أمام وابل من الانتقادات .. أندرو بيلي يناضل

أمام وابل من الانتقادات .. أندرو بيلي يناضل

لا أحد يستطيع أن ينكر أن أندرو بيلي واجه صعوبة في أسبوعه الأول في منصب محافظ بنك إنجلترا. تم تعيينه في كانون الأول (ديسمبر) 2019، وتولى زمام الأمور في 16 آذار (مارس) من العام التالي ليواجه على الفور تفشي حالات الإصابة بفيروس كورونا وأزمة الجنيه الاسترليني وتوجه الحكومة البريطانية نحو الإغلاق.
من خلال اتخاذ إجراءات دراماتيكية لتهدئة الصعوبات الفورية، تلقى بيلي الثناء لقيادة الاقتصاد بنجاح خلال الأيام الأولى المظلمة لكوفيد - 19، مع حفاظه على الحزم والهدوء. بعد ما يقارب عامين ونصف، تحول الاستحسان إلى وابل من الانتقاد بسبب حالة الاقتصاد البريطاني الخطرة.
في الأيام العشرة الماضية، انتقل التضخم إلى منطقة من أرقام زوجية للمرة الأولى منذ 40 عاما، حيث وصل إلى 10.1 في المائة في تموز (يوليو)، أي خمسة أضعاف هدف بنك إنجلترا البالغ 2 في المائة. تأتي الزيادات السريعة في الأسعار في وقت بدأ فيه اقتصاد المملكة المتحدة الانكماش مع توقع البنك المركزي أن يبدأ الركود المتقدم في الخريف ويستمر أكثر من عام. انخفضت الأجور الحقيقية بأشد المعدلات حدة في الربع الثاني من 2022، ووصلت ثقة المستهلك إلى أدنى مستوى لها منذ نحو 50 عاما.
بدون حكومة فاعلة، ستعود الأزمة الاقتصادية إلى بنك إنجلترا. انقلبت الصحف الشعبية على بيلي، البالغ من العمر 63 عاما المولود في ليستر، الذي شغل عددا من الوظائف المبتدئة في البنك بين 1985 و2011. وصف بيلي بأنه "معتوه إنجلترا"، في حين يرى السياسيون رجلا محبطا يستحق فرصة أخرى.
دعت ليز تروس، المرشحة الأولى لمنصب رئيس الوزراء التالي، إلى مراجعة بنك إنجلترا وتفويضه، بينما وجه حلفاؤها أصابع الاتهام مباشرة إلى بيلي. قال كواسي كوارتنج، وزير الدولة لشؤون الأعمال والمرشح الأول لمنصب المستشار إذا فازت تروس، لـ"بي بي سي" إنه مع وصول التضخم هذا الشهر إلى أرقام زوجية، "نحتاج إلى النظر في الخطأ الذي حدث".
مع كثير من الانتقادات المقبلة، اضطر بيلي أن يعلن أنه ينوي قضاء ما تبقى من فترة ولايته البالغة ثمانية أعوام بصفته محافظا.
وسط الاضطرابات والبيانات الاقتصادية الرهيبة، ظل بنك إنجلترا صامتا. تقول روايات الذين التقوا كبار المسؤولين أخيرا إن هناك كثيرا من الإحباط في شارع ثريدنيدل، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الظروف صعبة للغاية وجزئيا لأنهم لا يشعرون أنهم يستحقون الانتقاد.
فيما يتعلق بالاقتصاد، مثلا، يشعر بنك إنجلترا بأنه كان أكثر صدقا من كثير من البنوك المركزية في توضيح مدى احتمالية تفاقم الأمور السيئة خلال الشتاء. دون أن يقول تماما إنه يريد أن يؤدي الركود في المملكة المتحدة إلى خفض التضخم، كان بيلي واضحا أن الدولة لا يمكنها تجنب المعاناة المقبلة التي ترجع جزئيا إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض. قال، "إنني أدرك التأثير الكبير الذي سيحدث، ومدى صعوبة تحديات تكلفة المعيشة بالنسبة إلى كثير من الناس في المملكة المتحدة. التضخم يضر الأقل ثراء بشكل أكبر. لكن إذا لم نتحرك الآن لمنع استمرار التضخم، فإن العواقب ستكون أسوأ فيما بعد وستتطلب زيادات أكبر في أسعار الفائدة".
لكن أي تقدير يأمل بيلي في كسبه من الكلام الصريح أضعفته سلسلة من الزلات خلال العام الماضي التي قوضت الرسالة. بدأ هذا في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي عندما لم تمض لجنة السياسة النقدية قدما في رفع أسعار الفائدة في تشرين الثاني (نوفمبر)، على الرغم من التلميحات القوية حول الارتفاعات الوشيكة لأسعار الفائدة، ما أكسب بنك إنجلترا سمعة الكلام دون فعل.
عندما اتخذ إجراءات بشأن الأسعار، طلب بيلي من العمال ألا يطلبوا زيادات في الأجور، بكلمات بدت كأنها تعفي بنك إنجلترا من مسؤولية السيطرة على التضخم. ثم، عندما تحدث إلى النواب في جلسة استماع للجنة البرلمانية، تحدث عن الزيادات "المروعة" في أسعار المواد الغذائية "يقول مطلعون إن هذا كان حديثا جانبيا وإن المحافظ لم ينو أبدا تصدر عناوين الصحف". في الآونة الأخيرة، بدا منفصلا عن الواقع عندما رفض أي إشارة إلى أن بنك إنجلترا ربما ارتكب أخطاء في السياسة النقدية والسيطرة على التضخم.
تتناقض هذه اللحظات غير الملائمة مع التقارير الواردة من المطلعين في البنك المركزي. يقولون إن البنك يعمل بشكل أفضل مع ثقافة جماعية أكثر ومتسامحة أكثر مع المعارضين مما كان عليه في عهد مارك كارني، سلف بيلي.
يأمل موظفو بيلي أن تبدأ مشكلات المحافظ الحالية في الانحسار مع تولي رئيس وزراء محافظ جديد منصبه في أيلول (سبتمبر)، ويتحرك تركيز الغضب العام من حالة الاقتصاد غربا عبر لندن باتجاه داونينج ستريت مرة أخرى. مسؤولية تقرير ما إذا كان سيتم تعويض الناس عن فواتير الطاقة التي يمكن أن ترتفع أكثر من 75 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) تقع على عاتق الحكومة. بمجرد أن يصل التضخم إلى ذروته، سيجد بنك إنجلترا أنه من الأسهل بكثير أن يعد بمصداقية أنه سيحقق هدف التضخم البالغ 2 في المائة.
واجه بيلي مشكلات سياسية عميقة من قبل بصفته رئيسا لسلطة السلوك المالي وتجاوز الأمر، تأثر منها لكنه لم ينكسر. يأمل بنك إنجلترا أن يتمكن من تنفيذ الحيلة نفسها مرة أخرى.

الأكثر قراءة