رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نباتات مريضة نفسيا

يشعر البشر عموما بالسعادة والتفاؤل عندما يكونون في مكان مليء بالنباتات، فتفاعل البشر مع الطبيعة يعد أمرا ضروريا لتعزيز المشاعر الإيجابية لديهم. وقد أظهرت استبانة تم إجراؤها في أربع مستشفيات في منطقة خليج سان فرانسيسكو أن نحو 79 في المائة من المرضى شعروا بأنهم أكثر استرخاء وهدوءا، و19 في المائة شعروا بالإيجابية و25 في المائة شعروا بالانتعاش والقوة بعد قضاء بعض الوقت في حديقة عامة. تثير الأزهار أيضا المشاعر الإيجابية. فقد أفاد المرضى المسنون الذين تلقوا الورود بأنهم أحسوا بمزاجية أكثر إشراقا وتحسنت الذاكرة طويلة الأمد لديهم! وفي الواقع لا يقتصر دور النباتات على تحسين الحالة النفسية للبشر، بل يتعدى ذلك إلى ما هو أعمق وأكثر من مجرد تأثير في الأحاسيس.
يقول توماس هورفاث أستاذ الطب المقارن في مؤسسة جين وديفيد والاس، "منذ أعوام بدأت أهتم فيما يجمع الكائنات الحية المختلفة، لا بد من وجود تشابه بينها في سلوكياتها أو وجودها بحد ذاته". وأوجد ذلك سؤالا مهما، وهو هل يمكن الاستعانة بالنبات لدراسة الأمراض النفسية التي تصيب البشر؟!
فوجود تشابه في بعض الجينات بين الثدييات عموما والنباتات شجع العلماء على خوض هذه التجربة الفريدة من نوعها، اعتقد هورفاث أنه ربما نتمكن من فهم السلوك البشري أكثر من خلال دراسة النباتات، إن كنا قادرين على تغيير جينات الميتوكندريا في الحيوانات ورؤية التغيير الحاصل في سلوكياتها، ثم تكرار التجربة ذاتها عند النباتات ومراقبتها، في النهاية ربما نطور نباتا مصابا بالفصام!
تتولى الميتوكندريا تنظيم الاستقلاب في الكائنات الحية، وتمتاز بتأثيرها الكبير في صحة الكائن الحي. يسبب اضطراب وظائف الميتوكندريا خللا في التطور عند النباتات والبشر، ما يؤدي إلى أمراض عديدة، من ضمنها الأمراض العصبية التنكسية مثل ألزهايمر، وهنتنغتون، وباركنسون والفصام عند البشر! درس هورفاث وزملاؤه مورثتين من الحمض النووي التابع للمتوكندريا "وهي بنية خلوية متخصصة في توليد الطاقة"، تعود إحدى المورثتين إلى نبات أرابيدوبسيس المزهر والأخرى لفأر وكلا الموروثتين تؤدي دورا متشابها لدى النبات والثدييات.
ووجدوا أن الجين الموجود في النبات يؤثر في عمليتين مهمتين، استجابة النباتات للتراكيز الملحية، والحركة القائمة على إيقاعات الساعة البيولوجية، أي كل الحركات التي تقوم بها أوراق النبات خلال الليل والنهار، تبعا لضوء الشمس، وفي الحيوان وجدوا أن نقص المورثة يؤدي إلى بطء في حركة الفار وقطع مسافات أقصر من نظيراتها الفئران الاعتيادية! هذا التشابه قد يمكننا مستقبلا من استخدام النبات بمنزلة كائن حي نموذجي لإتمام الأبحاث السلوكية المستقبلية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي