الرياضات الإلكترونية .. خطة وبنية
ليست هناك حدود في المسار نحو تحقيق أهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2030، فهذه الخطة الاستراتيجية شملت كل القطاعات على الساحة المحلية، كما أنها أطلقت قطاعات ومشاريع جديدة، تتواءم مع المتغيرات عموما، وإمكانات البلاد القوية.
ومن هنا، تأتي الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي تهدف إلى تحقيق الريادة السعودية في هذا الميدان على الصعيد العالمي بحلول 2030، فالقطاعات التي تدخل ضمن دائرة الرياضة والترفيه تحقق واحدا من أهم أهداف "الرؤية"، وهو تنويع مصادر الدخل الوطني، وتوفير الفرص الوظيفية للسعوديين، وتقديم ترفيه عالي الجودة والمستوى على الساحة المحلية.
السعودية قادرة في هذا المجال، كما هي متمكنة في كل المجالات الأخرى، فهي تتصدر سوق ألعاب الفيديو في المنطقة كلها، في حين تؤكد شركة نيك بارتنير Niko Partners، أن الإيرادات ستصل بنهاية العام الجاري إلى نحو 650 مليون دولار، بينما توقعت أن تصل إلى 861 مليون دولار في 2026.
الألعاب الإلكترونية هي أحد الابتكارات التكنولوجية الحديثة، التي ظهرت في 1983 عبر ألعاب الفيديو، وتطورت بعد ذلك نتيجة انتشار الكمبيوتر والأجهزة الذكية، وأصبحت لها ألعاب خاصة يقبل على ممارستها ملايين من مختلف الأعمار حول العالم. الأكثر من ذلك أنها أصبحت رياضة رسمية تعترف بها معظم الدول، وهناك منظمات ترعاها وتنظم فعالياتها، وفي الأغلب ما تتبع تلك المنظمات اللجنة الأولمبية أو الاتحاد الرياضي، ويطلق عليها في بعض الدول اسم الرياضة الذهنية.
الاستراتيجية الجديدة لا تقتصر بالطبع على تطوير وتمكين الألعاب والرياضات الإلكترونية محليا، فهذا أمر سهل الوصول إليه، وفق جودة تنفيذ مشاريع "رؤية المملكة" عموما، لكنها تشمل أيضا مخططات لتكون السعودية وجهة عالمية للاعبي هذه الرياضات حول العالم، وأن تصبح واحدة من أفضل خمس دول في قطاع الألعاب بحلول 2030. كما أن الخطة، تتضمن بالدرجة الأولى تطوير أدوات هذا القطاع المتصاعد كافة من حيث الحضور عالميا، الذي يستقطب مزيدا من الرواد في كل الدول، وهذا يعني رفع أعداد الشركات المختصة في مجال الألعاب الإلكترونية المختلفة إلى 250 شركة كحد أدنى، وهذا رقم كبير وفق معايير السوق العالمية الراهنة، وبالتالي هذه الأهداف سترفع بالضرورة أعداد اللاعبين المحترفين على المستوى المحلي، ومعها ستتم استضافة وتنظيم أي بطولات عالمية في هذا الميدان الذي يتسع يوما بعد يوم.
ولا شك في أن الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، ستوفر مزيدا من الوظائف وتعزز مكانة السعودية في هذا المجال، وتفتح آفاقا جديدة بصورة مستمرة، ستسهم بالطبع فيما يمكن وصفه بالحد من التسرب الاقتصادي، ولا سيما أن الإنفاق في السعودية يبلغ سنويا في الوقت الحالي أكثر من مليار دولار، ومرشح للارتفاع في الأعوام القليلة المقبلة، فالسعودية لديها إمكانات لاستيعاب هذه السوق بصرف النظر عن سرعة اتساعها، وهذه النقطة تشكل أهمية على صعيد الإنفاق، فإذا كانت البلاد قادرة على أن تحقق قفزات نوعية في مجالات كهذه، فمن الأفضل أن تبقى الأموال التي تنفق ضمن حدودها.
كل هذا من السهل تحقيقه في السعودية، لأسباب عديدة، في مقدمتها التشريعات المرنة المشجعة على اتساع رقعة هذا القطاع، إلى جانب النقطة الأهم وهي التي تتعلق بالبنى التحتية التي تتمتع بها البلاد وتخضع للتطوير المستمر بما يوائم المتطلبات المحلية في هذا القطاع أو ذاك.
وفق الجهات المختصة، هناك مبادرات من جهات مختلفة تدعم المهتمين والمستثمرين في هذا المجال، عبر تطوير خوادم الاتصال والمسرعات المحلية، في حين بلغت الصناديق الداعمة أكثر من 33 صندوقا، إذ يوفر التمويل اللازم بناء قاعدة أقوى وأكثر قدرة على المنافسة عالميا، مع العلم أن هناك أكثر من 90 في المائة من السكان في السعودية متصلون بشبكة الإنترنت، ما يسهل تحقيق المستهدفات في هذا الشأن.
ستحقق السعودية أهدافها في هذا المجال وغيره من المجالات، لأن مشاريع طرحت ضمن نطاق رؤية 2030 حققت نجاحاتها بأعلى المعايير، وتمضي مشاريع أخرى في المسار نفسه.