عودة للصكوك الخمسية السعودية بعد غياب عامين .. استقطبت 54.6% من طلبات المستثمرين
بعد غياب دام أكثر من عامين، ظهرت الصكوك الادخارية الخمسية السعودية مع مزاد أغسطس أول مرة منذ 25 شهرا، أي أكثر من عامين، إذ توجه معظم سيولة المستثمرين نحوها مع صعود العائد الخاص بها.
وأظهرت بيانات إصدار أغسطس الخاصة بالصكوك الادخارية أن 54.6 في المائة من طلبات الاكتتاب القادمة من المستثمرين المؤسسيين والأفراد الخاصة بالمزاد، توجهت نحو الشريحة متوسطة الأجل التي تستحق السداد في 2027.
وحددت جهة الإصدار السيادية اجمالي حجم التخصيص لهذه الشريحة عند 1.69 مليار ريال، فيما دعمت سيولة الصناديق الاستثمارية وإدارات الخزانة للمؤسسات المالية الشريحة المفضلة لهم.
وتلقى الإصدار الشهري الحديث من الصكوك الادخارية لحكومة السعودية طلبات تربو على 5.08 مليار ريال، وذلك وفقا وثيقة رسمية خاصة بالإصدار السيادي.
وفي المزاد الناجح، باعت الرياض صكوكا بـ 3.09 مليار ريال، بفضل قوة الطلب المحلي في علامة على حرص مستثمري أدوات الدخل الثابت للحصول على جزء من تلك الأوراق المالية ذات الجدارة الائتمانية العالية.
وبحسب وثيقة حصلت "الاقتصادية" عليها، فإن الرياض أصدرت صكوكا ثلاثية الشرائح متوسطة وطويلة الأجل، وتمت تغطية الإصدار بنحو مرتين للمبلغ الأصلي المطلوب، في مؤشر إيجابي على وضع السيولة الفائضة في القطاع البنكي وتوجه المستثمرين نحو العوائد الجذابة والآمنة في الوقت نفسه.
ويسترشد المستثمرون بمستويات تداول سندات حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وحجم الفارق في الهوامش الائتمانية بينها وبين نظيرتها السعودية، حيث يسعى المستثمرون المحليون تجاه العوائد المرتفعة والملاذات الآمنة في الوقت نفسه.
الصكوك الخمسية
الصكوك الخمسية التي تم طرحها في يوليو 2020 كان العائد حتى تاريخ الاستحقاق بها يصل إلى 1.43 في المائة، مع العلم أن الحكومة السعودية طرحت صكوكا خمسية في مارس هذه العام بعائد 2.60 في المائة، لكن عملية الطرح لم تكن ضمن نطاق المزاد الشهري، بل عبر برنامج الشراء المبكر للصكوك.
والإصدار الشهري للسعودية تم إغلاقه بعد ساعات من صعود سريع لعوائد سندات الخزانة الأمريكية.
وصعد العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام إلى 3.03 في المائة يوم الإثنين الماضي، إذ يتوقع المستثمرون استمرار الاحتياطي الفيدرالي في تشديد السياسة النقدية لمواجهة التضخم.
عوائد الصكوك
سجلت عوائد شريحة الـ 12 عاما من صكوك الحكومة السعودية انخفاضا طفيفا في عوائدها على أساس شهري، وذلك في تطور إيجابي لتكلفة التمويل السيادي، الذي يأتي مع تقلبات حركة آجال الاستحقاق الخاصة بمراجع التسعير الدولارية.
وبحسب مصادر "الاقتصادية"، بلغ العائد حتى تاريخ الاستحقاق للصكوك الخمسية 3.35 في المائة ولأجل ثمانية أعوام عند 3.45 في المائة، أما لشريحة الـ 12 عاما فبلغ 3.75 في المائة، إذ يقوم المتعاملون بوضع طلبات الاكتتاب ضمن أحد نطاق العوائد المحدد مسبقا لكل شريحة.
ومنذ تموز (يوليو) 2018، تم استخدام منهجية المزاد التي يرى صندوق النقد أنها ستضفي درجة من المرونة على آليات تسعير الإصدارات المحلية الجديدة.
وشهد إصدار يوليو 2018 "الإصدار السابع" تطبيق تلك المنهجية أول مرة مع أدوات الدين في المملكة، إذ تستخدم السعودية "المزاد الهولندي" وهو المزاد نفسه الذي تستعمله الخزانة الأمريكية عندما تبيع سنداتها.
وبالاستعانة بأحد منتجات "بلومبيرج" الخاصة بالمزاد، تم منح المتعاملين الأوليين "سعر سقف محدد" لا يستطيعون التسعير فوقه، حيث يكون "التسعير النهائي" على "المستوى نفسه" سقف التسعير أو "دونه"، وتم الطلب من المتعاملين الأوليين أن يقدموا طلبات الاكتتاب الخاصة بهم، وكذلك الخاصة بعملائهم.
وآلية المزاد هذه تختلف عن المنهجية التسعيرية، التي كانت تستخدم في السابق وتدور حول تحديد نطاق تسعيري معين (أي حد أعلى وحد متوسط وآخر أدنى)، والطلب منهم التسعير بين هذا النطاق ثم يتم تحديد السعر النهائي من قبل جهة الإصدار.
الطرح المحلي
وذكرت وزارة المالية أن المركز الوطني لإدارة الدين انتهى من استقبال طلبات المستثمرين على إصداره المحلي لشهر أغسطس 2022 ضمن برنامج صكوك حكومة السعودية بالريال، إذ وصل إجمالي حجم طلبات الاكتتاب 5.08 مليار ريال، وتم تحديد إجمالي حجم التخصيص بمبلغ قدره 3.090 مليار ريال.
وبحسب البيان الصادر من المركز، قسمت الإصدارات إلى ثلاث شرائح، بلغ حجم الأولى 1.690 مليار ريال لصكوك تستحق في عام 2027 ، وبلغت الشريحة الثانية 1.300 مليار ريال لصكوك تستحق عام 2030. وبلغت الشريحة الثالثة 100 مليون ريال لصكوك تستحق عام 2034.
الصكوك الخليجية
ووفقا لمنصة "ريد" REDD فإن فترة الـ 30 يوما الماضية لم تشهد طرح إصدارات دولية من الصكوك والسندات الخليجية وذلك رغم التوقعات الأولية بحدوث ذلك سابقا.
وكان التوقع السابق من قبل المراقبين أن تستأنف جهات الإصدار الخليجية إصداراتها من أدوات الدين وذلك بعد رفع الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي في يوليو.
ومعلوم أن منصة "ريد" التي تتخذ نيويورك وسنغافورة مقرا لها، مختصة بمتابعة أخبار جهات الإصدار المتعسرة والمثقلة بالديون مع إحاطة المستثمرين مسبقا بالمخاطر المحتملة قبل وقوعها.
توزيع فترات خدمة الدين
ودائما ما يولي "المركز الوطني لإدارة الدين" أهمية بارزة لمسألة اختيار آجال الإستحقاق المناسبة مع الأطروحات الجديدة. ويرجع سبب ذلك من أجل توزيع استحقاقات المديونية "خدمة الدين" وتجنب تمركزها في أعوام محددة.
ويسهم توزيع فترات خدمة الدين عبر عدد طويل من الأعوام بطريقة لا تسبب إحداث ضغط على خزانة الدولة عندما يحين أجل سداد عدد ضخم من أدوات الدين خلال عام مالي معين.
ومعلوم أن من مكتسبات أسواق الدين السعودية في 2019 كان تمكن المركز الوطني لإدارة الدين، بالنيابة عن وزارة المالية، من تمديد آجال استحقاقات الصكوك في السوق المحلية عبر إصدارات جديدة تشمل 12 و15 و30 عاما، وذلك لاستكمال منحنى العائد خالي المخاطر، ما يسهم في دعم مختلف الأسواق شاملة أسواق الدين العقارية.
وقدم "المركز الوطني لإدارة الدين العام" تلك الآجال الطويلة للمرة الأولى في 2019 بغرض إطالة منحنى العائد الخاص بالإصدارات الحكومية المقومة بالريال، وكذلك لغرض تنويع خيارات مستثمري الدخل الثابت في المملكة.
تراجع متوقع للدين العام
وتستهدف السعودية استقرار الدين العام خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، بدءا من ميزانية عام 2022، وذلك استكمالا لجهود الحكومة في تعزيز كفاءة الإنفاق وتحقيق مستهدفات الانضباط المالي.
وبحسب رصد "الاقتصادية"، فإن الوزارة تتوقع بلوغ الدين العام نحو 938 مليار ريال في ميزانية 2022، مقارنة بدين 938 مليارا متوقع في ميزانية 2021، وذلك كنتيجة لتحقيق فوائض مالية في ميزانية 2022.
وبذلك يتراجع معدل الدين للناتج المحلي وللعام الثاني على التوالي، حيث من المتوقع بلوغه 25.9 في المائة في ميزانية 2022 بعدما بلغ 29.2 في المائة كما في الميزانية الفعلية لعام 2021، وذلك يعود إلى توقعات بنمو الناتج المحلي.
وتوقعت وزارة المالية أن يستقر حجم الدين العام لميزانية 2022 و2023 و2024 عند 938 مليار ريال، مقارنة بتقديرات سابقة عند 989 مليار ريال للأعوام الثلاثة.
في حين سجل الدين ارتفاعا بنحو 9.8 في المائة لعام 2021 بحسب الأرقام الفعلية للميزانية، وهي أقل معدلات النمو في آخر سبعة أعوام.
ويأتي استقرار الدين للأعوام الثلاثة المقبلة بعد نموه ولسبعة أعوام متتالية، أي منذ عام 2015، حيث سجل حينها أول ارتفاع بعد عدة أعوام عاشتها الميزانية في تقليص الدين العام.
وتهدف السياسة المالية في السعودية إلى تحقيق التوازن بين أهداف الحفاظ على الاستقرار المالي وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام ومساندة مرحلة التحول الاقتصادي والاجتماعي التي تمر بها السعودية، وفقا لرؤية السعودية 2030.
وتستهدف الحكومة السعودية خلال العام المالي 2022 استكمال مسيرة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي أجرتها منذ رؤية السعودية 2030.
في حين يستمر تطوير المالية العامة من خلال تحقيق أهداف برنامج الاستدامة المالية الذي يسعى إلى استكمال العمل على المبادرات التي بدأها برنامج تحقيق التوازن المالي، إضافة إلى تبني السياسات المالية التي تسهم في تحقيق الاستقرار في ميزانية الدولة ورفع جودة التخطيط.
كما تستمر جهود الحكومة في رفع كفاءة الإنفاق وتعزيز دور القطاع الخاص من خلال زيادة مشاركة الصناديق الحكومية في الإنفاق الرأسمالي كصندوق الاستثمارات العامة الذي يعد المحرك الفاعل لتنمية وتنويع الاقتصاد السعودي.
منحنى العائد
ويعرف منحنى العائد بأنه خط يحدد الفائدة على أدوات الدين في وقت بعينه تمتلك فيه جهة الإصدار جدارة ائتمانية متوازنة، لكنها متباينة من حيث الاستحقاق، حيث يكون هناك على سبيل المثال فارق فائدة بين الصكوك والسندات لأجل خمسة أعوام ولأجل 30 عاما.
ويتخذ منحنى العائد عادة اتجاها صعوديا وهو المنحنى الطبيعي، لكن عندما ينقلب يكون العائد على السندات الأقصر أجلا أعلى من العائد على نظيراتها الأطول أجلا. وتحظى السعودية بمنحنى عائد طبيعي، سواء مع إصداراتها المقومة بالعملة المحلية أو الصعبة.
ونجحت السعودية منذ 2019 في تمديد آجال استحقاقات الصكوك في السوق المحلية عبر إصدارات جديدة تشمل 12 و15 و30 عاما، وذلك لاستكمال منحنى العائد خالي المخاطر، ما يسهم في دعم مختلف الأسواق شاملة أسواق الدين العقارية.
والأمر نفسه كررته في 2020 عندما شهد إصدارها الدولاري استحقاقات بأجل سبعة أعوام و12 عاما، ولأول مرة شريحة الـ 35 عاما، التي جاءت جميعها خلال فترات استحقاق متباعدة، مساهمة في الوقت نفسة في إطالة أجل تلك الاستحقاقات، وفقا لسياسة إدارة الدين العام للدولة.
ويستعين العاملون بأسواق الدخل الثابت بمقياس "العائد حتى تاريخ الاستحقاق"، وذلك من أجل حساب العائد المستقبلي لأداة الدين، وذلك في حال الاحتفاظ بها إلى أن يحين أجل إطفائها.
ويحدد هذا المقياس مدى جدوى الاستثمار من عدمه، ويكثر استخدام هذا المؤشر بين المستثمرين من أجل إجراء مقارنات بين العوائد السنوية لأدوات الدين، وذلك بغض النظر عن آجال استحقاقاتها.
مشاركة الأفراد
من المنتظر أن يدعم إصدار الشهر الحالي مخزون الصكوك الادخارية المتوافرة لاستثمارات الأفراد في السوق الثانوية.
وجاء قرار تفعيل تخفيض القيمة الاسمية للصكوك الحكومية المدرجة لتكون في متناول الأفراد، وذلك ابتداء من يونيو 2019 ليعني أن السعودية فتحت المجال أمام مواطنيها للمشاركة بدعم المشاريع التنموية في البلاد، في خطوة تقدمية تتماشى مع كثير من الدول حول العالم، التي تتبع هذا النهج.
وأسهمت الإصلاحات الاقتصادية، التي عمت أسواق الدخل الثابت في المملكة في جعل مسألة استثمار الأفراد بالصكوك أمرا ممكنا بعد أن تم تخفيض القيمة الاسمية للصك إلى ألف ريال مقارنة سابقا بمليون ريال.
وحدة التقارير الاقتصادية