الجائحة تركز أنظار إفريقيا على الاستقلال في اللقاحات
كان جون نكينجاسونج هو أول من رأى الفرصة التي أتاحتها أزمة كوفيد - 19. في أوائل 2021، كان مدير المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها يغلي من الإحباط لأن الدول الإفريقية، مع طرح اللقاحات في جميع أنحاء العالم، وجدت نفسها في ذيل قائمة الانتظار.
يقول، "نحن نستهلك 25 في المائة من اللقاحات في العالم"، في إشارة إلى لقاحات الأمراض التي تختلف من الحصبة والسعال الديكي إلى السل وفيروس الروتا، مرض مسبب للإسهال قد يهدد الحياة. "مع ذلك، فإن 1 في المائة فقط من اللقاحات يتم تصنيعها في هذه القارة".
كان يمكنه رؤية كيف جعل ذلك أنظمة الرعاية الصحية الإفريقية تعتمد اعتمادا مؤلما على الكيانات الخارجية. كانت شركات الأدوية مثل فايزر وموديرنا، اللتين تعملان على أساس تجاري إلى حد كبير، تشحن معظم لقاحاتها إلى الولايات المتحدة وأوروبا. وكانت مبادرة كوفاكس، التسهيل المدعوم من منظمة الصحة العالمية للدول منخفضة ومتوسطة الدخل، تعتمد بشكل كبير على مورد واحد، معهد الأمصال في الهند، الذي كان ينتج لقاح شركة أسترازينيكا.
عندما أعلن معهد الأمصال، في آذار (مارس) 2021، أنه أوقف الصادرات في أعقاب الارتفاع الكبير في حالات الإصابة بكوفيد في الهند، حذر نكينجاسونج قائلا، "يمثل مشهد اللقاح تحديا كبيرا لقارتنا". لقد كان، في الواقع، يقيد اختيار الأدوات الطبية التي يمكن أن تستخدمها السلطات الصحية الإفريقية وسط الجائحة - وتوقيت ذلك. قال حينها، "ببساطة، علينا أن نخوض الحرب بما لدينا من إمكانات".
كان اقتراح نكينجاسونج - الاقتراح الذي اكتسب زخما سياسيا سريعا - هو أنه ينبغي للأفارقة زيادة كمية اللقاحات المنتجة في القارة زيادة حادة. يقول الآن، "نحن بحاجة إلى إعداد خطة وإطار عمل لتصنيع اللقاحات في إفريقيا"، مضيفا أن القارة يجب أن تلبي 60 في المائة من احتياجاتها بحلول 2040.
يوجد بالفعل بعض المراكز المتفوقة - بما فيها معهد باستير في داكار، الذي ينتج لقاح الحمى الصفراء، وشركة أسبين فارما كير، شركة تصنيع أدوية في جنوب إفريقيا لديها ترخيص لإنتاج مئات الملايين من جرعات لقاح كوفيد من شركة جونسون آند جونسون المكون من جرعة واحدة.
يقول سالم عبد الكريم، خبير الأمراض المعدية في جنوب إفريقيا، إن هذه الأمثلة تدحض الافتراض الشائع بأن إفريقيا تفتقر إلى البنية التحتية المادية أو القاعدة العلمية لإنتاج لقاحات موجودة أو حتى جديدة. يضيف أنه في مجال أبحاث فيروس نقص المناعة البشرية المختص فيه، حققت المختبرات في إفريقيا بعض الإنجازات. "دعونا نتخلص من هذه الأفكار المغلوطة - إفريقيا قادرة جدا على ممارسة العلوم المخبرية"، حسبما يقول.
أيد بول كاجامي، رئيس رواندا، الخطة وأقنع بيو إن تيك، الشركة الألمانية للتكنولوجيا الحيوية التي شاركت في تطوير أول لقاح يعتمد على الحمض النووي الريبي المرسال لكوفيد - 19، ببناء مصنع في كيغالي. بدأت الشركة نشاطها في العاصمة الرواندية في حزيران (يونيو) وتخطط إلى إنشاء مصنع آخر في السنغال.
تستثمر شركة موديرنا، التي طورت أيضا لقاحا يعتمد على الحمض النووي الريبي المرسال لكوفيد، 500 مليون دولار في مصنع في كينيا لتصنيع لقاحات تعتمد على التكنولوجيا نفسها. في الشهر الماضي، أعلنت شركة التكنولوجيا الحيوية في جنوب إفريقيا "أفريجين" تعاونها مع المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة، التي تدعم التكنولوجيا الخاصة بها لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال، لتطوير لقاحات لأمراض أخرى. تتضمن الشراكة مع المعاهد الوطنية للصحة تطوير لقاحات مرشحة محتملة ضد فيروس نقص المناعة البشرية، والسل، والملاريا، والإنفلونزا، والأمراض الأخرى المنتشرة في إفريقيا.
تقول البروفيسورة ترودي لانج، رئيسة شبكة الصحة العالمية في جامعة أكسفورد، إن روعة الجيل الجديد من اللقاحات تكمن في سهولة تكييفها للأمراض الأخرى. أيضا توضح أن ما يسمى بتكنولوجيا "التوصيل والتشغيل" - حيث يتم استخدام الشفرة الجينية للفيروس لتعليم الجسم مكافحة العدوى - يعني، من الناحية النظرية، أنه يمكن تطبيق تكنولوجيا اللقاح بسرعة على الأمراض الجديدة.
يرحب ستافروس نيكولاو، رئيس التجارة الاستراتيجية في شركة أسبين فارما كير، بمبادرة التصنيع هذه لكنه يقول إن الأمر لن يكون سهلا. كما يحذر من أنه إذا تعذر إنتاج اللقاحات على نطاق واسع، فستكون أكثر تكلفة. ويجادل بأنه سيترتب على المشترين، بما في ذلك الحكومات والمنظمات الدولية مثل تحالف اللقاحات جافي، الالتزام بشراء الأدوية المنتجة في إفريقيا بكميات كبيرة.
مع ذلك، حتى في منتصف جائحة كوفيد، التي تسببت في انتكاسة للحملات الصحية بشكل سيئ حيث تم تحويل الموارد، تم إثبات قوة اللقاحات.
في العام الماضي، دعمت منظمة الصحة العالمية الاستخدام واسع النطاق للقاح موسكويريكس، لقاح للملاريا أنتجته شركة جي إس كيه يساعد على الوقاية من مرض أودى بحياة أكثر من 400 ألف شخص، ثلثاهم دون سن الخامسة، في 2019 وحده. يعمل بعض الجهات الأخرى، بما في ذلك شركة بيو إن تيك وجامعة أكسفورد، على لقاحات للملاريا قد تكون أكثر فاعلية وأسهل في إعطائها للمرضى.
في إنجاز آخر على صعيد اللقاحات، أعلنت منظمة الصحة العالمية العام الماضي أنه تم القضاء على شلل الأطفال الحاد في نيجيريا، ثم في القارة ككل. وصفه تيدروس أدهانوم جيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، بأنه "أحد أعظم إنجازات الصحة العامة في عصرنا" - على الرغم من ظهور المرض مجددا بشكل بسيط في ملاوي منذ ذلك الحين.
يقول أو بي سيساي، كبير مستشاري معهد توني بلير للتغير العالمي، إن إفريقيا ليست لديها خيار سوى تطوير قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي بعد تجربة الجائحة.
على الرغم من كل الكلمات الرائعة والنيات الحسنة، يقول، "الطريقة التي تعامل بها العالم مع كوفيد لم تكن استراتيجية، ولم تظهر أي بصيرة، ولم تكن تعاونية".