لم يجن الرجال تماما .. كسر الساق له فوائد
إذا كنت تعمل في مكان مثل "فاينانشيال تايمز"، فستسمع عادة كثيرا عن عوائد السندات وأسعار الفائدة وعن وضع الدولار وأدائه.
في الأسبوع الماضي، كان عدد غير يسير من موظفي "فاينانشيال تايمز" يتحدثون عن أمر آخر، مقال في مجلة جي كيو عن جراحة إطالة الساق لمن يريد أن يصبح أطول.
يكلف هذا الإجراء التجميلي المروع عشرات الآلاف من الجنيهات، ويتضمن كسر ساقي الشخص، وتركيب قضبان معدنية مثبتة في عظام الفخذ، وتعلم المشي مجددا مع شهور من إعادة التأهيل.
كما تشمل المضاعفات المحتملة إصابات عصبية وجلطات الدم وألم شديد واحتمالية عدم التئام العظم كما هو مخطط. الناجون، إذا حالفهم الحظ، يزداد طولهم ثلاث بوصات كاملة، أو ما يصل إلى ست بوصات إذا تمددت عظام ساقيهم إضافة إلى أفخاذهم.
بشكل مدهش، يقال إن الإجراء يلقى رواجا. مئات الناس في جميع أنحاء العالم يخضعون لهذا الإجراء كل عام.
أنا قلت "الناس"، لكن الأدلة تشير إلى أنهم في الأغلب من الرجال.
كثير منهم من صناعة التكنولوجيا، وفقا لقصة نشرت في "جي كيو"، كتبها صحافي بطول خمسة أقدام وست بوصات في الولايات المتحدة الذي شاهد جراحا يجري العملية في عيادة في لاس فيجاس، وأماكن أخرى.
يعرف القراء أن الجراح يستخدم جهازا مثل مثقاب لاسلكي يسمى "مسحلا" لتجويف عظم المريض، وعندما تسحب الأداة، "يبدأ مزيج دافئ ودموي من العظم والنخاع والدهون في السيلان خارج الثقب بسرعة وحجم رهيبين".
إن خضوع أحد بإرادته لمثل هذه المحنة، ناهيك عن دفعه 56 إلى 210 آلاف جنيه استرليني، حسبما ذكرت "بي بي سي" عن تكلفه الجراحة، فكرة محيرة - إلا إذا نظرت إلى البيانات.
لأكثر من عقد من الزمان، أظهرت دراسة تلو الأخرى أن التمتع بطول أعلى من المتوسط يعود عليك بفائدة، خاصة إذا كنت رجلا. عادة ما يكسب الذي يبلغ طوله ستة أقدام ما يقارب 166 ألف دولار على مدى 30 عاما في حياته المهنية أكثر من شخص يبلغ طوله خمسة أقدام وخمس بوصات، حسبما وجد باحثون أمريكيون في 2004.
خلص علماء أستراليون بعد بضعة أعوام إلى أن كل عشرة سنتيمترات إضافية من الطول تضيف 3 في المائة إلى أجر الساعة للرجال، و2 في المائة للنساء.
يبدو أن أداء طوال القامة أفضل في مجالي الأعمال والسياسة أيضا. في الانتخابات الأمريكية، فاز المرشح الأطول 58 في المائة من السباقات الرئاسية بين 1789 و2008.
تبين أن الرؤساء التنفيذيين في السويد والولايات المتحدة يبلغ طولهم نحو ستة أقدام، وهو أعلى من المتوسط في كلا المكانين وقت إجراء البحث. ثم هناك الحب. رغم عقود من الحركة النسوية، تظهر دراسات أن الطول لا يزال يمثل عاملا كبيرا عند النساء حين يتعلق الأمر باختيار شريك.
ليس واضحا تماما سبب تمييزنا ضد الأقصر طولا. يرى بعض علماء النفس أن ذلك ربما يعود إلى الغرائز البشرية المبكرة التي تسند الصفات القيادية إلى الأشخاص طوال القامة الذين يعدون حماة أفضل. يعتقد آخرون أن الطوال أنفسهم يتمتعون بثقة أعلى واحترام أكبر لذواتهم، ما يجعلهم أكثر احتمالا للنجاح.
في كلتا الحالتين، فإن الرجال الذين يدفعون لكسر سيقانهم مقابل بضع بوصات أخرى في الطول ليسوا غير عقلانيين تماما. لكنهم ليسوا منطقيين ولو قليلا أيضا. تكلفة إطالة الساق ومخاطرها تفوقان بكثير الفوائد المحتملة لأن تصبح أطول قليلا.
أيضا، بصفتي شخصا ذا طول أعلى من المتوسط، يمكنني القول بكل يقين إنه توجد جوانب سلبية لكونك طويلا. الطيران على مقاعد الدرجة الاقتصادية فظيع. آلام أسفل الظهر خطر، خاصة للنساء.
أيضا، في مرحلة ما من حياتك المهنية، من شبه المؤكد أنك ستجد مديرا ذكرا قصيرا، وبغض النظر عما يشعر به حيال كونه أقرب إلى الأرض، ستنحرج من النظر إلى أسفل نحوه، أو ما هو أسوأ، حني رأسك لسماع ما يتمتم به. هذه ليست مجرد مشكلة لأنثى طويلة. يخبرني الأصدقاء الذكور الطوال أنهم يعانون ذلك أيضا.
أخيرا، الإحصاءات لا تروي القصة بأكملها. التاريخ مليء بالقادة الذين حققوا الكثير، على الرغم من أنهم معتدلو الطول. لذا، إذا صادفت أحدا يفكر في إطالة ساقيه، فأخبره أن يجلس ويتعقل ويتذكر ونستون تشرشل.