائل تمويل الحكومة المحلية، التي بلغت نحو 54 تريليون رنمينبي (7.8 تريليون دولار) في نهاية 2021" وفقا لشركة ويند. في أعقاب حالات التخلف عن السداد، من المحتمل أن تترسخ عمليات التوجه إلى الأمان، ما يدفع المؤسسات المالية الصينية إلى تجنب سندات وسائل تمويل الحكومات المحلية من تلك المقاطعات ذات الأداء المالي الأضعف، وفقا للخبراء.
تقدر وكالة "موديز" أن الحكومات الإقليمية والمحلية ستعاني هذا العام فجوة تمويلية إجمالية - النقص بين الإيرادات والنفقات من جميع المصادر - بقيمة 7.5 تريليون رنمينبي "1.05 تريليون دولار". ومرة أخرى، فإن هذا النقص منتشر بشكل غير متساو، حيث ينظر إلى مقاطعات مثل جوانجشي، وفوجيان، ويونان وسيتشوان على أنها معرضة للخطر بشكل خاص.
ترى آن ستيفنسون يانج، المؤسسة المشاركة للشركة الاستثمارية الناشطة جيه كابيتال ومقرها الولايات المتحدة، أن المشكلات التي تعانيها وسائل تمويل الحكومات المحلية هي نتاج عدم كفاءة الجهات الفاعلة الصينية المملوكة للدولة.
تقول ستيفنسون يانج "أخذت وسائل تمويل الحكومات المحلية ديونا بنحو 6 في المائة وحصلت على عوائد من الأسهم ربما بنسبة 1 في المائة. ويعتمد معظمها على الإعانات من الحكومات المحلية. لكن الآن بعد أن انخفضت إيرادات الحكومات المحلية من مبيعات الأراضي، توقف كثير من الإعانات".
وتضيف "إن السؤال الكبير هو: كيف ستقوم وسائل تمويل الحكومات المحلية بالسداد؟".
من المفارقات المصيرية في سرد وسائل تمويل الحكومات المحلية في الصين أن منصات التمويل هذه كان ينظر إليها على أنها منقذة الدولة منذ أكثر من عقد بقليل. في أعقاب الأزمة المالية العالمية 2008، نظرت بكين إلى الحكومات المحلية لعكس مسار التراجع السريع في نمو الناتج المحلي الإجمالي. استجابت وسائل تمويل الحكومات المحلية بإطلاق طفرة استثمارية ممولة من خلال إصدار السندات التي أدت إلى إبعاد الاقتصاد الصيني عن المخاطر.
الآن، على النقيض من ذلك، فإن تجاوزات وسائل تمويل الحكومات المحلية - التي يقدر عددها بعشرة آلاف في جميع أنحاء الدولة - هي التي تهدد بإلحاق الضرر بالاقتصاد.

تداعيات عالمية

على الرغم من أن أصول انهيار وسائل تمويل الحكومات المحلية في الصين تكمن في فترات التراجع المبهمة للاقتصاد السياسي الصيني، فمن المرجح أن تكون التداعيات ذات أهمية عالمية.
تتحد نقاط ضعف الحكومة المحلية مع رياح هيكلية معاكسة أخرى لإعاقة ديناميكية الدولة. ووفقا لتوقعات البنك الدولي الشهر الماضي، فإن الناتج الاقتصادي للدولة هذا العام سيتخلف عن بقية آسيا للمرة الأولى منذ 1990.
عدل البنك الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بالانخفاض إلى 2.8 في المائة، مقارنة بـ8.1 في المائة العام الماضي. وعلى النقيض من ذلك، فإن التوقعات بالنسبة إلى بقية شرق آسيا والمحيط الهادئ ستنمو 5.3 في المائة هذا العام، مرتفعة من 2.6 في المائة في العام الماضي.
يمثل الواقع الجديد للصين تحولا زلزاليا في ملامح الاقتصاد العالمي. في العقد من 2000 إلى 2009، بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين 10.4 في المائة سنويا. تراجع هذا الأداء الاستثنائي خلال العقد من 2010 إلى 2019، لكن الناتج المحلي الإجمالي السنوي نما رغم ذلك بمعدل 7.7 في المائة.
إذا استمرت توقعات الأداء السيئ للصين هذا العام، فسيفقد العالم أقوى محرك لازدهاره. ففي الأعوام بين 2013 و2018 - وفقا لدراسة أجراها صندوق النقد الدولي - أسهمت الصين بنحو 28 في المائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي حول العالم، أي أكثر من ضعف نصيب الولايات المتحدة.
أدى أكبر انخفاض في إنتاج الأسمنت الصيني منذ ما لا يقل عن عقدين إلى تراجع الإنتاج العالمي لمواد البناء، ما يوضح كيفية ضرب الأزمة في قطاع العقارات الواسع في البلاد للصناعات الأخرى التي تعتمد عليها في النمو. وفقا للبيانات التي قدمتها الرابطة العالمية للأسمنت، انخفض إنتاج الأسمنت العالمي 8 في المائة على أساس سنوي إلى 1.9 مليار طن في الأشهر الستة الأولى من 2022.
إن عديدا من العوائق الهيكلية بعد أزمة الديون تتحد للحد من إمكانات الدولة، فعدد السكان الذي بلغ ذروته إلى جانب مجتمع يتقدم في العمر سريعا، هما اتجاهان من بين عديد من الاتجاهات السائدة الأخرى التي يبدو أنها ستضعف النشاط الاقتصادي على المدى المتوسط.
الشعور بمدى عمق هذه المخاوف داخل الصين يتجلى من التشاؤم الذي بدأ يصيب الشركات متعددة الجنسيات العاملة في الصين والمستثمرين - الأجانب والمحليين - في أسواقها المالية.
أصدرت غرفة التجارة الأوروبية في الصين هذا الشهر أكثر "ورقة موقف" قتامة على الإطلاق، وفقا لما قاله يورج ووتكي، رئيس الغرفة. وحذرت الغرفة من أن "مشاركة الشركات الأوروبية في الصين لم يعد من الممكن اعتبارها أمرا مفروغا منه"، وأضافت أن "الصين تفقد جاذبيتها كوجهة استثمارية بسرعة كبيرة".
أشارت الغرفة، التي تضم أكثر من 1700 شركة في عضويتها، إلى أن كلا من سياسات "صفر كوفيد" الصينية، و"أزمة الديون"، وانهيار قطاع العقارات، والرياح الديموغرافية المعاكسة، وتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي، كلها عوامل تسهم في بيئة عمل أصعب للشركات الأوروبية.
ذكرت "ورقة الموقف" الصادرة عن الاتحاد الأوروبي أن "القائمة المتزايدة من التحديات تدفع كثيرين إلى تقليل وتوطين وعزل عملياتهم في الصين".
في أوساط مستثمري المحافظ الأجانب، تحول الحماس للسوق المالية الصينية منذ بضعة أعوام إلى غبار، إذ يقول آندي ماينارد، وهو متداول في بنك تشاينيز رينيسانس الاستثماري في هونج كونج "أود أن أقول إن الحيازات الصينية ستكون على الأرجح بالنسبة إلى مدير أموال دولي عند أدنى مستوى لها منذ عقد".
ويضيف "ما كان محبوبا من 2018 إلى 2021 تحول إلى حالة مشكلات مالية واقتصادية، وقد عكست الأسعار ذلك. يمكنك التحدث إلى صناديق التحوط الكبيرة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، التي تتميز بغزارة الإنتاج في هذا الجزء من العالم، وليس لها مركز واحد في الصين".

التباطؤ الهيكلي

بشكل عام، يقول المحللون "إن بكين تحتفظ بإمكانات كبيرة للاستجابات السياسية لمشكلاتها الاقتصادية، ففي الأيام الأخيرة، كشفت السلطات النقاب عن سلسلة من التصريحات تهدف إلى دعم قطاع العقارات، ما أدى إلى انتعاش ضئيل لأسهم الشركات العقارية الصينية المدرجة في هونج كونج".
بشكل مشابه، أصدر صناع السياسة سلسلة من سندات المشاريع الخاصة هذا العام لتعزيز الاستثمار في البنية التحتية، باستخدام حصة أولية بحلول يونيو. ومنذ ذلك الحين، تمت الموافقة على ما مجموعه 2.2 تريليون رنمينبي في إنفاق إضافي للاستثمار في البنية التحتية، وفقا لشركة جافيكال دراجونومكس الاستشارية.
لكن بينما تساعد هذه الإجراءات التحفيزية على إدارة صدمة العقارات، كما يقول توماس جاتلي من "جافيكال دراجونومكس"، فإنها لا تمثل حلا للتباطؤ الهيكلي في الصين، ويضيف "إن الوضع الحالي للاقتصاد ليس توازنا مستقرا".
في الواقع، كما يقول عديد من المحللين، فإن العودة إلى النمو السريع الذي حدث قبل عقد لم يعد يمثل أولوية بالنسبة إلى الصين، إذ يقول محللون "إن قيادة شي تبدو أكثر اهتماما بالأمن والسيطرة أكثر من اهتمامها بتكوين الثروة والنمو الاقتصادي".
كما تقول ديانا تشويليفا، كبيرة الاقتصاديين في شركة إنودو إيكونومكس الاستشارية "على كل من الحزب الشيوعي الصيني والعالم بأسره أن يتصالحوا مع جميع التغييرات العميقة التي تنبع من اقتصاد صيني ينمو في أحسن الأحوال عند نصف مستوى 5 في المائة".

الأكثر قراءة