في معركة السيطرة على وسائل الإعلام الهندية .. من سينتصر؟

في معركة السيطرة على وسائل الإعلام الهندية .. من سينتصر؟

في مأدبة عشاء خاص في 2007، لم يترك أحد مذيعي التلفزيون سياسيا يمر دون تحد. برانوي روي، مذيع ومؤسس مشارك لمجموعة تلفزيون نيودلهي الإعلامية، واجه ناريندرا مودي رئيس وزراء ولاية جوجارات آنذاك بشأن أعمال شغب في الولاية قبل ذلك بخمسة أعوام، أدت إلى مقتل ما يقارب ألفي شخص.
حدد كمين روي نهج العلاقة المستقبلية القتالية مع مودي، الذي تم انتخابه رئيسا لوزراء الهند في 2014. وفي الاجتماع مع الصحافيين، تمسك مودي بإنكاره أي تورط في أعمال الشغب، لكنه غادر قبل تقديم الطعام، وفقا لكتاب روتشير شارما، المستثمر والمساهم في فاينانشيال تايمز "الديمقراطية على الطريق".
الآن أصبح الإعلام هو المحاصر. جوتام أداني، وهو ملياردير ينظر إليه على أنه مقرب من مودي، شن هجوما على شركة إن دي تي في الإعلامية الأسبوع الماضي. روي وزوجته راديكا روي، الشريكة المؤسسة الآن يحاربان سيطرة أداني، وهو ثالث أغنى رجل في العالم، على مجموعة إعلامية يقول مؤيدوها "إنها معقل للاستقلال الإعلامي".
ستترك هزيمة عائلة روي أكبر القنوات الإخبارية التلفزيونية في الهند تحت سيطرة أصحاب المليارات، وهو ما قال بعض المحللين "إنه ستكون له تداعيات عميقة على تعددية وسائل الإعلام".
موكيش أمباني، رئيس مجلس إدارة شركة ريلاينس إندستريز وثاني أغنى رجل في الهند، يتحكم بالفعل في مجموعة نيتورك 18 الإعلامية التوسعية ويقوم ببناء خدمة بث جديدة بالتعاون مع جيمس مردوخ.
قال إندراجيت جوبتا، وهو محرر سابق لمجموعة "فوربس إنديا" الإعلامية والمؤسس المشارك لمنصة "فاوندينج فيول" على الإنترنت "بين أمباني وأداني، سيسيطران الآن على أكبر شبكتين تلفزيونيتين. في ديمقراطية صاخبة، تحتاج إلى الاستماع إلى بعض الآراء المختلفة، لكن بهذا فإنك تفقد التنوع".
ينحدر أداني، مثل مودي، من ولاية جوجارات. لقد دعم رائد الأعمال من الجيل الأول رئيس الوزراء آنذاك عندما تعرض لانتقادات بسبب طريقة تعامله مع أعمال الشغب الدموية في 2002، دعم أداني رؤية رئيس الوزراء لبناء الأمة وهو الآن اللاعب المهيمن في البنية التحتية الهندية.
نفى أداني بشدة أي علاقة غير لائقة برئيس الوزراء.
فتحت عائلة روي بنفسها باب فقدانها السيطرة عندما اقترضت بشكل غير مباشر من شركة أمباني ريلاينس إندستريز منذ أكثر من عقد، لقد كان ذلك القرض من دون فائدة، لكنه جاء مصحوبا بضمانات قابلة للتحويل إلى ملكية شركة أنشأتها عائلة روي التي تمتلك 29 في المائة من أسهم "إن دي تي في"، قنبلة موقوتة تم احتواؤها داخل شركة وهمية اشتراها أداني في أواخر الشهر الماضي.
إن عائلة روي هم عمالقة وسائل الإعلام الهندية الصاخبة، وتشتهر بإنتاج أول برنامج إخباري تلفزيوني مستقل في الدولة في 1988. ظهرت "إن دي تي في" في الأصل على محطة البث الحكومية، ارتبطت بشبكة "ستار" لروبرت مردوخ في ظل تحرير الاقتصاد الهندي في تسعينيات القرن الماضي. أطلقت شركة إن دي تي في لاحقا قنوات إخبارية باللغتين الهندية والإنجليزية وكذلك لمحتوى الأعمال وأسلوب الحياة.
قال راجديب سارديساي، مذيع إخباري ومحرر في قناة إنديا توداي التلفزيونية، وقضى 11 عاما في "إن دي تي في"، "إن هناك جيلا كاملا من الصحافيين التلفزيونيين الهنود الذين نشأوا تحت مظلة شركة إن دي تي في الإعلامية وفي عاتقهم دين كبير لعائلة روي".
تم طرح الشركة للاكتتاب العام في 2004، على الرغم من احتفاظ عائلة روي بحصص مسيطرة. كانت شركة إن دي تي في تواجه بالفعل منافسة شرسة على إيرادات الإعلانات عندما اندلعت الأزمة المالية العالمية في 2008. كانت عائلة روي مصممة على إعادة شراء أسهم الشركة قبل أن تضرب الأزمة، لكنها كانت بحاجة إلى الاقتراض للقيام بذلك. أدى اقتراضها الناتج في النهاية إلى الحصول على قرض مشؤوم من أمباني، وفقا لهيئة تنظيمية للأوراق المالية.
"إن دي تي في" التي عدها السياسيون المحطة الأولى للظهور على التلفزيون ذات مرة، لديها علاقة متوترة مع إدارة حزب مودي بهاراتيا جاناتا، وقد أضر ذلك بأرباحها الصافية.
قبل وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة، استعرضت شركة إن دي تي في 2013 صلاتها السياسية بحفل الذكرى السنوية الـ25 في القصر الرئاسي. لكن أحد المديرين التنفيذيين الهنود قال "إن عائلة روي جزء من المؤسسة القديمة"، وأضاف المدير التنفيذي "لقد انقلب النظام، وأصبحت الشركة ضحية للنظام".
سحبت الوكالات الحكومية الإعلانات، بينما لم يشارك المتحدثون باسم حزب بهاراتيا جاناتا في برامج القناة. رفعت السلطات، من ضمنها إدارة ضريبة الدخل والمكتب المركزي للتحقيقات، قضايا ضد "إن دي تي في" وعائلة روي. ومنعهم أحد هذه التحقيقات من السفر إلى الخارج في آب (أغسطس) 2019. نفى أفراد عائلة روي ارتكاب أي مخالفات.
على الرغم من ذلك، فإن الوضع المالي لـ"إن دي تي في" يتحسن، فقد بلغت إيرادات العمليات للعام المالي المنتهي في مارس الماضي 2.3 مليار روبية "29 مليون دولار"، زيادة من ملياري روبية في العام السابق، بينما قفزت الأرباح السنوية إلى 600 مليون روبية من 380 مليون روبية، كما خفضت الشركة الاقتراض من 632 مليون روبية إلى 178 مليون روبية.
رفضت شركة آر آر بي آر المملوكة لعائلة روي التي تمتلك 29 في المائة من الحصة، نقل الأسهم إلى شركة تابعة لمجموعة أداني دون موافقة من الهيئة التنظيمية للأوراق المالية.
لكن المحللين قالوا "إن عائلة روي ستكافح من أجل صد أداني صاحب المليارات، الذي عرض شراء 26 في المائة أخرى من أسهم شركة إن دي تي في من المساهمين". إن أكبر مساهم عام في الشركة، بحصة تقارب 10 في المائة، هو كيان غير معروف مسجل في "موريشيوس"، وهو صندوق إل تي إس الاستثماري، الذي تستثمر محفظته 98 في المائة في شركات مجموعة أداني. بدأ سعر سهم "إن دي تي في" في الارتفاع هذا الربيع جراء التكهنات حول هذه الصفقة.
توقع بعض المراقبين أن الاستحواذ الناجح من قبل ذراع أداني الإعلامية سيؤدي إلى تخفيف استقلالية شركة إن دي تي في التحريرية. ولم تستجب مجموعة أداني لطلب التعليق.
قال سانجاي بوجاليا، الرئيس التنفيذي لمجموعة إيه إم جي التابعة لمجموعة أداني، "إن الشركة سعت إلى تزويد المواطنين الهنود والمستهلكين والمهتمين بالهند بالمعلومات والمعرفة".
قال ميناكشي جانجولي، مدير قسم جنوب آسيا في "هيومن رايتس ووتش"، "إن حكومة مودي لم يتبق لها سوى عدد قليل من النقاد مثل إن دي تي في"، وأضاف "إن هذه إدارة تتمتع إلى حد كبير بوسائل إعلام موالية لها، سواء كانت رغبة أم رهبة".
لم تجب وزارة الإعلام والإذاعة الهندية على طلب التعليق.

الأكثر قراءة