أعمال إنسانية بمبادرات سعودية
انتهجت السعودية على مر الأعوام نهجا إنسانيا قويا تتجسد فيه القيم الإسلامية لأعمال الخير. وتكمن ريادتها في مجال العمل الخيري على مستوى العالم في عديد من المبادرات والمساعدات، من منطلق إيمانها بأهمية الدور الإغاثي والتنموي الفاعل الذي تقوم به تجاه الدول المحتاجة والمتضررة، لتجعل من البعد الإنساني استراتيجية ثابتة في سياستها، ليكون لها دور رائد في مساعدة المجتمعات التي تعاني الكوارث بهدف دعمها، ورفع معاناتها لتعيش حياة كريمة من خلال مظلة للأعمال الإغاثية الخارجية. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تنامى العمل الخيري السعودي وشهد تطورا لافتا، وذلك بتأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ليوحد مسيرة العمل الخيري والإغاثي السعودي، سواء كان مصدره حكوميا أو شعبيا، ويكون جامعا للأعمال الإغاثية الخارجية. ورسخت السعودية مكانتها العالمية وحضورها القوي في هذا الشأن عبر تقديم المساعدات على مستوى العالم، ويتضح جليا عبر ما تقدمه من برامج إغاثية مالية ومادية بسواعد وطنية في مناطق الكوارث والحروب والصراعات، رافعة شعار عمل الخير في العالم أجمع.
ومن هذا المنطلق، يأتي توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بإطلاق حملة شعبية لإغاثة آلاف المتضررين من الفيضانات في باكستان، ضمن مسار تتبعه السعودية منذ تأسيسها، بأن تكون حاضرة دائما للوقوف إلى جانب المحتاجين في أي مكان، بصرف النظر عن انتماءاتهم وهوياتهم ودولهم، فالإنسانية هي الدافع الأول والأخير لحراك المملكة لحماية تلك الدول المتضررة وصونها، ومؤازرة أولئك الذي يتعرضون للمخاطر، سواء لأسباب طبيعية أو غير طبيعية.
إنها استراتيجية السعودية القائمة على حماية الإنسان وصون كرامته، فأعمال الخير جاءت بمبادرات ذاتية أثمرت نتائج وحققت نجاحات شتى، بما في ذلك تلك التي ترتبط باستدامة الحياة الطبيعية لما بعد الكارثة، أي أنها تقوم على الإنقاذ، وتعمل على أن تمضي الأمور بعد ذلك في سياق طبيعي يكفل مرة أخرى كرامة وحياة أولئك الذين يعانون.
بإطلاق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عبر منصة "ساهم"، حملته الشعبية بتوجيه مباشر من خادم الحرمين الشريفين، وبمتابعة متواصلة ومستمرة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يكون هذا المركز أضاف إنجازا آخر جديدا إلى إنجازاته التي حققها منذ تأسيسه في 2015، فقد بلغت التكلفة الإجمالية حتى اليوم لأعمال المركز نحو ستة مليارات دولار، بمشاريع بلغت 2086 مشروعا، في حين وصل عدد شركائها من كل القطاعات إلى 175 شريكا. وبفعل هذا الزخم وتلك المشاريع ومتانة وسرعة الحراك عموما، استفادت 86 دولة من العمليات التي نفذها المركز، وتمكنت هذه الدول من تخفيف المعاناة التي مرت بها، بسبب تلك المشاريع، والأهم التوجيهات المباشرة والمتابعة التي تأتي من القيادة السعودية.
حملة "ساهم" لإغاثة المتضررين من الفيضانات في باكستان تنطلق ومعها نجاحاتها بالفعل، استنادا إلى حملات سابقة مشابهة، والكارثة الحالية كبيرة وطويلة الأمد حقا، فقد بلغ عدد المتضررين أكثر من 33 مليون شخص، بينما تهدم نحو 550 ألف منزل بشكل كامل، فضلا عن الأضرار التي أصابت البنى التحتية، كالطرقات والجسور والمحال التجارية المختلفة.
الحملة السعودية الجديدة، ستقدم ما يلزم لإغاثة وإعانة وتوفير المأوى والأدوية والعلاجات والغذاء، بمعنى أنها حملة من أجل المحافظة على الإنسان بصرف النظر عن التكاليف.
هذا المركز الخيري نفذ في السابق حملات مشابهة في اليمن وسورية والصومال وفلسطين، ودول متعددة في آسيا وإفريقيا، واتسعت الرقعة الجغرافية لهذا العمل، كلها تمت لتحقيق الهدف الأول والأخير، العيش الكريم للبشرية.
ومن أهم الأدوات الرافدة لأعمال "مركز الملك سلمان"، أنه منذ إطلاقه صار الجهة الوحيدة المخولة لجمع التبرعات للأعمال الإنسانية والخيرية، ما يضع عوائد حملات التبرعات وغيرها، ضمن سياق مؤسسي، يأخذ في الحسبان الأولويات والاحتياجات الفورية، فضلا عن أنه يوفر ضمانات لوصول كل أموال المساعدات إلى المحتاجين الحقيقيين لها، فحتى المصاريف الإدارية لا تحصل من التبرعات، أي أن أي ريال يدخل يذهب إلى المستحقين، وهذا النظام قلما تجده في مراكز إغاثة عالمية أخرى. ستكون هناك أرقام متميزة لحملة التبرعات الجديدة، فقد اعتاد السعوديون أفرادا ومؤسسات على أن يتقدموا بسرعة وكرم لإغاثة الملهوف، وهذا جزء من ثقافتهم الاجتماعية والوطنية، مع تشجيع لا يتوقف من القيادة العليا التي تضع الإنسان وكرامته في المقدمة دائما.
من يتابع تاريخ العمل الإنساني يدرك أن السعودية دائما ما تكون في الطليعة، فمنذ تاريخ إعلانها في عهد المؤسس حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهي ترفع العبء، وتمد يد العطاء لمساندة كل الدول العربية والإسلامية والصديقة في كل الكوارث، ما جعلها تتصدر الأرقام والبيانات التي تنشر من "الأمم المتحدة" في مجال تقديم المساعدات الإنسانية وخدمة اللاجئين، وهذا يؤكد تفوقها في العمل الخيري والإغاثي النبيل.