عودة الطائرات الأسرع من الصوت إلى السماء .. واقع أم وهم؟

عودة الطائرات الأسرع من الصوت إلى السماء .. واقع أم وهم؟

تصر شركة بوم سوبرسونيك على أن لديها الطلب والتكنولوجيا لجعل السفر بالطائرات فائقة السرعة مربحا، بعد نحو 20 عاما من توقف طائرة كونكورد، حيث تحارب الشكوك الشديدة التي تحيط بهذه الصناعة.
قال الرئيس التنفيذي بليك شول في مقابلة "هناك حاجة إلى مئات، إن لم يكن آلاف من هذه الطائرات".
تدعي شركة بوم أنها حددت 600 مسار عالمي، حيث يمكن لشركات الطيران أن تشغل عليها طائرة أوفرتشر، طائرة من شأنها أن تقلل من وقت الطيران بين بعض الوجهات إلى النصف تقريبا. حيث سينخفض زمن الرحلة من نيويورك إلى لندن من 6.5 ساعة إلى 3.5 ساعة، في حين سينخفض زمن الرحلة من طوكيو إلى سياتل إلى 4.5 ساعة من 8.5 ساعة.
يعد عدم وجود شركة لتصنيع محرك لطائرة أوفرتشر أحد العوامل الكثيرة التي تغذي شكوك صناعة الطيران حول إذا ما كانت ستحلق في السماء في أي وقت. قال شول "إن شركة بوم كانت على وشك إصدار إعلان مشوق عن المحرك في الأشهر المقبلة"، لكنه رفض الإفصاح عما إذا كانت قد حددت شريكا للمشروع.
وأضاف شول "لا يتعلق الأمر فقط بتكنولوجيا المحرك، بل يتعلق أيضا ببعض الاكتشافات الجديدة في الاستدامة والنجاح في نموذج العمل الذي سيؤدي إلى اقتصاديات أفضل".
تعمل شركة بوم ومقرها في دنفر على تطوير طائرة نفاثة بأربعة محركات بسرعة انطلاق قصوى تبلغ 1.7 ماخ، أو أسرع بنسبة 70 في المائة من سرعة الصوت. وستكون سرعتها الأقل من سرعة الصوت 0.94 ماخ، أكبر من 0.75 إلى 0.85 ماخ للطائرات التجارية التقليدية.
ستنقل الطائرة التي يبلغ طولها 200 قدم من 65 إلى 80 راكبا عبر نطاق يبلغ 4,250 ميلا بحريا بحمولة كاملة. بالمقارنة، يمكن لطائرة بوينج 787-8 ذات الجسم العريض أن تستوعب نحو 250 راكبا وأن تقطع 7,305 أميال بحرية. وصفت شركة بوم طائرة أوفرتشر بأنها "مستدامة" لأنها "مصممة للعمل بوقود طيران مستدام 100 في المائة".
تمتلك الشركة سجل طلبيات لـ130 طائرة. ففي الأسبوع الماضي، وضعت شركة الخطوط الجوية الأمريكية دفعة مقدمة لـ20 طائرة أوفرتشر مع عقد خيار 40 طائرة إضافية، بينما طلبت الخطوط الجوية اليابانية مسبقا 20 طائرة في 2017. وأصبحت شركة يونايتد إيرلاينز أول شركة طيران أمريكية تطلب طائرة أوفرتشر في 2021.
أعطت الطلبات من بعض أكبر شركات الطيران في العالم بعض المصداقية لمشروع، يقول كثير من المحللين والمديرين التنفيذيين في مجال الطيران "إنه لن يتحقق أبدا".
قال كيفن مايكلز، العضو المنتدب لشركة آيرو ديناميك الاستشارية، "إن طائرة أوفرتشر مجرد طائرة ورقية في الوقت الحالي. هناك كثير من المشكلات التي يتعين على شركة بوم التغلب عليها. ولا أتوقع رؤيتها".
قال شول، "منذ تأسيسها في 2014، جمعت الشركة 600 مليون دولار من المستثمرين. ستحتاج إلى مزيد من المليارات لإكمال الطائرة".
يراقب المستثمرون والمحللون من كثب تطوير "إكس بي–1" لشركة بوم، وهو عرض تكنولوجي صغير تقول الشركة الناشئة "إنها تعتزم اختبار الطيران بحلول نهاية العام، على الرغم من أنه فاتها كثير من المواعيد النهائية التي فرضتها على نفسها".
كما أن هناك تساؤلات حول إذا ما ستكون هناك سوق لهذا العدد الكبير من الطائرات فائقة السرعة، التي يحظر عليها التحليق فوق الأرض بسرعات تفوق سرعة الصوت بسبب الضوضاء التي تحدثها، المعروفة باسم دوي اختراق حاجز الصوت. دخلت 14 طائرة كونكورد الخدمة ولم تتمكن شركات الطيران الفرنسية والخطوط الجوية البريطانية من استخدامها إلا في مسارات مختارة عبر المحيط الأطلسي.
توقع شول أن ينمو إنتاج وقود الطيران المستدام بسرعة قبل هدف شركة بوم لـ2029 لتشغيل أول رحلة ركاب لها. ينظر إلى الإمدادات الوفيرة من الوقود على أنها أمر أساسي للطائرات الأسرع من الصوت نظرا لأنها تستخدم طاقة أكثر بكثير من الطائرات العادية.
قال بروس ماكليلاند، محلل في شركة تيل جروب "دائما ما يمثل الاقتصاد تحديا في أمر كهذا. إنها زيادة هائلة في الوقود ولا توجد (في أي مكان) كمية شبه كافية من وقود الطيران المستدام لتلبية الطلب".
وأضاف "بالنسبة إلي، يعد هذا ممارسة هائلة لظاهرة الغسل الأخضر. أنا فقط في حيرة من أمري كيف سيتعاملون مع هذا".
قال دان رذرفورد، مدير برنامج الطيران في المجلس الدولي للنقل النظيف، "إن طائرة مثل أوفرتشر ستحرق وقودا أكثر بسبع مرات لكل مسافر يقطع كيلومتر مقارنة بالطائرة التي تقل سرعتها عن سرعة الصوت". كتب في تغريدة أن تحليل شركة بوم لوقود الطيران المستدام "يتجاهل تماما مسارات النمو الفعلية لوقود الطيران المستدام".
وأضاف رذرفورد "أنت تتحدث عن فاتورة وقود بنحو 20 ضعفا للراكب. ما شركة الطيران التي ستأخذ وقودها الأغلى ثمنا وتخصصه للطائرة الأقل كفاءة؟".
على الرغم من الطلبات المسبقة من بعض شركات الطيران الكبيرة، إلا أن كثيرا من المديرين التنفيذيين الآخرين لا يزالون غير مقتنعين.
فقد قال إد باستيان، الرئيس التنفيذي لشركة دلتا، لقناة "فوكس بيزنس"، "بصراحة، لدي أسئلة أكثر من الإجابات. إلى أن نكون واثقين بقدرتنا على تحقيق عائد موثوق به من الطائرة، فلن نستثمر فيها".

الأكثر قراءة