التأمين التعاوني بين الفرص والتحديات
التأمين من أهم القطاعات في المنظومة الاقتصادية، حيث يرتبط بشكل مباشر بالحركة التجارية والاقتصادية بصورتها الشاملة، ولا تكاد تجد منتجا يطوف هذا العالم دون أن يحصل له التأمين أكثر من مرة بشكل مباشر أو غير مباشر، كما يتضمن التأمين مجموعة من الخدمات تتعلق بصحة الإنسان وخططه الادخارية، وبالتالي سنجد أن العلاقة التأمينية وخياراتها قد تكون أكبر من علاقة الأفراد بالمصارف وغيرها من الأنشطة المالية والاقتصادية، ولذلك معرفة هذا القطاع ومنتجاته والخيارات التي يمكن أن يستفيد منها الفرد مهم، لتحقيق منافع للفرد وللاقتصاد الوطني. فالتأمين لا يحقق منافع مباشرة فقط، بل إن منافعه غير المباشرة مهمة جدا.
ولذلك نجد أن فرض التأمين على المنشآت الجديدة من المنازل سيغير كثيرا في هذا القطاع بصورة كبيرة ويزيد من كفاءة مخرجاته، حيث سيكون هناك تقييم لأداء جهات الإنشاء والإشراف، بناء على كفاءتها في تنفيذ المشاريع واستمرار سلامة المباني مدة طويلة، وفي حال وجود تقصير يترتب عليه تعويضات، ما يؤثر في سمعة تلك المؤسسات بما يضعف فرصها في الحصول على عقود جديدة، ولهذا فإنها مطالبة برفع جودة أعمالها أو الخروج من السوق، وبالتالي سيزيد ذلك في جودة المنشآت ويخفف من حجم العيوب على المدى البعيد، خصوصا أن تكلفة إصلاح بعض الأخطاء البسيطة التي تنشأ بسبب بعض المقاولين، قد تكون باهظة الثمن على المدى البعيد، وبهذا يكون التأمين أحد أهم العناصر التي لها دور في تعزيز جودة المنشآت، كما أن التأمين على بعض المراكز التجارية والممتلكات يلزم منه تنفيذ مجموعة من المتطلبات لشركات التأمين، التي بدورها تعزز من قدرة تلك المنشآت في مواجهة الكوارث أو تقليل حجم الأضرار فيها، باعتبار أن شركات التأمين لا تقبل تقديم خدماتها إلا بالالتزام بأسباب السلامة الممكنة، التي في الأغلب ما يكون لها أثر بإذن الله في الحد من حجم الأضرار التي يمكن أن تصيب الممتلكات.
التأمين في المملكة ما زال ضعيفا جدا باعتبار التجارب الموجودة لدى دول متقدمة اقتصاديا حول العالم، إذ لا تزال الشركات التي لا تعاني تحديات مالية في السوق محدودة مقارنة بمجموع الشركات في السوق، كما أن الخيارات المتاحة محدودة في أغلبها بما فيها التأمين الإلزامي على المستفيدين في السوق مثل، التأمين على المركبات والتأمين الصحي في القطاع الخاص، وتوسع شركات التأمين في المجالات الاختيارية محدود مثل التأمين على الممتلكات، خصوصا لدى الأفراد لا يكاد يذكر وهذا قد يكون واحدة من أهم الفرص التي يمكن أن تتوسع فيها شركات التأمين، ورغم ذلك لا توجد مبادرات كافية للوصول إلى نسبة معقولة من اشتراكات التأمين، وقد يكون لذلك مجموعة من المسببات ومنها الالتزام بالتعديل على هذه الممتلكات بالمعايير التي تتطلبها شركات التأمين، وبالتالي من الصعب أن يتقبل المستفيد إحداث أعمال إضافية بتكلفة عالية، إلا أن ذلك لا يعني أن هناك معوقا حيث قد يقبل البعض إذا ما كان على قناعة بالقيمة المضافة التي تحقق له الالتزام بالمعايير التي تؤدي إلى مزيد من أسباب السلامة بإذن الله، كما أن المباني الجديدة خصوصا التي يتم إنشاؤها وفق الكود الحديث للمباني، ستكون مهيأة للتأمين عليها دون تكلفة، وهذه الحالة ستكون أيضا للمنشآت التجارية والصناعية، خصوصا الصغرى منها التي في الأغلب ما يكون ملاكها تحت ضغط كثرة المصاريف وقلة الوعي بالفائدة التي يمكن أن تتحقق لهم.
التأمين وفق ما ذكر في بعض حلقات النقاش في النسخة السادسة لندوة التأمين السعودي حجمه يعد أقل من المتوسط العالمي وأقل من المستهدف، باعتبار أن المملكة عضو في مجموعة العشرين وتحقق أعلى معدلات النمو اقتصاديا، ما يعني أن قطاع التأمين لا بد أن يساير هذا التطور ويعزز من مكانته كداعم للاقتصاد الوطني، وذلك من خلال القيمة المضافة التي يقدمها إلى الاقتصاد الوطني والمجتمع، سواء ما كان منه على وجه الإلزام مثل التأمين على المركبات أو ما كان منه طوعيا مثل التأمين على الممتلكات، فالقيمة المضافة إلى الاقتصاد من التأمين تعزز من علاقة الأفراد والمنشآت، خصوصا الصغيرة والمتوسطة التي في الأغلب تكون أقل خبرة ومعرفة بالقيمة المضافة من التأمين، وهنا تأتي أهمية البرامج التوعوية وتعزيز العلاقة والتواصل المباشر بين شركات التأمين والمستفيدين.
الخلاصة أن التأمين التعاوني له أهمية كبيرة في المجتمع ويقدم إضافة إلى الاقتصاد والمنشآت والممتلكات واحتياجات الأفراد، وضعف إسهام هذا القطاع في الناتج المحلي يتطلب تعزيز التواصل بين شركات التأمين والمجتمع بصورة عامة، إضافة إلى تنويع المنتجات وفقا لاحتياجات السوق والتطورات في هذا القطاع بناء على المعايير العالمية.