ودائع القطاع المصرفي تكبح ارتفاعات «سايبور» 3 أشهر لأكثر من 60 يوما
تمكنت ودائع القطاع المصرفي من كبح ارتفاعات أسعار الاقتراض بين البنوك السعودية "سايبور الثلاثة أشهر" لأكثر من 60 يوما، وذلك مع استقرار حركته خلال تعاملات أسواق النقد السعودية في الشهر الماضي.
ووفقا لرصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، أغلق "سايبور الـثلاثة أشهر" خلال آب (أغسطس) عند مستويات 3 في المائة أو دونها، علما بأن "سايبور الـثلاثة أشهر" هو أكثر مرجع تسعيري يستخدمه القطاع المصرفي مع القروض الخاصة بالقطاع الخاص.
وبحسب الرصد، تضاعفت فائدة السايبور "لشهر واحد" بأكثر من ثلاث مرات بنهاية أغسطس مقارنة بما كانت عليه مطلع العام الجاري، إذ سجلت معدلاته قفزات استثنائية خلال أقل من 50 يوما، ليرتفع بأكثر من 40 في المائة مقارنة بقاع منتصف تموز (يوليو).
وبشكل عام، صعدت آجال السايبور الأربعة بنسبة تراوحت بين 10.90 إلى 41.5 في المائة مقارنة بـالقاع المسجل في يوليو، وذلك بعد توقعات رفع الفيدرالي الأمريكي للفائدة خلال الفترة المقبلة.
بل إن 75 في المائة من آجال استحقاق "السايبور" باتت تتجاوز قممها التاريخية المسجلة في حزيران (يونيو)، إذ بلغت آجال "السايبور" أقصى قمة تاريخية للعام الجاري خلال الفترة بين 16 إلى 21 يونيو.
وأظهر رصد الصحيفة أن ثلاثة من آجال "السايبور" تتداول حاليا، عند أعلى مستوياتها لهذا العام.
وحول أداء آجال "السايبور" بنهاية الثمانية أشهر من العام الجاري، سجلت أسعار الاقتراض بين البنوك السعودية "السايبور" قفزات قياسية خلال ثمانية أشهر الماضية، وذلك على وقع رفع أسعار الفائدة للمرة الرابعة خلال العام الجاري.
وأسهم الرفع الفعلي للفائدة الأمريكية خلال الفترة الماضية أو التوقعات برفعها خلال الفترة المقبلة، في الدفع باثنين من آجال "السايبور" للتداول دفعة واحدة فوق 3.50 في المائة مقارنة بـمستويات دون 1.8 في المائة في شباط (فبراير) من العام الجاري.
وتأتي الحركة الاستباقية لارتفاع أسعار "السايبور" في الوقت الذي يقوم المتعاملون في سوق النقد السعودية بإعادة تسعير آجال "السايبور" الأربعة، وذلك بعد الأخذ بعين الاعتبار عدد مرات رفع الفائدة الأمريكية خلال 2022.
واعتمدت الصحيفة في تحليلاتها على بيانات منصة ريفينيتيف وهي الشركة المملوكة لمجموعة بورصة لندن للأوراق المالية، وكذلك بيانات منصة "ماكرو بوند".
نمو الودائع المصرفية
ونشرت "الاقتصادية" تحليلا في 3 يوليو 2022 أشارت فيه إلى أن أسعار الاقتراض بين البنوك السعودية بكل آجالها الأربعة تراجعت خلال يونيو، وذلك من أعلى قمة سجلتها في وقت سابق خلال النصف الأول. وجاء الانخفاض المفاجئ، حينها لآجال "السايبور" بعد نمو الودائع المصرفية بشكل لافت في يونيو.
وقالت الصحيفة حينها إنه لا توجد ضمانات لأسعار "السايبور" بأنها لن تعاود صعودها مرة أخرى، وذلك لوجود اجتماعات مجدولة للبنك المركزي الأمريكي، التي من المرجح أن يتم رفع أسعار الفائدة فيها.
ومفعول الزيادة الاستثنائية في الودائع المصرفية ظهر مع معدلات "السايبور" بعد 22 يونيو، وذلك بانخفاضها "أي معدلات السايبور" على شكل تدريجي في ذلك الوقت.
الودائع عند أعلى معدل
وسجلت الودائع الادخارية والآجلة لدى المصارف العاملة في السعودية أعلى نمو منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2016 بارتفاعها 22 في المائة بنهاية يونيو على أساس سنوي.
وبحسب تقرير الاقتصادية المنشور في 7 أغسطس 2022، بلغت الودائع الادخارية والآجلة مستوى تاريخيا عند 542.9 مليار ريال، بزيادة سنوية بلغت 97.8 مليار ريال، أما على أساس شهري، أضافت نحو 25.6 مليار ريال مقارنة بأيار (مايو) بنمو 4.9 في المائة.
وتنقسم الودائع الآجلة والادخارية إلى ودائع الأفراد والشركات وكذلك ودائع الهيئات الحكومية، إذ تشكل الأولى نحو 50.05 في المائة من إجمالي الودائع الآجلة والادخارية في المصارف، مقابل 49.95 في المائة للهيئات والمؤسسات الحكومية.
وسجلت ودائع الأفراد والشركات نموا بلغ 20.3 في المائة على أساس سنوي بنهاية يونيو لتصل إلى 271.7 مليار ريال، في حين نمت الودائع للجهات الحكومية بنحو 23.7 في المائة، لتبلغ مستوى قياسيا عند 271.2 مليار ريال.
وخلال الربع الثاني زاد معدل النمو السنوي لودائع الأفراد والشركات الادخارية بشكل ملحوظ، ما يرجح ميل هذه الفئة إلى استغلال معدل الفائدة المرتفع على الودائع الادخارية.
قفزة بعد ركود
وقفزت أسعار الفائدة بين البنوك السعودية بوتيرة قياسية خلال الربع الأول، وذلك بعد فترة ركود لمستويات "السايبور" خلال العامين الماضيين.
وبذلك تسجل مؤشرات فائدة الإقراض بين البنوك أسرع ارتفاعاته السنوية منذ بداية العام الجاري، في مؤشر على إغلاق نافذة الاستدانة المتدنية التكلفة على الشركات والأفراد.
وتأتي تحركات "السايبور" وسط توقعات المستثمرون بتشديد الاحتياطي الفيدرالي السياسة النقدية ورفع الفائدة خلال العام الجاري، حيث من الطبيعي أن تتفاعل آجال "السايبور" الأربعة مع أي رفع فعلي للفائدة خلال هذا العام.
وبحكم ربط العملة السعودية بالدولار فإن المراقبين يولون اهتماما كبيرا بتحركات الليبور"سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن" وبين قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حول زيادة أسعار الفائدة التي ابتدأت مع آذار (مارس) 2022.
وجاءت أسعار "السايبور" خلال الـعامين الماضيين لمصلحة قروض الشركات والقروض الشخصية والقروض العقارية وغيرها من القروض، إذ أسهمت بيئة الفائدة المتدنية في خفض دفعات القروض على المقترضين وإلى تحفيز النشاط الاقتصادي.
الفائدة الثابتة
ويعني تسعير أدوات الدين أو القروض بفائدة ثابتة أن المستثمر أو الجهة التمويلية تعرف حجم الفوائد، التي ستسلم لها خلال فترة معينة، وتميل الجهات المصدرة للصكوك نحو الفائدة الثابتة من أجل إغلاق نسبة العائد الثابت خلال الأوقات، التي تكون فيها أسعار الفائدة منخفضة.
أما أدوات الدين أو القروض المسعرة بفائدة متحركة أو متغيرة فإنه يعاد تسعيرها، كل ثلاثة أو ستة أشهر، بحسب بمؤشر القياس المستخدم، فعالميا يتم استخدام الفائدة المعروض بين البنوك في لندن "الليبور"، إذ يعد "الليبور" نظير "السايبور" للفائدة المقومة بعملة الدولار.
وتم التوقف عن إصدار أدوات الدين السيادية بالفائدة المتغيرة في 2016، وتلك السندات المحلية مدرجة بالبورصة المحلية لدى تداول.
الفيدرالي يرفع الفائدة
وفي 16 مارس 2022، وافق مجلس الاحتياطي الفيدرالي على رفع سعر الفائدة الرئيس بمقدار ربع نقطة مئوية "وكانت تلك الزيادة حينها أول زيادة منذ أكثر من ثلاثة أعوام".
وتوقع المجلس أن تكون الفائدة في نطاق من 1.75 و2 في المائة بحلول نهاية العام الجاري، دفعة إضافية لمعالجة التضخم المتصاعد، وذلك للحيلولة دون إعاقة النمو الاقتصادي.
وبعد رفع الفائدة من الفيدرالي، قرر البنك المركزي السعودي رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء "الريبو" بمقدار 0.25 في المائة من 1.00 إلى 1.25 في المائة، كذلك رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس "الريبو العكسي" بمقدار 0.25 في المائة من 0.5 إلى 0.75 في المائة.
ويأتي هذا القرار بهدف المحافظة على الاستقرار النقدي، ودعم استقرار القطاع المالي في ظل التطورات النقدية في الأسواق المحلية والعالمية.
وقرر البنك المركزي السعودي "ساما" في الرابع من مايو 2022، رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس "الريبو العكسي" من 75 نقطة أساس إلى 125 نقطة أساس، ورفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء "الريبو" من 125 نقطة أساس إلى 175 نقطة أساس.
وجاء ذلك بعد قيام الفيدرالي الأمريكي برفع معدل الفائدة بـ50 نقطة أساس في أكبر وتيرة زيادة للفائدة في عقدين من الزمن إلى النطاق بين 0.75 في المائة و 1.0 في المائة. ويعد رفع الفائدة الذي تم في مايو ثاني تغيير لسعر الفائدة خلال العام الجاري.
وفي 15 يونيو، قرر البنك المركزي السعودي "ساما"، رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس "الريبو العكسي" بمقدار 50 نقطة أساس من 125 نقطة أساس إلى 175 نقطة أساس "إلى 1.75 في المائة"، ورفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء "الريبو" بمقدار 50 نقطة أساس من 175 نقطة أساس إلى 225 نقطة أساس "إلى 2.25 في المائة".
وكان الفيدرالي قد قام في الوقت ذاته برفع معدل الفائدة 75 نقطة أساس إلى النطاق بين 1.5 في المائة و1.75 في المائة، ويعد رفع يونيو ثالث تغيير لسعر الفائدة خلال العام الجاري بعد أن تم رفعه في مارس ومايو الماضيين.
وفي أواخر يوليو، قرر البنك المركزي السعودي "ساما"، رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس "الريبو العكسي" بمقدار 75 نقطة أساس من 175 نقطة أساس إلى 250 نقطة أساس "إلى 2.50 في المائة"، ورفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء "الريبو" بمقدار 75 نقطة أساس من 225 نقطة أساس إلى 300 نقطة أساس "إلى 3.00 في المائة".
يأتي ذلك بعد قيام الفيدرالي الأمريكي برفع معدل الفائدة 75 نقطة أساس إلى النطاق بين 1.75 في المائة و2.50 في المائة، ويعد رفع اليوم رابع تغيير لسعر الفائدة خلال العام الجاري بعد أن تم رفعه في مارس ومايو ويونيو.
فترة الفائدة المنخفضة
وقبل الرفع الحالي للفائدة في 2022، خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين في مارس 2020، في خطوة استثنائية جديدة لدعم اقتصاد الولايات المتحدة وسط جائحة فيروس كورونا الآخذة بالتسارع في أنحاء العالم.
وقال في بيان إنه قرر خفض النطاق المستهدف لأسعار الفائدة إلى بين الصفر و0.25 في المائة.
وكان مجلس الاحتياطي قد خفض بالفعل أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية أثناء اجتماع عاجل في الثالث من مارس، في أول خفض خارج جدول اجتماعات السياسة العادي منذ الأزمة المالية في 2008.
وجاء رد البنك المركزي السعودي على خفض الفائدة الثاني من قبل الفيدرالي الأمريكي خلال مارس
عندما خفض "ساما" معدل إعادة الشراء من 1.75 في المائة إلى 1 في المائة ومعدل إعادة الشراء المعاكس من 1.25 في المائة إلى 0.50 في المائة، ويعد ذلك خامس خفض لأسعار الفائدة السعودية خلال ثمانية أشهر.
وقبل خفض الفائدة مرتين في 2020، قام "ساما" أواخر تشرين أكتوبر بخفض أسعار الفائدة الأساسية في أعقاب قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة خلال 2019، ومعلوم أن معظم البنوك المركزية حول العالم، التي تربط عملتها بالدولار، قد خفضت أسعار الفائدة المحلية لتنضم بذلك إلى دورة التيسير النقدي، التي يقودها مجلس الاحتياطي الاتحادي جنبا إلى جنب مع نظراء خليجيين.
3 مراجع لتسعير الائتمان
ويعتمد القطاع المالي السعودي على ثلاثة مراجع تسعيرية، أولها وأقدمها الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية "السايبور"، وثانيها "عقود المبادلة المقومة بالريال"، التي تستخدم لتسعير الائتمان في السوق المحلية، ويستخدم القطاع المالي هذا المؤشر في تسعير بعض عمليات الاقتراض الخاصة بالشركات.
ويستخدم كذلك بدرجة نادرة "كمرجع تسعيري" مع تسعير الصكوك المحلية للقطاعين الخاص والحكومي، وثالث المراجع "عوائد الصكوك الحكومية لكل آجال الاستحقاق"، ويعد آخر مراجع التسعير للائتمان، التي ظهرت في الآونة الأخيرة.
ما "السايبور"؟
وتستعين البنوك السعودية بمؤشر السايبور عندما تحاول الاقتراض من بعضها بعضا، و"السايبور" هو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر.
وتتفاوت أسعار "السايبور" وفقا لآجال الاقتراض "القصيرة الأجل" التي تراوح ما بين شهر إلى عام، وتعد بمنزلة العمود الفقري الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات وكذلك بعض إصدارات السندات السيادية التي تسعر بالفائدة المتغيرة في السوق المحلية.
وعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد / الأرباح التي يدفعها المقترضون للبنوك، وتتم عملية احتسابه بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة.
وعندما ترتفع معدلات "السايبور"، يرتفع كذلك الهامش الربحي للبنوك التي قدمت قروضا لعملاء بفائدة متغيرة، ووحدهم العملاء الذين اختاروا الفائدة الثابتة يصبحون بمأمن من تقلبات أسعار الفائدة.
وحدة التقارير الاقتصادية