رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


اقتصاد الجنادب

حين تراها تمشي أو تسمع صوتها تشمئز منها، وتتجه إلى أقرب أداة حولك لقتلها والتخلص منها، لكن هذه الحشرة "الجندب" التي تقتلها هنا، هناك مدينة يقوم اقتصادها عليها، ويخلط الناس كثيرا بين الجنادب والجراد وبين الجندب وصراصير الليل، والحقيقة أنهم أنواع مختلفة من الحشرات، فالجنادب تعد من بين أقدم مجموعة حية من الحشرات آكلات العشب، حيث يعود تاريخها إلى أوائل العصر الترياسي، أي منذ نحو 250 مليون عام. وهناك 11000 نوع من الجنادب يتحول منها عدد قليل إلى جراد، فالجراد مرحلة من مراحل تطور الجنادب!
وفي مدينة سيديان الصينية يعدون الجنادب ثروة قومية، ففي أواخر فصل الصيف من كل عام، يشارك نحو 80 في المائة من السكان المحليين في مدينة سيديان في نشاط جمع جنادب قوية البنية من الحقول المحيطة بالمدينة، وهذا النشاط يدر أموالا كثيرة على سكان المدينة في سوق الجنادب السنوية. إذ بلغ سعر الجندب الواحد نحو 50 ألف يوان أي 27750 ريالا!
فما حكاية تلك الحشرة، ولماذا وصل سعرها إلى هذا الحد؟!
تعود الحكاية إلى مئات الأعوام ففي عصر سلالة تانغ بين 618 و904، حيث كانت الجنادب تنتشر في الحقول المحيطة بمدينة سيديان، في مقاطعة شاندونغ الصينية، واشتهرت هذه الجنادب عن غيرها بكبر حجمها وعدائيتها، ما جعلها مميزة لتشارك في رياضة "مصارعة الجنادب" التي ظهرت خلال الثورة الثقافية باعتبارها هواية للطبقة البرجوازية.
وبسبب تلك الصفات كانت نسبة فوزها في المصارعة عالية، لذا فضل أباطرة الصين الجنادب السيديانية عن غيرها.
يقوم السكان المحليون بتدريب الجنادب على القتال لرفع قيمتها المادية، للمشاركة في مصارعة الجنادب التي تستضيفها مدينة سيديان أكبر سوق جنادب في شمال الصين، ويمكن أن تبيع العائلات الماهرة في صيد وتدريب الجنادب ما تصل قيمته إلى 15300 دولار أي نحو 57400 ريال في آب (أغسطس) وحده! وتختلف قيمة الجندب بناء على اختلاف عدة عوامل. فقد تمكن مزارع من قرية كوجيا في سيدنان من بيع جندب واحد بمبلغ 8600 ريال. وبلغ أعلى سعر بيع فيه جندب 300 ألف يوان نحو 172 ألف ريال!
وبسبب تزايد شعبيتها وتهافت الصينيين على سيديان في أوقات محددة لجمع الجنادب وتدريبها وبيعها بأسعار خيالية على الهواة والمفتونين بهذه الرياضة، تبنت سيديان هذه الرياضة وقررت الاستثمار فيها. وذلك عبر تنمية جنادب تمتلك خصائص وراثية تجعلها متفوقة بين أقرانها ونشرها في حقول المدينة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي