رئيس «مارس» المنتهية ولايته: على القائد استيراد التوتر وتصدير الهدوء

رئيس «مارس» المنتهية ولايته: على القائد استيراد التوتر وتصدير الهدوء

في بعض الشركات، تعد عبارة "تناول طعام كلابك" تعبيرا مجازيا. لكن إحدى الشركات تأخذ هذا القول بحرفية أكثر: تتوقع شركة مارس، التي تمتلك أكبر شركة لأطعمة الحيوانات الأليفة في العالم إلى جانب العلامات التجارية للشوكولاتة، من إم آند إم إلى ميلكي واي، من مديريها تذوق منتجات شركات لامز وبيديغري ورويال كانين قبل مغادرتها المصانع.
بعد 34 عاما مع المجموعة، وفي نهاية ثمانية أعوام من العمل رئيسا تنفيذيا، أكل جرانت ريد نصيبه العادل. أوضح أن أحد المبادئ التوجيهية الخمسة لشركة مارس هي الجودة. "كما تعلم، إذا لم يكن الطعام جيدا بما يكفي بالنسبة إلي، فلماذا سيكون جيدا بما يكفي لحيوانك الأليف؟" ويشير إلى أن سيزار هي علامته التجارية المفضلة.
هذا الالتزام بثقافة الشركة أكسب ريد، البالغ من العمر 63 عاما، إشادة عامة نادرة من العائلة التي لا تزال تسيطر على شركة مارس، بعد 111 عاما من بدء فرانك مارس بيع حلوى الزبدة من مطبخه في ولاية واشنطن.
في اليوم الذي أعلنت فيه الشركة ـ في حزيران (يونيو) ـ أن ريد سيتنحى، أرسل جون مارس، أحد أفراد الأسرة من الجيل الثالث، البالغ من العمر 86 عاما، لم يتحدث خلالها إلى الصحافة من قبل، بيانا لـ"فاينانشيال تايمز" قال فيه إن "تركيز ريد على عيش مبادئنا الخمسة وتقديم أداء مثالي، وتواضعه، ودفئه وقابليته للتواصل" حولت علاقة العمل إلى صداقة.
كذلك أشادت جاكلين، شقيقة جون التي نادرا ما تقدم أي مقابلات علنية، والتي تقدر "بلومبيرج" ثروتها (مثل ثروته) بأكثر من 50 مليار دولار، بالرئيس المنتهية ولايته ووصفته بأنه "سفير رائع لشركة مارس، تعامل مع تفاعلات الجمهور بشكل جيد للغاية".
كانت تفاعلاته مع الجمهور في وقت من الأوقات نادرة تقريبا في شركة مارس، ما دعا إلى مقارنات حتمية مع بارون شركة شوكولاتة آخر محب للخصوصية، هو ويلي ونكا. لكن ريد لعب دورا حاسما في بناء ثروة ثالث أغنى عائلة في أمريكا وفي جعل شركة تضم 140 ألف شخص، مملوكة الآن من قبل الأجيال الرابعة والخامسة والسادسة، أقل غموضا بقليل.
أدى الإعلان عن تسليمه الراية إلى بول ويهراوخ، رئيس قسم رعاية الحيوانات الأليفة في شركة مارس، إلى مزيد من إزاحة الغموض، حين كشف عن أن الإيرادات السنوية للمجموعة نمت أكثر من النصف في فترة ولاية ريد رئيسا تنفيذيا، لتصل إلى 45 مليار دولار تقريبا.
لا يزال العالم الخارجي يعرف القليل بشأن أرباح شركة مارس، بخلاف حقيقة أن العائلة تحصل على أرباح بنسبة 10 في المائة وتعيد استثمار الباقي، لكنه يعلم الآن أن مبيعات شركة مارس تفوق مبيعات شركة كوكا كولا وأن نموها أدى إلى ترك معظم شركات البضائع الاستهلاكية المشابهة في الحضيض.
كما أن العالم على علم أن ريد حول تركيز شركة مارس على الازدهار إلى حجة مفادها أن الشركة يجب أن تقود الجهود الصناعة تتصرف بشكل أكثر استدامة، وتشجع عادات تناول الوجبات الخفيفة الصحية، وإيقاف إزالة الغابات، وتطهير سلاسل التوريد العالمية من العمالة القسرية. ويوضح ريد أن شركة مارس سمحت ذات مرة لعلاماتها التجارية بالتحدث نيابة عن الشركة، لكن في عصر وسائل التواصل الاجتماعي "حاولنا إيجاد صوتنا".
يعترف ريد، الذي ولد في كينكاردين، ليس بعيدا عن مصفاة جرانجموث للنفط في اسكتلندا، بأنه "لم ير ضرورة لخفض غازات الدفيئة" إلا منذ نحو 20 عاما. وعلى الرغم من وصوله المتأخر إلى الاستدامة، إلا أنه يقود الآن الدفع نحو مزيد من التكنولوجيات الزراعية المتجددة في مبادرة الأسواق المستدامة، التي أطلقها الأمير تشارلز في 2020.
يقول ديدييه بيرجيريت، مدير الاستدامة في المجموعة الصناعية، التي يشارك رئيس شركة مارس في رعاية تحالفها "المحب للغابات"، إنه كان أيضا شخصا يسهل الوصول إليه، ومتحمسا ومجندا فعالا للرؤساء التنفيذيين الآخرين في منتدى البضائع الاستهلاكية.
يضيف بيرجيريت: "أعرف كثيرا من الشركات الخاصة ولا أزال لا أرى أنها منفتحة وشفافة مثل شركة مارس، أنا حزين حقا لرحيله".
تم وضع عقيدة شركة مارس ـ التي تنص على أن عليها توفير "تبادل منافع" بين المستهلكين، والموزعين، والموظفين، والمساهمين وغيرهم ـ في عام 1947 من قبل فوريست مارس الأب، ابن فرانك ومخترع أصبع شوكولاتة مارس. لكن في عصر احتضن فيه مزيد من الشركات رأسمالية أصحاب المصلحة "عندما نروي تلك القصة للمستهلك، يكون لها صدى جيد حقا"، كما يقول ريد.
تمتع طالب الاقتصاد السابق بميزة قيادة شركة لديها مهمة محددة منذ وقت طويل في وقت كان بعض أقرانه قد بدأوا للتو في الحديث عن السعي وراء هدف غير الربح. لكن يمكن لوظيفة الرئيس التنفيذي من خارج العائلة أن تكون صعبة: تصادم كثير من الرؤساء الخارجيين المعينين مع العائلات التي تحكم الشركات.
يعترف ريد: "ليس بالأمر السهل دائما لأن من الواضح أن هناك آراء مختلفة في عائلة كبيرة"، لكنه حضر أيضا عددا كافيا من حفلات الزفاف والجنازات لعائلة مارس لدرجة "أشعر نوعا ما بأنني فرد من أفراد العائلة".
يتماشى ما أطلق عليه جون مارس "استياء ريد الصحي من الوضع الراهن" أيضا مع رغبة العائلة في الحفاظ على تقدم الشركة. قال إنه في حياته الخاصة يقيس كل ما يفعله، من الأثقال التي يرفعها إلى السرعة التي يركض بها. "أحاول دائما أن أتحسن، وأعتقد أن عائلة مارس تشجع ذلك في الشركة".
في مقابلة أجريت معه في نيويورك لدى عودته من تجمع لأربعة أجيال من رؤسائه في كاليفورنيا، لاحظ ريد أنه يعمل لدى "أشخاص حقيقيين". لذلك "عندما أقدم التزاما نيابة عنهم، فهذا التزام متعدد الأجيال".
ويلاحظ أن الوفاء بهذه الالتزامات أمر مهم "لأنني قد لا أكون موجودا هنا، لكنهم سيكونون موجودين. نريد بناء شركة تكون موجودة هنا على مدار المائة عام المقبلة، وليس فقط خلال الوقت الذي أقضيه رئيسا تنفيذيا".
هدف تحقيق صافي انبعاثات غازات دفيئة صفرية عبر سلسلة التوريد الخاصة بها بحلول عام 2050 ليس بعيدا جدا. يقول ريد: "إذا كنا نرغب في عالم أفضل غدا، فعلينا إنشاء أعمال أفضل اليوم، ويعود جزء من ذلك إلى أننا مملوكون للقطاع الخاص ونفكر من منظور الأجيال".
متحدثا قبل تنحيه مباشرة، يفكر ريد أيضا في المستقبل. فهو سيقضي وقتا مع الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، والشركات ومجموعات الأسهم الخاصة "لإثبات أن هذا النموذج يمكن أن يتجاوز شركة مارس"، حسب قوله. إنه يتحدث بالفعل مع كثير من شركات الأسهم الخاصة ويقول إن الانضمام إلى إحداها "ممكن للغاية".
أعطى ريد العائلة إشعارا قبل 18 شهرا من رحيله المخطط له. لقد شاهد النجوم الرياضيين مثل محمد علي يخوضون "معركتين أو ثلاثة معارك أكثر من اللازم" وشاهد تعاقب الرؤساء التنفيذيين الآخرين حيث فقدت الشركات الوقت، والقيمة و"الطاقة الاستراتيجية"، لذا كان يرغب في أن يكون خروجه "الأفضل في فئته".
ولدى سؤاله عن النصيحة التي قدمها لويهراوخ، قال إنه يتمنى لو كان أسرع في صنع القرار. ينبغي لخليفته أن يثق في حكمه. يقول: "انطلق، ولا تتخلى عن التقدم في السعي وراء الكمال".
يشير ريد إلى أن نحو نصف النمو الذي حققته شركة مارس في عهده كان عضويا، مدفوعا ببناء العلامة التجارية والاستثمار في قدراتها الرقمية. لكن النصف الآخر جاء من عمليات الاستحواذ، بما في ذلك الاستثمارات في شركات الوجبات الخفيفة الصحية مثل كايند بارز وعملية الشراء بمبلغ 9.1 مليار دولار في عام 2017 لشركة خدمات بيطرية تسمى في سي أيه.
يصر ريد على أن التنويع الذي دفع أعمال رعاية الحيوانات الأليفة إلى أن تصبح نحو 60 في المائة من مبيعات المجموعة لم يكن استجابة لانقلاب العالم ضد السكر.
بعد الإلحاح عليه لكشف كيفية استمرار شركة مارس في بيع المزيد من الشوكولاتة دون المساهمة في تفاقم أزمة السمنة، راوغ بأن الحلويات تمثل أقل من 2 في المائة من السعرات الحرارية التي يستهلكها الناس.
وعند سؤاله عما يجعل القطط والكلاب أعمال نمو جذابة في الوقت الحالي، أجاب: "يتعلق الأمر بعلاقة الناس بحيواناتهم".
ويوضح حامل الحزام الأسود في رياضة الجودو ومشجع فنون القتال المختلطة، أن جزءا من وظيفة القائد هو "استيراد التوتر وتصدير الهدوء".

3 أسئلة لرئيس شركة مارس للشوكولاتة

من بطلك في القيادة؟
كان لدي عدد من الأشخاص الذين أتطلع إليهم وأتعلم منهم، من بينهم جون مارس. إنه في منتصف الثمانينيات من عمره وما زلت أتحدث معه لمجرد الحصول على وجهة نظره. جزء من فلسفتي يتمثل في أنه يمكنك أن تتعلم من الموظف الأقل أجرا في المبنى مثلما يمكنك من المالك، إذا استمعت جيدا فحسب.
ما أول درس تعلمته في القيادة؟
شاركت في مركز القيادة الإبداعية في كولورادو منذ نحو 20 عاما، وقد غير حياتي. لديهم بعض الفقاعات للتفكير فيها، تتعلق بمقدار الوقت الذي تقضيه في العمل، ومع الأسرة، والمجتمع، والنفس (...) ما وجدته هو أنني كنت أقضي كل وقتي في العمل وأبذل القليل جدا من أجل المجتمع والنفس، لذلك قللت عدد الساعات التي كنت أمضيها في العمل ووضعت بعضها في المجتمع وكثيرا منها في ذاتي وشعرت بتحسن. لقد أصبحت بالتأكيد أقل مللا مما كنت عليه من قبل وتسارعت مسيرتي المهنية.
ما الذي كنت ستفعله لو لم تكن مديرا لشركة مارس؟
يتمثل شغفي الآن في المضي قدما في الكفاح من أجل الإجراءات المتعلقة بتغير المناخ، وأعتقد أنني في وضع فريد للقيام بذلك. سأقضي الوقت مع المنظمات غير الحكومية والحكومات، لكن أيضا مع الشركات – سأقوم بجمعهم معا لإثبات أن هذا النموذج يمكن أن يتجاوز شركة مارس. وسأركز على المكان الذي يمكنني أن أقضي فيه الوقت مع الناس، للقيام بأمور مهمة حقا.

الأكثر قراءة