الإغاثة السعودية .. منفعة الإنسان

على مدار عقود مضت، والسعودية تمد أيادي الخير والعطاء لأشقائها والمتضررين في مختلف دول العالم، انطلاقا من كونها عضوا فاعلا في المجتمع الدولي وقلبا نابضا للعالم الإسلامي. وتسهم بدور إنساني وإغاثي تجاه المجتمع الدولي، استشعارا منها بأهمية هذا الجانب المؤثر في رفع المعاناة عن الإنسان أينما كان. فعبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، قدمت المساعدات، ودشنت المشاريع التنموية في مختلف أرجاء المعمورة.
ويأتي تأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية انطلاقا من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف التي توجب إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج، والمحافظة على حياة الإنسان وكرامته وصحته وامتدادا للدور الإنساني للمملكة ورسالتها العالمية في هذا المجال.
ومنذ إنشائه في 27 رجب 1436 بتوجيه ورعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. يقوم المركز بعملية التنسيق مع المنظمات والهيئات العالمية، بهدف تقديم المساعدات للمحتاجين في العالم. ومن هذا المنطلق نفذ المركز عددا من البرامج والمبادرات الإنسانية لإيصال المساعدات الإغاثية للمستفيدين منها بلا حدود في العالم، وبالذات في المناطق النائية. ويعتمد المركز في أعماله على ثوابت تنطلق من أهداف إنسانية سامية، ترتكز على تقديم المساعدات للمحتاجين وإغاثة المنكوبين في أي مكان من العالم، بآلية رصد دقيقة وطرق نقل متطورة وسريعة. وروعي في المشاريع والبرامج التي يقدمها المركز، تنوعها بحسب مستحقيها وظروفهم التي يعيشون فيها أو تعرضوا لها، وشمول المساعدات جميع قطاعات العمل الإغاثي والإنساني "الأمن الإغاثي، إدارة المخيمات، الإيواء، التعافي المبكر، الحماية، التعليم، المياه والإصحاح البيئي، التغذية، الصحة، دعم العمليات الإنسانية، الخدمات اللوجستية، والاتصالات في الطوارئ".
ووعدت السعودية -عبر المنابر والمنصات الدولية ومنها هيئة الأمم المتحدة وفي كثير من المناسبات ذات العلاقة بالعمل الإنساني- أن تظل من أكبر المانحين دوليا، وتواصل في هذا النهج التزامها بدورها التنموي والإنساني في مساعدة الدول الأكثر احتياجا والأكثر تضررا، لمواجهة الكوارث الطبيعية الوطنية والأزمات الإنسانية. وتحتل السعودية المرتبة الأولى بين الدول العربية المانحة والثالثة عالميا. وتمكن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في فترة زمنية قصيرة للغاية، من تحقيق قفزات وإنجازات نوعية، أسهمت مباشرة في خدمة الإنسانية، عبر توفير المساعدات وتقديم المعونات، وإطلاق البرامج المختلفة، للوصول إلى الهدف الأهم، وهو خدمة الإنسان المحتاج، بصرف النظر عن ظروف احتياجاته أو العوامل التي أدت إلى وضعيته عموما. المهم، أن تصل المعونات في الوقت المناسب، وتصب في الميدان المخصص لها، وتعطي النتائج الفورية، ولا سيما تلك التي تتصف بالأوضاع الطارئة. ولم يترك مركز الملك سلمان مجالا إنسانيا، إلا ودخل فيه وفي عمقه، كما أنه يستند في حراكه الإنساني إلى رؤية متطورة تضمن العوائد المرجوة في أي ساحة. ومن هنا، كان هذا المركز ضمن قائمة الجهات الأكثر نشاطا وعطاء وتطورا على الساحة العالمية عموما.
مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الخيرية لم يمض على قيامه سوى سبعة أعوام، لكنه على الفور أصبح الذارع الإنسانية للمملكة، ومنفذا لأهدافها في خدمة الإنسانية بلا حدود ولا شروط. فهو الجهة التي انحازت إلى الإنسان، بصرف النظر عن انتماءاته أو هويته أو جنسيته أو دينه. المهم أنه يحتاج إلى المساعدة وهذا يكفي لأن يتلقى الرعاية اللازمة من هذا المركز الذي حقق مكانة عالمية لا حدود لها. للسعودية رسالتها الإنسانية، وهي لم تتوقف عن توفير كل ما يلزم لصون كرامة الإنسان، والحفاظ على حياته، وتنمية قدراته، وتأهيله، وتوفير الخدمات الأساسية له، بما في ذلك التعليم والصحة. ومرة أخرى، فالمملكة تقدم كل ذلك دون أي شروط. شرطها الوحيد أن تصل المساعدة والمعونة والدعم إلى مستحقيها، بأعلى معايير الجودة والأداء.
وخلال سبعة أعوام، هي عمر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، فقد وفر خدماته المختلفة في 86 دولة، كما أطلق ونفذ ألفي مشروع بتكاليف بلغت ستة مليارات دولار. وهذه المشاريع شملت: الصحة والتعليم والغذاء والخدمات الإنسانية ذات الصلة، المياه والإصحاح البيئي، إلى جانب الخدمات اللوجستية، فضلا عن الاتصالات في حالات الطوارئ. وهذه النقطة الأخيرة تعد محورية إلى أبعد الحدود، إذا ما وقعت الكوارث الطبيعية هنا أو هناك، وأوقعت الأضرار التي شهدناها في كل كارثة. ونلاحظ أن خدمات المركز حاضرة وبترتيب سريع مدعم بكل الخدمات التقنية، ولذلك فإن شمولية برامج المركز تضعه في مقدمة قوائم المراكز والجهات المشابهة عالميا. وما يدعم حراك المركز أيضا انفتاحه على الجهات ذات الاختصاص حول العالم، بهدف الوصول إلى أعلى مستوى للخدمات الإنسانية من حيث النوعية والكفاءة.
ويهدف المركز لأن يكون نموذجا عالميا في هذا المجال، مستندا إلى مرتكزات عدة، من خلال مواصلة نهج المملكة في مد يد العون للمحتاجين في العالم. وتقديم المساعدات بعيدا عن أي دوافع غير إنسانية، بالتنسيق والتشاور مع المنظمات والهيئات العالمية الموثوقة، وتطبيق جميع المعايير الدولية المتبعة في البرامج الإغاثية، إضافة إلى توحيد الجهود بين الجهات المعنية بأعمال الإغاثة في المملكة، مع احترافية وكفاءة العاملين في المركز والمتطوعين، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها وألا تستغل لأغراض أخرى، مع توافر الجودة العالية.
ومن هنا، جاء تصدر المملكة للمشهد الإنساني عالميا نتيجة للدعم غير المحدود الذي يلقاه العمل الإنساني والإغاثي من الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان. وهذه العناية تعكس القيم الراسخة لقيادة المملكة وشعبها، النابعة من ديننا الإسلامي الحنيف، وتأتي ترجمة لتاريخ المملكة الناصع بالعطاء، وحرصها على مد يد العون لكل الشعوب والدول المحتاجة في العالم، واضعة نصب عينيها حياة الإنسان وكرامته وصحته أيا كان وأينما كان.
أمام هذه المعطيات وغيرها، فإن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، يقوم بتحقيق رؤية القيادة السعودية، بأن يكون رائدا إقليميا ودوليا، كما أنه يتناغم مع أهداف رؤية المملكة 2030 الشاملة.
وحيث يوفر المركز خدماته ومساعداته حول العالم، لأن مشاريعه على هذه المساحة الجغرافية المنتشرة والمتسعة، فإن عمليات التنسيق مع منظمات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الربحية الدولية والمحلية، لا تتوقف، خصوصا في الدول المستفيدة من برامج الإغاثة والمساعدات والدعم. والخلاصة، أن مسيرة مركز الملك سلمان تمضي قدما، مع مشاريع متطورة، وتمويل لا ينقص، من أجل صيانة الإنسانية وحفظ كرامة الإنسان. إنها مسؤولية ألزمت السعودية نفسها بها، لا لشيء، إلا لتكرس حقيقة توجهاتها الإنسانية، التي لم تتوقف لحظة منذ قيام الدولة ذاتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي