الأمريكيون يرخون الضغط على دواسة البنزين رغم انخفاض الأسعار
انخفض سعر التجزئة للبنزين في أمريكا كل يوم خلال الأسابيع التسعة الماضية، وهي حقيقة واضحة أمام سائقي السيارات على اللافتات الموجودة في محطات الوقود. هناك اتجاه آخر أقل وضوحا، يبدو أن هؤلاء السائقين يقودون بشكل أقل.
قد يكون ضعف استهلاك البنزين في أكبر بلد مستهلكة في العالم بمنزلة رد فعل للأسعار القياسية التي تجاوزت في حزيران (يونيو) خمسة دولارات للجالون. كما أنه سيكون متسقا مع التباطؤ المعلن عنه في الاقتصاد الأمريكي. إذا تأكد ذلك، فسيساعد على تحرير سوق النفط الخام العالمية، التي تراجعت قريبا من مستوى ما قبل التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا.
يعد قياس استهلاك الوقود في الولايات المتحدة في الوقت الفعلي أمرا صعبا، لكن بعض مصادر المعلومات تشير إلى أنه يستقر أو ينخفض مقارنة "بمواسم القيادة" الصيفية السابقة.
قدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، وكالة إحصائية حكومية، أن متوسط الطلب على البنزين بلغ 8.9 مليون برميلا يوميا على مدى الأسابيع الأربعة حتى 5 آب (أغسطس)، أي أقل بقليل من الشهر السابق وأقل 6 في المائة من الفترة نفسها من العام الماضي، عندما كان السعر يبلغ ثلاثة دولارات للجالون. خفضت إدارة معلومات الطاقة الأسبوع الماضي توقعاتها لاستهلاك البنزين للعام بأكمله.
أشار مسح أجرته خدمة معلومات أسعار النفط على محطات الوقود في جميع أنحاء البلد إلى أن حجم البنزين الذي تم ضخه الأسبوعيين الماضيين انخفض نحو 2 في المائة عما قبله، و5 في المائة عن العام السابق و19 في المائة من الفترة نفسها في 2019، قبل بداية انتشار جائحة كوفيد - 19.
أظهرت بيانات الأميال المقطوعة من إدارة الطرق السريعة الفيدرالية في الولايات المتحدة أن مستويات حركة المرور لم تتقدم في يونيو بعد تجاوزها باستمرار مستويات 2021 في الأشهر الخمسة الأولى من العام. كانت حركة المرور في يونيو، الشهر الأخير الذي كانت البيانات متاحة فيه، عند 1.7 في المائة – أو 4.8 مليار ميل – أقل من مستويات يونيو 2021. في كاليفورنيا، حيث تجاوزت أسعار البنزين ستة دولارات للجالون، كان الانخفاض 3.5 في المائة.
قالت الجمعية الأمريكية للسيارات: إن دراسة استقصائية وجدت أن نحو ثلثي السائقين قد غيروا عاداتهم منذ آذار (مارس) جراء ارتفاع الأسعار – إلى حد كبير عن طريق تقليل القيادة والجمع بين مهمات تأمين الطلبات المنزلية. انخفضت أسعار البنزين، التي وصلت 3.96 دولار للجالون الأسبوع الماضي، أكثر من الخمس عن ذروة منتصف يونيو وأقل من أربعة دولارات للمرة الأولى منذ تقريبا ستة أشهر، وفقا للجمعية الأمريكية للسيارات.
قال توم كلوزا، رئيس تحليلات النفط في خدمة معلومات أسعار النفط، "لم يحفز ذلك الطلب على البنزين. على الرغم من أننا نتعامل مع الأسعار المنخفضة، لكن الطلب لم يتحسن".
من جانبه، قال جيوفاني سيركيلا، خبير في سلوك التنقل في جامعة كاليفورنيا في ديفيس، إن أسعار البنزين قد لا تكون العامل الأكثر أهمية في تحديد ما إذا كان الأمريكيون سيعودون إلى الطرق. قد تبطل قواعد أصحاب العمل الشديدة للعودة إلى العمل أو موجة وبائية أخرى أي تحركات في الأسعار.
يمكن أيضا أن تؤدي القفزة في البطالة – كان معدل البطالة في الولايات المتحدة عند مستوى منخفض تاريخيا 3.5 في المائة الشهر الماضي – مع تهدئة أسعار الفائدة المرتفعة للاقتصاد أيضا إلى انخفاض الطلب من المتنقلين المجبرين على استخدام السيارات. مساحات الطرق الكبيرة المعبدة في العالم الصناعي ووسائل النقل العامة السيئة في كثير من أجزاء الولايات المتحدة تعني أن كثيرا من الناس ليس لديهم خيار سوى القيادة.
أشارت بيانات التنقل من شركة التحليلات إنريكس إلى أن حركة الركاب كانت عند نحو 93 في المائة من مستويات ما قبل كوفيد هذا الصيف، لكنها كانت تقريبا متساوية مع العام الماضي.
"القيادة غير مرنة نسبيا، ما يعني أن التغيير الكبير في السعر لا يؤدي إلا إلى تغيير بسيط في القيادة. لا توجد بدائل للقيادة في الأغلبية العظمى من مدن الدولة"، حسبما قال بوب بيشو، محلل في شركة إنريكس.
قال محللون: إن الانخفاض الأخير في الأسعار إلى ما دون عتبة التحمل النفسية سيكون له تأثير. "أعتقد أن الوصول إلى سعر أقل من أربعة دولارات سيكون أمرا مهما. وأعتقد أننا سنرى الناس يتفاعلون مع ذلك بشكل إيجابي. سيكون للانخفاض تأثير متفاوت في الإدراك أو الاستجابة العاطفية بأن الأمور تتحسن"، كما قال براشانت مالافيا، أستاذ التسويق في جامعة جورج تاون.
كما تقول شركات تكرير النفط إن السوق لا تزال ضيقة بعد توقف قدر كبير من الطاقة الإنتاجية خلال الجائحة. قال جاري سيمونز، كبير المسؤولين التجاريين في شركة فاليرو إنيرجي، للمحللين أخيرا: إن الشركة شهدت "فترة قصيرة من الهدوء" في أوائل تموز (يوليو) لكن هذا الطلب قد تعافى منذ ذلك الحين إلى مستويات يونيو.
على المدى الطويل، يمكن أن تؤدي أسعار الوقود المرتفعة إلى تسريع تبني السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة – تماما كما أدت إلى زيادة مبيعات السيارات الهجينة في أوائل العقد الأول من القرن الـ21. من شأن ذلك أن يدعم الجهود المبذولة للابتعاد عن محركات الاحتراق عن طريق الحوافز الضريبية التي تم تضمينها في مشروع قانون المناخ الذي أقره الكونجرس الأسبوع الماضي.
قال سيركيلا، "واحدة من الآثار المحتملة للأسعار المرتفعة هو أننا سنشهد مزيدا من المكاسب في كفاءة استهلاك الوقود – موجة جديدة لزيادة كفاءة استهلاك الوقود – لكن الأمر المهم الآخر هو أننا سنشهد المزيد والمزيد من السيارات الكهربائية على الطريق. مع دعم الحكومة لذلك، قد تساعد أسعار الوقود المرتفعة كثيرا في الواقع".