خلف قناع البطل .. ما يعنيه حقا أن تكون الرجل العنكبوت
ليست المرة الأولى التي يتم فيها طرح فيلم عن البطل الخارق سبايدر مان، الرجل العنكبوت الذي تحول بفعل التغيرات الفيزيولوجية التي أصابته إلى قوة خارقة، هدفها محاربة الظلم والفساد ومطاردة السارقين والمجرمين، ونشر الأمن والأمان في مختلف الأرجاء. هذه الصورة النمطية عن البطل الخارق تأخذ هذه المرة مع فيلم "سبايدر مان لا عودة إلى الديار"، طابعا مختلفا، كونها تجسد الوجه الحقيقي خلف القناع، وتطرح جدلية الصراع الذي لا ينتهي بين الخير والشر، بين من نحن ومن نريد أن نكون، بين الحقيقة والإشاعة المغرضة.
شخصية سبايدر مان الحقيقية
في هذا الجزء من سلسلة سبايدر مان، نعيش حالة مختلفة تماما عما شاهدناه في السابق، ويتم الكشف عن الشخصية الحقيقية لسبايدر مان منذ بداية الفيلم، وتدور الأحداث حول هذا الصراع الذي يعيشه باركر بين حياته الطبيعية وقوته الخارقة، وبعد أن يتهم بجريمة قتل ويتعرف الجميع على الشخصية الحقيقية للرجل الذي يضع القناع، ويتم استجوابه وصديقته إم جيه وصديقه ليدز وعمته ماي التي تعلم بحقيقة ما يملكه من قوة خارقة منذ البداية، لكن بفضل عبقرية محامية مات موردوك يحصل على البراءة من التهمة، لكن في المقابل يبقى أمامه تحدي محاربة الشائعات التي محت كل ما قام به في السابق، ورسخت صورة البطل الخارق القاتل.
الاحتفاظ بالذكريات الطيبة
في خضم ما يحصل، يلجأ إلى الدكتور ستراينج ليجد حلا لمشكلته، ويقترح الأخير عليه استخدام تعويذة كفيلة بمحو صورة الرجل العنكبوت وكل ما قام به من أذهان الناس. يعترض باركر في البداية لأنه يرغب في أن تحتفظ الذاكرة المجتمعية بما قدمه من تضحيات، ويقترح أن يحتفظ أصدقاؤه بذكريات طيبة عن سبايدر مان، الأمر الذي يؤدي إلى إفساد عمل التعويذة، ما يؤدي بدوره أيضا إلى استحضار الأشرار من عوالمهم الخاصة، وبدلا من أن يواجه شريرا واحدا، أصبح باركر أمام مجموعة من الأشرار يحاول محاربتهم وإعادتهم إلى عوالمهم الخاصة. يقترح باركر على دكتور ستراينج إيجاد علاج للأشرار بدلا من إعادتهم، ويرفض طلبه، ما يدفعه إلى سرقة التعويذة، وحبس الدكتور ستراينج، وأخذ الأشرار إلى شقة هابي هوجان. نسخ متعددة، وبعد الفوضى التي سببتها التعويذة المعبأة، يخرج إلى العلن نسختان أخريان من باركر، الملقبان بـ"بيتر 2" من عالم اوزبورن واوكتافيوس وماركو يلعب دوره توبي ميجواير، و"بيتر 3" من عالم كونورز وديليون، يلعب دوره اندرو جارفيلد، وبدلا من شخصية واحدة لسبايدر مان نواجه نسخا متعددة، كل واحدة لها تطوراتها الدرامية في سياق القصة.
بين الخير والشر
تتوالى الأحداث، وتتنوع أشكال الصراع بين الخير والشر، ويتساعد باركر مع أصدقائه وحبيبته والنسخ عنه، في محاربة الخطر الذي شكله الأعداء، يحاولون بطرق مختلفة محاربة الخطر الذي سببه خروج الأشرار من أوكارهم، يحاولون لكنهم يفشلون في إيجاد الوسيلة المناسبة ليتخلصوا منهم. هنا يدرك باركر أخيرا أن الطريقة الوحيدة لحماية الأكوان المتعددة هي محو نفسه من ذاكرة الجميع، ولأنه يؤمن بالخير ورسالته الدفاع عن الحق ونصرة المظلوم، يقرر أن يتخلى عن صورته النمطية، ويمحو أثر سبايدر مان من الذاكرة المجتمعية، ويطلب من الدكتور ستراينج القيام بذلك، بينما يعد ام جيه ونيد بأنه سيجدهما مرة أخرى. يتم إلقاء التعويذة، التي كانت سببا في كل ما حدث، ويعود الجميع إلى عالمهم الخاص بما في ذلك إيدي بروك، الذي يترك وراءه قطعة من جسم فينوم، كأنه يريد أن تبقى ذكراه حاضرة ولو بشيء بسيط.
ثلاثية للمخرج
في هذا الفيلم، جاء المخرج جون واتس ليعلي ثيمة الاختيار في ثلاثيته من بطولة توم هولاند التي أتمها بالجزء الأخير "سبايدر مان.. لا طريق للعودة"، لافتا في عنوانه إلى أن بيتر باركر لن يجني عواقب صنيعه فحسب، بل إن ما يتخذه من قرارات سيترتب عليها مصيره دون رجعة، أقام واتس رباطا بين أجيال ثلاثة، بجمع شتات الممثلين الثلاثة الذين لعبوا معا أدوار البطولة في أفلام سبايدر مان على مدار الـ20 عاما الماضية، من توم هولاند إلى أندرو جارفيلد وصولا إلى توبي ماجواير في سابقة من نوعها، من خلال تبني فكرة العوالم الموازية التي تبلغك بأن نسخة طبق الأصل منك تحيا في عالم بديل لك. ولقد أولى المخرج أهمية للفكاهة في الفيلم، وذلك لردم الفجوة العمرية بين سبايدر مان وجميع الشخصيات الأخرى في عالم مارفل السينمائي، إذ تتوزع على أجزاء من الحوار، حتى تخفت في النهاية كلما ازدادت الأمور قتامة، لنتنبه إلى أن لب السيناريو قائم في حقيقته على تعويذة النسيان.
الموسيقى والتصوير
تتميز أفلام الحركة والأكشن التي تجسد أدوار الأبطال الخارقين، بنوع خاص من الموسيقى التي تمشي جنبا إلى جنب مع المغامرة الديناميكية المتعددة، موسيقى خاصة تشبه نوعية الفيلم، تتماشى مع الحركة والصوت، وتدخل في تفاصيل الشخصيات، وتعكس وجها من وجوه الدراما السينمائية، التي تتماشى وشكل ومضمون القصة، وتلعب دورا في رسم ملامح الشخصية وتطور الأحداث. إضافة إلى المقطوعة الأصلية من تأليف مايكل جياشينو، يتميز الفيلم بمجموعة متنوعة من الموضوعات القديمة، وظهور شخصيات قديمة مصحوبين بمواضيعهم الموسيقية الأصلية. كذلك نسمع عند وصول بعض الشخصيات مثل جارفليد وماجير، موضوعات فريدة وبطولية تتميز بنغمات موسيقية، بعضها نفذ لهذا الفليم والبعض الآخر لأفلام قديمة. كذلك التصوير لعب دورا في جذب المشاهد، من خلال استخدام تقنيات خاصة بالتصوير تتناسب وقصة الفيلم والحركة والموسيقى، جميعها عناصر شكلت فيما بينها توليفة خاصة، تمنح هذه النوعية من الأفلام ميزة خاصة مختلفة عما هو متعارف عليه. الصورة كان لها دورها في جمع الماضي بالحاضر، وكان التركيز على طريقة ثلاثية الأبعاد في نقل الحركة والتفاعل مع حركات الرجل العنكبوت وتطورات الأحداث.
الإيرادات
تجدر الإشارة إلى أن الفيلم حقق أعلى درجات التصنيف خلال الأيام الأولى من عرضه، كما حقق الفيلم أرباحا بلغت 804.4 مليون دولار في الولايات المتحدة وكندا، و1.096 مليار دولار في أقاليم أخرى ليصبح المجموع العالمي 1.901 مليار دولار. إنه الفيلم الأكثر ربحا على الإطلاق من أفلام سبايدر مان، والفيلم الأعلى ربحا الصادر عن شركة سوني. كما عد ثالث أعلى فيلم ريفي في الولايات المتحدة حصد نسبة مشاهدة، كما حقق أرباحا تجاوزت 121.85 مليون دولار، ويعد ثاني أعلى فيلم استقطابا على شباك التذاكر.