قل وداعا لموظفيك إذا كنت لا تعرف العمل الهجين
تقول كاثرين، بصفتها مديرة من المرتبة المتوسطة، تعرضت "لضغوط إضافية" منذ بداية الجائحة أكثر من أي وقت مضى. تتخذ كاثرين من زيورخ مقرا لها وتعمل في شركة خدمات مالية، حيث تحاول غض الطرف عن نبرة التشدد من القيادة العليا، ورفض المطالبات بزيادة الأجور وخطط العمل الهجين.
تقول، "في العامين الماضيين، قدمت الشركة لنا كثيرا من الدعم. لدي إحساس بأن ذلك قد انتهى. نحن ندخل فصلا مختلفا، في سياق اقتصادي مختلف ومحاولات رامية لإعادة الناس إلى العمل في مكاتبهم". لكنها تلقت قليلا من التدريب على كيفية التعامل مع كل ذلك، رغم أنها ممتنة للتدريب البسيط الذي تلقته حول رسم الخطوط بين العمل والحياة الأسرية.
"إحساسي بالوحدة كبير جدا - لأن مديري من مرتبة مختلفة جدا. أجد نفسي دون مكان ألجأ إليه للتحدث بصراحة من أجل التأكد من سلامة تصرفاتي".
في هذه الأثناء نفسها، تقضي كاثرين ساعات طويلة في محاولة تحفيز فريقها. تقول إن الجيل الجديد الذي يأتي إلى العمل لديه توقعات مختلفة بشأن ما يريدون القيام به. حيث يتوقع بعض أعضاء فريقها أن يعملوا من التاسعة حتى الخامسة. "إن مهمتي هي التحفيز، لكن ليس لديهم الدافع نفسه مثلي. لا بد لي من التدخل والقيام بكثير من هذا التحفيز. لكن ينتهي بي المطاف أمضي ساعات لا نهاية لها بين الدعم الشخصي وإدارة أعمالهم". إنها قلقة من أن تمارس عليهم "الضغط" وأن يتسبب ذلك في طلبهم إجازة مرضية.
تعترف اليزابيث جايتو، رئيسة خبرات الموهوبين في مجموعة سيلزفورس للبرامج السحابية، بشدة الطلب على وقت المديرين ومهاراتهم. شهدت جايتو تغييرات في العامين الماضيين أكثر من الـ18 عاما الأولى لها، حيث عملت في هذا القطاع 20 عاما. "المديرون ليسوا فقط مسؤولين عن تحقيق أهداف الشركة. إنهم في الخطوط الأمامية مع فرقهم، لدعم صحتهم العاطفية والنفسية، والحفاظ على استمرار ثقافة الشركة والتغلب على تحديات العمل من أي مكان". دفع هذا بالمديرين في شركة سيلزفورس وعددهم 24 ألفا للمطالبة بتلقي التدريب الإداري - بزيادة قدرها 200 في المائة على العام الماضي.
كان على المديرين المتوسطين - الذين يشرفون على قادة الفرق في الخطوط الأمامية للشركة بينما يجيبون أيضا عن القيادة العليا - أن يتعاملوا مع الاضطرابات التي أحدثتها الجائحة، ودوران الموظفين فيما يعرف باسم الاستقالة الكبرى، التي تسببت بنقص الموظفين. تقول ستيفاني تينيور، رئيسة علوم البيانات والرؤية في شركة هيومو لبرمجيات الموارد البشرية ومقرها كاليفورنيا، إن الجائحة وسعت الفجوة بين الإدارة الجيدة والسيئة. وقالت، "أفضل المديرين هم من يهتمون بالموظفين، الذين يجربون أشياء جديدة ونتيجة لذلك يكونون مرنين في مواجهة المشكلات".
كما تقول إن كثيرين الآن أصبحوا مكلفين بالإشراف على خطط العمل الهجين والتعامل مع توقعات أعضاء الفرق حول مسألة الرواتب في فترة التضخم المرتفع. يعتقد توماس تشامورو بريموزيك، كبير علماء المواهب في مجموعة مان باور، وهي شركة توظيف، أن المديرين ذوي الأداء العالي يتمتعون بمهارات مرنة ومتطورة أكثر من رؤسائهم. حيث قال، "قد لا يملك كبار القادة سوى القليل من التعاطف - وقد يكونون نرجسيين. إذا كنت مديرا لا يمكنه التواصل مع الناس، فإن الفريق سيتفكك. وإذا كنت لا تعرف كيف تتعامل مع العمل الهجين، فسيستقيل الناس من العمل".
هذا الموقف صعب، ولا سيما في فترة الانكماش الاقتصادي، عندما كان في العادة ما يغري كبار القادة هو بافتراض الاستغناء عن عبء الإدارة. تقول زهيرة جاسر، الأستاذة المساعدة في كلية إدارة الأعمال في جامعة ساسكس، إن صورة المدير المتوسط ما زالت غارقة في "أفكار عفا عليها الزمن بأنهم غير ملهمين". وتوافقها في ذلك إليز فن، المؤسسة المشاركة في شركة إنزوكي تشاينج، التي تقدم التدريب للمديرين المتوسطين في الشركات الكبرى. يمكن وصفهم بأنهم الطبقة المتجمدة التي تمنع حدوث التغيير". في الواقع، تتم توليتهم مسؤولية إحداث التغيير مع "إعطائهم القليل جدا من المدخلات في الاستراتيجية (...) إنهم بحاجة إلى الدعم والاعتراف بدورهم من إلقاء اللوم عليهم".
إن الاضطرابات التنظيمية تزيد من حدة المشكلات المستمرة للمديرين المتوسطين، كما تقول كايت فرانكلين، وهي أيضا مؤسسة مشاركة في شركة إنزوكي تشاينج. تشمل هذه المشكلات محاولة تنفيذ الأولويات الاستراتيجية التي لم يقوموا بصياغتها، وفي الوقت نفسه تحقيق التوازن في مطالب الإدارة مع خبراتهم. لذا، "مع الضغط الذي يأتي من جميع الجوانب، فإن مجرد إنجاز العمل يمكن أن يكون أمرا محبطا ومرهقا"، كما تقول فرانكلين. تضيف، "نتيجة لذلك، يعود كثير من القادة المتوسطين إلى نطاق خبرتهم الفنية التي اعتادوا عليها، وهذا يؤدي إلى نقص في القيادة".
يقول بن ويلموت، رئيس السياسة العامة في معهد تشارترد لشؤون الأفراد والتنمية، وهو هيئة للموارد البشرية، إذا لم يتوافر لدى المديرين الوقت لإعطاء الإدارة أولوياتها، فيمكن أن يكون لذلك تأثير في أداء الفريق، وتأجيج الصراع والتغيب عن العمل. قال أيضا، "إذا لم يتم التعامل مع ذلك مبكرا، فيمكن أن تتفاقم الأوضاع وتستهلك مزيدا من الوقت".
تقول لويز - التي تعمل في مجال الخدمات المصرفية للشركات في أحد البنوك الأوروبية - لهذا السبب، يصبح من الأهمية أن يتواصل القادة المتوسطون مع القيادة العليا وأن يتحدثوا نيابة عن أعضاء فريقهم، بدلا من تولي الأمور بأنفسهم. "من المهم بناء هذا الجسر". تقول إن فريقها يقدر تحديها للقيادة. وتقول، "إنهم يشعرون أنك تمثلهم". كما يقول بريان كروب، رئيس أبحاث الموارد البشرية في شركة جارتنر الاستشارية، إن أفضل المديرين هم من يقومون "بالربط" - ليس بالضروري أن يحلوا مشكلات الموظفين لكن أن يربطوهم مع الأقسام التي يمكنها فعل ذلك في الشركة.
مع هذا، وجدت الأبحاث التي أجرتها شركة مايكروسوفت أن 74 في المائة من المديرين يقولون إنهم لا يملكون التأثير أو الموارد لإحداث التغيير للموظفين، بينما يقول 54 في المائة منهم إن القيادة ليست على تواصل مع الموظفين.
إدارة التحديات
فيما يتعلق بخطط العمل الهجين، يمكن أن يشعر المديرون المتوسطون بأنهم عالقون بين رغبة القيادة العليا في عودة الموظفين إلى المكتب بدوام جزئي، وبين معارضة البعض الآخر منهم.
تشكك كاثرين في المطالب أن تحضر إلى العمل ثلاثة أيام في الأسبوع. حيث تقول، "أتساءل لماذا الإلحاح على إعادة الناس؟ لقد قام الناس بإبرام صفقات الاندماج والاستحواذ من المنزل. فمع توفير المال بسبب عدم السفر والتأثير في المناخ، عليك أن تتساءل لماذا تعد هذه مشكلة كبيرة".
في أثناء ذلك، تقول جاين، مديرة عمليات خدمة العملاء، إن التحدي يكمن في التغلب على مشكلة الرسائل المشوشة من الإدارة العليا، "نحن نسمع الناس يقولون، نود تشجيع أعضاء الفرق على العودة. يجب أن يكونوا واضحين بشأن سبب قيامهم بذلك. وإلا فإن ذلك سيتسبب بالضغط على المديرين المتوسطين فقط". لكن بالنسبة إلى أندرو، مدير المنتجات في بنك استثماري، فقد مكنه العمل من المكتب من الإشراف على موظفين جدد. حيث قال، "لم أتمكن من حملهم على الإنجاز بسرعة إلى أن أتوا إلى المكتب".
كما تشعر جاين أيضا بالضيق عندما يتعلق الأمر برغبة الموظفين في الحصول على أجور تتناسب مع التضخم. حيث تقول، "هذا لا يساعدهم من الناحية المالية لكنهم يدركون أنني أفعل كل ما بوسعي. وهذا لا يغير من حقيقة أنهم يبحثون عن وظائف أخرى. من الصعب التعامل مع ما يحفزهم".
فيما يقول جاك، الذي يعمل في المبيعات، إن شركته تخطط لزيادة أخرى في الأجور قبل عيد الميلاد بسبب تكاليف المعيشة. مع ذلك، فهو يعلم أن ذلك لن يتناسب مع الأجور التي يقدمها المنافسون. قال إن "السوق في الخارج قوية". بينما سعى مدير آخر إلى التخفيف من ضغوط الأجور من خلال التشجيع على مزيد من المرونة في التنقلات وساعات ضغط العمل من أجل المساعدة على تقليل التكاليف.
كما يحذر المديرون المتوسطون أيضا من مشاركة التحديات التي تواجههم مع زملائهم من المديرين. حيث تقول كاثرين إن الأمر يمكن أن يكون إلى حد ما مثل "الأعمى الذي يقود الكفيف، إنهم أقرانك في العمل، لكنهم أيضا من عوامل المنافسة. نحن نتشارك المدير نفسه. وإذا كانت لدي مخاوف بشأن مديري، فلن أتحدث معهم بهذا الشأن. أنا لا أريد أن ينظر إلي كإنسانة شتامة أو نمامة".
في هذه الظروف الراهنة، كما تقول جين، "هناك خفض للتكاليف يحدث في كل مكان. المديرون المتوسطون هم دائما أول المغادرين. فالأمر لا يتعلق دائما بأفضل أداء، بل يتعلق بكيفية تكيفك".
يقول أندرو، "إن ثقافة الترقية في البنك الاستثماري موجهة بمقاييس الأداء التقليدية. لا يوجد مقياس للنجاح في التوجيه، ومساعدة الفريق على النمو. لا توجد طريقة لإثارة ذلك".
يقول ويلموت إن عددا قليلا جدا من المديرين المتوسطين هم الذين يتلقون التدريب فقط. "يبدو أن القصة القديمة حقيقية - أن الأشخاص في الإدارة الوسطى يتم توظيفهم بسبب مهاراتهم الفنية، ولا يتلقون أي تدريب أو يتلقون تدريبا "غير كاف". لا حرج في توظيف الناس بناء على مهاراتهم الفنية إذا ما قدم لهم الدعم. بعض الأشخاص غير مناسبين ليكونوا قادة. عليك أن تستند إلى الأشخاص في مناصب أخرى غير الإدارة".
من شأن ذلك أن يعزز دور الإدارة الوسطى. كما تشير المدربة إليز فن، "عندما يكونون جيدين، يمكن أن يصبحوا محفزين على التغيير".