إلغاء ديون الطلاب يؤجج نار التضخم في أمريكا
جاء إلغاء جو بايدن التاريخي مليارات الدولارات من قروض الطلاب، وهي خطوة طال انتظارها، في لحظة غير مستقرة للاقتصاد الأمريكي.
قال الرئيس الأمريكي للصحافيين في البيت الأبيض الأربعاء "هذا يعني أن الناس سيبدأون أخيرا في الخروج من تحت جبل الديون للتفكير في شراء منزل، أو تأسيس أسرة، أو بدء عمل تجاري"، وأضاف "بالمناسبة، عندما يحدث هذا، يكون الاقتصاد كاملا في وضع أفضل".
هذه الكلمات أسعدت الذين ينتظرون أن يفي الرئيس بتعهد حملته الرئاسية بمساعدة المقترضين الغارقين في ديون الطلاب، لكنها أقلقت بعض الاقتصاديين الذين يعتقدون أنه مع ارتفاع تضخم أسعار المستهلك إلى أعلى مستوى في 40 عاما، فإن هذا أسوأ وقت لتأجيج التضخم أكثر.
قال مارك جولدوين، كبير مديري السياسات في "اللجنة الفيدرالية من أجل ميزانية مسؤولة" المتشددة "سيؤدي هذا إلى تفاقم التضخم وسيقضي على كل تأثير انكماشي لقانون خفض التضخم".
كذلك انتقد الجمهوريون الخطوة. أطلق عليها ميتش مكونيل، زعيم الحزب في مجلس الشيوخ "اشتراكية القروض الطلابية".
حتى إن بعض اليساريين قلقون من أن إعادة آلاف الدولارات إلى جيوب ملايين الأمريكيين ستؤدي إلى تأجيج الطلب أكثر ودفع الأسعار إلى أعلى.
جيسون فورمان، الذي كان رئيسا لمجلس المستشارين الاقتصاديين في عهد باراك أوباما، كتب في تغريدة على تويتر "إن صب ما يقارب نصف تريليون دولار من الزيت على نار التضخم المشتعلة بالفعل يعد تهورا".
يأتي إعلان الأربعاء بعد شهور من الضغط على بايدن لفعل شيء حيال المستويات المرتفعة من الديون الطلابية في الولايات المتحدة. منذ 1980 تضاعفت تكلفة شهادة جامعية مدتها أربعة أعوام ثلاث مرات تقريبا بالقيمة الحقيقية، وفقا لمنظمة كوليدج بورد.
جمد دونالد ترمب أولا مدفوعات قروض الطلاب الفيدرالية في بداية جائحة فيروس كورونا، وتم تمديد التجميد عدة مرات منذ ذلك الحين. قال بايدن الأربعاء "إن السداد سيتم إيقافه مؤقتا لمدة أربعة أشهر إضافية، وعند استئنافه فإن كل من يكسب أقل من 125 ألف دولار سيتم إعفاؤه من عشرة آلاف دولار".
المستفيدون من منح "بيل"، التي تمنح لمن هم في حاجة مالية خاصة، سيعفون من عشرة آلاف دولار إضافية من الديون. والمقترضون الذين لديهم أرصدة قروض أصلية تبلغ 12 ألف دولار أو أقل سيتم إلغاء المبلغ المستحق بالكامل بعد عشرة أعوام، بدلا من 20 عاما.
وفقا للبيت الأبيض، سيتم تخفيض مدفوعات 43 مليون مقترض، وسيمحى رصيد 20 مليونا منهم تماما. يتحمل المستهلكون الأمريكيون ما يقارب 1.6 تريليون دولار من الديون الطلابية المستحقة، وعادة ما تتحمل الأسر ذات البشرة السوداء ديونا أكثر وتواجه مدفوعات أعلى.
ما يقارب 16 في المائة من المقترضين في حالة تخلف عن السداد، وثلثا المقترضين ذوي البشرة السوداء كانت ديونهم في 2016 أعلى مما كانت عليه في 2004، وفقا لدراسة أجراها مركز التقدم الأمريكي اليساري.
قال تشارلي إيتون، أستاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة كاليفورنيا في ميرسيد "سياسة إدارة بايدن ستكون تحويلية في حياة المقترضين".
إلغاء الديون لا يعد خطوة تقدمية بالكامل، لأن التحاق أفراد المجتمع الأكثر فقرا بالجامعة أقل احتمالا.
وجد تحليل أجرته منظمة "بين وارتون بدجت مودل" أن إلغاء عشرة آلاف دولار من ديون الذين يقل دخلهم عن 125 ألف دولار في العام سيساعد الـ60 في المائة من الفئة الأعلى دخلا أكثر من الـ40 في المائة من الفئة الأدنى، وسيساعد من هم في الوسط أكثر. لكن الإجراءات الإضافية، مثل زيادة الإعفاء لمستفيدي منح "بيل" وتغطية أقساط السداد، ستساعد على إمالة المنفعة إلى أصحاب الدخل المنخفض.
سوزان رايس، مديرة مجلس السياسة الداخلية في إدارة بايدن، قالت للصحافيين "إن توجيه هذه الإعانة لمن هم في أمس الحاجة إليها يعني أن 90 في المائة من أموال الإعانة ستذهب إلى الأفراد الذين يكسبون أقل من 75 ألف دولار في العام، ولن يحصل أي فرد أو زوجين من فئة الـ5 في المائة الأعلى دخلا في الولايات المتحدة على بنس واحد من الإعانة".
لكن آخرين يشيرون إلى أن الخطوة أكثر تقدمية من حيث الثروة والعرق. وجدت ورقة بحثية أعدتها شركة إيتون لمصلحة معهد روزفلت، أن الأشخاص في ثاني أفقر خمس استفادوا أكثر من إلغاء ديون الطلاب عند حساب الأصول بدلا من الدخل. تساعد الخطوة بشكل خاص المقترضين ذوي البشرة السوداء الذين يتعين على كثير منهم دفع أسعار فائدة أعلى، لأن لديهم في المقام الأول أصولا أقل لضمان قروضهم.
وبحسب جولدوين، من "اللجنة الفيدرالية من أجل ميزانية مسؤولة"، قد تصل تكلفة الحزمة في نهاية المطاف إلى 500 مليار دولار، مشيرا إلى أن الإعفاء من ديون الطلاب قد يجعل الرسوم الجامعية أكثر تكلفة على المدى الطويل. قال "إذا علمت الكليات أن الديون قد أعفيت في الماضي وربما تعفى مرة أخرى في المستقبل، فستكون تحت ضغط أقل لخفض الرسوم الدراسية".
يعتقد أنصار الإدارة أن أي تداعيات تضخمية قصيرة الأجل ستكون ضئيلة بالنظر إلى أن التأثير بالنسبة إلى معظم المقترضين سينتشر على مدى أعوام من المدفوعات المخفضة، وليس مرة واحدة.
يريد بعض التقدميين من بايدن أن يفعل مزيدا لخفض تكلفة التعليم. قاد بيرني ساندرز، السناتور الليبرالي من ولاية فيرمونت، دعوات لإلغاء الرسوم تماما على الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
قال كينت سميترز، أستاذ السياسة العامة في كلية بن وارتون للأعمال في جامعة بنسلفانيا "إيقاف السداد مؤقتا حتى نهاية العام سيكون له تأثير مالي يراوح بين 20 مليار دولار و40 مليار دولار، وسيكون التأثير المستقبلي للإعفاء أقل من ذلك. مقارنة بحجم الاقتصاد، لن يظهر ذلك حتى".
من جانبه، قال إيتون: "عندما تلغى الديون، يستطيع الناس فعل أشياء لم تكن ممكنة من قبل"، وأضاف "إنهم قادرون على الادخار، والحصول على قروض، وشراء المنازل، وبناء الثروة بطرق لم يكن الجيل السابق قادرا عليها".