الألوان تتحكم في دوائك
هل تخيلت يوما أن يكون الكون من حولك بلونين فقط الأسود والأبيض، كيف ستشعر مع غياب نعمة الألوان؟ فاللون ليس مجرد صبغة تمنح الأشياء جمالها وإنما له مدلولات ومعان وأثر في الروح والجسد، وأثبتت الأبحاث أن للألوان تأثيرها القوي في أدمغة البشر التي تؤثر في ردات فعل الجسد.
وكشف عديد من التقارير المنشورة عن الألوان، كيفية تأثيرها في الصحة بداية من لون الجدران في المدارس والمستشفيات والمصحات النفسية إلى لون الأدوية وتأثيره في فاعليتها. ولم يكن أحد يعتقد مدى تأثير الألوان في فاعلية الأدوية.
لاحظ باحثون أمريكيون في أول تحليل تجريبي يربط بين الخصائص الفيزيائية للحبوب وسلوك المرضى تجاه أدويتهم، أجري على أحد أدوية الصرع الذي يأتي بثمانية ألوان، تراوح بين الوردي والأزرق والأخضر، لاحظوا أن المرضى يثقون بلون معين من الأدوية وعندما يتغير، فإنهم في الأغلب ما يخشون أن تكون الحبة أقل فاعلية أو أكثر خطورة.
وهذا التأثير ناتج عن قوة العقل التي تتضح جلية عند معالجة المرضى بأدوية الغفل أو "البلاسيبو" وهي حبة تشبه حبة الدواء تماما، لكنها خالية من المواد الفاعلة ورغم ذلك يمكنها علاج ألم بطنك أو وجع رأسك، فما تؤمن به حتما سيحدث، فمهما بلغت قوة وفاعلية الأدوية إلا أن عقلك له تأثير فيها فهو المسيطر الذي يجعل جسدك يستجيب لحبة بلاسيبو خالية من المواد الفاعلة.
فإذا أرادت شركة أدوية التأثير في عقول المرضى وزيادة فاعلية دواء ما، عليها أن تلونه بألوان فاتحة وحجم كبير وتثبت اسم الدواء على العلبة، ففي دراسة أجريت في 1981، وجدوا أن حبوب الأسبرين البيضاء في العلب المطبوع عليها اسم الدواء أكثر فاعلية من حبوب الأسبرين غير المألوفة داخل علب غير مطبوعة باسم الدواء. وفي دراسة أجريت في 1996، كانت الحبوب الزرقاء والخضراء مهدئة أكثر من باقي الألوان، والحبوب الحمراء والبرتقالية منشطة أكثر من غيرها. وأكثر مضادات الاكتئاب فاعلية هي الحبوب ذات اللون الأصفر حسب دراسة في 1970. قد تندهش من هذه المعلومة وتظن أن ذلك لا ينطبق عليك، والواقع أنك مثل بقية البشر تؤثر تدرجات ألوان حبوب الأدوية المختلفة فيك نفسيا وجسديا وفي مختلف أنحاء حياتك اليومية، الكاتشب الأخضر والبيبسي معدوم اللون والبرجر الأسود لم تلق رواجا بين الناس لعدم تقبلهم ألوانها التي توحي بسوء طعمها، فعقولنا تستخدم الألوان لصنع توقعات معينة عن العالم حولنا.