معدل الفائدة والصكوك وأثره في المصدر والمستثمر

الصكوك الإسلامية حظيت برواج كبير منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، إذ يرى البعض أن هيكلة الصكوك تعد أكثر أمانا من السندات باعتبار أن معظم إصدارات الصكوك الإسلامية هي ملكية في أصول قابلة للبيع، وبالتالي في حال تعثر الجهة المصدرة للصكوك الإسلامية، يمكن أن يرجع المستثمرون إلى الأصول، للحصول على كامل أو جزء من استثماراتهم، ومنذ ذلك الحين نمت إصدارات الصكوك بصورة كبيرة، وواكب ذلك تحديث للتشريعات لتستوعب هذا النوع الجديد من الاستثمار، كما أنه تم تطوير هيكلته ليتناسب مع احتياج السوق. في تقرير لصحيفة "الاقتصادية" يتحدث عن إصدارات الصكوك في المملكة جاء فيه، "إن الرياض أصدرت صكوكا ثلاثية الشرائح متوسطة وطويلة الأجل، وتمت تغطية الإصدار بأكثر من أربع مرات للمبلغ الأصلي المطلوب البالغ 1.701 مليار ريال... وأظهرت بيانات إصدار أيلول (سبتمبر) الخاصة بالصكوك الادخارية، أن 88 في المائة من طلبات الاكتتاب من قبل المستثمرين المؤسسيين والأفراد الخاصة بالمزاد الشهري، توجهت نحو الصكوك العشرية وكذلك 15 عاما. وذكرت وزارة المالية في بيان، أن المركز الوطني لإدارة الدين انتهى من استقبال طلبات المستثمرين على إصداره المحلي لأيلول (سبتمبر) 2022 ضمن برنامج صكوك حكومة المملكة بالريال، إذ وصل إجمالي حجم طلبات الاكتتاب 7.380 مليار ريال، وتم تحديد حجم التخصيص بمبلغ 1.701 مليار ريال. وقسمت الإصدارات إلى ثلاث شرائح، بلغ حجم الأولى 201 مليون ريال لصكوك تستحق في 2027، وبلغت الشريحة الثانية 700 مليون ريال لصكوك تستحق في 2032. فيما بلغت الشريحة الثالثة 800 مليون ريال لصكوك تستحق في 2037".
التحديات التي تواجه الصكوك الإسلامية وغيرها من أدوات الدين هي ارتفاع تكلفتها على الجهة المصدرة لها بعد ارتفاع الفائدة، الذي قد يستمر في الارتفاع إلى نهاية العام والعام المقبل، إلى حين الوصول لأهداف محددة مرتبطة بأثر ذلك في التضخم، وهذا الأمر له انعكاساته على قدرة الأنشطة الاقتصادية على التوسع، إذ إن ارتفاع تكلفة التمويل لا تشجع مطلقا على توسع بعض الأنشطة، ورغم تزايد الطلب العالمي على كثير من المنتجات والخدمات، إلا أن هناك قلقا لدى المستثمرين انعكس على الأسواق، وبالتالي وبحسب التقرير، فإن إصدارات الصكوك في المملكة هي الأقل خلال أربعة أعوام، وأطلق برنامج الصكوك الإسلامية من قبل مكتب إدارة الدين في المملكة لتنويع مصادر الدخل ولاستدامة برامج التنمية في المملكة وإتاحة الفرص المتنوعة للاستثمار، ما يعزز من استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
في الوقت نفسه، تعد الصكوك الإسلامية فرصة ذهبية للمستثمرين لارتفاع عوائدها وانخفاض المخاطر المتعلقة بها في ظل التقلبات الحالية للأسواق في العالم، كما أنها تعزز من محدودية الإصدارات ما قد يزيد من الطلب على المتاح منها حاليا، وهنا نجد أن السؤال الذي يمكن أن يرد في هذه المرحلة هو، ما احتمال وجود إصدارات جديدة من الصكوك؟ وهل يمكن أن تستفيد من حجم الطلب المتوقع عليها في ظل ارتفاع تكلفة الفائدة؟
من المعلوم أن الحكومات والشركات والمؤسسات والأفراد بحاجة إلى التمويل لتنفيذ خططها ومشاريعها وزيادة تنافسيتها والاحتفاظ بحصتها السوقية، أما فيما يتعلق بالأفراد فإنهم بحاجة إلى التمويل للحصول على مسكن أو حتى شراء السلع المكلفة في الأغلب مثل المركبات وغيرها، ولذلك فإن الحاجة إلى التمويل لن تتوقف على المديين المتوسط والبعيد، كما أن الاعتماد على معدل الفائدة المتغير في التسعير قد يخفض الأسعار مستقبلا فيما لو تم خفض الفائدة، وهذا ما يفسر أن الإصدار الأخير من الصكوك في المملكة تم تحديد مدته لتكون عشرة أعوام و15 عاما، كما أن زيادة الطلب على الصكوك يمكن أن يسمح للجهات المصدرة بتخفيض الهامش الأعلى من نسبة السايبور، وبالتالي فإن هذا قد يكون مفيدا على المدى البعيد في حال تم تخفيض معدل أسعار الفائدة، ولذلك فإنه وإن كان من المتوقع ألا تكون هناك رغبة من الجهات المصدرة في إصدار صكوك قصيرة الأجل، إلا أن متوسطة وطويلة الأجل ستبقى محتملة في ظل حاجة الجهات المصدرة إلى التمويل.
الخلاصة، إن تتابع رفع أسعار الفائدة لدى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وغيره من البنوك المركزية في العالم، قد يضعف رغبة الجهات المحتاجة إلى التمويل بإصدار مزيد من الصكوك، إلا أن هذا قد يكون لإصدارات قصيرة الأجل، أما الإصدارات متوسطة وطويلة الأجل فتبقى الحاجة إليها قائمة للجهات التي تحتاج إلى التمويل، باعتبار أن معدل الفائدة غير مؤكد على المديين المتوسط والبعيد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي